كافة الخطباء يجمعون على الدعوة الحارة للتآلف والتآخي والتعاضد للوقوف صفا واحدا امام التحديات التي تواجه مجتمعنا.
دعت جمعية التطوير الاجتماعي في حيفا إلى لقاء احتفالي بمناسبة حلول الأعياد السعيدة والميلاد المجيد، والذي أصبح نشاطا تقليديا للجمعية، تنظمه في كل عام. وشارك فيه شخصيات دينية، سياسية، تربوية، اجتماعية وثقافية، والتي تمثل أطياف مجتمعنا العربي في حيفا. وانطلاقا من رؤية جمعية التطوير الاجتماعي ورسالتها بأننا مجتمع عربي فلسطيني واحد.
افتتح اللقاء بإدارة كل من العريفين، المحامية جمانة اغبارية- همام، مركزة دائرة التوعية والمرافعة الحقوقية في جمعية التطوير الاجتماعي، والسيد ايلي بدران، مركز دائرة الإعلام في الجمعية. وتألف برنامج هذا اللقاء من فقرات فنية قدمتها فرقة موسيقية من طلاب مدرسة حوار الرسمية وزجل شعبي قدمه الفنان عصام عمر وولده، وعزف على الإيقاع قدمه الفنان أسعد أبو حاطوم.
وألقى الأستاذ حسين اغبارية، مدير الجمعية كلمة ترحيبية باسم جمعية التطوير إدارة وطاقما، مهنئا الجميع بالأعياد، وتطرق في حديثة عن ثلاث دوائر من التحديات التي يواجهها مجتمعنا. ونوه إلى أن الجمعية تسعى وستبقى هكذا نحو وحدة الكلمة والعمل المشترك الذي يعزز العلاقات في المجتمع، وقوفا أمام موجات التكفير الديني التي تضرب بالمنطقة، ومجتمعنا الفلسطيني في حيفا أقوى من كل هذه الموجات الهدامة. وتلاه الدكتور جوني منصور رئيس الهيئة الادارية للجمعية مرحبا بالحضور ومشددا على أهمية العمل الذي تقوم به الجمعية منذ عقود كثيرة لدعم وتعزيز مكانة المجتمع العربي في المدينة، وأشاد بالوحدة المجتمعية التي تجمع كافة أطياف المجتمع على مختلف مشاربهم الدينية والسياسية، ونوه إلى ضرورة الوقوف في وجه التيارات المتشددة والمتزمتة التي ترفض الآخر ولا تقبله لمجرد أنه آخر. ثم تحدث ناشطون من أبناء المدينة ومؤازرين للجمعية. وفي مقدمتهم الشيخ رشاد أبو الهيجا الذي رحب بمثل هذه اللقاءات التي تجمع القلوب وتوحد الجميع في سبيل العيش المشترك. وتحدث عن ضرورة التعاون المجتمعي، ونبذ كل أنواع العنف في مجتمعنا وكل أنواعه ومسمياته، فالشعب العربي على مر التاريخ واجه الكثير من الصعوبات والتحديات واستطاع أن يبقى متوحدا في كل فئاته وسنبقى كذالك، ولن نعطي المجال للدعوات التي تدعو لتفريق المجتمع، وباعتماده على الآية الكريمة من القران الكريم: "ولا تجادلوا هل الكتاب إلا بالتي هي أحسن"، أكد على أهمية الحوار البناء، الحضاري والمبني على الاحترام المتبادل.
تلاه قدس الإيكونموس ديمتريوس سمرا راعي الكنيسة الأرثوذكسية في حيفا، وأشار إلى رجل الدين الذي يرشد ويعظ المجتمع يجب أن يكون قدوة في أعمال الخير والصلاح للمجتمع اعتمادا على التعاليم الدينية، والكتب المقدسة.
وتحدث الأستاذ حنا أبو حنا مشيرا إلى الآية "وقل اعملوا"، ومؤكدا على أنه لا يكفي أن يكون لك موقف هنا وهناك، إنما يجب أن تعمل من أجل هذا الموقف، وفي ظروفنا الحالية، هناك ظرف خطر، وهو انتقال العدوى إلينا من البلاد المحيطة بنا، وخاصة في الهجوم على أساس ديني، ومنه إلى طائفي في داخل الديانة الواحدة، وأخشى أن يكون قد انتقل التمييز الديني إلى بعضنا، وبدأنا نسمع "هذا من جماعتنا". فإن هذه الجملة تشير إلى خطر كبير، ونحن عشنا وتربينا بان الدين لله والوطن للجميع، وكافة العلاقات بنيت على أساس شعب واحد، وتقوم دائما على العلاقة الأخوية المشتركة. وأضاف نحن عرب جميعنا قبل أن نكون ذوي عقائد دينية، كل واحد منا ورث دينه، ومع هذا ورث محبة إخوانه والعلاقة الطيبة معه. علينا أن نعمل هنا في مجتمعنا لننقيه من الشوائب التي تهدد بالانقسام، وتهدد بمجتمع قائم على الحقد والكراهية، لنكون قوة تقف أمام التقسيم وأمام الذين يدعون للخدمة للمسيحيين، وهذا التقسيم التي تقوم به فئات معادية هو ضربة قاسية لوحدتنا وكياننا.
ومن ضمن المتحدثين كان الأستاذ عزيز دعيم مدير مدرسة مار يوحنا الإنجيلي الذي قال إن منهجية ثقافة السلام، والتجربة التربوية التي تقوم بها المدرسة، هي مثال يحتذى. وشكر جمعية التطوير الاجتماعي على رعايتها لسلسلة اليوميات المتنامية التي تعتمد على ستة عناصر للسلام وهي: حقوق الإنسان، الصحة والسلامة، التربية البيئية، القائد الخادم، المواطنة والديمواقراطية، وحل النزاعات. وأكد على أن تذويت هذه العناصر لدى الطلاب تخلق "التميز وهداوة البال" وتزرع السلام والمحبة وهذا هو المحور الأساسي لمجتمع آمن وواحد.
ثم تحدث رؤوساء لجان الأحياء في حيفا واستعرضوا أبرز نشاطاتهم وأعمالهم التي قاموا بها في أحيائهم المختلفة، خاصة تلك التي تلقت الدعم من جمعية التطوير الاجتماعي.
وكانت الكلمة الأخيرة لسيادة المطران جورج بقعوني، التي شكلت عنبرة هذا اللقاء ومسك ختامه، والذي تستضيفه الجمعية لأول مرة منذ تعيينه رئيسا لأساقفة عكا وحيفا والناصرة والجليل. وأشار سيادته في سياق كلمته إلى أن الحزن والألم الذي يخيم على المنطقة لا يمكن جعله أساسا لحياتنا، وأن المحبة والفرح سمات تعكس واقع شعبنا الذي أظهر ولا يزال صموده ووقوفه ونضاله من اجل البقاء على أرض الآباء والأجداد، وشكر سيادته الجمعية على ما تقوم به من نشاطات لخدمة الانسان، وأثنى على هذا اللقاء واعتبره معززا للوجود الواحد ووحدة الصف داخل المجتمع في فترات عصيبة.
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/184303331120142812091925"]