في جلسة لجنة الأملاك البلديّة الأخيرة تمّ تداول قضيّة بيع أملاك مختلفة في المدينة تعود للبلديّة إلى مقاولين ومستثمرين، وقد تمّ في هذه الجلسة إقرار عدّة بنود؛ وفي البند الأخير عارضت كتلة «الجبهة» الممثّلة بعضو البلديّة المهندس هشام عبدُه بشدّة صفقة بيع بناية مدرسة «معاليه هكرمل» (سابقَا)، والّتي تمتلكها بلديّة حيفا منذ قيام الدّولة، إلى الطّائفة البهائيّة، لمجرّد قُربها من «قبّة عبّاس».
فقد عرضت الصّفقة، رئيسة قسم الأملاك پنينا باز، أمام لجنة الأملاك البلديّة، على أنّها الأمثل للبلديّة، لأنّ البهائيّين عرضوا المبلغ الأكبر لهدف الفوز بهذه البناية. وقد ناقش كلّ من: هشام عبدُه (كتلة «الجبهة»)، وأڤيهو هان (كتلة «الخضر») هذا القرار، وأكّدا على أنّه لا يصبّ بتاتًا بمصلحة السّكّان القاطنين على مقربة من البناية، والّذين بغالبيّتهم السّاحقة من العرب!
وفي نقاش محتدم دافعت رئيسة قسم الأملاك عن قرارها المقترح لبيع هذه الأملاك الخاصّة للطّائفة البهائيّة، بادّعاء أنّ المدرسة حينما كانت تعجّ بالطّلّاب اليهود، كانت تشكّل مصدر إزعاج ما، إلى زائري المعبد البهائيّ المقدّس. لذا فرئاسة البهائيّين معنيّة جدًا باقتناء المبنى، هذا المبنى المحافَظ عليه، لهدف تحويله إلى مكاتب لها، تضمن الهدوء في المِنطقة المجاورة للمعبد.
وعندما اقترح أڤيهو هان أن يتحوّل إلى مركَز جماهيريّ لسكّان حيّ عبّاس الأعلى، وشارع الجبل («هتسيونوت») الأعلى، أجابه موظّفو قسم الأملاك، على الفور، أنّ هذا سيمسّ بالمصلّين البهائيّين والزّائرين، وبقدسيّة المعبد!!
عندها اقترح ممثّل كتلة «الجبهة»، المهندس هشام عبدُه، على قسم الأملاك البلديّة أن يتمّ تحويل بناية المدرسة السّابقة «معاليه هكرمِل» إلى متحف حديث للتّاريخ والثّقافة العربيّة في مدينة حيفا خاصّةً، وفي البلاد عامّةً!
وأضاف عبدُه أنّه يمكن بناء قسم خاصّ من المتحف، أيضًا، يعرض تاريخ البهائيّين في مدينة حيفا؛ وبذلك نزفّ بشرى لكلّ سكان مدينة حيفا – العرب خصوصًا – بأنّ البلديّة تعمل خيرًا لصالح سكّانها العرب، وتخصّص مبنًى للتّعايش الحقيقيّ، الّذي يضمن عرض تاريخ المدينة العربيّة العريق، أمام الجمهور اليهوديّ والعربيّ في المدينة. واستطرد عبدُه قائلًا: يستطيع الفنّانون الحيفاويّون العرب، من كافّة الأجيال والشّرائح، عرض أعمالهم ولوحاتهم الفنيّة داخل أروقة المتحف العربيّ، وبهذا نضمن مكانًا يحكي ويوثّق تاريخ حيفا العربيّة بالصّور والأعمال والمعارض، وفي الوقت ذاته الهدوء للمنطقة المحاذية للمعبد البهائيّ المقدّس.
واختتم عبدُه حديثه، متسائلًا: إنّ البهائيّين لا تنقصهم الأملاك والمباني في مدينة حيفا، والّتي اشتروها على مدار سنوات، فلِمَ يجب على البلديّة بيع أملاك عامّة لسكّانها العرب واليهود، إلى البهائيّين، لمجرّد أنّها قريبة من المعبد، وهي في الواقع تبعد نحو 850 مترًا جويّـًا عنه!
وفي عمليّة التّصويت الّتي جرت حول صفقة البيع، صوّتت الأغلبيّة إلى جانب الاقتراح، بينما صوّت هشام عبدُه (الجبهة) وأڤيهو هان (الخضر) ضد الاقتراح. وفي جلسة البلديّة، يوم الثلاثاء الأخير، استطاعت كتلة («الجبهة») إلى جانب كتل المعارضة، وبعض أعضاء الائتلاف، من شطب بند بيع الأملاك من جدول الأعمال، ما يعني في الواقع، تأجيل البتّ في هذه قضيّة بيع هذا المبنى إلى ما بعد إنتخابات البلديّة المقبلة!
فلو تمّ الموافقة على الصّفقة لخسر سكّان حيفا، من العرب واليهود، بنايةً تاريخيّة جميلة، محافظ عليها من أملاك بلديّتهم، بدل أن تحوّلها البلديّة إلى متحف عربيّ يعرض التّاريخ العربيّ في المدينة ويحكي عنه، تمامًا كما فعلت بلدية قرطبة في إسپانيا، عندما خصّصت متحفًا يحكي عن تاريخ يهود المدينة سابقًا!
(تصوير: وائل عوض)