هل نجح البابا بتحقيق أهدافه من زيارته للبلاد؟
انتهت زيارة البابا الى البلاد، هذه الزيارة أثارت ضجة عارمة في أوساط مختلفة حول أهدافها، والانجازات التي تم تحقيقها،في هذا الحوار مع السيد وديع أبو نصار المنسق الإعلامي للزيارة يؤكد أن الزيارة نجحت أكثر مما هو متوقع، ونفى أن تكون شخصية البابا باردة كما ادعت وسائل الإعلام العبرية. وحول جمع قداسته نحو المليون يورو من كنائس موطنه الأصلي (ألمانيا) وتقديمها إلى كنيسة الأرض المقدسة لبناء مركزي رعوي في الناصرة، والدعم المعنوي والمادي، مثل تقديم معدات علاجية لمستشفى الأطفال في بيت لحم وخمسين ألف يورو لبناء وتجهيز ثلاث غرف تعليمية في مخيم عايدة للاجئين إضافة إلى مباركته لحجر الأساس لمركز العائلة المزمع إقامته في الناصرة ولمشروع الحرم الجامعي في عبلين في تلخيص زيارة قداسته للبلاد.
كيف تقيمون زيارة البابا؟
نستطيع القول بأن الزيارة نجحت أكثر مما توقعنا لها. فقد كانت هنالك تخوفات من أنها تأتي في أوقات معقدة، إلا أن قداسة البابا بحنكته والكنيسة بأسرها لاسيما الكنيسة المحلية بذلت كل جهد ممكن من أجل إنجاح الزيارة، إما من خلال التنسيق مع الجهات الرسمية المختصة وإما من خلال تذليل العقبات التنظيمية بالذات تلك المتعلقة بالقداديس الكبرى التي ترأسها قداسة البابا. فما عدا القداس في القدس، حيث جاءت البطاقات متأخرة بعض الشيء وحيث كانت الإجراءات الأمنية مشددة، مما أثر سلبا على عدد الحضور في القداس، فإن القداديس الكبرى في عمّان وبيت لحم والناصرة فاقت التوقعات من حيث عدد المشاركين، وما من شك بأن قداس الناصرة يعتبر أحد أهم انجازات هذه الزيارة ليس فقط بالنسبة للكنيسة المحلية بل أيضا بالنسبة لجميع أهل الناصرة وبالذات للجهات التي ساهمت في تهيئة موقع القداس على جبل القفزة وعلى رأسها بلدية الناصرة.
هل نجح البابا بتحقيق أهداف الزيارة؟
لقد قلنا في الماضي بأن للزيارة ثلاثة أهداف رئيسية وهي الحج بما يشمل لقاء المسيحيين المحليين وتعزيز الحوار بين الأديان وتعزيز فرص السلام. وبالرغم من أنه لا يزال مبكرا الحديث عن نتائج لزيارة البابا، لأننا نرى في البابا كمن أتى ليزرع بذورا من أجل الحوار والسلام، التي لن تؤتي ثمارها إلا بتعاون معظم الأطراف المعنية إن لم يكن جميعها، فإننا يمكن أن نقول بأن الهدف الأول للزيارة تحقق، فالبابا حج إلى أهم الأماكن الدينية المسيحية في العالم كما أنه التقى بالعديد من المسيحيين المحليين على اختلاف مناصبهم وأدوارهم.أما بالنسبة للهدف الثاني فقد لاحظ البابا ما نعانيه من تحديات في مجال الحوار بين الأديان، والتي تتلخص بأن بلادنا بحاجة إلى حوار صريح وهادىء في هذا المضمار بدلا من "حوار الطرشان" بين بعض الأطراف أو "حوار المجاملات" فيما بين أطراف أخرى. غير أن الكرسي الرسولي والكنيسة في بلادنا سيواصلان بذل الجهود من أجل تطوير حوار أفضل بين أتباع الديانات المختلفة ولاسيما اليهودية والمسيحية والإسلام.كما تحدث قداسة البابا بأن للكنيسة دورا مهما في دعم جهود السلام وذلك من خلال القوة الروحية التي تتمتع بها، منوها إلى أن هذه القوة لا تقل أهمية عن القوة السياسية أو العسكرية. كما شاهد قداسته عن كثب العقبات التي تعترض عملية السلام، إلا أنه عبر عن إصراره بأنه سيواصل الصلاة والعمل من أجل السلام في الأرض المقدسة.
ماذا كانت أبرز الرسائل التي وجهها البابا خلال زيارته؟
لقد ألقى قداسة البابا خلال رحلة حجه ثمانية وعشرين خطابا، تحدث خلالها بصراحة ووضوح عن الكثير من القضايا التي تهم سكان البلاد بغض النظر عن انتمائهم العرقي أو الديني. وقد أثبت قداسة البابا بأنه صديق للجميع من خلال صدقه معهم دون مواربة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الصداقة مع طرف ما لا تعني بالضرورة عداوة مع طرف آخر، لا بل إن العلاقة الطيبة للكرسي الرسولي مع مختلف الأطراف في منطقتنا من جهات مدنية ودينية يمكن أن تساعد في خلق أجواء أفضل للحوار والتقارب فيما بينها جميعا.وهنا أستثمر هذه الفرصة لنصح الجميع قراءة جميع خطابات قداسة البابا لما تحوي من زخم روحي يحتاج إلى قراءة عميقة ومتمعنة. ومن أبرز الجمل التي قالها قداسته خلال زيارته كانت تلك المتحدثة عن الحاجة للصمت من أجل تذكر الماضي، والحاجة للصمت من أجل الصلاة، والحاجة للصمت من أجل رؤية الأمل بمستقبل أفضل.
ما هي أبرز الإنجازات التي تحققت خلال الزيارة؟
إن أحد أبرز انجازات الزيارة هو الأمل والفرح الذي زرعته هذه الزيارة في نفوس الكثيرين وليس فقط المسيحيين. فالكثير من الأصداء الإيجابية وصلتنا ولا تزال من جهات عدة رسمية وشعبية وحتى من بعض الجهات التي تحفظت في الماضي على الزيارة أو على موعدها.إن علاقة قداسة البابا مع الأرض المقدسة ليست جديدة ولا تعود فقط لزيارة الحج التي قام بها خلال الأسبوع الماضي إلى بلادنا. فقداسته جمع نحو مليون يورو من كنائس موطنه الأصلي (ألمانيا) وقدمها إلى كنيسة الأرض المقدسة لبناء مركزي رعوي في الناصرة، وهذا ما تم فعلا حيث شيد مركزٌ يحمل اسمه.كما قدم قداسة البابا خلال زيارته إلى البلاد الكثير من الدعم المعنوي والمادي، مثل تقديم معدات علاجية لمستشفى الأطفال في بيت لحم وخمسين ألف يورو لبناء وتجهيز ثلاث غرف تعليمية في مخيم عايدة للاجئين إضافة إلى مباركته لحجر الأساس لمركز العائلة المزمع إقامته في الناصرة ولمشروع الحرم الجامعي في عبلين وجامعة وكنيستين في الأردن، وفي هذه المناسبة لا بد من التنويه بأنه على سكان الأرض المقدسة عدم الاعتماد على التبرعات التي يقدمها الآخرون لهم ،ففي بلادنا أشخاص مقتدرين باستطاعتهم تقديم الكثير، كما أنه يجب اعتماد مبدأ "فلس الأرملة" الذي تحدث عنه السيد المسيح في الإنجيل بما يعني أن كل انسان يستطيع أن يقدم شيئا لمجتمعه وبالتالي علينا التخلص من ظاهرة الاتكال على الدعم المادي والانطلاق نحو أخذ زمام المبادرة بإطلاق مشاريع خيرية تمول محليا.
ماذا كان انطباعك بعد لقائك الشخصي مع البابا؟
للوهلة الأولى يعتقد الكثيرون وكأن البابا بندكتوس "شخص بارد" في علاقاته مع من حوله، لكنني سعدت جدا بالحرارة التي شعرت بها من قداسته خلال الحديث الذي جمعنا. كما شاهدت كيف قام قداسته بفتح شباك سيارته المصفحة في مخيم عايدة للاجئين لتحية الجماهير المحتشدة حوله وكيف توجه بمبادرته لتحية بعض الأطفال الذين تواجدوا بجوار كنيسة البشارة عند توجهه من اللقاء الذي جمعه في قاعة الكنيسة مع رجال الدين من مختلف الأديان إلى الكنيسة نفسها حيث كان مئات المؤمنين في انتظاره.
هل من متابعة للزيارة؟
من المتوقع أن تعقد اللجنة الكنسية العليا التي كانت مكلفة بتنظيم الزيارة لقاءً في المستقبل القريب لإجمال الزيارة ولاستخلاص العبر، ومن المتوقع إصدار كتاب خاص يشمل صورا للزيارة وأبرز الخطابات التي ألقيت خلالها. أما بالنسبة لي شخصيا، فسأعود إلى مزاولة عملي كمستشار سياسي وإعلامي للعديد من الحكومات حيث سأواصل الاحتفاظ بعلاقة طيبة لكن ليست بالضرورة علاقة عمل مع الكرسي الرسولي.