عدالة:ظاهرة بيع أملاك اللاجئين لجهات خاصة غير قانونية ومنافية للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي

مراسل حيفا نت | 22/06/2009

عقد مركز "عدالة" اليوم، الإثنين، 22 حزيران 2009، مؤتمرًا صحفيًا كشف فيه عن مشروع إسرائيلي لبيع أملاك اللاجئين الفلسطينيين. منذ حوالي سنتين تُصدر دائرة أراضي إسرائيل مناقصات كثيرة من أجل بيع أملاك تسيطر عليها "سلطة التطوير" وشركة "عميدار" (الشركة الوطنية للإسكان في إسرائيل) في مدن مختلفة منها الناصرة، حيفا، يافا، اللد، عكا وبيسان، وهذه الأملاك هي أملاك اللاجئين الفلسطينيين. وقد بدأت دائرة أراضي إسرائيل بنشر هذه المناقصات منذ عامين، فنشرت 96 مناقصة عام 2007، 106 مناقصة عام 2008 و 80 مناقصة منذ مطلع هذا العام (2009). وقد حضر المؤتمر الصحفي عشرات الصحافيين من وسائل إعلام عربية وأجنبية عالميّة ومحليّة، وتحدثت فيه المحاميّة سهاد بشارة من "عدالة" والمحامي حسن جبارين.وكان مركز "عدالة" قد توجه في نهاية أيار2009 " للمستشار القضائي للحكومة، دائرة أراضي إسرائيل ومدير شركة "عميدار" وطلب منهم إلغاء هذه المناقصات على الفور وعدم نشر مناقصات مماثلة مستقبلا.

بعد نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948 وتهجير ما يقارب ألـ 800000 فلسطيني من هذه البلاد، تم إيداع أملاك اللاجئين الفلسطينيين في عهدة سلطة حكومية تدعى "حارس أملاك الغائبين"، بموجب قانون أملاك الغائبين الذي سن عام 1950، لتقوم هذه السلطة بإدارة أملاك اللاجئين والحفاظ عليها حتى يتم حل قضية اللاجئين. وقد قام "حارس أملاك الغائبين" بنقل السيطرة على قسم من هذه الأملاك لسلطة حكومية اخرى تدعى"سلطة التطوير" التي وضعت الأملاك تحت تصرف شركة عميدار.

وادعت المحامية سهاد بشارة من "عدالة" في الرسالة أن "بيع الأملاك يعني عمليًا مصادرة نهائية لحق اللاجئين الفلسطينيين على أملاكهم، وذلك رغم المكانة الخاصة لهذه الأملاك من الناحية القانونيّة والتاريخية والسياسية". وأضافت أنّ بيع أملاك اللاجئين التي في عهدة "حارس أملاك الغائبين" بواسطة نشر مناقصات للجمهور العام هو أمر غير قانوني بحسب القانون الإسرائيلي، إذ أنّ بيع الأملاك يناقض لجوهر القانون، الذي يضع الأملاك في عهدة الحارس مؤقتًا إلى أن يتم إيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. كما شدد "عدالة" أنّ بيع أملاك اللاجئين الفلسطينيين يناقض القانون الدولي الإنساني الذي ينص على وجوب احترام على حق الملكية الفردية، ويمنع بصورة قاطعة مصادرة أملاك بعد انتهاء الحرب.وينضم هذا المشروع الإسرائيلي إلى السياسات الإسرائيليّة المتعاقبة التي تتجاهل حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وتحاول إسرائيل عمليًا فرض واقع جديد، تلغي من خلاله جميع الإمكانيّات لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين. إنّ بيع أملاك اللاجئين لجهات خاصة يحوّل أي حل قانوني أو سياسي إلى أمر شبه مستحيل. 

 

لأول مرة: بنك معلومات مفصل عن مصادرة الأراضي منذ 1948

                                                                                               

في العام 1945: 48% من الأراضي كانت بملكية عربية، 6% بملكية يهودية، 6% بملكية عامة و40% كانت أراضي غير مزروعة في لواء بئر السبع الملكية فيها لم تحسم  

عرض ممثلو "عدالة" في المؤتمر الصحفي بنك معلومات محوسب، الأول من نوعه، حول مصادرة الأراضي منذ قيام دولة إسرائيل، وفقًا لقوانين المصادرة الأساسية – قانون "استملاك الأراضي" و"قانون أملاك الغائبين"، بالمقارنة مع الوضع الذي ساد عام 1945. ويعتمد بنك المعلومات، الذي قامت ببنائه السيدة هناء حمدان, مخططة مدن ومناطق والمحاميّة سهاد بشارة من "عدالة"، على معلومات مصدرها الأمم المتحدة والفلسطينيون والحكومة الإسرائيلية. المعطيات معروضة على خلفية تقسيم الملكيّات على الأراضي بين السكّان العرب والسكان اليهود في فلسطين الإنتدابية في عام 1945.

 

 

إنّ نحو 93% من الأراضي في إسرائيل اليوم (لا يشمل ذلك المناطق التي تمّ احتلالها في عام 1967) هي بملكية الدولة والصندوق القومي الإسرائيلي، وبقي بملكية السكّان العرب ما نسبته 3.5%-3% من الأراضي فقط، مقارنةً بنحو 48% من الأراضي كانت في أيديهم عام 1945. تمّ نقل السيطرة على الأراضي في داخل حدود الدولة التي قامت في عام 1948 بشكل مكثّف، من خلال قانونين أساسيّين، الأوّل: قانون استملاك الأراضي (مصادقة على إجراءات وتعويضات)- 1953 (في ما يلي: "قانون الاستملاك")، الذي صُودر بموجبه من السكّان العرب ما بين 1.2 إلى 1.3 مليون دونم. 

وضع بنك المعلومات المحوسب داخل خارطة فلسطين التاريخية، مقسمة إلى ألوية، كما كان في فترة الانتداب البريطاني. بحسب بنك المعلومات، كانت مساحة فلسطين عام 1945 قرابة الـ26 مليون دونم، وشكل السكان العرب 69% من مجمل السكان، بينما كان 31% من السكان من اليهود. في هذه السنة كان بملكية العرب 48% من مساحة فلسطين، و 6% من الأراضي كانت بملكية اليهود و6% بملكية عامة، فيما كانت 40% من الأراضي في لواء بئر السبع أراضي غير مزروعة ولم يقر موضوع ملكيتها. وإذا أخرجنا لواء بئر السبع من المعادلة، ففي بقية الألوية كان تقسيم الأراضي على النحو التالي: 79% بملكية عربية، 10% بملكية يهودية و 11% بملكية عامة.

***************************************************************************************

 

 

 19.5.2009

 

حضرة                                        حضرة                                         حضرة          

السيد مناحيم مزوز                         السيد يرون بيبي                                     السيد يعكوف بروش

المستشار القضائي للحكومة              مدير دائرة أراضي إسرائيل                       مدير عام عميدار   

                                                                                 

حضرة

السيد رونين باروخ

الوصيّ على أملاك الغائبين

تحيّة وبعد،

 الموضوع: مناقصات لبيع أملاك غائبين بإدارة عميدار 

نتوجّه إليكم بهذا بحكم صلاحيّتكم بطلب الإلغاء الفوري للمناقصات المنشورة في موقع دائرة أراضي إسرائيل والتي تعرض بيع حقوق ملكية في أملاك الغائبين الموجودة في أيدي سلطة التطوير، وذلك للأسباب التالية: 

1.      نشرت مديرية أراضي إسرائيل في الأشهر الأخيرة الكثير من المناقصات لبيع عدد من أملاك سلطة التطوير في مدن مثل الناصرة، حيفا، اللد، عكا، روش بينا وبيت شان.

2.      هذه الأملاك المعروضة عبر مناقصات مختلفة، كان تمّ تحويلها إلى سلطة التطوير من قبل الوصيّ على أملاك الغائبين، وهي أملاك غائبين بموجب قانون أملاك الغائبين – 1950 (في ما يلي: "قانون أملاك الغائبين" أو "القانون").

3.      إنّ التوجّه المتمثّل ببيع أملاك غائبين موجودة الآن في أيدي الوصيّ على أملاك الغائبين، من خلال عرض واسع للجمهور، هو غير قانونيّ وفقًا للقانون الإسرائيلي. فبيع الأملاك يشكّل، فعليًا، مصادرةً نهائيةً لحقوق الملكية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين على أملاكهم، وهو ما يناقض غاية القانون الذي يودِع أملاك الغائبين تحت وصاية الوصيّ بشكل مؤقّتٍ ريثما يتمّ إيجاد حلّ لقضيّة اللاجئين الفلسطينيين. كذلك، فإنّ ذلك البيع مناقض حتى لقانون أساس: أراضي إسرائيل، الذي يحظر نقل ملكية الأملاك التي تمّ تعريفها بموجبه كـ"أراضي إسرائيل" والتي تشمل، ضمن ما تشمله، أملاك سلطة التطوير. بالإضافة إلى ذلك، إنّ بيع أملاك اللاجئين الفلسطينيين مناقض لأوامر القانون الدوليّ والإنسانيّ (الأنظمة الملحقة بمعاهدة لاهاي بخصوص أحكام الحرب البريّة، من عام 1907، وكذلك معاهدة جنيف الرابعة) التي تنصّ على واجب احترام حقّ الملكية الفردية وتحظر، بشكل صريح، المصادرة النهائية للممتلكات بعد انتهاء الحرب. 

الإطار القانوني الذي ينظّم المكانة الملكيّة لأملاك الغائبين

4.      يخوّل البند 19 من قانون أملاك الغائبين الوصيّ على أملاك الغائبين بنقل حقّ الملكيّة على أملاك الغائبين، التي منحت له بموجب القانون، إلى سلطة التطوير فقط لا غير. سلطة التطوير، التي ينظّم مكانتَها وصلاحياتها قانونُ سلطة التطوير (نقل أملاك) – 1950 (في ما يلي: قانون سلطة التطوير) مخوّلة بأن تفعل بالأملاك التي في حوزتها تنويعةً واسعةً من الأفعال، وكلّ ذلك بالخضوع لقانون أساس: أراضي إسرائيل – 1960 (في ما يلي: قانون أساس: أراضي إسرائيل).

5.      يحظر البند 1 من قانون أساس: أراضي إسرائيل، نقل حق الملكية على أراضي إسرائيل، التي تقع، أيضًا، في أيدي سلطة التطوير، عن طريق البيع أو أيّ طريقة أخرى، كما يلي:

"1.     لن يتمّ نقل ملكية أراضي إسرائيل، وهي الأراضي في إسرائيل التابعة للدولة، لسلطة التطوير أو للصندوق القومي الاسرائيلي، سواء أكان من خلال البيع أو بطريقة أخرى".

6.      إن قانون مديرية أراضي إسرائيل، الذي يعرّف صلاحيات مديرية أراضي إسرائيل، ينصّ على أنه يقع على عاتق المديرية واجب إدارة أراضي الدولة كما هي معرّفة في البند 2 من قانون أساس: أراضي إسرائيل. كما ذُكر، تشتمل هذه، ضمن أمور أخرى، على الأراضي التي بملكية سلطة التطوير.

7.      حاليًا، تطلب مديرية أراضي إسرائيل، بواسطة مناقصات عامة، أن تنقل إلى أيدٍ خاصة حقّ الملكية على الأراضي الموجودة بملكية سلطة التطوير، والتي تمّ نقلها إليها من قبل الوصيّ على أملاك الغائبين.

8.      فعليًا، معنى هذه المناقصات ونقل الملكية على أملاك الغائبين هو مصادرة كل حق كان ممنوحًا لأصحاب هذه الأراضي المعرّفين كغائبين وفقًا لقانون أملاك الغائبين، وذلك على الرغم من المكانة الخاصة لهذه الأملاك، من ناحية قانونية، تاريخية وسياسية. لذلك، إن نقل الملكية على الأملاك مناقض للقانون الإسرائيلي، وبناءً عليه يجب وقف جميع إجراءات النقل المذكورة والتي تتمّ بصورة مناقضة للقانون، بشكل فوريّ. 

 

المكانة الخاصة لأملاك الغائبين

9.      مُنحت أملاك الغائبين للوصيّ على أملاك الغائبين بموجب قانون أملاك الغائبين. إن القانون لا يعرّف ما هو هدف مؤسّسة الوصاية، لكنّه يلقي على عاتقها واجب الحفاظ على هذه الأملاك.

10.    سلطة التطوير هي سلطة حكومية مسؤولة عن تطوير الدولة ودفع مشاريع تنطوي على فائدة للجمهور الواسع. بناءً على ذلك، يتمّ نقل العديد من الأراضي إلى سلطة التطوير بموجب قانون أملاك الغائبين، وكذلك بموجب قانون شراء الأراضي (مصادقة نشاطات وتعويضات) – 1953، وقوانين أخرى. لكن هذه القوانين تختلف في غايتها عن الغاية الخاصة التي كانت في أساس قانون أملاك الغائبين. 

11.    بخصوص الغاية الخاصة لقانون أملاك الغائبين، يمكننا أن نلمّ من قرارات المحاكم التي بحثت الموضوع. هكذا قرّر القاضي فِيتكون في الاستئناف المدني 54/58 هباب ضد الوصيّ على أملاك الغائبين قرار حكم 10 918، 919:

"جاء قانون أملاك الغائبين ليؤدّي وظيفة مؤقّتة: الحفاظ على أملاك الغائبين، لئلا تصبح مستباحةً يمدّ يدَه عليها كلّ متجبّر. لهذا، يمنح القانونُ الوصيّ قوى وصلاحيّات تضعه، فعليًا، في وضعية صاحب المُلك".

12.    من هنا، إن قانون أملاك الغائبين يصادر حقوق الملكية بشكل مؤقّت فقط، ويودعها في عهدة الوصيّ على أملاك الغائبين، حتى يتم إيجاد تسوية مستقبلية تقود إلى حلّ لمسألة الغائبين العينيّة. بهذه الكلمات ينصّ البند 28 من قانون أملاك الغائبين على أنه في حال تمّ تحرير مُلك تمّ نقله فإن: "الحق الذي كان لشخص على المُلك نفسه عشية نقله للوصيّ يعود إلى الشخص نفسه أو إلى من يأتي مكانه".

13.    بالنسبة إلى هذا الأمر فإن أقوال القاضي عميت في قضية بهائي مفيدة هي الأخرى، كالتالي:

"النقل ليس غايةً بحدّ ذاته، وإنّما هو وسيلة لتحقيق غاية القانون. للوهلة الأولى، يبدو أنّه يجب التمييز ما بين النقل وبين المصادرة. فالمصادرة تفصل علاقة صاحب المُلك بالملك، رغم أنه في العهد الدستوري الراهن، هناك اختلاف على هذا أيضًا – 96/2390 كرسيك ضد اللجنة المحلية، قرار حكم 45(2) 625. بينما النقل لا يفصل، افتراضًا، علاقة الغائب بالمُلك".

 

دعوى مدنية 00/458 بهائي ضد الوصيّ على أملاك الغائبين ص 21، ف.25.

14.    ليس هذا فحسب، بل إنه في جلسة الهيئة العامة للكنيست التي تمّ فيها عرض اقتراح قانون أملاك الغائبين، توقّف عضو الكنيست يوسيف لام عند هدف القانون المركزيّ، كالتالي:

"يهدف هذا القانون إلى الحفاظ على أملاك الغائبين من أجل غايات ستقوم الكنيست بإقرارها لاحقًا. لا أريد هنا الدخول في السؤال حول ما إذا كان هذا في صالح الغائبين أم في غير صالحهم، لكن العمود الفقري للقانون هو من دون شكّ – الحفاظ على أملاك الغائبين. اقرأوا القانون وسوف ترون أن اللجنة وجدت من الضروري أن تحافظ في حالات كثيرة على أملاك الغائب، أكثر ممّا يحافظ القانون على ملك مواطن موجود في إسرائيل ولا يُعتبر بمثابة غائب…".

(محاضِر الكنيست، المجلد 4 ص 952).

15.    كذلك، إن هذا الهدف يتوافق مع هدف البند 7 من قانون أملاك الغائبين، الذي يلزم الوصيّ بالحفاظ على أملاك الغائبين والاستثمار فيها قدرَ المطلوب لتحقيق هذا الهدف. كما ذُكر، إن نقل هذه الأملاك إلى أيدٍ خاصة مناقض لهذا الهدف في ضوء المصلحة المختلفة الماثلة أمام أعين المشتري الخاص.

16.    كذلك فقد حُدّد في قرارات الحكم أنّه حتى لو كان هناك مجال لاستغلال هذه الأملاك لحاجات التطوير، فإن القانون يمنح الدولة، في الأساس، النفوذ لحيازة هذه الأملاك إلى حين بلورة تسويات سياسية يتمّ فيها حسم مصير الأملاك. وكما نصّ قرار الحكم بشأن غولان:

"لقد اعترفت قرارات الحكم في السابق بأنّ الحفاظ على أملاك الغائبين هو هدف ماثل في أساس القانون… لكن ليس بوسعي قبول أن هذا هو هدف القانون الوحيد – بل حتى الرئيسي -، وأنه فيما عداه ليس للقانون (أو، ليس له تقريبًا) أية غاية أخرى. ومن دون التوسّع في ذلك يمكن القول إن القانون يوجّه نحو خدمة احتياجات الحفاظ على الأملاك، من أجل أصحابها الغائبين وتحقيق شأنهم، بما لا يقلّ عن توجيهه نحو تحقيق مصالح الدولة في هذه الممتلكات: القدرة على استغلالها لدفع تطوير البلاد، من خلال منع استغلالها من قبل من هو غائب كمضمونه في القانون، والقدرة على حيازتها (أو حيازة رسومها) إلى حين بلورة تسويات سياسية بين إسرائيل وبين جاراتها، يتمّ فيها حسم مصير الأملاك على قاعدة التبادليّة بين الدول".

التماس 93/4713 غولان ضد الوصيّ على أملاك الغائبين قرار حكم 47(2) 638، 645-644 (1994)

17.    ويبدو أن البند 19 من قانون أملاك الغائبين، الذي يمكّن من نقل أملاك الغائبين إلى سلطة التطوير، قد جاء فعلاً لكي يخدم هذه الغاية، حيث من الواضح أنه يجري الحديث عن نقل إلى جسم حكومي. وبناءً على ذلك، فإنّ بيع أملاك الغائبين في السوق الخاصة ونقل الملكية عليها إلى أيدٍ خاصة، يناقضان غاية القانون. ويمكن استشفاف هذا أيضًا من أقوال الوصيّ على أملاك الغائبين، كما وصفه القاضي باين في قضية السيد، كالتالي:

لربّما أنّه بالإضافة إلى ما ورد، توجد لدى الغائب توقّعات أو احتمال في أنّه، في نهاية المطاف، حين يسود السلام بين إسرائيل والعرب، ستؤخذ بالاعتبار الحقوق التي كانت له بخصوص المُلك الغائب. لكنني لا أقرّر موقفًا بشأن ما إذا كان يجب تفهّم هذه التوقّعات أم لا. إن احتمال تحرير الملك ليس بمثابة إمكانية بعيدة ولا يقبلها العقل، إذ يتبيّن من شهادة الوصيّ على أملاك الغائبين، السيد منور، في ص 77، أنّ:

"الحكومة بحثت في كيفية اعتماد سياسة ليبرالية بخصوص جميع أولئك الذين يعتبرون غائبين في الضفّة وفي الأردن بشأن أملاكهم في شرق القدس. واتخذ قرار بألا يثقل الوصيّ من وطأة يده على هذه الأمور، فإذا جاء شخص يسكن في الضفّة أو مقيم في الأردن ولديه شخص في شرق القدس قد أعطاه تفويضًا لإدارة أملاكه في شرق القدس على الرغم من أنّ ذلك المقيم موجود في الأردن، فإنّ الوصيّ لن يتدخّل وسيفكّر كأنّ الأملاك ليست غائبة".

هذه السياسة الليبرالية تدلّ، إذًا، على أنه يوجد للغائبين من صنف المطالِبين احتمال جديّ لتحرير المُلك الغائب من كونه غائبًا.

التعريف الواسع بالذات لـ "غائب"، والذي يشمل في داخله عالمًا بأكمله، هو ما منح أساسًا للتوقّع وللأمل بأنّه سيجري استخدام واسع لمنظومة التحرير، من أجل منع، وتحسين، حالات غبن يمكن أن تقع بواسطة استخدام تعريف القانون كما تمّت كتابته حرفيًا".

قرار إداري (حيفا) 76/1401 عفانة محمود محمود ضد هاشم خليل السيد قرار مركزية 1981 (2) 322، 331

18.    عمليًا، يعني بيع أملاك غائبين في السوق الخاصة أنه يمكن لأصحابها الجدد أن يفعلوا ويتصرّفوا بالممتلكات كما يحلو لهم، بما في ذلك هدمها وتنفيذ أعمال تتضمّن تغييرًا لطابع الممتلكات للأبد. من نافلة القول إن المسار القضائي الذي يشكّل بالنسبة إلى الغائبين المنفذ الوحيد والأخير، سيصبح زائدًا ومُفرغًا من مضمونه. حين يتمّ بيع هذه الأملاك، لن تظلّ هناك إمكانية بعد لتوفير علاج قضائيّ فعّال وفقًا للبند 28 من قانون أملاك الغائبين الذي يتيح للوصيّ تحرير أملاك غائبين وفقًا لاعتباره وبالتشاور مع اللجنة الخاصة المسؤولة وفقًا للبند 29 من قانون أملاك الغائبين.

19.    إنّ الدعاوى القضائية لتحرير أملاك غائبين وفقًا للبند 28 من قانون أملاك الغائبين، هي دعاوى شائعة لم يتوقّف وصولها إلى المحاكم منذ قيام الدولة وحتى يومنا هذا. انظروا بهذا الشأن، مثلا: استئناف مدني 54/58 هباب ضد الوصي على أملاك الغائبين، قرار حكم، 10 918؛ استئناف مدني 66/170 فياض ضد الوصيّ على أملاك الغائبين قرار حكم 40(4) 433؛ دعوى مدنية (الناصرة) 78/187 الوصيّ على أملاك الغائبين ضد شلبي قرار حكم مركزية 1981(2) 241؛ استئناف مدني 1397/90 دياب ضد الوصيّ على أملاك الغائبين قرار حكم 46(5) 789؛ دعوى مدنية 00/458 بهائي ضد الوصيّ على أملاك الغائبين.

20.    من نافلة القول إنّ قانون أملاك الغائبين حظي بكثير من النقد بسبب مسّه الصارم والجارف بالحقّ الدستوري في الملكية المرسّخ في البند 3 من قانون أساس: كرامة الإنسان وحرّيته. وتزداد حدّة هذا المسّ حين يدور الحديث عن مواطني الدولة الذين تعرّضوا لمسّ قاسٍ بالملكية لديهم، نتيجة لقانون أملاك الغائبين. بالنسبة إلى هذا الأمر فإن أقوال القاضي عميت بشأن بهائي مفيدة:

أوامر القانون جارفة جدًّا، ولولا بند الحفاظ على الأحكام في البند 10 من قانون أساس: كرامة الإنسان وحرّيته، لكان من المشكوك فيه ما إذا كانت أوامره، في المناخ القانوني الراهن، مع الاعتراف الدستوري بحقّ الملكية، ستمرّ من خلال مصفاة فقرة التقييد في قانون الأساس.

دعوى مدنية، 00/458 بهائي ضد الوصيّ على أملاك الغائبين، ص 27، ف.27.

21.    في ضوء ما ورد، إن بيع أملاك غائبين إلى جهات ثالثة مهما كانت، كما هو مفصّل أعلاه، هو غير قانونيّ ومناقضٌ لقانون أملاك الغائبين ولغايته وكذلك لقانون أساس أراضي إسرائيل.

 مكانة أملاك الغائبين في القانون الدولي:

22.    لا شكّ في أنه تسري على الحرب في عام 1948، والتي ولّدت قضية اللاجئين الفلسطينيين، قوانين الحرب الدولية. وبالتالي، تسري على أحداثها ونتائجها مبادئ القانون الدولي الإنساني.

23.    إنّ بيع أملاك الغائبين، عبر مناقصات أو بأي طريقة أخرى، يشكّل، فعليًا، مصادرةً نهائيةً لها من أيدي أصحابها. لأنه، لا يعود شأننا أملاكًا موجودة في مكانة ائتمان، وإنما أملاك تمّ إخراجها من مكانة الائتمان ويتمّ عرضها للبيع، وينتقل حقّ الملكية عليها إلى مقتنين من بين مواطني الدولة أو آخرين. هذا الأمر مناقض للبند 147 من معاهدة جنيف الرابعة (في ما يلي: معاهدة جنيف) التي تنص على أن الأخذ الواسع للأملاك في المناطق المحتلة (Extensive Appropriation) يشكّل انتهاكًا فظًا لمعاهدة جنيف. وكما جاء في البند:

"المــادة (147)

المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية : القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقاً للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية."

24.    علاوةً على ذلك، إنّ البند 46 من الأنظمة الملحَقة بمعاهدة لاهاي بخصوص قوانين الحرب البرّية من عام 1907  (في ما يلي: أنظمة لاهاي) ينصّ على ضرورة احترام حقّ الملكية الخاصة، وهي تحظر بشكل صريح مصادرة أملاك خاصة، وكما جاء في البند:

"المــادة (46)

ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها, وحياة الأشخاص والملكية الخاصة, وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة."

25.    يحلّل ميخائيل كغان من جامعة تل أبيب هذه القضيّة ويتوصّل إلى استنتاج بموجبه أنّ سياسة دولة إسرائيل بعد حرب عام 1948، في قضية مصادرة أملاك الفلسطينيين، تشكّل انتهاكًا لأنظمة لاهاي وتقع تحت تعريف نهب "plunder"، وكما يكتب كغان:

Israel‘s June 1948 focus on conquest as a legal criterion for property confiscation was clearly rooted in the antiquated doctrine of war booty, in which conquest alone was enough to justify seizing property. This policy violated the Hague Regulations and likely fell under the definition of “plunder” used at Nuremberg .

26.    وعليه، ففي الملفّ رقم 10 في محاكم نيرمبرغ US Military Tribunal at Nuremberg, US v. Alfried Krupp et al. كان التطرّق الأول في قرار الحكم إلى مصادرة الأملاك بعد انتهاء القتال في الحرب العالمية الثانية. وقرّرت المحكمة، أيضًا، أن تلك المصادرة تشكّل انتهاكًا للبند 46 من أنظمة لاهاي التي تحظر، كما ذُكر، مصادرة أملاك خاصة. وقرّرت المحكمة، أيضًا:

We conclude from the credible evidence before us that the confiscation of the Austin plant based upon German inspired anti-Jewish laws and its subsequent detention by Krupp firm […] was also a violation of Article 46 of the Hague Regulations which provides that private property must be respected: that the Krupp firm […] voluntarily and without duress participated in these violations by purchasing and removing the machinery and leasing the property of the Austin plan and in leasing the Paris property […] .

27.    وبناءً عليه، إن بيع أملاك الغائبين يشكّل، وفقًا لجميع الآراء، انتهاكًا للقانون الدوليّ، وخصوصًا لأنظمة لاهاي من عام 1907. 

في ضوء كلّ ما ورد أعلاه، أنتم مطالبون بهذا بالإلغاء الفوري لجميع المناقصات من قبل مديرية أراضي إسرائيل وعميدار، والتي تعرِض أملاك سلطة التطوير، التي هي أملاك غائبين، للبيع، وكذلك حظر نشر مثل هذه المناقصات مستقبلاً.

 باحترام، سهاد بشارة، محامية 

 

 

                          

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *