رعية مار إلياس تدعو الدروز إلى عشاء المحبة

مراسل حيفا نت | 19/10/2014

بادر قدس الأرشمندريت أغابيوس أبو سعدى، الرئيس الروحي لرعية مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا إلى دعوة أبناء الطائفة الدرزية إلى عشاء محبة، حضره فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، والشيخ نعيم هنو رئيس المحاكم الدرزية، والسيد وجيه كيوف رئيس مجلس عسفيا المحلي، وعدد من المشايخ ووجهاء الطائفة المعروفية في الكرمل والجليل. ومن الجهة الأخرى حضر سيادة المطران جورج بقعوني والإكسارخوس فوزي خوري النائب الأسقفي العام، والإيكونيموس إميل روحانا والإيكونيموس مسعود أبو حاطوم. والقاضي إيناس سلامة رئيس محاكم الصلح في حيفا، وعدد من رجال القانون وشخصيات من أبناء الرعية.

وقال عريف الاحتفال الزميل نايف خوري: ما أجمل أن يلتقي الأحبة في مثل هذا اللقاء الأخوي. وخاصة أنه يأتي استمرارا للنهج الذي اتبعه الأرشمندريت أبو سعدى في دعوة المسلمين إلى مائدة الإفطار في صوم رمضان الكريم، وها هو يوجه الدعوة إلى الدروز بمناسبة عيد الأضحى المبارك.

ورحب الأرشمندريت أغابيوس أبو سعدى بالحضور مشيرا إلى ضرورة توطيد العلاقات بين أبناء الشعب الواحد، وقال: إنّ لقاءنا هذا في ربوع هذه الكنيسة المقدّسة يهدف إلى جعل هذه الأرض أرضًا طيّبةً صالحةً لقيم العيش المشترك، مُنتزعين منها الشّوكَ الذي يَنبُت ليخنق الزرع؛ وما هو هذا الشّوك إلّا ما تُعانيه مجتمعاتنا اليوم وما نراه في المجتمعات العربيّة حيث ما يُسمّى "بالربيع العربي"، من التطرُّف الدينيّ البغيض الذي لا يؤمن بآخَر مختلفٍ في العقيدة والرؤية؛ إنّه ذاك الفكر الإلغائيّ والإقصائيّ الذي لا يؤمن بالتعدُّديّة والتنوّع كمصدرِ غنًى للمجتمع، كمفهومٍ يتضمّن الإقرار بمبدأ أنّ أحدًا لا يستطيع نفي أحد، وبمبدأ المساواة في ظل سيادة القانون، وهو يلتزم بمبدأ حرية التفكير والتنظيم واعتماد الحوار واجتناب الإكراه. إنّ مَن ينادي اليوم بفكرة إقصاء الآخر المختلف يتغافل عن ما ورد في القرآن الكريم: "وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لِتَعارَفُوا"، والتي يُقابلها ما ورد في رسالة القديس يوحنا الرسول الأولى القائل: "يا جاهل، كيف تقول إنّك تُحِبّ الله الذي لا تراه، وتُبغض أخاك الذي تراه؟".

وأضاف: "إنّ هذه اللقاءات تُشكِّل نموذجًا حيًّا يبسُط بظلاله على شبيبتنا التي يجب أن تتعوّد على رؤية هذه الأمثلة الحياتيّة، حتّى لا يبقى عند أحدٍ خوفٌ من الآخر المختلف، بل إخاءٌ وأُلفةٌ وانفتاح، ممّا يتطلّب منّا جميعًا تضافر الجهود لِوَأَدِ أيّة فتنةٍ وهي في مَهدها، لأنّ لهذا الفكر التكفيريّ آثارٌ كارثيّةٌ علينا على حدٍّ سواء".

ثم تحدث فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي لطائفة الدرزية في إسرائيل شاكرا الأرشمندريت أبو سعدى على هذه اللفتة الكريمة. وقال إن الأعياد هخي مناسبات سعيدة لكي يلتقي فيها الجميع بروح التآخي والتسامح والإنسانية التي تنادي بها الأديان السماوية. ونوه إلى ضرورة إبلاغ رسائل الأعياد المقدسة وأهدافها إلى الأجيال القادمة وخاصة الشباب الذين يجب أن يتبعوا التعاليم السامية ليصبحوا أعضاء في مجتمع سليم. وأضاف إن العملية التربوية يجب أن تنمي في النفوس التقارب والتفاهم والسير في هدي الأنبياء والصالحين.

أما المحامي زكي كمال، رئيس الكلية الأكاديمية العربية للتربية في حيفا فقد أثنى على مبادرة الأرشمندريت ابو سعدى مؤكدا على ضرورة التمسك بالقيم الإنسانية، والتي تحاول جهات عديدة المس بها، وهي تصطاد في المياه العكرة. وعلى المربين بذل كل ما بوسعهم من أجل الحفاظ على المجتمع وسلامته، ومن أجل نبذ كل مظاهر العنف والتطرف التي من شأنها تفتيت لحمة المجتمع، هذا المجتمع الواحد الذي نعيش فيه بكل ثقة ومحبة ومودة.

ثم تحدث السيد ياسر عطيلة مدير التلفزيون الإسرائيلي وصوت إسرائيل باللغة العربية، قائلا: إن التطويبة التي وردت في الإنجيل المقدس "طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون" صادقة تماما في حالتنا اليوم، وفي هذا المساء. وأضاف إن الأرشمندريت أبو سعدى نال ثقة الجميع ومحبتهم نظرا لأعمال الخير التي تقيمها الكنيسة هنا في حيفا برئاسته، ونظرا للمبادرات الطيبة التي تتجلى فيها روح التآخي والتسامح. ولفت إلى أن صوت إسرائيل يسعى دائما لكي يخدم الكنسية عن طريق بث الصلوات والقداديس في الأعياد السعيدة، تقديم برنامج فارس الميلاد بمناسبة الميلاد المجيد، والبرنامج الأسبوعي "رسالة الأحد" التي يقدمها الأرشمندريت أبو سعدى بنفسه إلى جمهور المستمعين.

أما المطران جورج بقعوني فقال إنه يحمل معه خبرة وتجربة اللقاءات الدينية والطائفية من لبنان، وهناك يصعب أن تعرف المسيحي من الدرزي، واالمسلم الشيعي من المسلم السني، لأن الجميع يعيشون في بوتقة التآخي والتفاهم معا. واضاف إن هذه التجربة تكسبني في المواقف وتزيدني ثقة بأن التعاضد معا من أجل مجتمع يخدم كلمة الله ويعمل بها هو أمر ينبغي أن نتبعه وننقله إلى شبابنا. فلا الطيش ولا التطرف ولا التباعد هو الذي يسود المجتمع، بل التحلي بكلام الرب وتعاليمه التي تنعكس في أعمال الخير والمحبة من الإنسان لأخيه الإنسان.

واختتم الكلمات السيد وجيه كيوف رئيس مجلس عسفيا المحلي وقال إن السلطات المحلية يجب أن تأخذ دورها كما ينبغي في توعية النشء الجديد، والتحذير من ازدياد مظاهر العنف بين أبناء الشبيبة. وأشار إلى ضرورة القيام بنشاطات وفعاليات تربوية متعددة خاصة في القرى والمدن المختلطة بين ابناء الديانات المختلفة، وهذا قد يقرب القلوب ويشجع على التفاهم بين كافة السكان.         

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/183028078420141910125220"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *