نمو وتطوّر الطّفل من ثلاث سنوات حتّى ست سنوات

مراسل حيفا نت | 02/09/2015

 

ريما ضو – غطّاس

 

يبدأ وعي الطّفل بالانفصال والاستقلاليّة بالنّمو في مرحلة الطّفولة المبكّرة؛ فالطّفل في نهاية السّنة الثّانية يتطوّر حركيّـًا، وتزداد حصيلته اللّغويّة الّتي تمكّنه من التّعبير عن نفسه بحريّة أكثر، ويبدأ في هذه المرحلة بقياس قدرته الجديدة على الاستقلال.

في عمر ما قبل المدرسة، نجد الأطفال انفعاليّين جدًا؛ فمرّة نجدهم لطفاء ومتعاونين، ومرّة نراهم عنيدين ومتسلّطين. هم يعون تمامًا أنّهم يكبرون ويتغيّرون، ويتمنّون لو أنّ عمليّة النّمو تكون أسرع ممّا هي عليه. يسعد الأطفال في هذا العمر باللّعب إلى جانب أطفال آخرين، ويتعاونون في بعض الأحيان، ولكن غالبًا ما يبقى كلّ منهم لوحده في بداية هذه المرحلة.

ومع تطوّر النموّ الحركيّ لدى الطّفل تزداد مهاراته المتنوّعة، وبالتّالي قدرته على القيام بالعديد من الأعمال الّتي تُشعره بالإنجاز والفخر وتحقيق حاجاته للاستقلال وإثبات الذّات.

ويُظهر الطّفل خلال هذه المرحلة تناقضًا جديدًا في سلوكه، فهو يتأرجح بين الضّعف والقوّة، والخيال والواقعيّة، والجهل والفهم. ورغم تطوّر قدرات الأطفال في هذه المرحلة، إلّا أنّهم يبقون بحاجة إلى مساعدة الكبار، ويشعرون أنّهم ما زالوا يفتقدون السّيطرة على الكثير من الأحداث في عالمهم الصّغير، ولذلك نجد لديهم الاستعداد للشّعور بالخوف وعدم الأمان.

إنّ النّمو الجسميّ السّريع الّذي يميّز مرحلة المهد يبدأ بالانخفاض تدريجيّـًا في مرحلة الطّفولة المبكّرة، ويظهر هذا الانخفاض في معدّل زيادة الوزن، حيث نجد معظم الأطفال ما بين السّنتين والثّلاث سنوات لا تتعدّى الزّيادة في وزنهم عن الكيلوغرامين، كما أنّ الزّيادة بين الأربع والسّت سنوات  قد لا تتعدّى اثنين أو ثلاثة كيلوغرامات إضافيّة.

يسعد الأطفال في هذا العمر باللّعب إلى جانب أطفال آخرين ويتعاونون في بعض الأحيان، ولكن غالبًا يبقى كلّ واحد منهم لوحده في بداية هذه المرحلة. يكون النموّ الاجتماعيّ للطّفل في هذه المرحلة متّصلًا اتّصالًا وثيقًا بتطوّر قدراته الإدراكيّة واللّغويّة، أطفال الثّلاث سنوات يتمتّعون باللّعب وقادرين على فهم قوانين اللّعب وأساليب التّفاعل الاجتماعيّ مع الكبار والأنداد.

وأهمّ ما يميّز النّمو الاجتماعيّ لطفل الثّلاث حتّى الأربع سنوات ما يلي:

– اللّعب: يكون الطّفل في هذه المرحلة مولعًا باللّعب، فنجده يقضي السّاعات في البناء والهدم واللّعب الإيهامي، بالإضافة إلى ممارسة الألعاب الّتي تسهم في تطوير قدراته الجسمانيّة من جري وقفز ورمي وتأرجح. وهو يستمتع باللّعب بالماء والطّين والعجين، ويستخدم الخيال والتّمثيل في كلّ ما يقوم به من أعمال.

– تكوين الصّداقات: في سنّ الثّالثة نجد معظم الأطفال قد تمكّنوا من تكوين صداقات. وهي قدرة توفير الكثير من الدّعم والإشباع النّفسيّ للطّفل، وتقدّم له فرصًا للتعرّف إلى مشاعر وحاجات الآخرين. ومن خلال هذه الصّداقات المبكّرة يتطوّر الطّفل اجتماعيّـًا وانفعاليّـًا، فيتعلّم كيف يساعد الآخرين وكيف يضبط ذاته ويتحكّم في انفعالاته ويحترم حقوق الآخرين.

التطوّر العاطفيّ – الانفعاليّ: من أهمّ ما يميّز الطّفل في سنّ الثّالثة هو العنف وشدّة التأثّر وعدم الاستقرار.

ما يميّز الطّفل في مرحلة ثلاث وأربع سنوات هو أنّه يتطوّر عقليّـًا، ليس فقط من ناحية القدرة على الإدراك والتذكّر، ولكن أيضًا من ناحية القدرة على التّفكير والوصول إلى أحكامٍ وقرارات. وهذه القدرة على التّفكير تتطوّر وتنمو عبر مراحل، تبعًا لما توفّره البيئة الماديّة والاجتماعيّة من فرص وخبرات وإثارات مناسبة، من خلال استخدام الطّفل لجسمه وحواسّه.

يتميّز ذكاء الطّفل في سنّ ثلاث حتّى أربع سنوات بالقدرة على تنظيم وربط المعلومات الجديدة بالمعلومات السّابقة، وتسهل عمليّة التّعلّم لدى الطّفل، توفير الفرص المناسبة له كي يستخدم حواسه ليدرك العلاقات بين الأشياء، وينظّمها ويربطها بما لديه من خبرات سابقة.

عند دخول الطّفل إلى صفّ البستان، يوسّع الطّفل آفاقه ومعلوماته حول بيئته والعالم من حوله. تصبح اللّغة لديه غنيّة وواسعة؛ ولكن أهمّ ما في الأمر هو اكتشاف ومعرفة أنّ للكلمة أكثر من معنى.

أمّا على الصّعيد الجسديّ فإنّ النّمو يبدأ بالتّباطؤ، لكن الجسم يزداد قوّة. ويظهر عند الأطفال حبّ اللّعب مع أبناء جيلهم بشكل تعاونيّ.

أطفال السّنوات الخمس والسّت اجتماعيّون جدًا. فهم يمتزجون داخل الإطار التّربويّ مع أطفال من خلفيّات مختلفة. أبناء السّنوات الخمس يبدأون بالتّعبير عن مشاعرهم بأساليب مقبولة اجتماعيّـًا.

يرغب الأطفال في هذا العمر تعلّم الانتظار في الدّور ومشاركة الآخرين وتقبّل الخسارة في اللّعب، على الرّغم من رغبتهم في الرّبح.

سأطرح عليكم بعض النّشاطات لتنمية قدرات طفلكم في عمر الثّالثة حتّى الرّابعة:

– تمكينه من القيام بحركات جسديّة حرّة: التّمرجح، اللّعب المرتفع والمنخفض، الزّحليقة، ركوب الدّراجة الهوائيّة، إلخ..

– تمكينه من السّير بخط مستقيم (كعب القدم بالقرب من الإصبع).

– قراءة قصص ذوات فحوى مألوف له، بتفاصيل أكثر من السّابق وأن تكون القصص مسلّية، وتمكينه من إكمال القصّة لوحده.

– تشجيعه على الكلام والتّعبير عن ذاته وعن رغباته، والإصغاء إلى تفسيراته وقصصه. تشجيعه على التحدّث عن نفسه: "أنا بفكّر"؛ "أنا بقول"؛ "أنا بدّي".

– تشجيعه على الاستقلاليّة والمساعدة في البيت، ومنها المساعدة في إعداد مائدة الطّعام، وتشجيعه على الأكل بدون مساعدة وتمكينه من ذلك بإعطائه المأكولات الّتي يحبّها.

سأطرح بعض النّشاطات الّتي تساعد في تنمية قدرات ابنكم في عمر الخامسة والسّادسة:

– تشجيعه على ركوب عجلة بدولابين من دون مساعدة. توفير اللّعب بالسّاحة وبألعاب تعتمد على الحركة والتّوازن.

– توفير وقت كافٍ لاختيار ملابسه، وتشجيعه على القيام باللّبس لوحده.

– تشجيعه على الانخراط بنشاطات رياضيّة مع التّركيز على أهميّة النّشاط، بغضّ النّظر عن النّتيجة.

– توفير فرص وإمكانيّات للتّجارب العلميّة حول مفهوم الكميّة والوزن، ومزج الألوان بأسلوب يمنحه فرصة التوصّل إلى استنتاجات علميّة من خلال الخطأ.

– تشجيعه على القراءة باستمرار وتوفير الكتب المميّزة بالواقعيّة، تشجيعه على الكلام من دون تصحيحه.. من المهمّ التحدّث معه بلغة سليمة، وعدم ترديد أخطائه.

(مرافقة ومرشدة ومستشارة تطوّر نموّ الطّفل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *