عدد ابناء الطائفة العربية الدرزية يبلغ اكثر من 120 الف نسمة

مراسل حيفا نت | 25/04/2009

يستدل من معطيات نشرتها دائرة الاحصاء المركزية بمناسبة حلول زيارة النبي شعيب عليه السلام اليوم السبت 25 نيسان لدى الطائفة الدرزية ان عدد ابناء هذه الطائفة في البلاد(اسرائيل) يبلغ نحو 120 الف نسمة . ويشكل الدروز 1.7%  من مجموع السكان، و8.3  % من السكان العرب. وتبلغ نسبة النمو السكاني لدى الطائفة الدرزية 1.8%  سنويا وهي تقل عن نسبة النمو السكاني لدى المسلمين في حين انها اكبر من نسبة النمو لدى اليهود والمسيحيين.

 

الدور المركزي لمقام النبي شعيب (ع) في حياة الدروز في إسرائيل     

 

يتمتع مقام النبي شعيب (ع) في حطين بأهمية بالغة في حياة المواطنين الدروز في إسرائيل منذ سنوات طويلة وقد لعب دورا مركزيا وكبيرا في تقرير مصيرهم وفي المحافظة على وجودهم منذ القدم وما زال. ولا يوجد في البلاد مكان ديني أو إداري له هذه الأهمية مثل المقام وقد تحوّل مع الوقت إلى رمز وشعار للدروز بصورة عامة ولدروز إسرائيل بصورة خاصة. وإذا بحثنا عن الأسباب نجد أنها تعود للعوامل التالية:

المقام هو أقدم موقع ديني درزي في البلاد , فقد ذكرت المصادر التاريخية أن المقام بني في عهد صلاح الدين الأيوبي, أي بعد إنتشار الدعوة بحوالي مائة سنة فقط,  وهو قائم منذ ذلك الوقت.  وكان في فترات مختلفة بشكل أو بآخر, هدفا دينيا مرموقا ومقصدا للحجاج والزوار والمؤمنين. وكان الدروز يتوافدون على المقام في مراحل متعددة من التاريخ, مما يثبت أنه  المكان المركزي منذ القدم. وقد زادت أهمية المقام طبعا بعد أن تم ترميمه عام 1882 من قبل الرئاسة الروحية آنذاك وبمبادرة من الرئيس الروحي الشيخ مهنا طريف. وبعد هذا التاريخ تحول المقام إلى موقع مركزي في حياة الدروز ليس فقط في فلسطين, وإنما في المنطقة كلها, التي يتواجد فيها دروز وذالك طوال كل أيام السنة وخاصة في أيام الزيارة التقليدية في نيسان. ومع أنه توجد أماكن دينية مقدسة بجانب القرى الدرزية أو في داخلها , إلا أن مقام النبي شعيب (ع) ظل طوال الوقت الأهم والأكثر زيارة ورواداً.

 

النبي شعيب عليه السلام هو من أهم الشخصيات الدينية لدى الموحدين الدروز:

يحظى سيدنا شعيب عليه السلام, بمكانة مرموقة في اوساط الطائفة الدرزية الدينية وغير الدينية. فمكانته عند رجال الدين معروفة ومكانته كبيرة عند القسم الغير متدين من ابناء الطائفة, فبالإضافة الى كونه شخصية دينية مرموقة, هو كذلك شخصية تاريخية, لعبت دوراً في حوادث الأيام, خاصة في الدور الكبير الذي قام به مع النبي موسى عليه السلام, حيث دعمه وأرشده وعلّمه اصول الإدارة, وتنظيم صفوف شعبه, كما انه كان معه حينما تسلم الوصايا العشر ونزلت عليه النبوءة. ويذكر التاريخ كذلك موقفه من شعب مديَن, الذي خالف أصول المعاملات التجارية, ودعوته الى الصدق والأمانة في البيع والشراء, ومواقفه الاخرى بين الشعوب التي عاش فيها. ويحظى النبي شعيب عليه السلام, بقدسية عند كافة الطوائف والأديان, وبمكانة تاريخية هامة عند رجال التاريخ والفكر, وهذا المركز الرفيع يؤثر على تعلق الدروز به وبمكانته وبمنزلته وتهافتهم على زيارة المقام الشريف.

موقع المقام الجغرافي بعيدا عن أي إستيطان درزي:

يقع المقام بالقرب بحيرة طبريا, ولا يوجد بجواره اي قرية درزية, وأقرب قرية منه هي قرية المغار. ولهذا الموضوع اهمية حيث ان المقام لا يخضع لتأثير او سيطرة قرية معينة, مما يجعل تواجده مرتبطاً بتلك القرية بالحصر. هذا طبعاً لا ينقص من قيمة اي مقام موجود في قرية, لكن معظم المقامات الموجودة في القرى, تقع غالبا في وسط القرية, وهذا يجعل الناس يختصرون زيارة هذه المقامات, لئلا يزعجوا سكان القرية او بسبب عدم توفر اماكن وقوف سيارات كافية او لوجود حساسيات اخرى. أما مقام النبي شعيب عليه السلام, فهو موجود في منطقة محايدة, ويشعر كل درزي ان هذا المقام له ويشعر فيه براحة واطمئنان.

إتخاذ المقام بعد قيام الدولة محور كل نشاط متعلق بالطائفة:

بعد قيام الدولة, استعاد فضيلة المرحوم الشيخ امين طريف, النهج الذي كان متبعاً قبل قيام الدولة, لإجراء زيارة سنوية للمقام في الخامس والعشرين من نيسان من كل عام. وقد بدأ هذا النهج عام 1884 حينما قام المرحوم الشيخ مهنا طريف الرئيس الروحي للطائفة آنذاك بترميم المقام بعد ان جمع التبرعات من كافة القرى والتجمعات الدرزية, ولمّا تمّ تجهيز المقام دعا الدروز آنذاك لتدشينه في الخامس والعشرين من شهر نيسان, وتحول هذا التاريخ الى زيارة سنوية دائمة. وفي اواسط الثلاثينات طالب سكان قرية حطين المسلمون والأوقاف الاسلامية, بالإستيلاء على المقام, وقد أدار الحملة القضائية, المرحوم الشيخ سلمان طريف, بمساندة المرحوم الشيخ امين طريف, وتوصّل الأمر الى المفتي امين الحسيني, والى تدخل سلطان الاطرش والى محكمة طبريا. ولم يُبتّ في الأمر حتى قامت دولة اسرائيل, وحصل فضيلة الشيخ امين طريف على  الرخص والجوازات التي تثبت ملكية المقام للطائفة الدرزية. وقد دعا فضيلة الشيخ رؤساء الدولة للإشتراك في الاحتفال السنوي وبذلك رسّخ مركزية المقام في حياة الدروز في اسرائيل.

تحوّل المقام إلى رمز عند الدروز الغير متدينين:

في عشرات السنوات الاخيرة أصبح مقام النبي شعيب عليه السلام جزءا لا يتجزأ من حياة كل فرد من افراد الطائفة في البلاد. المتدين يزوره للقيام بالشعائر الدينية والدعاء والصلوات والغير متدينين يزورنه قدسية وخشوعاً وايماناً منهم انه يرعاهم ويحميهم. والمثقفون يزورونه لأنهم يعتبرونه رمزاً لكيانهم ووجودهم وأهليتهم للإنتماء للطائفة الدرزية. والجنود الدروز يحلفون بجواره اليمين العسكرية التي تؤهلهم لخدمة الطائفة والوطن. والطلاب الدروز يقومون فيه بمشاريعهم في نطاق الكشافة والتراث لأنه يمثل الوجود الدرزي بأكمله. وهكذا فكل شريحة من شرائح المجتمع الدرزي تجد فيه المثل الأعلى والنبراس الذي يضيء سبيلها ويشجّعها على التقدم والبقاء.

عدم تسلط أي قرية أو عائلة أو فئة على الطائفة:

تشرف على ادارة المقام اليوم الرئاسة الروحية وتقوم بحصر اموال التبرعات لجنة دينية خاصة بمساعدة مراقب حسابات متخصص بالموضوع وتقوم بواجبها هذا بين الفينة والاخرى تحت رقابة من يرغب بذلك وتوضع الاموال التي توجد في الصندوق حالا في البنك لحساب وقف سيدنا شعيب. وحسابات الوقف الداخل والخارج مفتوحة امام الجمهور لكل من يريد الاطلاع عليها.  والرئاسة الروحية تنظم شؤون المقام وترتب موضوع الزيارات فيه واستقبال الضيوف من كل مكان وهي تفسح المجال طبعا لجميع أبناء الطائفة الدرزية ان يزوروه وأن يقوموا بإيفاء النذور طبعا بمراعاة الآداب العامة والأصول والتقاليد.

 

الترميمات الجديدة التي أقيمت فيه جعلته رمز فخر واعتزاز لجميع ابناء الطائفة:

لقد قام فضيلة الشيخ موفق طريف في السنوات الاخيرة بإكمال ما بدا به فضيلة المرحوم الشيخ امين طريف وباجراء ترميمات واسعة النطاق وبأعمال تطوير جذرية وهامة في تاريخ المقام. فقد اضاف الى البناية الأصلية القائمة منذ ثمانمائة سنة قاعة كبيرة ومرافق جديدة مبنية من الحجر وبتقنية عالية حيث اصبح المقام من اجمل المؤسسات الدينية في العالم. وفي الساحة العامة تم تعبيد مساحات كبيرة منها وإقامة طاولات لخدمة الزوار وترتيب الساحة بشكل ينظم وجود عدد كبير من الزوار في لحظة معينة ويستطيع عدد كبير جداً من ابناء الطائفة من مختلف القرى ان يحضر الى المقام وأن يدعو اليه من يشاء واي عدد يشاء ويمكن ان يحدث ذلك في وقت مركّز ولا يؤثر واحد على الآخر بل هناك اتساع في المساحة ورحابة صدر عند المشرفين والمسؤولين. ولكن على الراغبين بايفاء نذر في المقام الشريف تنسيق ذلك مع المشرف على المقام.  لقد زار المقام في الآونة الأخيرة عدد كبير من الضيوف من الخارج وأعجبوا في نقاوته وطهارته وأشادوا بالتخطيط المناسب الذي يفسح المجال أمام عشرات الاف الزوار ان يتواجدوا فيه في نفس الوقت ويمنح الزائر الفرد الشعور الطيب بأنه موجود بأيادٍ أمينة. هذا وتستمر الرئاسة الروحية في ترميم المقام لتجعله تحفة هندسية فنية رائعة وهذا يلاقي صدى عند ابناء الطائفة الدرزية الواعين الذين يعتزون بالمقام ويفتخرون به وهم مستعدون على التضحية بكل غالٍ وثمين من اجله.

عن: مجلة العمامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *