نايف خوري
(تصوير: وائل عوض)
افتتح مركز كيميديا للثقافة والفنون في حيفا معرضا لفنان الحروفية كميل ضو تحت عنوان: "حيفا لوحة على ورق القصيد". وتضمن المعرض 35 لوحة كانت غالبيتها لوحات رسمها الفنان من قصائد عن حيفا لشعراء كتبوا عن حيفا وقالوا فيها أشعارهم مثل رشدي الماضي، الدكتور فهد ابو خضرة، حاتم جوعية، علا عويضة، سعاد قرمان، راشد حسين، حنا أبو حنا، محمود درويش، حسن البحيري، أحمد دحبور، جورج فرح، الدكتور ماجد الخمرة. وأقيم هذا المعرض برعاية صحيفة "حيفا" وموقع "حيفا نت"، وذلك في قاعة بيت العائلة في شارع سانت لوكس.
وتحدث في هذه الأمسية الدكتور فهد أبو خضرة الذي قال في كلمة بعنوان "جماليات الخط العربي":
يُجمع الكتاب والباحثون في الشرق والغرب، على أن الخط لم ينل عند أمة من الأمم، أو في حضارة من الحضارات، ما ناله عند العرب من العناية والتفنن. إذ اتخذوه أولا وسيلة للاحتفاظ بالأفكار أو لنقلها من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان. وهي المهمة الأولى التي وجد الخط في العالم من أجل القيام بها. ثم ألبسوه لباسا قدسيا عندما جعلوه مجودا غاية التجويد، ليكون جديرا بكتابة آيات القرآن الكريم. ثم أصبح فنا إبداعيا متميزا يزين الكتب القيمة، كما يزين جدران المنازل وسقوف المساجد والقصور. ولأن الخط ملكة إبداعية، فقد تنوعت أشكاله بحسب اجتهادا وابتكارات الخطاطين الذين مارسوه. وكان من المتعارف عليه ان كل خطاط يحقق الاتقان المطلوب منه، ويصبح مخولا بتطوير الخطوط المعروفة، وتحويرها، والإضافة إليها، وهكذا أصبح عدد أنواع الخطوط المتداولة يزداد جيلا بعد جيل، حتى وصل إلى أكثر من مائة نوع. ولكن الزمن لم يبق منها سوى ستة أنواع لا غير: الكوفي، الثلث، النسخ، الديواني، الفارسي، الرقعة. وتطورت من هذه الخطوط ما نعرفه اليوم من أنواع مختلفة.
وتقوم القاعدة الأساسية للخطوط على ثلاثة عناصر: التناسب، التوافق، والانسجام. وهذه هي عناصر الجمال الطبيعية. ومن الباحثين من يقول إن خط الثلث هو قمة الخطوط العربية الجميلة، وعليه أقيمت قوانين الخط وقواعده، ومنه تفرعت الأنواع والأشكال العديدة.
وأضاف الدكتور أبو خضرة يقول: لقد ظهر منذ القرون الماضية فرع فني خاص يعرف باسم الرقش، وهو ما يسميه الغربيون "الأرابسك". وسار الخط العربي والرقش جنبا إلى جنب في أحيان كثيرة، وشكلا معا فن الرسم العربي والإسلامي. وكثيرا ما كان الرقاش هو الخطاط نفسه.
ولا شك أن الفعاليات التي يقوم بها خطاطنا الفنان كميل ضو هي نموذج ناجح جدا لما يقدمه من ابتكارات وإبداعات فنية. وأن اختياره للأقوال الخالدة من الكتب المقدسة ومن الحكم المأثورة، والأشعار المعاصرة تتسم بالعمق، وتحمل كثيرا من الإيحاءات الدينية والوطنية والإنسانية. وهذا يجعل اللوحات تتسم بالتلاحم العضوي في الشكل والمضمون، كما نرى في لوحاته المعروضة هنا وهناك".
ثم تحدث الشاعر رشدي الماضي عن الفنان كميل ضو واصفا إياه بيد من نحت المعمدان، وقال: عندما أطأ عتبة مرسمه أراه يحوك شالا قزحيا، ويلقيه على كتف القصيدة حين يحب أن يلقي عليها السلام. ليبوح لها: لا نبوءة بانتظاري فأنا معي فني، يد خلاقة، لكنها تصر مع كل ولادة أن تؤنسن القصيدة لوحة تتكلم وحدها داخل محيطها السحري.
ومضى يقول: كميل أيها الملهم الآخر الذي هو أنا.. بعطائك المبدع بالتفرد، أعطيت حيفا الليلة الحق أن تعلن على حزنها الفرح. وتقول للواحد منا، دع قميصك في نسيم الليل.. لتصعد به درجات الحلم نحو نعمة تأويل سر القصيدة.. بريشة يدك جعلت حيفا تولد لوحة يجري من تحتها نهر تحط على صدره الفراشات، وتحلق فوقه عصافير الفنون.. صدّق يا مبدعي لو لم أكن أنا نفسي لوددت أن أكون حيفا، قطرات من ماء الألوان تحضن قطرات الشتاء.. تتوحد وإياها مطرا منسكبا فوق عكا ويافا، حبات ثلج مصلوبة على قفزة الناصرة وحيدر الجليل.. كي تبقى ألوانك دموع الفرح التي تبلل وجه السماء.
ثم ألقى عدد من الشعراء تحياتهم وكلماتهم التي تعبر عن تقديرهم بأعمال الفنان كميل ضو.
وتحدث الفنان في نهاية الحفل شاكرا كل الحضور والجمهور المتذوق للفن، وقال لولا هذا الجمهور لبقيت اللوحات في الجوارير.
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/50201976720142211110428"]