أقرّت الحكومة الإسرائيلية منذ خمسة أشهر ونيّف قرارا بحفر مسار جديد وطويل في ميناء حيفا، وبناء كاسر أمواج جديد في خليج حيفا.
وقد أقرت الحكومة هذا القرار التخطيطي في خارطة هيكلية قطرية رقم 13 – ب (תמ"א 13 – תוכנית מתאר ארצית 13) في وزارة الداخلية.
وقد قدّم مهندس بلدية حيفا أرييل فطرمان إعتراضات على هذا المشروع التخطيطي، التي بغالبيتها اعتراضات تقنية هامة، ولكنها وليست جوهرية.
وقد مثلت هذا الأسبوع كتلة الجبهة ممثلة برئيس الكتلة المهندس هشام عبده أمام رئيسة لجنة التحقيقات في الإعتراضات على تخطيط الميناء، المحقّقة الخاصة السيدة رننا يارديني التي عيّنت من قبل وزارة الداخلية لسماع الإعتراضات التقنية والبيئية وغيرها من قبل مهندس البلدية ومن قبل أعضاء البلدية وسكان حيفا.
وقد شاركت أيضا كتلة "الخضر" في مجلس البلدية في الجلسة الهامّة وكانت ممثّلة برئيس الكتلة شموئيل جيلبهارط. ولم تشارك أية كتلة أخرى في بلدية حيفا في هذه الجلسة الهامة.
وبعد سماع اعتراضات مهندس البلدية التقنية المفصّلة، طرح رئيس كتلة الخضر اعتراض الخضر على بناء هذا المسار الجديد من الميناء في شرق حليج حيفا, بدون إدراج شرط أساسي لإخلاء الميناء القديم الغربي من شاطئ بحر حيفا!
فالميناء القديم يخنق البلدة التحتى في حيفا ويمنع السكان من الوصول إلى البحر المتوسّط مثلما يصله أهل برشلونة مثلا في إسبانيا من داخل البلد! كما حذّر من حفر قاع البحر في هذا المسار بدون تخطيط جيّد، سيمنع وصول الرمل إلى شواطئ الكريوت في شمال حيفا.
وقدّم المهندس هشام عبده إعتراضات الكتلة الأساسية ليس على تخطيط المسار الجديد الشرقي للميناء، طبعا مع الحفاظ على البيئة، بل على خطط الحكومة اليمينية إقتصاديا والتي باتت الآن واضحة ومكشوفة، لإستغلال الميناء الجديد الشرقي في حيفا.
لتحويله إلى ميناء خاص، بينما عمال الميناء المنظّمين في الميناء القديم سيرفضوا كليا إخلاء ميناء حيفا القديم الغربي، كما تقرّر في المجلس البلدي, لأنهم سيفقدون مكان عملهم فحسب!
وهكذا تبتلي مدينة حيفا وسكانها أجمعين، بمينائين واحد شرقي جديد وخاصّ، والآخر غربي عمومي ولكنه ما زال يمنع المدينة وسكانها من استعمال البحر والوصول إليه إسوة ببقية المدن في حوض المتوسّط مثل الإسكندريّة وغيرها!
وقد طالب لجنة التحقيق والمحقّقة يارديني بمنع تحويل الميناء الجديد إلى ميناء خاص. وقد اعتمد في هذا الطلب على طلب رسمي قدمها ممثل العمال في الميناء إلى الرفيق بنيامين جونين، كما وانتهز عضو البلدية عبده فرصة سماع الإعتراضات وأمامه تمثل كل إدارة ميناء حيفا وهاجم هذه الإدارة بشدة على سياسة التمييز ضد العرب بعدم تشغيل أي عربي داخل الميناء فقال:
"12% من سكان حيفا هم من العرب ولا يستطيعون دخول الميناء في حيفا والعمل فيه! لماذا؟ أطالب بتغيير جذري لسياسة تشغيل العمال في الميناء لدمج العمال العرب فورا"، وعندما تساءلت المحقّقة ياردينا، كيف سيتحوّل الميناء الجديد إلى ميناء خاص وفي الواقع أن الميناء سيشغّل بالضرورة من قبل أصحاب امتياز إسرائيليين فأجاب عبده، عندما يكون هدف أصحاب الإمتياز الجدد الإسرائيليين هو الربح فحسب، لأنه ميناء خاص، فيستطيعون عندها إحضار عمال من الصين لتشغيل الميناء الجديد، لأنهم يتقاضون معاشات قليلة، تماما مثلما نفذّت شركة صينية وعمال صينيون كل مشروع شق النفق في جبل الكرمل على مدار ثلاث سنوات كاملة!
وفي نهاية الجلسة الأولى من التحقيقات في الاعتراضات، تبادل رئيس كتلة الخضر غيلبهارت ورئيسة لجنة التحقيقات يارديني ذكريات نوسطالجيا عن أول مرة رأوا فيها جمال مدينة حيفا فقالت ياريديني:
"لقد رأيت جبل الكرمل الجميل وأنا في سفينة من البحر لأول مرة عندما هاجرت من الولايات المتحدّة بعد حرب 1967 مباشرة، وقد أجابها جيليهارت أنه كان طفلا يبلغ السابعة عندم وصل إلى ميناء حيفا الجميل وأهله يهاجرون من إلمانيا
وعندما أحضروا علم إسرائيل وسألوه وفقا للعادة الصهيونية لكل مهاجر: "ما هذا يا شموليك"؟ أجاب شموليك الصغير بالألمانية "قطعة قماش خرقاء"! (סמרטוט!)
وقد عقّب فورا عضو البلدية عبدُه داخل الجلسة وللبروتوكول المسجّل، على تبادل الذكريات بذكريات خاصّة من عنده قائلا:
"نعم إنّ شهاداتكم كلكم شموليك وريننا وغيركم، التي تروونها هذه صحيحة للغاية، أي نعم لقد رأيتكم كلكم هنا من حي عباس العريق (المطلّ على البحر)، تأتون من البحر في سفن عديدة من بلاد بعيدة!
إذ كنتُ دائما أطل على البحر بعد ولادتي هنا في حيفا، وأشاهد سفنكم المليئة بالمهاجرين، وكما أن أبي وجدي ولدا في هذه البلاد الطيّبة، ورأوا حيفا الجميلة فقط من اليابسة!"
وقد فوجئ عضو البلدية هشام عبده، من التصفيق والهتافات والمصافحات التي تلقاها بعد تقديمه هذه الملاحظة اللاذعة للجنة التحقيقات من قبل الجمهور الحيفاوي اليهودي الواسع –وقد كان العربي الوحيد الذي حضر الجلسة، لا بل إنّ المحامي الرئيسي في اللجنة، الذي كان مسؤولا عن ضبط البروتوكول في الجلسة قام من مكانه قبل الخروج للاستراحة لمصافحته بحرارة!
وقد استمرّت الجلسة بعد ذلك على مدار اليوم الكامل لسماع ملاحظات وتحفّظات عشرات السكان في حيفا. وستصدر رئيسة لجنة التحقيقات قراراتها على الاعتراضات في غضون أشهر معدودة".
كتلة الجبهة تتصدى بقوة لكل محاولة لخصخصة ميناء حيفا في الميناء الجديد
مراسل حيفا نت | 25/06/2013