طفولة تستحقّ الحياة والسّلام

مراسل حيفا نت | 13/06/2015

يُصادف اليوم الجمُعة 12 حَزيران، اليوم العالميّ لمكافحة عمالة الأطفال واضطرارهم إلى العمل بشروط مُذلّة وغير إنسانيّة أو ضمن نظام الرّق الحديث. وهي مناسبة لنلتفت إلى أطفالنا وأطفال العالم قاطبة. فإذا نظرنا حولنا لرأينا الجور والظّلم الواقع على أطفال فلسطين وسورية واليمن والعراق ومصر، وغيرها من أقطار ومجتمعات. وهو ظُلم ليس لسبب اضطرار الأطفال للعمل، بل لسبب تهديد حياتهم وكونهم عُرضةً دائمة للموت في الصّراعات الّتي لا تنتهي.

من المعروف حسب إحصاءات الأمم المتّحدة أنّ حوالي 220 مليون طفل على مدار العالم مضطرّون للعمل بدلَ التعلّم وعيش طفولتهم. وفي شرقنا هنا، قريبون منّا، ملايين الأطفال الّذين لا يعيشون طفولتهم لسبب الحروب الإقليميّة والأهليّة. وهم يستصرخون ضمائرنا جميعًا أن نعمل ولو القليل لنخلّصهم من وَيلات الحروب وأخطار الموت. يكفي أن نشاهد صور الدّمار في حلب أو صنعاء لنعرف أنّ الأطفال كمجموعة مُستضعَفة هم أوّل من يقع ضحيّة أعمال العنف والحروب!

الأطفال في فلسطين أيضًا يصرخون "أعطونا الطّفولة وأعطونا السّلام!"، وعلينا أن نفعل ما يقرّبهم ويقرّبنا من الطّفولة الحقيقيّة ومن السّلام. في الأسبوع الماضي تحدّثنا عن غياب أطر صيفيّة لأطفالنا في حيفا. لكن ونحن نكتب عن هذا الأمر لا ننسى أنّ ملايين الأطفال بدون منزل ومسكَن لسبب من الحروب وأنّ ضالّتهم المنشودة لقمة تسدّ الرّمق أو رداء. ولا ننسى أبدًا حاجة أجيال من الأطفال الفلسطينيّين إلى مدرسة آمنة وإلى أن يذهبوا إلى المدرسة ويعودوا سالمين!

هي الطّفولة مُهدّدة وهو عارٍ على الإنسانيّة وعلى قادتها. طفولة تستصرخ ضمائرنا ونخوتنا أن نفعل شيئًا ما لإنقاذها ـ طفولة تريد أن تنعم بحقوقها وأوّلها حقّها في الحياة الآمنة!

 

حين تصير الوَفرة بذخًا

بعلاقة أو بدون علاقة بالفقرة السّابقة، نُشير بألمٍ إلى ما نشاهده من مظاهر بذخ وتبذير وإهدار لأطنان من المأكولات والمشروبات على استعراض غنى أو فرح. فها نحن دخلنا موسم أفراح الصّيف ونقترب سريعًا من الشّهر الكريم، رمضان، وهما مناسبتان تشهدان فرحًا واحتفاءً وكرمًا سرعان ما يتحوّل إلى استعراض الوَفرة والغنى والجّاه.

أطنان على أطنان من المأكل والمشرب تُرمى في أعقاب كلّ احتفال. والمحتفون بشهر رمضان قد ينزلقون إلى تكديس الأطباق والمأكولات كأنّهم لم يكونوا قد عرفوها من قبل. ونعرف أنّه في ختام كلّ فرح أو وليمة يُرمى الفائض وبكميّات كبيرة في مكبّات النّفايات!

نقول هذا وفي الجوار ألف محتاج وألف جائع، خاصّة من الأطفال المشرّدين والمحرومين من ملذّات كثيرة متوافرة عند غيرهم، ناهيك ونحن ندخل شهر رمضان، وبعد أسابيع يقترب العيد وهناك الآلاف المحتاجين يتوقون إلى كسوة عيد لأطفالهم، وهم متواجدون بكثرة بين ظهرانينا وفي مواقع أخرى.

أطفال وشيوخ ونساء ومسنّون وعائلات بكاملها تركض وراء كسرات خبز أو شربة ماء. أمّا نحن هنا، فنبدّل ونغيّر الصّحون في قاعات الأفراح عشر مرّات في السّاعة، وإن لم نأكل منها لقمةً واحدة! هذه المفارقة بين وفرة عارمة وبين نقص شديد في نواحٍ أخرى من حياتنا، يجعلنا نفكّر بإمكانيّة أن نفعل شيئًا لإصلاح هذا الخلل الشّديد في موارد المجتمع وأولويّاته.

قد يكون من المناسب أن يهتمّ المجتمع بالتّنسيق والرّبط بين فائض الطّعام وبين النّقص في المأكل والمشرب لدى عائلات ضاق عليها الوقت والعيش. وأمكننا نحن كجمعيّة أن نكون هذا الرّابط وهذه الجهة الّتي تأخذ الفائض وتوزّعه بهدوء وسريّة على مَن يحتاج إليه. ربما نحن بحاجة إلى تنظيم أنفسنا من جديد للقيام بهذه المهمّة لكنّني أشير إلى عادات قرويّة توزّع فيها فائض مأكولات الأعراس على الجيران والحاضرين! وأمكننا أن نستحدث أدوات جديدة لإحداث نوع من التّوازنات بين الفائض من المأكولات وبين الحاجة له في بعض المواقع.

سنكون مجتمعًا أكثر تحضّرًا وتكافلًا لو استطعنا أن نفعل ذلك، أن نقلّص التّبذير والاستعراض وإهدار الطّعام وأن نحوّل الفائض أو بعضه إلى مَن يحتاجه. وأقترح أن نجرّب القيام بذلك ابتداءً من هذا الموسم ولو بشكل جزئيّ. قد يرى البعض في ذلك فرضًا دينيّـًا، لكنّي أفضّل أن أراه فعلًا اجتماعيّـًا من الدّرجة الأولى، وتضامنًا مع الّذين قصرت أيديهم وأصابهم الحرمان في مأكلهم ومشربهم.

لا بدّ من مُتابعة..

شهدنا في حيفا، الأسبوع الماضي، نشاطًا محمودًا فيما يتّصل بحاجة حيّ عبّاس لتطوير البُنية التّحتيّة والمرافق، وكذلك بما يخصّ مقبرة القسّام حيث دُفن الشّيخ عزّ الدّين القسّام. خرج النّاشطون إلى الشّارع للتّظاهر والمطالبة بالحقوق. وقد سبقت ذلك قبل أسبوعين تظاهرة المدارس الأهليّة من أجل الحصول على ميزانيّات تستحقّها من الدّولة. في هذه الحالات قام الفاعلون بالخُطوة الأولى، وهي الاحتجاج ورفع الصّوت بالمطالب وضدّ التّمييز. والسّؤال: ما هي الخُطوة التّالية في مثل هذه الحالات؟نسأل ونعرف حسب ما وصلنا من معلومات أنّ قيادة القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة قد قابلت الجهات الحكوميّة بخصوص مقبرة القسّام والمدارس الأهليّة. وعلمنا، أيضًا، أنّهم حصلوا على تأكيدات حكوميّة بقرب إيجاد حلول مناسبة ترضي المجتمع العربيّ. هذا مبشّر بالخير ومشجّع لجهة ما نعتقده بضرورة حمل النّضالات إلى آخرها. إلى أن تأتي بثمرة للمعنيّين.من هنا اقتراحاتنا أن تظلّ القوى المعنيّة بقضيّة ما يَقظة ومُتابعة للموضوع الّذي تهتمّ به، كان ذلك مقابل الهيئة المسؤولة ـ وزارة أو بلدة ـ أو مقابل ممثّلي الجمهور والقيادات المحليّة والقُطريّة. ولا بدّ من تكامل الحلقات بين أصحاب الشّأن أو القضيّة وبين القيادات التّمثيليّة. هناك ضرورة لتعزيز التّعاون والحوار بين الحقل وبين القيادات. وفي هذا الإطار نتوقّع أن تتمّ متابعة قضايا حيّ عبّاس مقابل كلّ سلطات البلديّة بكلّ هيئاتها.

إنّ المتابعة والمثابرة هما ضمانة أن تصل النّضالات إلى نتائج ملموسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *