دخلت، مساء الاثنين الأخير، قاعة مسرح «الميدان»، لحضور عرض «شو العلاقة؟» للمدرّب والمحاضر الحيفاويّ الشّابّ، أشرف قرطام؛ دخلتها صافي الذّهن مجرّدًا من أيّ مقولات كنت قد سمعتها مسبّقًا عن هذا العرض، ومنفّضًا عنّي أيّ ملاحظات كانت قد وصلتني؛ وكلّ ذلك كَيْلا أتأثّر من مقولة ما عشّشت في فكري أو ملاحظة بقيت عالقة في ذهني؛ لأطلق لنفسي العِنان بتقبّل العرض أو رفضه، بالانسجام معه أو النّفور منه..!
استطاع المدرّب المتمكّن أشرف قرطام – من دون أدنى شكّ – بحضوره وخبرته وأسلوبه وقدرته على الإقناع وسيطرته «الإيجابيّة» على المسرح والجمهور، أن يمسّني ويحاكيني ويجعلني أتسمّر على كرسيّي، مُغرَمًا لا مُرغَمًا، مستمتعًا جدًّا، مُنبهرًا ومُندهشًا، مُضيفًا إلى أرشيف ذهني عرضًا وعملًا مميّزًا وشائقًا ومفيدًا، يحمل رسالة وهدفًا، يُدمِجُ بين الثّقافة والفنّ، يحكي الواقع ويفاجئ ببعض الحقائق بطريقة سلسلة، تجعلك تتقبّل ذلك بكلّ رحابة صدر وتتعطّش إلى المزيد؛ لتكتشف – خلال العرض – أنّ قرطام «يُخفي» في داخله طاقاتٍ وإبداعاتٍ مَهولةً «مجهولة»، وعلى ما يبدو، في عروضه القادمة، سنكتشف المزيد والمزيد، وأنّ المخفيّ لديه أعظم، بالمعنى الإيجابيّ، طبعًا.
بأداء خاصّ يميّز أشرف قرطام، وأسلوب فكاهيّ لا يخلو من التّهكّم والسّخرية، والنّقد اللّاذع، استطاع قرطام أن يحاكي كلّ رجل وامرأة في القاعة.. تحدّث عن تفاصيل دقيقة في حياة الزّوجين وعن تصرّفات يوميّة (عاديّة) لا يلتفت إليها الطّرفان، هي على درجة عالية من الأهمّيّة. بطريقته الخاصّة وأسلوبه الشّائق الممتع، استطاع أن يفسّر ويشرح الاختلافات العلميّة والعمليّة بين الرّجل والمرأة، وأن يوصل رسالته إلى الحضور.
لا أريد الخوض في تفاصيل العرض الرّائع؛ لأنّه جدير بالمشاهدة بامتياز، فأشرف قرطام – كما عوّدنا – دائم البحث والتّجدّد والإبداع الفكريّ واستخلاص الحكم والدّروس من الحياة، لا يبخل بها على جمهوره، ويشاركه أفكاره وأعماله، ويقدّم له دروسًا في الحياة، بأسلوب مميّز، يصيب به الهدف.
على مدار أزْيَدَ من ساعة ونصف السّاعة، مرّ بها العرض كطرفة عين، انصهرنا وسمحنا لأنفسنا بأن يتحكّم بها المدرّب قرطام عن بعد، رغم أنّه كان أقرب ما يكون إلينا، وكأنّه يعيش بيننا ومعنا. درّب فكرنا، أنار عقولنا، لفت انتباهنا، ووقف على بعض التّفاصيل والتّصرّفات الّتي تميّز علاقة الرّجل بالمرأة، والمرأة بالرّجل.
تأرجح بنا.. فنقلنا من القاعة إلى غرف بيوتنا، من الزّمن الرّاهن إلى أزمنة سابقة، من واقعة إلى أخرى، دخل عالمنا ولامسه، ثمّ عاد بنا إلى القاعة مستمتعين، مُنبهرين ومتعطّشين إلى المزيد والمزيد والمزيد.
بأسلوب علميّ وإبداعيّ مميّز، لا يخلو من روح الدّعابة، استطاع قرطام أن يزيل عن أعيننا غشاوة ما، وعن أوجهنا أقنعة كثيرة، كي نرى الأمور بشكل أفضل، حيث نجح في أن يكشف لنا ما كان يجهله الرّجل عن المرأة أو ما كانت تخفيه المرأة عن الرّجل من خبايا، وبالعكس. قدّم حلولًا وطرح أفكارًا للمساهمة في تحسين وتوطيد وترشيد وإنجاح العلاقة بين الرّجل والمرأة، وجعلها أكثر نجوعًا وكفاءَة.. فالأمر – في نهاية المطاف – ممكن.
أتعطّش وأترقّب المزيد من العروض الإبداعيّة العلميّة الفكريّة الخلّاقة، العروض الّتي تميّز أشرف قرطام، وتحكي لنا عن أيّ علاقة ممكنة..!
«شاپّو» قرطام.. وإلى الأمام!
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/27384894820131807113050"]