بلا شرف..!!

مراسل حيفا نت | 16/11/2015

مطانس فرح

كيف يمكن لمجتمع يقتل الرّجل فيه المرأة أن ينمو ويتطوّر؟! كيف يمكن لمجتمع يربّي أبناءَه وبناته على العنف والحقد منذ نعومة أظفارهم أن يرأف ويرحم؟! كيف يمكن لمجتمع تُقمع وتُضطّهد فيه المرأة أن يثقّف ويربّي أجيالَ المستقبل؟! كيف يمكن لمجتمع ذكوريّ شَبِق شهوانيّ أن يعرف معنى الشّرف؟! كيف يمكن لمجتمع لا يقدّر المرأة أن يبني مجتمعًا سويّـًا سليمًا؟! وكيف.. وكيف.. وكيف..؟!قُتلت، خلال الأسبوع الأخير، في مجتمعنا امرأتان بدم بارد؛ الأولى سهى منصور (39 عامًا) أم لأربعة أطفال، والثّانية آمنة نافع العبيد (30 عامًا) أم لخمسة أطفال. وفي كلتا الحالتين كان المشتبهان بتنفيذ هاتين الجريمتين – وفق مصادر الشّرطة – طليقا القتيلتين(!). حيث قُتلت سهى منصور رميًا بالرّصاص على مقربة من منزلها، بينما أُحرِقَت آمنة في حرج زيتون..!تُعقد الجلسات الطّارئة، تنتفض الجمعيّات النّسويّة، يتعاضد مناصرو المرأة ويتآزرون ليشجبوا ويستنكروا ويحملوا الشّعارات، تتصدّر الجريمة مواقع التّواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" والعناوين يومًا أو يومين لا أكثر، تُفتح الملفّات وتحاول الشّرطة "جاهدةً" الوصول إلى الجاني.. ومسلسل قتل المرأة بحُجج هشّة وواهية مستمرّ، من دون أن توهن يد الجاني!لا يمكننا الاستمرار في الصّمت إزاء تفشّي العنف وتحجّر الفكر وتفاقم جرائم قتل المرأة تحديدًا، وجرائم القتل عامّةً في مجتمعنا المُعَنَّف والمُعَنِّف. ومن واجب الشّرطة التّعامل بأيادٍ حديديّة لا بقفّازات حريريّة مع كلّ مجرم وقاتل، وعدم التّهاون أو التمنّع عن جمع الأسلحة غير المرخّصة المنتشرة في بلداتنا وقرانا العربيّة، بين أبنائنا وشبابنا ورجالنا "الأبطال". كما على الشّرطة العمل بكلّ جِديّة ومعالجة كلّ شكوى مقدّمة من النّساء المُعنّفات، وعدم التّساهل أو التّقصير، وملاحقة المُعتدين والمجرمين؛ فشرطة إسرائيل قادرة على الوصول إلى مَن تريد في أيّ زمان ومكان، إن لم تتقاعس عن ذلك عمدًا!أعود وأذكّر وأكرّر، علينا أن نسعى، دائمًا وأبدًا، لتنشئة أجيال تحترم المرأة، تقدّرها، وتتفهّم رغباتها؛ فهي الأمّ المربّية أوّلًا وأخيرًا، وهي العمود الأساس في هذا المجتمع.. وللحفاظ على مجتمعنا والنّهوض به، علينا أن نقف سندًا وعَونًا إلى جانبها. المرأة هي نصف المجتمع، إن لم تكن هي المجتمع بأسره، فمن رَحمِها وُلدنا وأتينا إلى هذه الدّنيا.دعونا نؤكّد، على دور المرأة المؤثّر والفعّال، ونعمل على نشر ثقافة احترام حقوق ورغبات الأمّ والزّوجة والأخت والابنة، لتحلّ مكان سياسة التّمييز، والاستغلال، والتّعنيف والقتل. علينا أن نطالب ونناضل ونتضامن مع المرأة، من أجل تحصيل حقوقها الاجتماعيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة والتّربويّة والدّينيّة كافّة؛ فنسعى جاهدين لضمان حريّتها واستقلاليّتها، والمطالبة بمساواتها التّامّة مع الزوج والابن، مع الأب والأخ.. فعلًا لا قولًا.طالما بقينا مجتمعًا ذكوريّـًا بدائيّـًا مُتحجّرًا، نهمّش ونكبت ونسيطر ونعنّف، ونقتل لأتفه الأسباب، وبحجج واهية كشرف العائلة، وما شابه، لتغطية عوراتنا، من دون رادعٍ أو وازعٍ.. سيستمرّ، للأسف، مسلسل قتل المرأة بدم بارد وسنربّي أجيالًا تتغنّى بالشّرف فقط، لكنّها في الواقع بلا شرف..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *