مراقب الحسابات حسام بشارة في لقاء خاصّ مع صحيفة «حيفا»

مراسل حيفا نت | 12/01/2014
مقابلة أجراها نايف خوري

تصوير: وائل عوض

مراقب الحسابات حسام بشارة يبلغ من العمر 45 عامًا، متزوّج وله 3 أولاد، ولد في ترشيحا وتعلّم في مدرستها الابتدائيّة فالثّانوية. التحق حسام بالجامعة العبريّة لدراسة الاقتصاد والمحاسبة، وحصل على شهادة الماجستير في العلوم الاقتصاديّة.

يعمل مراقب حسابات ومحاضرًا في المعاهد العليا في موضوع تدقيق الحسابات. عضو في إدارة شركة قطارات إسرائيل، ورئيس لجنة الماليّة فيها، عضو في المجلس الاستشاري لـ«مفعال هپايس»، عضو في شِركة عقارات دولة إسرائيل وعضو في الهيئة الإداريّة للبيت المسيحيّ في حيفا.

– ما الّذي دفعك إلى مجال الحسابات والعلوم الاقتصاديّة؟

تدقيق الحسابات عبارة عن علم يتمثّل في مجموعة المبادئ والمعايير والقواعد، الّتي يمكن بواسطتها القيام بفحص انتقاديّ منظّم، لأنظمة الرقابة والبيانات المثبتة في الدّفاتر والسجلّات والقوائم الماليّة للشِّركة، بهدف إبداء رأي فنّي محايد عن نتيجة أعمال الشِّركة ووضعها المالي، وليست مجرّد إجراء عمليّات حسابيّة أو رياضيات.

ولذا أحببت هذا المجال منذ الصغر، ورأيت فيه مستقبلي العملي، ورغبت بالتخصّص أكثر من مجرد حمل اللقب الجامعي، فالتحقت بالجامعة العبريّة، حيث حصلت على شهادة الماجستير، ثمّ انطلقت في دنيا العمل. وها أنا شريك في مكتب كبير منذ 22 عامًا لمراقبة الحسابات ويعمل فيه حوالي 85 موظفًا.

– هل رأيت في عالم الاقتصاد والمحاسبة ما توقّعته في صغرك؟

صحيح أنّك تصف الاقتصاد بالعالم، فهو مجال واسع فعلاً. وردًا على السّؤال أقول إنّ الطّلاب العرب في المدارس الثّانوية، ومن ضمنها المدرسة التي تعلّمت فيها لا يتلقّون الإرشاد والتوعية الكافية والصّحيحة عن مواضيع التّعليم الأكاديميّة. ولذا نرى الطّلاب يمضون سنة أخرى بعد الثّانوية دون الالتحاق بالجامعة مثلًا، وهم يبحثون عن أي موضوع يدرسونه. فلماذا لا ترشد المدرسة طلّابها لكي يتابعوا دراستهم الأكاديميّة كما هو الحال في المدارس العبريّة مثلًا.

ولذا وجدت في الجامعة عالمًا آخر، مما اضطرّني إلى شق طريقي بمفردي وبقواي الخاصّة، لأنّ عالم الاقتصاد والحسابات هو عالم كبير ومليء بالتّحدّيات والجهود الكبيرة. وبما أنّه فلسفة حياة في الاقتصاد والإدارة ومراقبة الحسابات، فهذا يعني أنّ الموضوع بحاجة إلى المثابرة والطّموح، وبعد النّظر في المجالات الاقتصاديّة وإثبات الذّات، ومزيد من العلاقات العامّة والتّواصل مع الجمهور.

– ما هو مجال اختصاصك في الاقتصاد والمحاسبة؟ خاصّة أنّك عضو في عدّة هيئات إداريّة وتنظيمات جماهيريّة..

إنّ تعييني في عدّة مناصب لشِركات ومؤسّسات حكوميّة جاء نظرًا للكفاءة والمعرفة والشّهادة الأكاديميّة، وكذلك الخبرة والإلمام بتقديم النّصح والمشورة لهذه الهيئة أو تلك الشِّركة أو المؤسّسة. وهذا جعلني أقدّم المشورة لعدد من الوزارات والمكاتب الحكوميّة في مجال الاقتصاد، والتّعامل مع الشِّركات الصناعيّة، وحضور الاجتماعات الّتي تُقال فيها كلمة الفصل في هذا الشّأن الاقتصاديّ أو ذاك الشّأن المالي.

– نعلم أنّه تمّ تعيينك مؤتمن على بعض الشِّركات..

صحيح، فإذا قرّرت أيّ شركة إعلان إفلاسها، أو أنّها دخلت في ديون باهظة، أو واجهت صعوبة في إدارة شؤونها فإنّ المحكمة تعيّن مؤتمنًا على هذه الشِّركة لكي يديرها وينقذها من الإفلاس أو الإغلاق. فيتولّى المؤتمن إدارة الشِّركة ويعيد للدّائنين أموالهم أو بعضًا منها ويحافظ على حقوق المستخدمين بالدّرجة الأولى، لأنّهم يعتاشون من هذه الشِّركة ولا يجنون أرباحًا، بل يعيلون أنفسهم وعائلاتهم. فيطلب من المحكمة تجميد الإجراءات القضائيّة بحقّ الشِّركة لأنّها دخلت في ضيق ماليّ بسبب ظروف مرّت بها الشِّركة. 

– هل ترى أنّ الشِّركات أو المؤسّسات التي تواجه مثل هذه الصّعوبات الماليّة أو الاقتصاديّة تتركّز في الوسط العربيّ أكثر مما هو في الوسط العبريّ؟

كلّا، ففي الوسط العربيّ قد تواجه الشِّركات صعوبات، ولكن بالإجمال فإنّ الوسط العبري مليء بالشِّركات التي تعلن إفلاسها أو تغلق. بالمناسبة فقد عيّنت مؤتمنًا لشركة عربيّة معروفة، وكان جلّ اهتمامي أن أنقذ هذه الشِّركة من الانهيار.. وفعلًا خلال عدّة أشهر عادت الشِّركة إلى العمل بانتظام، وحتّى أنّها استعادت عافيتها وعلاقاتها بالجمهور وسارت أعمالها كما يرام.

– أهذا يعني أنّ الوسط العربي بحاجة إلى عناية ورعاية أكثر لمصالحه الاقتصاديّة؟

بالتّأكيد. فإنّنا بحاجة إلى صناديق الدّعم والاستثمار، والمبادرات الاقتصاديّة ورعاية الشِّركات والمصالح الاقتصاديّة. كما تنقصنا الهيئات الّتي تدعم هذا الاقتصاد والشِّركات؛ وأكثر من ذلك فإنّنا بحاجة إلى مناطق صناعيّة في قرانا ومدننا العربيّة. ونحن نفتقر إلى مثل هذه المناطق، وإن وجدت فهي مُهمَلة وغير مُنظّمة. وقد استمعنا إلى التّصريحات الحكوميّة بضرورة إنشاء مثل هذه المناطق الصّناعيّة، ولكن التّصريحات بقيت في الهواء، والبيانات بقيت حبرا على ورق. فالحكومة لا تولي الوسط العربيّ أهميّة بهذا الصدد.

– هل هذا يقودنا إلى القضاء على الصّناعة والشِّركات التّجاريّة والهيئات الاقتصاديّة في الوسط العربي؟

لن يكون الوضع بهذا الحجم الّذي تورده، بل هذا يجعل النّشئ الجديد، والأجيال القادمة تبعد عن المجالات الاقتصاديّة والصّناعيّة، لأنّها تعتبرها مجازفة، وهي صحيح مجازفة لكنّها تُبعد الشّباب إلى الـ«هاي-تِك» كما هو الحال اليوم.

– تمّ تعيينك مؤخّرًا في لجنة خاصّة لفحص الإعفاءات الضّريبيّة.. فما طبيعة العمل في هذه اللّجنة؟

صحيح.. فقد عيّن وزير الماليّة لجنة من المهنيّين والخبراء في المجالات الاقتصاديّة والماليّة بهدف وضع المعايير الّتي تعفي المتبرّعين من جهة والمؤسّسات من جهة ثانية، بما يتعلّق بالضّريبة الّتي تخصم من قيمة التبرّع للمؤسّسات العامّة، حيث يحصل المتبرّع على إعفاء 35% من قيمة التبرّع. وكان هذا بقرار من وزير الماليّة؛ إذ أنّنا نشهد عدم النّظام في المعاملات الضّريبيّة مع الجمعيّات والمؤسّسات المختلفة.

ونحن سنضع توصياتنا حول هذه الإعفاءات الضّريبيّة، ونرفعها إلى وزير الماليّة من ثمّ إلى الكنيست الّتي يجب أن تقرّها بصورة أنظمة وقوانين. فاللّجنة ليست سياسيّة، بل مهنيّة؛ وبموجب قرار من المحكمة العليا يجب أن تكون المعايير غير سياسية، ولذا أوصى وزير المالية بتعيين لجنة الخبراء هذه لإعداد مشروع القانون حول هذه المسألة. 

– ما دمنا نتحدّث عن النّواحي الضّريبية فكيف تتألّف ميزانيّة الدولة وكيف تصرف؟

السّؤال واسع وشامل، لأنّ ميزانيّة الدولة تعادل ما قيمته 400 مليارد شيكل ومبنيّة على 70% من جباية الضّرائب العاديّة وغير العاديّة، أي الرّسوم والمفروضات المتنوّعة. ولا تتوافر في بلادنا الموارد الطّبيعيّة كالمناجم والپترول الّتي تدعم الاقتصاد دعمًا أساسيّـًا، ولذا تعتمد الميزانيّة على الضّرائب كما أشرنا، وعلى النّواحي التّجاريّة بين الاستيراد والمقايضة.

– كيف ترى التّأثيرات السياسيّة في البلاد والمنطقة على النّواحي الاقتصاديّة؟

إنّ التّأثيرات السياسيّة تظهر بصورة مباشرة وتنعكس بوضوح على الحياة الاقتصاديّة. لأنّ الاقتصاد يزدهر في حالات السّلام والهدوء والاستقرار، ويتدهور في حالات التّوتر والتّشنّج والحرب، فلا يعرف المستثمر ما سيأتي به الغد من الغموض وعدم الوضوح. ففي حالات التّوتر لا أحد يستثمر، ولا أحد يضع أمواله على كفّ عفريت، بل يصبو إلى الاستقرار والسّلام.

– ما هي توقّعاتك بالنّسبة للتوقّعات الاقتصاديّة المستقبليّة في البلاد؟

المسألة غير متعلّقة بالتكهّن والتّنجيم، فكلّ إنسان بصير يرى أنّ النّواحي الاقتصاديّة مرتبطة بعضها ببعض، فإذا خفضت الضّرائب مثلًا عن العقارات والدّور السّكنيّة فإنّ أسعارها ستنخفض، ولكن هذا لن يحدث لأنّ الدولة تملك نحو 93% من هذه العقارات والأراضي التي أقيمت عليها. وإذا خفضت الأسعار ستخفض الضرائب.

وما من مصدر آخر لميزانيّة الدولة سوى الضّرائب والرّسوم. مع أنّ الديون الخارجيّة للدولة قليلة جدًا، لأنّ الديون هي للسّكان، وفوائد الدولة مبنيّة على 400 مليون شيكل للدّاخل والخارج. وبالمقارنة مع دول أوروپيّة فإنّ الاقتصاد الإسرائيليّ ثابت أكثر من اليونان وإسپانيا وإيطاليا ودول أخرى، حيث توشك تلك الدول على الانهيار    اقتصاديًا!

– ماذا ترى في المستقبل، من ناحية طموحك الشّخصي إزاء المجالات الاقتصاديّة العامّة؟

لقد وضعت نصب عيني مواصلة المساعدة والدعم لكلّ مؤسسة وهيئة تطلب المشورة والنّصيحة في المجالات الاقتصاديّة والماليّة. ولذا فأنا عضو في عدد من المؤسّسات التي أسديها المشورة وأساهم بتقدّمها الاقتصاديّ، وأنا على استعداد لمتابعة مجالي هذا في الوسط العربيّ عامّة، والحيفاويّ خاصّة.

– نتمنّى لك التّوفيق والنّجاح.

شكرًا، وكل عام وأنتم بخير.  

 

 

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/72003187920141201021515"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *