السّلطة الفلسطينيّة رفضت المشاركة في مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا في برلين

مراسل حيفا نت | 21/06/2015

السّلطة الفلسطينيّة رفضت المشاركة في مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا في برلين

* وفود من 27 دولة عربيّة وأجنبيّة شاركت في المؤتمر * المطلوب تغيير قيادة السّلطة الفلسطينيّة(!) * المعتقلون في سجون السّلطة من أبناء فتح المناهضين لسياسة عبّاس أكثر من عدد المعتقلين من الفصائل الأخرى *

حـاوره: أحمـد حـازم – برلين

يعتبر الدّكتور أحمد محيسن من الشّخصيّات السّياسيّة والاجتماعيّة المعروفة في المجتمع البرلينيّ العربيّ بشكل عامّ، والفلسطينيّ بشكل خاصّ. وقد تمّ انتخاب الدّكتور محيسن رئيسًا للجالية الفلسطينيّة في برلين، لسبب نشاطه الكبير للقضيّة الفلسطينيّة في المجتمع الألمانيّ، وعلاقاته الوطيدة مع شخصيّات سياسيّة ألمانيّة تدعم الحقّ الفلسطينيّ. ولذلك تمّ اختيار الدّكتور محيسن نائبًا لرئيس اتّحاد الجاليات الفلسطينيّة في أوروبّا. وقد برزت نشاطاته بشكل ملحوظ في المؤتمرات الأخيرة، والّتي جرت في أوروبّا حول حقّ العودة، الّذي هو مطلب كلّ فلسطينيّ.

موفد صحيفة "حيفا" وموقع "حيفا نِت" إلى أوروبّا، التقى الدّكتور محيسن في برلين وأجرى معه الحوار التّالي:

– هل تعطينا لمحةً عن مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا؟

مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا الأوّل انعقد في العاصمة البريطانيّة لندن عام 2003، وتتابعت بعده المؤتمرات في عدد من الدّول الأوروبيّة، مثل النّمسا وألمانيا وإيطاليا والدانمارك والسّويد وهولندا، ويعتبر أكبر تظاهرة لفلسطينيّي الشّتات على مستوى القارّة الأوروبيّة والعالم، ويحضره الآلاف من فلسطينيّي أوروبّا. وقد انعقد المؤتمر الثّالث عشر في العاصمة الألمانيّة برلين بالتّعاون مع مركَز "العودة" الفلسطينيّ والتجمّع الفلسطينيّ في ألمانيا، وبالتّعاون مع المؤسّسات الفلسطينيّة والعربيّة العاملة هناك وعموم أوروبّا.

– ما الّذي تميّز به مؤتمر برلين عن غيره من مؤتمرات فلسطينيّي أوروبّا؟

بداية أستطيع القول إنّ مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا الّذي انعقد مؤخّرًا في برلين للمرّة الرّابعة، كان متميّزًا، إن كان ذلك من ناحية التّحضير أو الضّيوف أو من ناحية اللّجان، الّتي كانت نشطة بشكل لا مثيل له لإنجاح هذا العرس الفلسطينيّ، وكان متميّزًا أيضًا بعدد الضّيوف، وتقديرات الشّرطة الألمانيّة قالت إنّ المؤتمر شارك فيه أكثر من 15 ألف شخص. هذا المؤتمر تمّ الهجوم عليه من الصّحافة الألمانيّة الموجّهة من اللّوبي الصّهيونيّ في ألمانيا، ولم يتعرّض أي مؤتمر للأقليّات في ألمانيا للهجوم بهذا الشّكل الّذي تعرّض له مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا الثّالت عشر في برلين.

– مَن الّذي شارك في المؤتمر؟

شاركت في المؤتمر 27 دولة عربيّة وأجنبيّة، وللأسف باستثناء دولة فلسطين، لأنّ السّفيرة لم تحضر أبدًا رغم أنّها أكّدت حضورها للمشاركة. من المدعوّين كان وزير العدل المغربيّ وألقى كلمة وكان هناك عضو من مجلس اللّوردات البريطانيّين وأعضاء من برلمانات أخرى، إضافة إلى سياسيّين آخرين. الدّولة الفلسطينيّة ومن خلال سفارتها في برلين كانت مدعوّة للمشاركة في المؤتمر. وقد تمّ التوجّه إلى السّفيرة الفلسطينيّة د. خلود دعيبس  لوضعها في صورة التّحضيرات، وصورة أجواء المؤتمر والمدعوّين وما سيتمّ تناوله، وكان عُنوانه حقيقة مؤتمر فلسطينيّي أوروبّا والمشروع الوطنيّ الفلسطينيّ.

– ما المبرّر لعدم مشاركة السّفيرة في المؤتمر؟

غياب السّفيرة لم يكن مبرّرًا ولم تقبله الجماهير. ويقال في الشّارع الفلسطينيّ إنّ السّفيرة الفلسطينيّة لم تستلم موافقة وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة على المشاركة في المؤتمر. صحيح أنّنا لا نجزم أنّ السّلطة الفلسطينيّة منعتها من المشاركة، لكن لا يوجد أيّ تفسير آخر لعدم المشاركة، خصوصًا أنّها أكّدت قبل ذلك على مشاركتها في المؤتمر.

– ألا تعتقد بأنّ عدم مشاركة السّفيرة يلتقي عمليّـًا مع الّذين هاجموا المؤتمر؟

نعم هناك تفسير بهذا الاتّجاه، وهناك ساسة ألمان مثل السّياسيّة الألمانيّة ألكسندرا تاين (رئيسة كتلة حزب "الأحرار" في البرلمان الألمانيّ)، صعدت إلى المنصّة وقالت إنّها مصدومة لغياب السّفيرة الفلسطينيّة، ولأنّها خضعت للضغوطات الّتي مورست عليها. وتصوّر أنّ هذه السّياسيّة الألمانيّة قالت إنّها صُدمت لعدم مشاركة السّفيرة الفلسطينيّة، فما بالك نحن الفلسطينيّون فماذا نقول. كنّا في الحقيقة ننتظر مشاركتها من أجل تكريس الوحدة الفلسطينيّة وتوجيه رسالة وحدويّة إلى أبناء شعبنا.

 

– هل تلقيتم رسالة تأييد رسميّة من السّلطة الفلسطينيّة؟

لم نتلقّ أيّ رسالة تأييد من القيادة الفلسطينيّة في رام الله،  ولم يتّصل بنا أحد وكأنّ المؤتمر لا علاقة له بالقضيّة الفلسطينيّة.

– لماذا هذا الموقف برأيك؟

هذا الموقف الفلسطينيّ الرّسميّ، لم يكن الموقف الوحيد الّذي أبدت فيه السّلطة الفلسطينيّة تقصيرًا واضحًا تجاه أبناء شعبها وتجاه قضاياه. السّلطة الفلسطينيّة عندها الكثير جدًا من الأخطاء والتّقصير، ونحن ندعو إلى التخلّص من هذه القيادة الفلسطينيّة ومن أعبائها، الّتي أصبحت عبئًا على الشّعب الفلسطينيّ وأصبحت تكبل إرادته، وأصبحت تفرز أمورًا تعيق نضال الشّعب الفلسطينيّ، والسّلطة الفلسطينيّة لا تسأل عن مؤسّسات أبنائها لا في الدّاخل ولا في الخارج. السّلطة الفلسطينيّة تعتقد بأنّ الشّعب الفلسطينيّ هو فقط الموجود في رام الله.

– ألم توجّهوا رسالة احتجاج للسّلطة الفلسطينيّة حول هذا الموضوع؟

نحن لا نريد أن ننزل إلى هذا المستوى، وهل السّلطة تقوم بواجبها بشكل عامّ وفي هذه المرّة تجاهلت هذا الحدث؟ وعدم مشاركتها في هذا الحدث ليس التّقصير الوحيد الّذي يدعو إلى الاحتجاج فهناك الكثير من الأمور المهمّة جدًا الّتي أظهرت فيها السّلطة تقصيرًا مُعيبًا. ورغم ذلك تجد هناك بعض الأقلام الّتي تهبّ للدّفاع عن السّلطة وممارساتها لكن الشّمس لا تُغطّى بالغربال.

– الخلاف الفلسطينيّ – الفلسطينيّ لم يتوقّف فقط على "فتح" و"حماس"، فهناك خلافات داخل حركة "فتح" نفسها، وهذا الأمر انعكس على الفلسطينيّين في الخارج ولا سيّما في ألمانيا، فهل نتطوّر من خلاف إلى خلاف؟

أرسلنا مبادرة لرأب الصّدع الفلسطينيّ ولتوحيد جناحيّ الوطن سياسيّـًا وجغرافيّـًا، وقد وقّع على هذه المبادرة غالبيّة قيادات الشّعب الفلسطينيّ في الخارج، لكن هذه المبادرة لم تلقَ آذانًا صاغية، الإنقسام الفلسطينيّ ليس بجديد، وأنا أذكر بالانشقاقات بين المنظّمات الفلسطينيّة والانشاق داخل حركة "فتح" في الثّمانينات، وأقول لك صراحة أنّنا لم نعش في حياتنا الوحدة الفصائليّة، لكن كنّا نتجاوز هذه الانقسامات. نعم الانقسامات انعكست على الفلسطينيّين في أوروبّا والعالم، لكن من المُعيب استمرار هذه الانقسامات وعدم مدّ اليد للوحدة، وقد شهدنا ثلاثة حروب على قطاع غزّة وكأنّ الشّعب الّذي يتمّ قتله في غزّة شعب من المرّيخ، إذ أنّ سلوكيّات أبو مازن وتصرّفاته تجاه هذه الحروب كانت مُعيبة. وفيما يتعلّق بالخلاف داخل حركة "فتح"، فالكلّ يعرف في فتح أنّ أبا مازن رفض عقد المؤتمر العام لحركة "فتح" خارج الضّفّة الغربيّة، وأصرّ على عقده داخل الاحتلال في بيت لحم، ضاربًا عرض الحائط بقرار أمين سرّ الحركة فاروق القدّومي بعدم عقده داخل الاحتلال. أنا أقول لك صراحةً إنّ قيادة السّلطة الفلسطينيّة الحاليّة هي المسؤولة عن كلّ خلاف فلسطينيّ.

– يعني المشكلة في قيادة السّلطة الفلسطينيّة فماذا تريد قيادة هذه السّلطة؟

نعم هذا صحيح. في الأساس كان من المفترض أن تكون السّلطة الفلسطينيّة دائرة من دوائر منظّمة التّحرير الفلسطينيّة، والكلّ يعترف بأنّ منظّمة التّحرير الفلسطينيّة أصبحت جزءًا صغيرًا من السّلطة الفلسطينيّة. منظّمة التّحرير الفلسطينيّة تمّ اغتصابها وتجميدها، وهي الآن ليست أكثر من اسم. ولا أحد يعرف من هم أعضاء اللّجنة التّنفيذيّة لمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة، وكم عدد الأعضاء الّذين تزيد أعمارهم عن سبعين سنة، وأين هي قراراتها. هم يريدون بمشروعهم الّذي تمخّض عن سلطة فلسطينيّة إلى شطب كلمة تحرير من كلّ المؤسّسات الفلسطينيّة، ولا أحد يدري أين ذاهبة قيادة السّلطة وما هي أجندتها.  وأبو مازن لا يرتقي إلى أكثر من رئيس بلديّة مهما أعطى نفسه من تسميات.

– ألا يوجد في رام الله وفي ظلّ هذه التطوّرات الّتي تحدّثت عنها من يقول لا لأبي مازن؟

هناك اعتقالات وهناك ملاحقات في رام الله، ويقولون إنّ هؤلاء ينتمون لـ"حماس"، لكن الحقيقة أنّ عدد المعتقلين من حركة "فتح" في سجون السّلطة أكثر من عدد المنتمين لباقي الفصائل، لأنّهم غير موافقين على سياسة محمود عبّاس، ولأنّهم احتجّوا على هذه السّياسة؛ وأنا أقول لك صراحة إنّ الغالبيّة السّاحقة من أعضاء حركة "فتح"، لا يسمع صوتهم وهم كُثر، ويزداد عددهم يومًا بعد يوم، وهذا هو الواقع. وأبناء حركة "فتح" الملتزمين بالنّظام الأساسيّ لحركة "فتح" هم موجودين ومنتشرين في كلّ العالم.

– يُقال إنّ القياديّ الفلسطينيّ عزّام الأحمد كان في برلين وغادرها قبل ساعات من انعقاد المؤتمر، فما مدى صحّة ذلك؟

نعم هذا صحيح. عزّام الأحمد عضو لجنة مركزيّة لحركة "فتح"، وكان الأحرى به حضور المؤتمر والالتقاء بأبناء شعبه ويلقي كلمة في المؤتمر، لأنّه كان يعرف مسبّقًا أنّ المؤتمر سينطلق يوم سفره، وكان المفروض به كقائد فلسطينيّ أن يلغي سفره ويبقى مع أبناء شعبه في المؤتمر وستكون ذلك فرصة كبيرة بوجود مسؤول فلسطينيّ من القيادة الفلسطينيّة، ممّا يعني أنّ السّلطة الفلسطينيّة لا تريد لأيّ مؤسّسة فلسطينيّة فاعلة أن تتواجد على الأرض.

 

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/79380368020152106110449"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *