مجمع اللغة العربية يفنّد ادعاءات البروفسور لطفي منصور بعد قبول استقالته بالإجماع

مراسل حيفا نت | 15/06/2009

أقام البروفسور لطفي منصور يوم 26/5/2009 وعلى امتداد عدة أسابيع بتوزيع خبر استقالته كعضو من مجمع اللغة العربية مرفقًا ذلك بتصريحات تمس بسمعة المجمع. ولكونها تكررت في أكثر من وسيلة إعلامية فقد بات من المؤكد أنها لم تبدر عن نزوة عابرة، بل هي نابعة عن سابق تخطيط وبهدف الإساءة المتعمدة إلى مؤسسة علمية رفيعة المستوى. لهذه الأسباب وجب توضيح ملابسات القضية للجمهور الكريم، لأن مجمع اللغة العربية ليس ملكًا لشخص بعينه بل هو مؤسسة جماهيرية، علمية وديمقراطية مستقلة تلتزم بالقانون وتعمل من خلال شفافية نادرة المثال.

1- ادعى منصور أن رئيس المجمع الحالي كان له ضلع في تعيين الوزير السابق مجادلة للأعضاء الحاليين في المجمع الذي لم يعتبره هيئة سليمة منذ البداية، وأن انتخاب رئيس المجمع كان من خلال صفقات وبطريقة عقيمة. 

والحقيقة أن تعيين الأعضاء الخمسة عشر الأوائل تم في شهر تشرين الثاني وكانون الأول 2007، ولم يكن البروفسور محمود غنايم رئيسًا للمجمع. وقد رضي منصور عن هذه التعيينات، وبناء عليه شارك في الانتخابات التي جرت في 12/1/2008 وتم فيها انتخاب الرئيس الحالي ونائبة الرئيس والهيئة الإدارية. أما أن الذين انتخبوا لم يكونوا على هوى البروفسور منصور فهذا أمر آخر. إن الادعاء بعدم نزاهة الانتخابات لهو ادعاء باطل، لأن مجريات الأمور لا تدل على ذلك، فالاستقالة التي يدعي أنه قدّمها لم تصل المجمع، بل دارت تقولات بشأنها، قام المجمع على أثرها بالتوجه لمنصور بصورة رسمية في شهر تشرين الثاني 2008 لتوضيح موقفه فردّ بأنه يعتبر نفسه عضوًا في المجمع وعضوًا في لجنة الأبحاث والنشر، لكنه تعلل بصحته وبعد المكان، ووعد بحضور بعض الجلسات مؤكّدًا أنه لا يسجّل أي تحفظ على أي عضو.

ولكن منصور لم يحضر. وفي نيسان الفائت قامت إدارة المجمع بتوجيه رسالة له لاستجوابه قبل البت في عضويته نهائيًا، خاصة أنه تغيب عن الجلسات لأكثر من سنة دون سبب مقنع. والقانون لا يسمح ببقائه عضوًا. وقد حضر جلسة الهيئة العامة لأول مرة وصرح أمام أعضائها (وهذا مدون في المحضر) "أنّه يعتز بعضويته في مجمع اللغة ويهمه المحافظة عليها". وسئل عن المقولة التي روّج لها – والتي تصدرت فيما بعد تصريحاته في الصحف والمواقع – من أن هذا المجمع "ولد ميتًا وسيبقى ميتًا". فقال بالحرف الواحد: "هذه طرفة حدثتها ولا أقصدها أبدًا وقد دفعني البعض إليها سامحهم الله… إلخ".

2- في نفس الجلسة المذكورة التي حضرها البروفسور منصور (13/4/2009) عُرض برنامج الاحتفال السنوي. وضم البرنامج محاضرة للبروفسور قيس فرو عن "مفهوم الوطن والقومية والأمة في عصر النهضة". وقد أقر برنامج الاحتفال بموافقته.

3- قام البروفسور منصور بمهاجمة نائبة رئيس المجمع واتهمها بأنها لا تتقن العربية، وتساءل عن حاجتنا إلى اختصاصها… إلخ. إن الدكتورة إليانور صايغ – حداد هي أستاذة في اللسانيات ومحاضرة كبيرة في قسم اللغة الإنجليزية في جامعة بار إيلان والكلية العربية للتربية في حيفا، وهي باحثة بارزة يشار إليها بالبنان في مجال اللسانيات، ولها العديد من الأبحاث عن اللغة العربية وعن اللهجة العامية.

إن هذا الأسلوب هو استهتار بعقلية القارئ والجمهور، فليس من شروط العضو في مجمع اللغة أن يتحدث باللغة الفصحى ليثبت جدارته وأهميته. ولعل البروفسور منصور يعلم أن رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الأستاذ الدكتور محمود حافظ هو أستاذ في علم الحشرات، ومعظم أبحاثه هي في هذا التخصص العلمي.

4- يذكر منصور أن القشة التي قصمت ظهر الجمل كانت محاضرة البروفسور قيس فرو التي ألقاها في الاحتفال السنوي "خصوصًا أنه راح يقتبس من القرآن الكريم بصورة مغلوطة مشوهة لهذا الكتاب العظيم والحضارة العربية العظيمة عبر التخبط بين مختلف المراجع". ونحن نرى أن البروفسور فرو قدّم محاضرة قيمة عن موضوع القومية والوطن والأمة تقع في مجال اختصاصه وتتلاءم مع مفاهيم المجمع في نبش المسلمات ونقاشها وإعادة المساءلة بشأنها. والبروفسور فرو حاصل على الدكتوراة من جامعة السوربون ويعتبر من كبار الباحثين في موضوعه، وهو أستاذ مرموق في جامعة حيفا. كما أنه ليس عضوًا في المجمع، كما صرح منصور.

 

فلماذا هذه المزايدات القومية والوطنية والدينية وفي صالح من تصب؟

5- الأبحاث التي دعمها المجمع سواء لباحثين من المجمع أو من خارجه نشرت تفاصيلها في الكراس الذي وزعه المجمع في الاحتفال السنوي، وقد بلغ مجموعها 430 ألف شيكل. وقد ذكر اسم البحث وصاحبه ومبلغ الدعم ولمن دفعت هذه الأموال. إن الدعم المالي لهذه الأبحاث لا يدفع للباحث الرئيسي نفسه، بل لمساعدي الأبحاث من الطلبة، كما أن معظم هذه المبالغ حولت للجامعات والكليات التي يعمل فيه صاحب البحث لمراقبتها علميًا وماليًا (واحدة من هذه الكليات هي بيت بيرل التي يعمل فيها البروفسور منصور).

6- من أقر دعم هذه الأبحاث هو لجنة الأبحاث والنشر، وذلك بعد تقييم الاقتراح علميًا. البروفسور منصور كان عضوًا في هذه اللجنة منذ اليوم الأول وكانت تصله قراراتها ومحاضرها أولاً بأول، رغم أنه لم يكلف نفسه حضور جلسة واحدة من جلساتها.

7- وزع المجمع على طلبة الماجستير والدكتوراة حوالي 250 ألف شيكل. وهذه المنح أقرتها لجنة المنح المكونة من الدكتورة إليانور صايغ حداد، الدكتور نزيه قسيس والدكتور فاروق مواسي. ولم يتدخل رئيس المجمع في توزيع المنح لا من قريب ولا من بعيد. وقد نشرت الأسماء في الأيام الدراسية التي أقامها المجمع في مناسبتين، إحداها على هامش محاضرة مركزية عن لغة الأدب للبروفسور ساسون سوميخ والثانية في ذكرى الأربعين لمحمود درويش.

8- لم يُقم المجمع احتفالات، بل عقد أيامًا دراسية ومؤتمرات لم يحضرها منصور. فبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه أقام المجمع مؤتمرًا عن اللغة وتحديات العصر وقدمت فيه ست محاضرات قيمة لباحثين عرب وأجانب، منهم البروفسور شوهامي والبروفسور جون مايهيل، الدكتور محمد أمارة، والدكتور إبراهيم بصل وغيرهم . وقد صدر عن الأيام الدراسية المذكورة أوراق عمل وتلخيصات وزعت على الجمهور، وبعضها موجود في موقع المجمع على الإنترنت.

9- بخصوص النشر، لدينا مجموعة من الأبحاث والكتب المرشّحة لذلك، لكننا لا نتعجل الأمر لكوننا نلتزم بمقاييس أكاديمية في غاية الدقة كمؤسسة علمية تعرض موادها على قراء من ذوي الاختصاص لإقرارها.

10- ذكر منصور أن مدارسنا ومؤسساتنا الثقافية بخير ولا حاجة لدعمها بفعاليات من المجمع. وأقل ما يقال عن هذا الكلام إن صاحبه يعيش في كوكب آخر، فنتائج الأبحاث المحلية والعالمية تقول العكس تمامًا. إن مئات الفعاليات الثقافية والأدبية واللغوية التي أقامها مجمع اللغة عبر مركّزين ومركّزات جابوا البلاد من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال كان لها صدى إيجابي وقوبلت بالترحاب والاستحسان.

إن مشروع "في دروب الأندلس" الذي أصبح على لسان البروفسور منصور مضغة للتندر شاركت فيه عدة مؤسسات. وقد كلّف هذا المشروع حوالي 600 ألف شيكل شارك المجمع منها بـ 100 ألف شيكل.

11- وأخيرًا نحن نبني مؤسسة علمية من الصفر بمؤسساتها وأقسامها وموظفيها. يكفينا أن يعلم الجمهور الكريم أننا أسسنا مكتبة لغوية متخصصة في هذه الفترة القصيرة دفعنا في بنائها أكثر من 500 ألف شيكل.

ألا ما أصعب البناء حين يكون لبنة لبنة، وما أسهل الهدم حين تكون الارتجالية والنوايا السوداء.

12- بقي أن نشير إلى أن بعض التهم التي ألصقها منصور بأعضاء المجمع وبمؤسساته تتضمن، كما يبدو لنا، عنصر القذف والتشهير. والمجمع يفحص إمكانية مقاضاته أمام العدالة على هذه التهم الخطيرة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *