كميل ساري
تُعتبر يانوح – جث في أيّامنا هذه مجلسًا إقليميّـًا واحدًا (منذ العام 1990)، خلافًا لما كان عليه الحال في العصور القديمة؛ إذ كانت في الموقع قريتان مُنفصلتان، حيث أشارت الأبحاث الأثريّة إلى أنّ بداية الاستيطان فيهما يعود إلى الفترات الكنعانيّة القديمة.
يانوح
ليس واضحًا لنا مصدر الاسم، ولكن من بين الأثريّين مَن اقترح أنّ مصدر الاسم كنعانيّ "ينوعم"، ذُكر في كتابات مصريّة خلال الفترة الكنعانيّة الأخيرة (1550–1200 ق.م.)، إلّا أنّ قسمًا آخر من الباحثين رفض هذا الاقتراح، لعدم الرّبط بين كلمة "يانوح" وكلمة "ينوعم" من حيث الشّكل والأحرف.
ذُكرت يانوح لأوّل مرّة تحت هذا الاسم، في التّوراة في سفر "الملوك"، حيث ذُكرت على أنّها واحدة من المدن الّتي احتلّها الملك الآشوريّ تغلت فلاسر الثّالث (ملك آشور بين 745–727 ق.م.): "في أيّام فتح ملك إسرائيل جاء تغلت فلاسر ملك آشور، أخذ عيون وآبل بيت معكة ويانوح وقادش وحاصور وجلعاد والجليل وكلّ أرض نفتالي وسباهم إلى آشور" (الملوك الثاني 15: أصحاح 29).
يجدر الذّكر أنّ هذا هو المصدر الوحيد الّذي يذكر يانوح في العصور القديمة. لاحقًا، ذُكر الرّحالة ﭬكتور چيرن يانوح (القرن التّاسع عشر)، الّذي زار المكان ووصفها على أنّها "تقع هذه القرية الدّرزيّة على تلّة ترتفع 549 مترًا عن سطح البحر. يتوسّطها حوض كبير منحوت في الصّخر، تُقسم القرية إلى جزئين. القرية مليئة بآبار المياه المنحوتة في الصّخر، أيضًا. في أنحاء القرية مُبعثرة حجارة بناء قديمة تُشير إلى آثار استيطان قديم كان متواجدًا في الموقع، الّذي حفظ اسم هذه القرية الحاليّة "يانوح". ذُكرت هذه القرية في التّوراة وعلى الرّغم من أنّ الوصف في التّوراة يُشير إلى وجود يانوح إلى الشّمال، وليس في هذا الموقع تمامًا، إلّا أنّه من الواضح أنّ يانوح الحاليّة مبنيّة على أنقاض مدينة أثريّة، حملت في الماضي الاسم ذاته".
جث
ذُكرت جث في مصادر تاريخيّة قليلة جدًا، إلّا أنّها تُشير إلى أنّ جث الحاليّة حافظت على الاسم التّاريخيّ للموقع. ذُكرت جث لأوّل مرّة عند الملك المصريّ تحوتمس الثّالث ضمن القرى الّتي احتلّها (خلال منتصف القرن التّاسع عشر ق.م.). كما نجد أنّ اسم القرية منحوت على لوحة تابعة للملك رعمسيس الثّاني (القرن الثّالث عشر ق.م.). أمّا النّصوص من الفترة الصّليبيّة، فتُذكر جث خلال القرن الثّاني عشر والثّالث عشر تحت اسم "Jeth"، "Jesce"، "Gez"، الّتي كانت تابعة إلى حاكم المنطقة، الّذي كان مركَزه القلعة في معليا؛ ولاحقًا كانت تابعة إلى حركة "فرسان تيوتون".
كما وصف القرية الرّحّالة ﭬكتور چيرن (القرن التّاسع عشر) خلال زيارته للموقع؛ وقد ذكر أنّ القرية مبنيّة على أنقاض قرية أثريّة حملت في الماضي الاسم ذاته، تبقّى منها حتّى أيّامنا القليل من الآبار والبعض من حجارة البناء الّتي تشير إلى وجود قرية قديمة كانت في الموقع خلال عصور مضت.
الحفريّات الأثريّة
الحفريّات الأثريّة الّتي جرت في جث قليلة جدًا؛ في عام 1965، تمّ الكشف عن آثار قبر منحوت في الصّخر خلال شقّ طريق إلى القرية. وقد تمّ تحديد تاريخ القبر وفقًا لأدوات الزّجاج والفخار الّتي عُثر عليها خلال الحفريّات، إلى القرن الرّابع والخامس ق.م.
عام 1966 وخلال شقّ الطّريق الواصل ما بين "عميقا" (بالقرب من الشّيخ دانون) وجث، تمّ العثور على مقربة من مدخل القرية على بعض القبور المنحوتة في الصّخر، حوَت مكتشفات فينيقيّة، يعود تاريخها إلى القرن العاشر ق.م.، أي تعود إلى العصر الحديديّ.
وعُثر على مجموعة أخرى من القبور عام 1993 خلال أعمال بناء، تم تحديد تاريخها إلى الفترة البيزنطيّة.
في عام 2005 جرت حفريّات في مركَز القرية بالقرب من بيت الشّعب، والّتي تعتبر منطقة التّل الأثريّ "جث". كشفت الحفريّات عن بقايا استيطان يعود إلى فترات زمنيّة متعدّدة. في المرحلة الأولى من الاستيطان، تمّ العثور على بئر منحوتة في الصّخر إلى جانبها أدوات فخّار تعود إلى الفترة الكنعانيّة الأولى (قُرابة عام 3500 ق.م.). أمّا من الفترة الرومانيّة والبيزنطيّة، فقد تمّ الكشف عن جدران مبنيّة من الحجر الكلسيّ، لم يكن من الممكن تحديد ماهيّة المبنى، ذلك لكون الحفريّات في منطقة صغيرة ومحدودة.
أمّا الحفريّات من العام 2007 فقد كشفت عن بقايا استيطان من الفترات الكنعانيّة الوسطى (2000 – 1550 ق.م.)، والعصر الحديدي (القرن العاشر ق.م.).
الصّور المرفقة:
جدران من الفترة الرومانيّة، عُثر عليها عام 2005.
أرضيّة من الحجارة، تعود إلى الفترة الكنعانيّة، عُثر عليها عام 2007.
جدار من الفترة الكنعانيّة (حفريّات عام 2000).
رسم توضيحيّ للقبور الفينيقيّة، عُثر عليها على مقربة من مدخل القرية.
الصّور المرفقة (بلطف عن سلطة الآثار)
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/82027943220150209032915"]