تكشف صحيفة وموقع "حيفا" معطيات خطيرة ومقلقة عن أزمة السكن في الأحياء العربية، والتي تشير إلى نقص حادّ في فرص جديدة لسكن للأزواج الشابة، ونسبة سكان محميين كبيرة جدا، يعانون من سياسة شركة "عميدار" في عدم الترميم وعدم منحهم الحقوق والفرص لامتلاك بيوتهم، وهذا في ظل غياب التطوير التخطيطي والاستراتيجي، وتهديد شبح السوق الحرّ والمستثمرين، وارتفاع الأسعار المستمرّ دون منح قروض بنكية للإسكان.
نعرض في هذا التقرير الخاص أهم المعطيات عن أزمة السكن في الأحياء العربية في حيفا، بناء على المسح التخطيطي والبحث الميداني "حيفا: المجتمع والأحياء العربية، معطيات قضايا ومطالب"، الذي أجراه مخطط المدن والمستشار التنظيمي عروة سويطات بطلب من جمعية التطوير الاجتماعي في حيفا.
معطيات خطيرة
تشير المعطيات في البحث إلى أن نصف المساكن التي يسكنها العرب تعاني من وضعها المعماري المتردّي، وسكن عائلات مباركة الأولاد في بيوت صغيرة، والتهديد المستقبلي خلال السنوات العشر القادمة، وعدم قدرة مئات الشباب العرب على إيجاد فرص سكن في المركز التاريخي العربي، إضافة إلى الحاجة الماسّة لتوفير مئات الوحدات السكنية الجديدة، لحلّ أزمة السكن الحادّة القائمة وهذا خصوصًا أن نسبة الشبيبة والشباب العرب مرتفعة جدًا في غالبية الأحياء العربيّة، الحليصة ووادي النسناس وعبّاس الأعلى والكبابير، إذ يبيّن البحث أن نسبة الشبيبة والشباب تحت جيل 29، تصل إلى ما يقارب 51% من المجتمع العربي في حيفا، بينما النسبة عند اليهود هي 37.5% .
ويبيّن البحث أن 60% من المباني التاريخية التي كانت قائمة قبل عام 1948 يسكنها عرب، بينما نسبة المباني المملوكة بملكية خاصة هي 45%. كما أن حوالي نصف المجتمع العربي في حيفا يتكوّن من عائلات مباركة الأولاد نسبيًا. وأن 55% من المرافق البيتية العربية تشمل أكثر من 3 أفراد في الغرفة الواحدة، خصوصًا في حيّ وادي النسناس والحليصة. ولكن من ناحية أخرى حجم البيوت في الأحياء وادي النسناس والحليصة منخفض نسبيًا.
ويشير البحث إلى أن منطقة الهدار ونفي شأنان هما المنطقتان الأكثر كثافة في حيفا بينما الكثافة في وادي النسناس وعباس الأعلى تعتبر متوسطة نسبيًا للمدينة، وباقي الأحياء العربية بكثافة منخفضة نسبيًا للمدينة، ولكن البحث يؤكّد أن النقص الحادّ في المناطق المفتوحة والمرافق الجماهيرية في الأحياء العربية يزيد من إحساس السكان في الكثافة.
ويكشف البحث أن مخزون السكن في الأحياء العربية منخفض للغاية، إذ أن نسبة التغيير السنوي في الوحدات السكنية في وادي النسناس والحليصة سلبية ومنخفضة جدًا، أما في الكبابير فهي مرتفعة جدا. وهذا يدل على إضافة وحدات سكنية كثيرة في الكبابير عبر السنوات الأخيرة خصوصًا في شارع "مور"، وفي المقابل عدم إضافتها في وادي النسناس، على سبيل المثال خلال 23 عامًا تمّت إضافة 31 وحدة سكنية جديدة فقط في حي وادي النسناس.
ويبيّن البحث أن العديد من البيوت العربية هي بيوت صغيرة نسبيًا، فمعدّل مساحة البيت في حي وادي النسناس والحليصة والحي الشرقي قليلة نسبيًا وتصل إلى 54 – 70 متر مربّع، أما في وادي جمال وعبّاس الأعلى والكبابير فهي أوسع من باقي الأحياء العربية 74 – 98 متر مربّع.
إضافة إلى ذلك يبيّن البحث تعبير سكّان حيّ عباس عن احتجاجهم العارم على الاكتظاظ السكّاني الملموس، بسبب إضافة وحدات سكنية عديدة، دون توفير مرافق جماهيرية ملائمة. فمطلب سكان حي عباس هو عدم إضافة وحدات سكنية بل توفير المرافق المطلوبة لمصلحة الجمهور، وهذا برز في نجاح النضال الجماهيري والسياسي مؤخرًا في إلغاء مشروع بيع قطعة أرض لبناء 48 وحدة سكنية جديدة في بستان "البسّة" في مدخل شارع المطران حجّار.
في المقابل أشار سكان حي الكبابير في البحث إلى حاجتهم الماسّة إلى إضافة سكن، وتوفير حقوق بناء إضافية للأزواج الشابة، وتخفيض ضريبة التحسين. بينما عبّر سكان وادي النسناس والحليصة في البحث عن احتجاجهم من أزمة السكن، في ظل انعدام فرص السكن، وعدم القدرة على حصول قروض إسكان بنكية في المركز التاريخي.
تطوير جودة الحياة في الأحياء وعوامل جذب السكان العرب
يبيّن البحث أن مدينة حيفا تعتبر مركزًا ثقافيا حضاريًا جاذبًا للعرب في الشمال، إذ يدخل سنويًا إلى حيفا ما يقارب 1000 عربي جديد، وهذه إضافة إلى الازدياد الطبيعي في المجتمع العربي المرتفع، إذ يزداد سنويًا 1000 عربي جديد.
ويؤكّد البحث أن وضع الأحياء ومستوى الخدمات والبيئة المكانية فيها، يؤثر دون شكّ على مكان السكن الذي يفضّله السكّان. وقد اتضح أن غالبية السكان العرب يعتقدون أن الوضع في الأحياء العربية سيء قياسًا لما في الأحياء اليهودية، والوضع في الأحياء العربية الخالصة أسوأ منه في سائر الأحياء اليهودية أو المشتركة. إضافة إلى الاعتقاد بأن البلدية تُحسّن للأحياء اليهودية وتغبن الأحياء العربية.
خارطة جودة الحياة في الأحياء العربية وصورة الحي بنظر السكان. عروة سويطات 2013.
يبيّن البحث أن المراكز الأكثر جاذبيّة للسكن هي الكرمل الفرنسي ووادي جمال والكبابير وعبّاس الأعلى بدرجة ثانية، أمّا وادي النسناس فبالدّرجة الثالثة، بينما البلدة التحتا والمحطة والحي الشرقي والحليصة فبنسبة منخفضة جدا. وتبيّن من البحث أن ثمة عدّة عوامل جذب تؤثر على اختيار السكان العرب لمكان سكناهم، إذ تهمّهم جودة الحياة والبيئة والسكن اللائق، والمنظر العام والقرب من المركز الثقافي العربي والمدارس، والانتماء، إلى جانب أهمية الحفاظ على الخصوصيّة الشخصيّة ومكانة الفرد.
وتُعتبر الأحياء الكبابير ووادي جمال وعبّاس الأعلى والكرمل الفرنسي مراكز جذب سكنية على اعتبار أن جودة الحياة فيها أفضل، وتتمتع هذه الأحياء من ميزان هجرة إيجابي من داخل المدينة، بينما ميزان الهجرة في الحليصة ووادي النسناس والحي الشرقي سلبي. وفي نفس الوقت الازدياد الطبيعي في الحليصة أكبر من المعدّل العام.
أزمة السكان المحميين وحقوق الجيل الثالث
ويكشف البحث أن أزمة حقوق السكان المحميين العرب في المباني التي تديرها شركة "عميدار" الحكومية، هي أزمة جوهرية وتهدّد الالاف من السكان العرب، إذ تصل نسبة السكّان المحميين في منطقة وادي النسناس والحليصة والحيّ الشرقي والبلدة التحتا والمحطة إلى ما يقارب 40%، غالبيتهم يسكنون بأملاك تديرها الشركات الحكومية، وبعضها في مبان وقفية تديرها مؤسسات دينية عربية. وفي المقابل 24.3% منهم حصلوا على أوامر إخلاء من البلدية، أو من صاحب البيت، وهذا يدلّ على نسبة عالية جدا، الأمر الذي يمسّ الأمن والأمان المعيشي عند السكان. وفي المقابل نسبة بيوت الملك الخاص مرتفعة في وادي جمال والكبابير.
ويقول مخطط المدن عروة سويطات حول أزمة السكن المحمي إن "هناك دائرة سحرية خطيرة التي تؤثر على السكّان المحميين، فمن ناحية، شركة "عميدار" لا ترمّم المباني التاريخية، ومن ناحية أخرى، لا يمتلك السكاّن المحميّون المستضعفون القدرة الاقتصادية على ترميم البيت التاريخي، بسبب تكاليف الترميم الباهظة. لذا يتآكل المبنى مع الزمن ويصبح خطرًا وآيلا للسقوط. لذا يتمّ إخلاء السكّان بسبب خطورة المبنى، وهذا إضافة إلى أن شركة "عميدار" في مناطق معيّنة تصعّب على السكان الشراء والتملك".
وأضاف سويطات قائلا "بحسب قانون السكن المحمي هناك 11 سببا لإخلاء ساكن محمي، ومنها رغبة الدولة تطوير مشروع "للصالح العام"، وينصّ القانون على عدم توريث حقوق السكن المحمي للجيل الثالث، الأمر الذي سيمنع في المستقبل المئات من الشباب الحصول على حقوق السكن المحمي بسبب كونهم جيلا ثالثًا".
وأشار سويطات في حديثه "بحسب قانون خصخصة أملاك الدولة في العام 2011، باشرت الدولة وشركة "عميدار" الحكومية ببيع المئات من الأملاك والوحدات السكنية، في وادي الصليب والبلدة التحتا وشارع يافا والحليصة والحيّ الشرقي، الأمر الذي حوّل المركز التاريخي العربي الفلسطيني إلى رهينة عند السّوق الحرّة، إذ يعمل في منطقة وادي الصليب والبلدة التحتا وشارع يافا ما يقارب 20 مستثمر من تل أبيب والمركز".
وتبيّن من خلال البحث أن هناك فجوة بين المباني المعرّفة كمبان تاريخية عربية فلسطينية، وما بين المناطق المحدّدة للترميم بحسب التخطيط البلدي. إذ نرى أن جزء من منطقة شارع يافا وحيّ المحطة وجزء من وادي النسناس لا يعرّف كمناطق مركزية للترميم، بالرغم من أنها القلب النابض للمركز التاريخي العربي. وأظهرت الدّراسة أن عمليات الترميم تمحورت في الأساس في الحي الألماني أمّا الأطراف العربية فمهدّدة.
وتبرز الحاجة من خلال البحث إلى بناء خطة اقتصادية اجتماعية لتمكين السكان المحميين، وتدعيم حقوقهم وترميم بيوتهم، وإتاحة لهم المحفزات لشراء البيت، لضمان توفير قروض إسكان بنكية للأزواج الشابة، في الأحياء وادي النسناس والحليصة والحي الشرقي والبلدة التحتا. وذلك إضافة إلى إلغاء أوامر الإخلاء بحق السكّان العرب حتى يتم تطوير مخططات جديدة في الأحياء الحليصة ووادي النسناس. وبرزت أهمية تطوير مشاريع ترميم شمولية في الأحياء التاريخية العربية إلى جانب الاستثمار في تطوير الأوقاف العربية (الإسلامية والمسيحية) وترميمها وتعزيزها كمرافق ثقافية في المدينة.
ارتفاع الأسعار
أخذت أسعار الشقق والإيجار في مدينة حيفا، في الآونة الأخيرة، بالارتفاع بشكل ملحوظ وحاد على كافة الأصعدة، وفي كافة المناطق تقريباً، وما زالت هذه الظاهرة بازدياد وارتفاع. وفي السنوات الخمس الأخيرة، سجّلت التقارير ارتفاعا بنسبة 32.8٪، وأضافت تقديرات وزارة الإسكان لهذا العام، أن إيجار شقة متوسطة سيرتفع بقيمة 800 شيكل تقريباً لشقة متوسطة في حي متوسط في غضون 5 سنوات فقط.
ويبيّن البحث أن معدّل سعر الدار في حيفا هو 769.9 ألف شيكل، بحيث معدّل سعر دار بحجم غرفتين 377.8 ألف شيكل. ومعدّل سعر الدار حتى 5 غرف هو 1.4 مليون يكل. وكما برز أن الأسعار في البلدة التحتا ووادي النسناس والحليصة منخفضة أكثر بكثير من المعدّل العام. ويشير البحث إلى أن معدّل اختيار الزوج العربي للسكن هو 15 عاما، وهذا يعني أن أكثر ما يؤثر على الاختيار لشراء بيت هو التفكير المستقبلي لمدى بعيد وهذا يؤثر على احتياجات حجم البيت وجودة السكن.
ويظهر البحث أن هناك مشكلة جدّية في عدم منح قروض الإسكان البنكية، خصوصًا في الأحياء التاريخية كحي وادي النسناس والبلدة التحتا والحليصة والحي الشرقي. لذا يجب تغيير معايير منح القرض البنكي، وتوفير محفزات للبنوك من قبل البلدية لمنع هجرة الأزواج الشابة خارج الأحياء التاريخية.
خارطة: أسعار البيوت في حيفا . 2012. مركز الإحصاء المركزي.
العرب خارج التخطيط الهيكلي الجديد
أظهرت دراسة المخطط الهيكلي الجديد لمدينة حيفا حف/2000 أن سياسة التخطيط تبقي غالبية الأحياء العربية كما هي دون تطويرها الخاص، فلا تتضمّن المخططات الشاملة والخرائط الهيكلية تزايد تعداد السكان العرب، ولا مشاريع لجذب العرب من خارج حيفا للسكن والعمل في المدينة، فالمخطط الجديد يتجاهل التاريخ والهويّة العربيّة الفلسطينيّة لمدينة حيفا وتطوّرها، كحيّز مديني حضري ذي ميراث عربي فلسطيني سياسي وثقافي ومجتمعي.
ووجدنا من خلال تحليل مخططات البلدية أن المساحات المعدّة للتخطيط هي كبيرة، وتتمحور في الأساس في البلدة التحتا والألمانية والهدار والمدخل الجنوبي للمدينة. بينما التخطيط في وادي النسناس مصادق عليه لكن لم يتم تنفيذه بشكل لائق، أما التخطيط في الحليصة ملغي وعالق على عكس التخطيط في حي الكبابير الذي تمّت المصادقة عليه في العام الأخير.
ويهدف المخطط الجديد إلى إضافة 4000 وحدة سكنية جديدة في حيفا خلال 10 سنوات، ومنها يسمح إضافة طابق واحد في شارع يافا ووادي النسناس، بينما يمكن بناء حتى 6 طوابق في الحليصة وعبّاس ووادي جمال والكبابير، وبناء حتى 9 طوابق في البلدة التحتا وحيّ المحطة.
وبرزت الحاجة إلى توفير حلول سكنية للأزواج الشابة العربية في مناطق محاذية للأحياء العربية، خصوصًا في وادي النسناس والحليصة. وفي المقابل منع إضافة وحدات سكنية في مراكز مكتظة كحي عبّاس، إضافة إلى الحاجة لتطوير مخططات تجدّد مديني في المباني متعدّدة الطوابق القديمة التي بنيت في الأعوام 50 – 70.
حسين اغبارية: "يجب تطوير خطة أهلية مدروسة لحل أزمة السكن"
وفي حديث مع الأستاذ حسين اغبارية- مدير جمعية التطوير الاجتماعي حيفا يقول: "جاءت هذه المعطيات البحثية لتؤكد حقيقة الاوضاع السكنية المتردية والمتفاقمة يوما بعد يوم في أحيائنا العربية، والتي لا تخفى على أحد من قريب أو بعيد بحيث البيوت المتداعية والآيلة للسقوط والإهمال المتصاعد في البنى التحتية، والاكتظاظ السكاني، بحيث تحولت بعض أحيائنا العربية التقليدية إلى مجمعات بشرية أشبة بالجيتوهات".
ويضيف اغبارية: "وعلى الرغم من صعوبة الأوضاع السكنية والمعاناة التي يواجهها أهلنا نتيجة ذلك، فالسياسة الرسمية الممنهجة ضد أحيائنا بهذا الشأن السكني ما زالت متبعة ومستمرة من قبل السلطات الرسمية والبلدية، بل نشهد في السنوات الأخيرة تمييزا صارخا وإهمالا متعمدا يتمثل بإخلاء العديد من العائلات العربية من بيوتها التاريخية".
ويشير اغبارية إلى "أن هذه الأوضاع السكنية التي تميز السكان العرب وتسلبهم حقهم في السكن الكريم واللائق تعود إلى عام النكبة عام 1948 حين استولت حكومة إسرائيل بموجب قوانين أصدرتها: "قانون السكن بالمفتاحية" وكذلك قانون "الحاضر غائب" والذي اعتبر جميع الفلسطينيين في حيفا غائبين، فقد صادروا 68% من البيوت العربية، وأعادوا أهلها للسكن فيها بموجب اتفاقية "استئجار سكن بالمفتاحية". وهكذا يُمنع الفلسطيني من التملك أو تصليح البيت أو توريثه. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن نرى سياسة منهجية من الحكومة الإسرائيلية، لتفريغ السكان العرب من بيوتهم وأحيائهم. وثمة إهمال فاضح في الحفاظ على البنى التحتية، وعلى صيانة البيوت في المناطق العربية. كما تقضي أنظمة البناء والتنظيم في مدينة حيفا، بفرض قيود صارمة على الأهالي في مجال الترميم والإصلاح للمنازل القائمة، وهو أمر يزيد من الضائقة السكنية، ومن ظروف السكن الصعبة أصلا".
ويقول اغبارية: "على ضوء ذلك فقد قمنا كجمعية أهلية رسالتها الحفاظ على الوجود العربي وعلى المباني التاريخية وأحيائنا المختلفة، بمشروع لترميم عشرات البيوت العربية، واستصلاحها بما يخفف من معاناة الاهل وتثبيت بقائهم في بيوتهم".
ويختتم اغبارية حديثه قائلا: "الحقيقة أن المطلوب هي مبادرة أهلية شاملة، تعتمد على خطة مدروسة لإنقاذ المباني والبيوت السكنية، والمقرات العامة من هذا الإهمال المتعمد. وأن توضع مشاريع سكنية عمرانية ملائمة لاحتياجات مجتمعنا والأزواج الشابة لتخفيف من حدة هذه المعاناة السكنية".
سويطات: "المخططات التي تؤدّي إلى ارتفاع أسعار الأرض والبيوت، تشجع دخول المستثمرين اليهود الأغنياء ودفع الفقراء العرب للخروج من أحيائهم"
مخطّط المدن عروة سويطات، قال لـ"صحيفة حيفا": "إن ارتفاع أسعار البيوت في مدينة حيفا هو نتيجة مركزية لسياسة بلدية حيفا، التي تشجّع السوق الحرّة للاستثمار في مناطق مهمّشة. خصوصًا كالبلدة التحتا و"الهدار" والمراكز التاريخية بما فيها خصخصة أملاك اللاجئين التي تديرها شركة "عميدار" الحكومية، بعد الاستيلاء عليها منذ النكبة، وذلك من خلال مخطّطات هادفة إلى تحويل مدينة حيفا إلى مدينة مركزية في المنطقة، ومشاريع سياحية كبيرة في البلدة التحتا وتجارية في "الهدار" وتطوير البنى التحتية وشبكة المواصلات العامة والشوارع السريعة التي تربط تل أبيب بحيفا، إضافة إلى مخططات لبناء أربعة آلاف وحدة سكنية خلال 10 سنوات، كلّها عوامل جذب تؤثر على سوق السكن في حيفا".
وتابع سويطات: "بلدية حيفا تعتمد سياسة السوق الحرّة في زيادة الوحدات السكنية بالمدينة، إذ تعزز هذه المخططات الثقة لدى المستثمرين بمستقبلها، وتحفّزهم على شراء البيوت في الأحياء المهمّشة، بأسعار رخيصة، وترميمها وبيعها بأرباح مرتفعة نسبيًا عن سوق السكن في سائر البلاد، والاستثمار في عوامل الجذب للحفاظ على السكان اليهود ومنعهم من الهجرة، إذ يترك مدينة حيفا ما يقارب 2500شابا يهوديًا سنويًا".
وعن تأثير ذلك على السكان العرب، أضاف سويطات: "مقابل الهجرة السلبية للأزواج الشابة اليهودية، نرى العكس عند العرب، إذ يدخل ما يقارب 1000 عربي جديد سنويًا إلى حيفا. فالمراكز الأكثر جاذبيّة للسكن عند العرب هي منطقة وادي الجمال والكبابير وعبّاس الأعلى، باحثين عن جودة الحياة والسكن اللائق والمنظر العام والبيئة، والقرب من المركز الثقافي العربي والمدارس، بينما وادي النسناس والبلدة التحتا والحليصة والمناطق التاريخية المهمّشة، فبدرجة منخفضة جدًا، بل نشاهد هجرة سلبية للأزواج الشابة العربية من هذه الأحياء. وذلك في ظل انعدام فرص السكن، وانعدام التطوير وسياسة الشركة الحكومية "عميدار"، بعدم ترميم المباني التاريخية وبيعها وعدم منح البنوك قروض الإسكان البنكية في هذه المناطق".
واختتم سويطات حديثه قائلا: "إن ازدياد الأسعار في حيفا يضرّ بشكل كبير بالفئات المستضعفة في المدينة وعلى رأسها السكان العرب الأصليين، فسياسة التخطيط البلدي تؤدّي إلى عملية إقصاء طبقي وقومي تمسّ بحق السكان العرب في المدينة، والمخططات التي تؤدّي إلى ارتفاع أسعار الأرض والبيوت، تشجع دخول المستثمرين اليهود الأغنياء ودفع الفقراء العرب للخروج من أحيائهم، الأمر الذي نشاهده وسنشاهده في حي المحطة وشارع يافا ووادي الصليب بشكل ملحوظ في الوقت القريب".
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/211439214320141212102608"]



