مواقع أثريّة حول دير الأسد

مراسل حيفا نت | 29/09/2015

 

د. كميل ساري

(مدير قسم الرّقابة، الأبحاث وصيانة الآثار)

 

أتابع في هذا العدد عن المواقع الأثريّة المتواجدة حول دير الأسد. البعض منها يتواجد ضمن حدود الأراضي الزّراعيّة لدير الأسد، بينما البعض الآخر يقع – في أيّامنا هذه – خارج حدود أراضي دير الأسد.

نتوقّف في هذا المقال عند المواقع التّالية: خربة محوز، قصر العاشق وقلعة التّوفانية.

 

قلعة التوفانية

تتواجد إلى الشّمال الغربيّ من دير الأسد، على مقربة من الاستيطان الحديث "كيشور" (כישור) الّذي بُني على سفح الجبل المعروف باسم "جبل الرّؤوس". تبرز في الموقع بقايا قلعة أثريّة، تعود بدايتها إلى الفترة الهيلنيّة (القرن السّادس ق.م). كما يبدو، فإنّ القلعة، حرست أيضًا الطّريق الرّئيس القادم من السّاحل إلى الجليل.

ليس لدينا الكثير من المعلومات عن الموقع، إذ لم تجرِ الحفريّات الأثريّة فيه. خلال مسح أثريّ للموقع، تمّ العثور على أدوات فخّار يعود تاريخها إلى الفترة الهيلينيّة (القرن السّادس ق.م.) استمرارًا حتّى الفترة البيزنطيّة والإسلاميّة (الأُمويّة والعبّاسيّة)، الفترة الصّليبيّة والمملوكيّة.

لا نعلم من بنى القلعة وما هي أهدافه؟! إلّا أنّها بارزة جدًا، وعلى رغم أنّ غالبيّة أجزائها قد هُدمت على مرّ العصور، إلّا أنّ بقايا الأبراج والسّور الّتي حُفظت حتّى أيّامنا، تدهش الزّائر وتشير إلى عظمة الموقع في عصور مضت.

 

خربة محوز

تتواجد إلى الشّمال من دير الأسد؛ لا نملك الكثير من المعلومات عن الموقع، لعدم إجراء الحفريّات الأثريّة حتّى أيّامنا هذه.

تبرز فيها آثار من الفترة البيزنطيّة، خاصّة معاصر العنب، ما يشير إلى انتشار صناعة النّبيذ في الموقع خلال تلك الفترة. كما يمكننا أن نشاهد بعض حجارة الأبنية والقليل من الجدران الّتي لا تزال بارزة من على سطح الأرض.

 

قصر العاشق

هو موقع أثريّ يقع إلى الشّمال الشّرقيّ من دير الأسد. لا نعرف سبب التّسمية أو ما هو مصدرها.

ذكر الموقع لأوّل مرّة الرّحالة فيكتور جيرن الّذي وصف الوصول إليه عن طريق تسلّق تلّة صغيرة وعليها مبنى واحد. كذلك، ذُكر الموقع خلال المسح الأثريّ البريطانيّ (كيندر وكتشنر) عام 1881.

قليلة هي الأبحاث الّتي أُجريت، مؤخّرًا، وهي تشمل المسح الأثريّ عام 1978، والحفريّات الأثريّة بإدارة سلطة الآثار عام 1985.

يتواجد الموقع قرابة 200 متر إلى الشّمال من خربة محوز، تبرز فيه آثار مبنى واحد: كنيسة يعود تاريخها إلى الفترة البيزنطيّة، تتواجد من تحتها آثار قبر وبئر ماء نُحتتا في الصّخر الجيريّ. كما يبدو فقد كان للقبر مدخل تمّ تسديده بباب صُنع من الحجر، لم يحفظ حتّى أيّامنا هذه.

مبنى الكنيسة من النّمط المسمّى "بازيليكا"، وهو مبنى مستطيل الشّكل يتوسّطه صفّان من الأعمدة. حجم المبنى (17X21 مترًا)، وله ساحة أماميّة في واجهتها صفّـًا من الأعمدة. إلى الشّمال من مبنى الكنيسة، كانت ملاصقة له غرفتان مستطيلتا الشّكل. المدخل في الحائط الشّمالي حُفظ بكامل ارتفاعه.

الحفريّات الأثريّة داخل الكنيسة، كانت نموذجيّة ومحدودة، تمحورت في أربع مناطق فقط. كشفت عن جزء من أرضيّات الفسيفساء الّتي زخرفت الكنيسة، جميعها من الفسيفساء الملوّن: الرّواق الجنوبيّ زخرفته أرضيّة تحمل شارات الصّليب. أمّا الرّواق المركزيّ الّذي أُجريت فيه حفريّات نموذجيّه فقط، كشفت عن كتابة باللّغة اليونانيّة تواجد في الجزء الشّرقي من هذا الرّواق، وقد كُتب فيها: "يا سيّد، يا إله القدّيس جيورجيوس، أذكر عبدك الدّياكون ديمتريوس الّذي بنى هذه الكنيسة واحفظ ابنه جيورجيوس وجميع أبناء عائلته".

كما أنّ المشكاة المركزيّة كانت مزخرفة بالفسيفساء الملوّن، إلّا أنّه قد تضرّر مع مرور العصور ولم يبقَ منه الكثير. أمّا المشكاة الجنوبيّة، فهي أيضًا احتوت على أرضيّة من الفسيفساء الملوّن كانت فيها كتابة أخرى حملت اسم ديمتريوس، ابنه جيورجيوس، زوجته وجدّه.

ووفقًا لنتائج الحفريّات، بُنيت الكنيسة في نهاية القرن الخامس أو بداية القرن السّادس ميلاديّ. ووفقًا للمكتشفات والكتابة في الكنيسة، من المحتمل أنّها قد بنيت من قبل إحدى العائلات الغنيّة لذكر القدّيس جيورجيوس، كما يبدو قد تكون عائلة من الموقع المجاور المعروف في أيّامنا باسم "خربة محوز".

  

الصّور المرفقة:

رسم تخطيطيّ لشكل الكنيسة.

الكنيسة كما شاهدها الأثريّون خلال المسح الأثريّ عام 1978.

الرّواق المركزيّ يحمل كتابة باللّغة اليونانيّة.

   

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/168095313120152909040907"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *