طلعة العذراء سيدة الكرمل

مراسل حيفا نت | 20/04/2015

نايف خوري

تصوير: وائل عوض

طلعة العذراء سيّدة الكرمل، أو كما يسمّيها المحليّون في الأرض المقدّسة دورة العذراء، هي تقليد شعبيّ اكتسب روحانيّة خاصّة لمريم سيّدة الكرمل. هذا التّقليد الّذي يعود إلى الحرب العالميّة الأولى عام 1914، لأنّ الأتراك طلبوا من رهبان دير "ستّيلا مارس" على جبل الكرمل، إخلاء الدّير نهائيًا خلال ثلاث ساعات بسبب غارات جويّة ستتعرّض لها حيفا من قوّات الحلفاء، فاضطرّ الرّهبان لأخذ كلّ الأشياء الثّمينة، بقدر استطاعتهم، وحفظوا تمثال العذراء الّذي كان في الدّير، مع بيت القربان، وأنزلوه إلى كنيسة الرعيّة في ساحة باريس اليوم.ويعتبر الاحتفال بطلعة العذراء سيّدة الكرمل مناسبة سعيدة لمشاركة الألوف من سكّان حيفا والجليل وسائر أنحاء الأرض المقدّسة.. وقد شارك في المسيرة إضافةً إلى عدد كبير من المؤمنين، الحركات المريميّة، الأخويّات المختلفة، طلبة المدارس، العَلمانيّون، الرّهبان والرّاهبات، الكهنة والأساقفة وغبطة البطريرك، بتكريم مريم العذراء سيّدة الكرمل.هذا وقام عدد من المؤمنين بجرّ تمثال العذراء سيّدة الكرمل بالحبال على سيّارة بدون محرّك، وإلى جانبه عدد من الأطفال بثياب ملائكة، يسيرون على امتداد شوارع حيفا (عروس الكرمل)، حوالي اثنين ونصف كيلومتر، من البلدة التّحتى، صعودًا حتّى دير مار إلياس "ستيلا مارِس" على الجبل.الأب عبدو عبدو (راعي كنيسة مار يوسف للّاتين في حيفا): في آخر الحرب، عام 1919 وبالتّحديد 27.4.1919، وبعد إعادة فتح الدير في 19.3.1919 استطاعوا أن يعيّدوا تمثال العذراء، وذلك في أحد التّجديدات، إلى دير مار إلياس. وكان احتفال مُهيب، شعبيّ وبسيط، بدون تحضير كبير، ولكنّ الجميع شاركوا وعبّروا عن محبّتهم لمريم العذراء، الّتي كانت حامية للمِنطقة والمدينة. وبدأت من وقتها هذه المسيرة السّنويّة، كلّ سنة في الأحد الثّاني بعد القيامة نحتفل بطلعة العذراء.إنّه مهرجان كبير حيث تشترك السّرايا الكشفيّة من كلّ أنحاء البلاد، وتحتشد الجماهير المصطفّة على جوانب الطّرقات وعلى أسطح المنازل، ليشاهدوا طلعة العذراء كسيّدة الكرمل.البطريرك فؤاد طوال (البطريرك الأورشليميّ للّاتين): نأتي اليوم لنزور مريم العذراء.. حتمًا العذراء ترحّب بنا في بلدها في فلسطين كلّها، علّها تعطينا ما عندها، عندها سلام وعندها محبّة، عندها طاعة وتواضع. ونحن نعطيها هذا الجوّ التّعيس الّذي نعيشه في الشّرق الأوسط كلّه، فلم تعد هناك ثقة متبادلة، ولم تعد محبّة متبادلة. أوضاعنا مؤلمة جدًا. إن شاء الله بشفاعة مريم العذراء نصل إلى السّلام الّذي كلّنا نتوق إليه، ولكن لم نحصل عليه بعد الآن.وقد برزت على واجهة كنيسة مار يوسف للاتين اللّوحة الّتي تشير إلى القدّيستين العربيّتين الفلسطينيّتين: ماري ألفونسين وماري ليسوع المصلوب. وأضاف البطريرك طوال: نحن مقبلين أيضًا الشّهر القادم، على أجمل حفلة دينيّة وهي تقديس ابنتين اثنتين، راهبتين فلسطينيّتين عربيّتين من هذه البلاد، وهذه فيها درس للجميع أنّ بلادنا هي أيضًا بلاد قداسة وليست فقط بلاد عنف، يمكن أن تنتج أمثال هؤلاء الرّاهبات بنات بلادنا. نفتخر، وإن شاء الله أن يسير عدد كبير على مثالهنّ، بالتّواضع والخدمة والمحبّة والمسامحة وقبول الصّليب وقبول التّضحية.. فهذا ما أتمنّاه لي ولكم جميعًا.الإيكونيموس سهيل خوري (راعي كنيسة طرعان للملكيّين الكاثوليك والمرشد الرّوحي لحركة مريم الجليليّة: الصّحيح أنّ هذا التّقليد هو تقليد سنويّ مبارك، لذا يأتي النّاس ليكرّموا أمّنا العذراء مريم، حتّى نمشي وراءَها وتكون مَثَل للجميع، مثل للعذراء مريم في هذه المسيرة. كعائلة مريم برمّتها في الجليل كلّه تشارك في هذا النّهار المبارك، لأنّنا كلّنا أبناء العذراء، ومثل مَثلنا ومَثل شعارنا الّذي يقول "الأم بتلمّ". والعذراء تلمّنا جميعًا في هذا اليوم وفي كلّ يوم.فيوليت حداد: أحلى سنين حياتي إنّي أشارك في مسيرة طلعة العذراء، خاصّة تكريم العذراء الّتي نجّتني من حوادث كثيرة، وهي أمّنا الحنونة الّتي تحبّنا دائمًا وهي تحوطنا بحنانها ومحبّتها.حبيّة خوري: نحن نقول إنّ مريم العذراء هي أمّنا وأم الكنيسة وأمّ الجميع، نكرّمها ونتشفّع فيها ونربّي أولادنا على محبّتها، وعلى تكريمها، وأحفادنا أيضًا. نحبّ المشاركة بطلعة العذراء ونتمنّى للكلّ أن يتشفّعوا فيها، هي أمّ حنون أمّ كبيرة أمّ معطاء، هي تطلب منّا أن نصلّي فقط. ليت الجميع يصلّون ويسمعون منها.عماد دكور: هذا احتفال شعبيّ ودينيّ واجتماعيّ للمسيحيّين في الشّرق الأوسط، وبالذّات في حيفا، ليت يتمكّن كلّ مسيحيّي الشّرق الأوسط، من لبنان وسوريا وكلّ الفلسطينيّين في الشّتات الحضور ومشاركتنا هذه الفرحة، هذا العرس الّذي نقوم به هنا لإثبات وجودنا ولترسيخ جذورنا في الشّرق الحبيب.  أنا سعيد أن أكون معكم في حيفا لدورة الكرمل، وهي إكرام سيّدتنا مريم العذراء، لطيف أن نجد أكبر عدد من المؤمنين، إن كان من الجليل وإن كان من حيفا أو من كافّة البلدات والمدن.بالفعل عندما نفكّر بكلّ ما يحدث حولنا في الشّرق الأوسط وما توصّلنا إليه من عنف وثقافة قتل وإجرام، أصبح لدينا ارتداد ورجوع إلى البُعد الرّوحي الّذي نحن بأمسّ الحاجة إليه.

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/52302944720152004044030"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *