في الوقت الذي تتغنى به إسرائيل بديموقراطيتها الزائفة في المحافل الأوروبية والعالمية، مشددة على أنها واحة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، تعمل حكومتها على شرعنة قانون "منع احياء ذكرى النكبة" والذي بموجبه يمنع إحياء ذكرى النكبة، أو كما ذكر في القانون "تنظيم أي نشاط جماهيري يعتبر قيام دولة إسرائيل كارثة"، في اليوم الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى قيامها، و تصل عقوبة مخالفة القانون في حال اقراره حتى ثلاث سنوات. ان الهدف من هذا القانون، والذي تقدّم به عضو الكنيست عن حزب "يسرائيل بيتينو"، اليكس ميلر، يتجاوز محاولات السلطات الاسرائيليّة تشكيل وصياغة الوعي الجمعي الفلسطيني داخل الخط الاخضر لسلخهم عن انتمائهم العربي الفلسطيني، والذي فشلوا به فشلا ذريعًا، وتتجاوز محاولة منع احياء ذكرى النكبة المتواصلة، والتي تعتبر واحدة من اكبر جرائم العصر ضد الشعب الفلسطيني والبشرية جمعاء، ليدخلو الى حيّز التسريع في تهييء الرأي العام الاسرائيلي الى ما هو أخطر بكثير، وخصوصا ان اليمين الترانسفيري يتواجد في الدائرة المباشرة لاتخاذ القرار السياسي في اسرائيل.
ان المعركة الاساس ليست على اتساع او انحسار الديمقراطيّة في اسرائيل، فهذه معركة من يدّعيها. اما معركة الشعب الفلسطيني فكانت ولا تزال معركة البقاء والوجود على ارض الوطن واقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين والمهجّرين الى قراهم ومدنهم وارضهم، ومن هذا المنطلق نرى اهميّة مواصلة احياء ذكرى النكبة الى جانب احياء ذكرى يوم الارض الخالد وذكرى المجازر وغيرها، واحياء الذكرى ليس بحال تباكي ونحيب الضحيّة على اطلالها ، انما احياء واع يعيد صياغة الماضي وفهمه كحاجة وجوديّة لاي شعب يتطلع الى المستقبل، لئلا يتفتت الانتماء القومي الى انتماءات ترغبها المؤسسات الاسرائيليّة وفي ظل صراع مستمر، حيث مركب الوعي يلعب دورا هاما الى جانب سائر المركبات. ورغم هذا التشخيص فنحن في مركز "اعلام" لا نقلل من اهميّة النشاط الاستباقي لمنع مثل هذا التشريع، ومن هنا، فنحن اذ نستنكر محاولة التشريع العنصرية هذه، نضم صوتنا لدعوة كافة الاحزاب والحركات السياسية والمؤسسات والمنظمات والفعاليات، الوطنيّة منها، الى التعاون وتكثيف النشاط من اجل منع تمرير هذا القانون الظلامي وغير المفاجيء، مع ادراكنا ان استمرار احياء النكبة غير متعلق بقانون كنيست انما بارادتنا جميعًا.