عروض فنيّة مُبهرة ومميّزة لطالبات وطلّاب المعهد

مراسل حيفا نت | 06/07/2014

مطانس فرح

كما عوّدتنا الفنّانة المتجدّدة والمتألّقة فريال خشيبون، بتقديم أفضل العروض الفنّيّة لفرقة "سلمى" للفنون الاستعراضيّة على مسارحنا، والّتي كانت دائمًا تبهرني وتشدّني وتلفت انتباهي، وتلاقي استحساني واستحسان غالبيّة مَن يشاهدها، أيضًا؛ لمدى احترافها ومِهْنيّتها، وجماليّة لوحاتها الاستعراضيّة وتمايل أجساد الرّاقصات والرّاقصين وتناغمها مع الموسيقى.. دُعيت، يوم الاثنين الأخير، نهاية شهر حَزيران المنصرم، لمشاهدة عرض ختاميّ لطلّاب وطالبات معهد «سلمى» للفنون الاستعراضيّة؛ احتفالًا بمرور عامين على افتتاح المعهد وبتخريج عشرات طالبات وطلّاب المعهد الّذين شاركوا في دورات رقص مختلفة.

كما في العام المنصرم، جئت هذا العام العرض وأنا على يقين من أنّني لن أشاهد عرضًا لامعًا باهرًا احترافيّـًا فالحديث يدور عن عروض فنّيّة منوّعة لطالبات وطلّاب معهد "سلمى" للفنون الاستعراضيّة، لا عرض لفرقة "سلمى" الحِرَفيّة؛ إلّا أنّ العرض كان مُمتعًا ومُبدعًا. فقد غصّت قاعة «كريچر» في كرملنا الفرنسيّ الحيفاويّ بمئات الحاضرين، وخصوصًا الأهالي منهم، الّذين ملأوا القاعة منتظرين بتلهّف وترقّب شديدين، باكورة عروض أطفالهم وأبنائهم وبناتهم.

رقصوا، تمايلوا، وملأوا الحيّز.. أفلحوا هنا وأخفقوا بعض الشّيء هناك.. أدهشوا وأمتعوا وفاجأوا، أحيانًا.. ولكن في المحصّلة، قدّم طالبات وطلّاب معهد «سلمى» عروضًا فنّيّة راقصة جميلة وممتعة، أسرت قلوب الأهل الفخورين بأطفالهم وأبنائهم وبناتهم، ولامست الحضور.

ليس من المفهوم ضمنًا، ولا من السّهل بتاتًا، أن تجمع على خشبة مسرح واحدة أكثر من 180 برعمًا وبرعمة، وأن تُدمج بين جميع الأعمار، لتخلق صورًا فنّيّة مصغّرة لمواهب مجتمعنا الّتي نمت في أحضان معهد "سلمى" للفنون الاستعراضيّة، لتقدّم عروضًا مثيرة، منوّعة، غنيّة بالحركات، تحمل في طيّاتها فنّـًا وجمالًا وإمتاعًا.

وللمصداقيّة، فرغم بعض هفوات طلّاب المعهد وطالباته خلال العرض، وخصوصًا الأطفال منهم – وهذا طبيعيّ ومتوقّع؛ فنحن لسنا أمام فرق محترفة، مِهْنيّة، بارعة – لا يمكنك إلّا أن تغضّ الطرف عن هذه الهفوات؛ حيث تأسرك طيبة وابتسامة وإصرار هؤلاء الأطفال، وعلينا ألّا ننسى أنّ "كبرى" فرق الرّقص المحلّيّة الّتي تدّعي المِهْنيّة والاحترافيّة، تهفو هنا وتُخفق هناك، في عدد من عروضها أيضًا، فكم بالحريّ بهؤلاء البراعم الأطفال.

على مدار أزيد من ساعتين بقليل، تسمّرت على مقعدي لمشاهدة عرض فنّيّ تنوّعت فيه الأغاني والموسيقى والحركات واللّوحات الرّاقصة.. ما بين حديث وقديم، ما بين رقص شعبيّ وشرقيّ واستعراضيّ، دبكة وباليه، كلاسيكيّ وتعبيريّ، عربيّ وأجنبيّ، «هيپ هوپ» وغيره، حيث دأبت الفنّانة فريال خشيبون وطاقم المعلّمات والمعلّمين في المعهد على عدم تقديم عروض هابطة، واهتمّت بأدقّ التّفاصيل، وخصوصًا التّنوّع والتّجديد وعدم تَكرار ذاتها. فاهتمّت بالأزياء، أيضًا، الّتي لعبت دورًا كبيرًا في العرض؛ فألوان الأزياء الملوّنة، الزّاهية، الدّاكنة، والمزركشة، تماشت وانصهرت مع الأنغام والألحان والموسيقى، وزادت العرض رونقًا وجمالًا.

هذا وشاركت فرقة "سلمى" للفنون الاستعراضيّة، ضمن هذا الاحتفال، فكانت مُبهرة كعادتها؛ حيث تمايلت أجساد الرّاقصات والرّاقصين على أنغام الموسيقى، فحاورت أجسادهم الإيقاع، لترسم لنا صورًا فنّيّة جميلة، وتصوّر لوحات إبداعيّة راقصة معبّرة، بأداء راقٍ – يصبو إلى أن يصل إليه طلّاب المعهد وحتّى بعض الفرق «المحترفة» – يوحي بحِرْفيّة ودقّة وإتقان ومهْنيّة وتجدّد، ويُظهر تناغمًا وانسجامًا بين أعضاء فرقة «سلمى» الاستعراضيّة.. إذ افتتحت الفرقة الأمسيّة الاستعراضيّة على أنغام أغنيّة "بكرا وبعدُه" واختتمتها بدبكة إبداعيّة على أنغام أغنيّة "عَلّي الكوفيّة" وسط تشجيع وتصفيق مئات الحاضرين.

يذكر أنّ الفنّانة رنين بشارات قامت بعرافة الحفل، وتميّزت بتقديم مزج بين الدُّعابة والفُكاهة والجِديّة. كما قدّمت خلال الحفل مقاطع كوميديّة ساخرة، تطرّقت خلالها إلى أجواء المونديال، لاقت استحسان الحضور. كما برزت مواهب طلّاب المسرح في معهد "سلمى"، والّذي يشرف على تدريبهم الفنّان إلياس مطر، حيث "شاركوا" الفنّانة بشارات التّقديم بخفّة دم.

حلم الفنّانة فريال خشيبون يتحقّق؛ حيث بات المعهد عُنوانًا، يجمع الصّغير والكبير. بات بيتًا عائليّـًا يتعلّم فيه أولادنا محاكاة الآخر بلغة الجسد والفنّ الرّاقي والتّعبير، لا بالعنف والمشادّات الكلاميّة. فالعلاقات الاجتماعيّة والأخويّة السّائدة في المعهد قلّما تجدها في مجتمعنا، وكأنّ الجميع عائلة واحدة كبيرة. حيث تؤكّد الفنّانة خشيبون أنّها ليست مجرّد معلّمة أو مدرّبة بارعة، بل هي أم حنون حاضنة لجميع طلّاب المعهد وطالباته.

وأعيد وأكرّر.. كم من الضّروريّ والهامّ والسّويّ وجود معهد كهذا في مجتمعنا، يجمع ضمن إطاره عددًا كبيرًا من بناتنا وأبنائنا، يتعلّمون فيه لغات فنّيّة منوّعة تُدمج الرّقص والموسيقى والتّمثيل والرّياضة، وفنّ العلاقات الاجتماعيّة الّتي نفتقدها أيضًا، بدل التّسكّع في الشّوارع والانجراف إلى الانحراف.. نعم! نريد المزيد من المعاهد في مجتمعنا، كمعهد "سلمى" للفنون الاستعراضيّة؛ فإحدى الطّرق لتعرُّف الشّعوب والمجتمعات، تعرُّف فنّه.

إنّ القلق الّذي ساور بعض الطّالبات والطّلّاب لدى اعتلائهم المسرح لأوّل مرّة تبدّد.. فافتخار الأهل بفلذات أكبادهم واستمتاع الحضور بالعرض وفرحة الطّالبات والطّلّاب بنجاحهم وشهاداتهم، بدّل قلقهم فرحًا وزادهم مسؤوليّة وإصرارًا على مواصلة طريق النّجاحات. أشدّ على أيادي المعلّمات والمعلّمين في المعهد، وعلى رأسهم المدرّبة والمصمّمة، ومخرجة هذا الاحتفال، الفنّانة المتميّزة والمتألّقة والمتجّددة، دومًا، فريال خشيبون.

(تصوير: أمير هنري خوري)

 
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/156460165320140607125539"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *