اضراب المدارس الأهلية وبطولات عنتر

مراسل حيفا نت | 02/09/2015

جوزيف خوري

ما مِن أحد ينكر دور المدارس الأهليّة وما قدّمته من خِدمات لطلّابنا ولثقافة شعبنا العربيّ قرابة قرنٍ كامل، فلهم منّا جميعًا جزيل الشّكر؛ وعرفانًا منّا بما قدّموه، نقف اليوم معهم في خندق واحد لندافع معًا عن حقوقنا كشعب يضع نصب عينيه موضوع التّعليم والثّقافة كهدف أوّل.

ولا بدّ من وضع النّقاط على الحروف وإيضاح بعض الأمور الأساسيّة، من الواجب فهمها ومراعاتها في هذه الظّروف الّتي نمرّ بها، وهي:

قانون التّعليم الإلزاميّ المجانيّ الصّادر سنة 1949 وكيفيّة استغلاله. والحقّ يُقال إنّنا أسأنا وأهملنا فهمه ونحن جميعًا مسؤولون عن ذلك، وبصريح العبارة أنّه في نهجنا هذا نوفّر على وزارة المعارف ملايين الشّواقل سنويّـًا، ونعفيها من واجباتها والتزاماتها نحونا. ومن هنا نستخلص ونستنتج أنّه ليس الأمر بغريب، فهناك من يُجني ثمار هذا الأسلوب، موفّرًا على نفسه تكاليف عديدة، نخصّ بالذّكر منها بناء مدارس وتجهيزها، إعداد طواقم عمل بكاملها، والهروب من المسؤوليّة وإلقائها على كاهل الأهل الّذين يعانون مشاكلَ اقتصاديّة واجتماعيّة، وغيرها.

ولا يخفى على أحد أنّ السّياسة العامّة تتطلّب إضعاف المدارس الرّسميّة لينتقل الجميع إلى المدارس الأهليّة. ولا يخفى على أحد، أيضًا، أنّ مناهج التّعليم في الحالتين نفسها، وكفاءات المعلّمين والإدارة متساوية تقريبًا، عدا بعض الفروقات الّتي لن ندخل فيها. وإذا كان الأمر كذلك فلمّا لا نعمل على تحقيق قانون التّعليم الإلزاميّ، أسوةً بمدارس اليهود المتديّنين الّذين يحصلون على كلّ المساعدات الحكوميّة، من دون أن يتحمّلوا العبء الماليّ الّذي نشكو منه.

وهنا لا بدّ من أن نسأل أنفسنا عن هذه الظّاهرة الموجودة في مدينتي حيفا والنّاصرة بشكل مكثّف، حيث تستوعب المدارس الأهليّة حوالي 75% من أبنائنا.

لا بدّ من العودة إلى الماضي في حيفا، عندما قامت مجموعة من خيرة هذا الشّعب، ويشرّفني أنّي كنت واحدًا منها، متوجّهةً إلى بلديّة حيفا ووزارة المعارف، مطالبين بحقّنا في التّعليم الإلزاميّ المجانيّ.. وبعد نضال مرير استمرّ نحو عامين، خضعت وزارة المعارف وبلديّة حيفا لكافّة الضّغوطات ودفعت تكاليف الأقساط الشّهريّة بكاملها عن أبنائنا، وأبقتهم في مدارسهم الأهليّة، حتّى نجحنا في فتح مدرسة حيفا (هـ)/"الكرمة"، وتمّ نقل أبنائنا إليها.

إنّها المدرسة الّتي حظيت بسمعة حسنة ومستوى رفيع ونتائج مشرّفة؛ واليوم ونحن في أمسّ الحاجة إلى تحسين أوضاعنا التّعليميّة في مدارسنا الحكوميّة والأهليّة والّتي تعاني من شحّ الإمكانيّات وبرامج تعليميّة أكل عليها الدّهر وشرب..! أليس من واجبنا أن نتّبع نفس النّهج الّذي سبق؟ وماذا لو استمرّ الإضراب، فهل سيتمّ بناء مدرسة بين ليلة وضحاها؟! وهل ستسمح السّلطات أن يبقى الآلاف من أولادنا في الشّوارع؟!

إنّ هذا الموقف يذكّرني بمقولة عن عنتر عندما سألوه عن سرّ بطولته، فقال: أعطيك إصبعي لتعضّ عليه وأعطيني إصبعِك لأعضّ عليه، فمَن يصرخ أوّلًاَ هو الخاسر! وهنا إذا كان موقف المدارس الأهليّة صارمًا وحازمًا فالنّصر حليفنا.

(جمعيّة تطوير التّعليم والثّقافة العربيّين في حيفا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *