عشيّة انعقاد المؤتمر السّنوي لجمعيّة التّطوير الاجتماعيّ

مراسل حيفا نت | 23/06/2013

 إغباريّة: مجتمعنا جاهز وقادر، ومهمّتنا تمكينه من ذلك بتطوير العمل والشّركات والائتلافات.  

حقّقت الجمعيّة في السّنوات الأخيرة انجازات هامّة على عدة مستويات خاصّة.

جمعيّة التّطوير هي الهيئة الحيفاويّة الأهليّة الوحيدة القادرة على جمع كلّ الأطياف والقيادات تحت سقف واحد، وحول هدف واحد

الجمعيّة تحصل كلّ عام على تصريح بالإدارة السّويّة من مسجّل الجمعيّات

 

تستعدّ جمعيّة التّطوير الاجتماعيّ – حيفا لاجتماعها السّنوي الّذي يُخصّص عادةً لتلخيص نشاطاتها في سنة واستشراف مرحلة مقبلة. وهي تفعل ذلك هذا العام، وقد زادت برامجها وتوسّعت أنشطتها ودائرة المستفيدين منها.

وهذا بالتّحديد هو همّ الجمعيّة في عملها – كيف تستطيع توسيع أنشطتها وبرامجها ودائرة المستفيدين، وكيف تستطيع أن تؤثّر؟ أسئلة تطرحها جمعيّة التّطوير الاجتماعيّ على نفسها بشكل دوريّ، كلّ ستة أشهر تقريبًا! تفعل ذلك في أيّام التّخطيط الاستراتيجيّ، وفي لقاءات مجلس الإدارة والطّاقم. 

واللافت أنّ الجمعيّة أفلحت في السّنوات الأخيرة، بتوسيع أنشطتها بشكل ملحوظ ومضاعفة أعداد المستفيدين عدّة مرّات، خاصّةً في مجال التّربية والتّعليم والتّمكين المجتمعيّ ولجان الأحياء. كما لوحظ أنّ مكانة الجمعيّة قد تعزّزت أضعاف ما كانت عليه، وأنّ علاقاتها توسّعت مع مختلف فعّاليّات المجتمع وقواه الاجتماعيّة والسياسيّة. بل باتت الجسم شبه الوحيد في حيفا، القادر على جمع كلّ أطياف مجتمعنا وممثّليه وقياداته، تحت سقف واحد وحول قضايا مشتركة. كيف حصل كلّ هذا؟! حول هذا السّؤال الّذي يعكس تطوّرًا هامّـًا في نشاط المجتمع المدنيّ في المدينة، كان لي حديث مع مدير الجمعيّة، وأحد مؤسّسيها، حسين إغباريّة.

– كيف تأتى لكم التوسّع بهذا القدر؟

لا أريد أن أفاخر بما أنجزناه، لأنّه في صلب توجّهنا وفهمنا لوظيفة مؤسّسة مجتمع مدنيّ، نحن نعمل منذ العام 1982 وحتّى الآن من دون توقّف. وهذا هو السّرّ الأوّل. يصعب أن تجد في حيفا أو غيرها جمعيّات تداوم على العمل على مدار هذه السّنين. بمعنى، أنّ هناك تراكمًا لإنجازاتنا ونشاطاتنا أفضت إلى وضعيّة صارت فيها الجمعيّة ركنًا هامّـًا من أركان المجتمع العربيّ في حيفا. في أساس عملنا عدّة قواعد تشكّل منهجيّة متكاملة أوصلتنا إلى هنا. لقد أثّرنا في الخطاب وحالة الحراك الاجتماعيّة، وفي بناء أفضل العلاقات مع أطياف المجتمع وفعّاليّاته، وطوّرنا «موديل»/نموذج العلاقات الحواريّة مع المؤسّسات الرسميّة، خاصّةً البلديّة ووزارة المعارف منها. وقد بدأنا نلمس مكاسب مثل هذا التوجّه وقدرته على إحداث التّغيير، ليس باعتماد صورة الضحيّة، وإنّما بالخروج من هذا الموقع إلى خانة الفعل والتّأثير على صانع القرار، وطرح البدائل».

– أنت تتحدّث عن «منهجيّة متكاملة».. ما هي هذه المنهجيّة، وكيف تشكّلت؟

«لقد تشكّلت بالتّصميم والمثابرة. وهي تقوم على أسس تعلّمناها من التّجربة الطويلة. في أوّل هذه الأسس اعتماد مبدأ الانفتاح وقبول التعدديّة في المجتمع، وفي كلّ حيّز. الانفتاح على أهلنا جميعًا من دون تمييز أو دون استثناءات، على أساس أنّ المجتمع هو بكلّ مجموعاته وانتماءاته وأطيافه، وليس فقط من أولئك الّذين يروقون لنا أو يشبهوننا. وهذا ما مكّننا من إقامة صلات احترام ومودّة مع الجميع. وقد طوّرنا برامجنا على أساس الرّؤيا المجتمعيّة الملتزمة لقضايا مجتمعنا الحياتيّة وحقوقه الوجوديّة. من هنا كان من السّهل الانتقال من توجّهات «صداميّة» ومن لغة المواجهة والتّصدي وما أشبه إلى لغة الحوار والتّفاوض مع الهيئات الرّسميّة صانعة القرار. وقد لاحظنا أنّ المؤسّسات الرسميّة تنفتح لنا بمدى انفتاحنا. والأمر الثّالث هو مهنيّتنا الّتي تجسّدت في إجراء أبحاث واستطلاعات ودراسات في الشّؤون الّتي نهتم بها قبل بناء البرامج أو إطلاق مشاريع. درسنا الموضوع بدايةً ثمّ طوّرنا العمل بما يتناسب؛ درسنا الاحتياجات من فترة إلى أخرى، واستطعنا أن نتواصل بشكل خلّاق ومِهنيّ مع أهلنا وقضاياهم. أمر رابع لا يقلّ أهمية عن هذا وذاك، هو اهتمامنا بالبناء الذّاتي للجمعيّة، من خلال تخصيص موارد للاستشارة المهنيّة متعدّدة المجالات، وفي تدريب الطّاقم وفي التّخطيط طويل الأمد».

– ما هي الأنشطة الّتي تعتّزون بها بشكلّ خاص، وتعتبرونها من أهم مكاسبكم؟

«لقد استطعنا في السّنوات الثّلاث الأخيرة أن نُحدث حراكًا محمودًا في مجال التّربية والتّعليم، خاصّةً بالعمل مع القيادات التّربويّة كافّة وإن تفاوتت. لقد استطعنا – بالتّعاون مع إدارات كافّة المدارس، تقريبًا – أن نطلق شراكات عمل جديدة خاصّة في مجال مناقشة قضايا التّعليم العربيّ من زوايا مِهنيّة عينيّة، وبناء تصوّر عامّ للتّعليم العربيّ في المدينة. أشير إلى أنّ نشاطنا استند إلى بحث نوعيّ أجريناه عن جهاز التّعليم العربيّ في المدينة. أطلقنا برامجَ عديدة، أذكر منها: «الرّواق التّربويّ» و«الرّواق التّعلّميّ» و«ميثاق المجتمع المدرسيّ الآمن» و«احتفاليّة المعلّم»، وتنشيط لجان أولياء الأمور، وإقامة مجلس عامّ للطّلّاب العرب في حيفا، لأوّل مرّة منذ سنين طويلة. والأهم أنّنا أطلقنا حوارًا ونقاشًا حول قضايا التّربية والتّعليم من زاوية آمنة وليس ضديّة أو تحريضيّة أو سجاليّة؛

«في مجال الأحياء ولجانها، استطعنا – لأوّل مرّة – تشكيل المجلس العام للأحياء العربيّة والمشتركة، من خلال تفاهم واتّفاق على خطوط عامّة وفرضيّات عمل لتحسين جودة الحياة في الأحياء. عملنا بالمقابل على إطلاق مشروع تدريبيّ للجان الأحياء والنّشطاء، شارك فيه ممثّلون عن 12 حيّـًا عربيّـًا ومشتركًا؛ وسنبدأ قريبًا المرحلة الثّانية منه، والّتي ستستمرّ سنة بأكملها. نلاحظ إقبال النّاس على العمل المجتمعيّ في أحيائهم وحول قضاياهم، وهذا مثار اعتزاز  لنا. إنّنا نؤثّر باتجاه العمل المجتمعيّ، وهذا هدفنا من تمكين المجتمع وفعاليّاته؛

«لدينا مشروع الحقوق والمرافعة أيضًا.. وهو دائرة تعمل فيها محاميّتان تقدّما الاستشارة القانونيّة لما يقارب 100 عائلة في السّنة، إضافة إلى العمل على الحقوق الجمعيّة مثل اللّغة وتمثيل عمّالي مناسب للعرب في المدينة، وعلى الحقوق في التّخطيط والبناء. تعمل الدّائرة على مدار السّاعة، وترافع عن عشرات المواطنين كلّ عام أمام المحاكم أو المؤسسات؛

«نشطنا ضدّ العنف بناءً على نتائج بحث ميدانيّ أجريناه في العام 2010، كانت صحيفة «حيفا» أوّل مَن أعدّ تقريرًا شاملًا عنه. دعمنا كلّ مبادرة مناهضة للعنف لا سيّما الشّبابيّة منها، وأطلقنا حوارًا بين القيادات العربيّة حول إمكانيّة وضع خطّة مجتمعيّة لمواجهة العنف، كما طالعنا، مؤخّرًا، على شكل جريمة قتل الشّاب محروس زبيدات؛ 

«بين هذا النّشاط وذاك أصدرنا مطبوعات تنويريّة إرشاديّة في كثير من المواضيع الحقوقيّة والخدماتيّة والاستهلاكيّة. كلّ هذا يأتي استجابةً لاحتياجات حقيقيّة نشخّصها من خلال العمل مع أهلنا بإخلاص ومنهجيّة».

– هذا يتطلّب مِهْنيّة وتمويلًا وإدارة وجهودًا مكثّفة، فكيف تتدبّرون ذلك؟

«ليس سرًا أنّنا نستفيد من تجربتنا الموثّقة والمكتوبة. لدينا نظام سياسات وإجراءات، وضعه حقوقيّون وإداريّون مِهْنيّون، يساعدنا في إدارة شؤوننا اليوميّة. لدينا إدارة داخليّة للحسابات، وأخرى خارجيّة، ولجنة مراقبة مِهْنيّة. لدينا طاقم مِهْنيّ داخل الجمعيّة وخارجها. هذه مقوّمات تساعدنا على القيام بكلّ هذه الأمور الّتي لم أشِر إلّا إلى قسم منها. أمّا التّمويل فهو من صناديق أوروپيّة بالأساس، علينا أن نكتب لها التّقارير الدوريّة، وأن نقدّم تقارير شفهيّة لمندوبيها الّذين يزورون الجمعيّة من حين لآخر. باختصار، إنّها مَهمّات ليست سهلة بل مركّبة تستفيد الجمعيّة فيها من تجربتها في أدائها. وقد حصلنا دائمًا، في نهاية كلّ عام، على تصديق من مسجّل الجمعيّات بخصوص الإدارة السّويّة لكلّ أمورنا. نحن دقيقون في كلّ شيء، ومتمسّكون بأحكام القّوانين المتّصلة بالجمعيّات وبتعليمات المراقبة والمحاسبة والاستشارة. ومن هنا قدرتنا على العمل والاشتغال بالأمور الأخرى، أيضًا».

– أنتم تقتربون من الاجتماع السّنوي، وفي جعبتكم ما يكفي لعرضه ومناقشته، إذًا؟

«هذا صحيح. لدينا الكثير الكثير لمناقشته واتّخاذ القرارات فيه. مهمّتنا هي تحقيق المساواة لأهلنا، وتحويل حيفا إلى مدينة مشتركة بالفعل لكلّ سكّانها. فسنسأل أنفسنا: هل اقتربنا من هذا الحلم.. وكيف يُمكننا أن نتقدّم نحوه؟ رسالتنا الّتي نتمسّك بها هي خدمة أهلنا، من فرضيّة أنّنا أقليّة أصلانيّة تسعى إلى تحقيق ذاتها، فرديّـًا وجماعيّـًا. لن يتسنّى لنا هذا إلّا إذا كنّا منظّمين – ولدينا في هذا مشروع متكامل – ومِهْنيّين وأصحاب مشروع سياسيّ – ثقافيّ، وعمليّين في تحقيقه».

– وهل تستطيع الجمعيّة أن تفعل ذلك بمفردها؟

«بالتّأكيد لا. نحن نعرف محدوديّة قوّتنا كجمعيّة، ونعرف محدوديّة مواردنا أيضًا؛ لكنّنا نعوّل على القدرات والطّاقات الكامنة في مجتمعنا. وفرضيّتنا هي أنّه عندما نتصرّف كمجتمع على أساس وعي مشترك ومشروع مشترك، سنجد أنّنا قادرون على رسم خارطة طريق لما نسعى إليه. خُذ مثلًا مسألة العنف، وهي قضيّة حارقة في مجتمعنا. كجمعيّة لن نستطيع أن نحلّ المشكلة أو نضع لها فصل الخاتمة، لكنّنا كمجتمع متعاضد متفاهم على الطّريق والطّريقة، نستطيع ذلك. إنّنا كصورة «پازل» لا تكتمل إلّا بوجود كلّ القطع المتجاورة متناسقة. كلّ قطعة تقوم بدور ما لا يكتمل إلّا بالأدوار الأخرى.. وهذا ما نسعى إليه. نحن نؤمن بالشّراكات والائتلافات، وبقدرة كلّ فرد وفعّاليّة وهيئة ومجموعة أن تُسهم في تحقيق حلمنا الجماعيّ هذا».

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *