الأمن والأمان لمجتمعنا

مراسل حيفا نت | 04/11/2014

حسين إغبارية

مدير جمعية التطوير الاجتماعي-حيفا

لأمر محزن أن تودّع حيفا شابا آخر من شبابها، بسبب العنف وفوضى السلاح التي كان آخر ضحاياها الاب والمربي الاستاذ خليل محروم أبو رازي. وأسانا ممزوج ككل أهلنا بكثير من الغضب المشروع على هذه السهولة في القتل ولأتفه سبب. قبل نحو عام ونصف العام فقدنا الشاب محروس زبيدات بطعنة غادرة وها نحن اليوم نفقد خليل بطلقة غادرة!مشهدان من موت سدى يرسم لحيفانا صورة قاتمة مرفوضة على الصغير وعلى الكبير. من أين يأتينا هذا الموت، ومن أين يطالعنا لنصبح خبرا في جريدة وصورة مزينة بالسواد في صفحتها الأولى!إننا على اعتقاد جازم بأنه من أنواع الموت الذي يُمكن منعه، من أسباب الموت التي لا طاقة لنا على تحمّلها أو القبول بها. ومن هنا ضرورة أن نعمل على منعها ما دامت تحصل وتخطف منّا أبناءنا وتعكّر صفو العيش وتصادر منّا كحيفاويين الأمن والأمان. عندما خرجت حيفا عن بكرة أبيها احتجاجا على قتل محروس زبيدات عرفنا أن أهلنا قادرون على حماية أنفسهم وبيئتهم. قُلنا أننا نملك القدرات على العمل وعلى التأثير لجهة منع الموت الاتي، لكننا نواجه اليوم المشهد ذاته بمقتل الاستاذ خليل محروم. وهذا يعني أن ما فعلناه لم يكون كافيا كما يبدو. ونؤكد هنا أننا قمنا كمجتمع بهيئاته المختلفة بكل ما نستطيع وبالإمكانيات المتاحة لنا امام تحديات كثيرة قد واجهناها منها تقاعس السلطات الرسمية بالقيام بمسؤولياتها.   وواجب الساعة علينا ان نعمل كل ما في وسعنا لوقف هذا النزيف ـ والضمير" نا " هنا يدلّ على نحن بكل ما تحمله من معنى: الأفراد والهيئات والفعاليات والمرجعيات والمؤسسات والصحافة والشبكات والقيادات والبلدية والشرطة ـ لو أن كل منّا قام بدوره لمنعنا أكثر من موت عبثي ألمّ بنا في السنوات الأخيرة! "أن نعمل كل ما في وسعنا" ـ تعني اتخاذ تدابير والقيام بنشاطات في كل مستوى ممكن ـ في التربية وفي الإعلام وفي السياسة واللوبي وفي البلدية وفي الكنيسة والجامع وفي كل ساحة سعيا إلى توحيد الكلمة والموقف ضد هذا الموت وأسبابه. "للتصدي لهذه الظواهر". هو هدف نشاطنا المشترك وكل ما نفعله في هذا الإطار لمواجهة هذا الموت. غايتنا النهائية أن يتوقف هذا المسلسل وأن تنعم حيفا وأهلها بطمأنينة وسلام وعيش رغد.إذن، نعتقد انه بمقدورنا منع مثل هذه الحوادث من خلال سلسلة من الإجراءات وفي أكثر من مستوى. ولن يُفيدنا في هذا أي انفعال وأي تسرّع أو الاكتفاء بإلقاء التهمة على جهة ما دون الاخرى، فالمسؤولية جماعية. هذا واجبنا نحو أبنائنا واحفادنا لكنه غير كاف. فقراءة سريعة للمجتمع العربي في حيفا تخلص إلى استنتاج أنه لم يعد متجانسا أو منسجما. فنحن بصدد مدينة كبيرة تستقبل هجرة من كل نوع. وهي هجرة وافده ومتفاوتة في نوعيتها ودوافعها وهويتها أحدثت تصدعات في المجتمع ينفذ منه العنف إلى واجهة الأحداث من فينة إلى أخرى! قد تتحول ظاهرة اسكان مجموعه معينه من الاشخاص ووفودهم الى المدينة كما رأينا، حدثا إشكاليا خاصة إذا اقترن بفوضى السلاح وبيد خفيفة على الزناد وبالمقابل تقاعس للشرطة وأجهزة الأمن في حفظ الأمن العام والأمان. بمعنى، إن للقضية مستويين ـ اجتماعي تربوي وقائي من خلال تجنّد المجتمع بكل مقدراته لحفظ توازنه، ورسمي أمني من خلال تطبيق القانون وفرض الأمن والنظام العامين. علينا بأنفسنا، وهذا صحيح لكن على البلدية والشرطة أن تفي بالتزامها نحو المدينة وأهلها. فهي المكلّفة بالسلامة العامة وبأن تبقى المدينة آمنة تماما.لقد أقلقني أننا لم نتناد للعمل بعد وقوع جريمة قتل المرحوم خليل محروم. وهو ما يدفعني للكتابة وللدعوة إلى التشاور لمواجهة القتل وفوضى السلاح بما يليق بمجتمع يريد حياة حرة وكريمة ومدينة يطيب العيش فيها. من حقنا وواجبنا أن نضع حدا للجريمة وفوضى السلاح وأمامنا أكثر من خيار لنؤثّر على صانعي القرار والمسؤولين عن الأمن والنظام. وحقّنا كمجتمع أن ننعم مع أبنائنا وبناتنا بالأمن والأمان.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *