بدعوة من «نادي حيفا الثّقافي» ومؤسسة محمود درويش والإبداع، ومعهد إميل توما للدراسات الفِلَسطينيّة، أقيمت أمسيّة ثقافيّة، مؤخّرًا، تكريمًا للمناضل عودة الأشهب (أبو عدنان)، واحتفاءً بصدور كتابه «صفحات من الذّاكرة الفِلَسطينيّة»، بمشاركة المحامي وليد الفاهوم، من معهد إميل توما للدّراسات الفِلَسطينيّة. حضر الأمسية عدد كبير من المهتمين بالذّاكرة الفِلَسطينيّة وتاريخها.
تولى العرافة الكاتب والمربي الأستاذ فتحي فوراني، مرحّبًا بالجمهور وشاكرًا كلّ مَن ساهم في الإعداد والتّحضير لهذا البرنامج.
وبأسلوبه المشوّق، الّذي لا يخلو من الدعابة، عرّف الأستاذ فتحي بالمناضل الأشهب: «الغزال الأشهبيّ» ابن الواحد والتّسعين عامًا، الذي يمشي منتصب القامة، كجندي في المارش العسكري»، وقال: «إنّ عودة الأشهب رجل صافي الذهن، ذو ذاكرة راداريّة ذكيّة، تحفظ أدق التفاصل لأحداث حدثت قبل سبعين وثمانين عامًا، يستحضر الماضي مهما بعد ويضعه أمامنا وجهًا لوجه بحلوه ومرّه».
وأضاف فوراني في عرضه لشخص ضيف الأمسيّة: «لقد حمل أبو عدنان الرسالة واختار طريق النضال المليئة بالتّحديات، وخاض المعارك الكفاحية من أجل غد أفضل لشعبه. وكان طريقه طويلًا ومزروعًا بالشّوك والحجارة والزجاج والألغام ومليئًا بالنّضال والكفاح والقصص والمغامرات والتّحديات والجوع والاعتقال والأسر والحرمان.. كل هذا وغيره من أجل الحياة الحرة الكريمة».
وفي كلمته عن عودة الأشهب قال المحامي وليد الفاهوم: «لم أتردد يومًا في قول كلمة حق لإنصاف من ظُلموا. إن إنصاف الأشهب في حياته لواجب أخلاقي، حيث ظلم الأخ عودة ليس فقط من قبل الأعداء بل من ذوي القربى أيضا»!
وأضاف: «بعد أن قرأت كتابه لم أستطع أن أقف على الحياد، إن سجن كتاب هو سجن لصاحبه وإعدام للكلمة وخاصة كتابة التّاريخ، تاريخ الرواية الفِلَسطينيّة».ثمّ استطرد قائلًا: «يحدّثنا الأشهب في كتابه عن ضياع البلاد بين الإقطاع وسماسرة تجّار الأرض والدّين والسياسة وعن ثوّار الخليل في جبال الخليل حيث وُلد. ثمّ يحدّثنا عن التحاق الأشهب بالثورة عام 1936 في أعقاب استشهاد أخيه عيد، وعن اعتقاله في سجن المزرعة وانتمائه للحزب الشيوعيّ الفِلَسطينيّ فور خروجه من السجن عام 1941 متأثرًا بسعيد قبلان وفؤاد نصار. ثمّ تحدث عن مشاركة الأشهب في وضع اللبنة الأولى في بناء صحيفة «الاتّحاد» عام 1944. ثمّ انخراطه في العمل السياسيّ والنّقابيّ فكان مراسل جريدة «الاتّحاد» في القدس في عددها الأوّل.
ثم يتابع الفاهوم عن الكتاب، فيقول: «إنّه ينتقد بجرأة التناقض بين الأيديولوجية والتطبيق في سلوك بعض قادة الحزب الشيوعي».
ثمّ جاء دور المناضل المحتفى به الأشهب ليبدأ محاضرته القيّمة، مؤكّدًا على أهمية العلم لأبنائنا من منطلق أنّ الجاهل لا يستطيع أن يدافع عن قضيّته وأن من حق الأجيال أن تعرف.
وقال الأشهب: قد كشفت في كتابي أمورًا لم ترقْ لبعض الجهات فصدر أمر من جامعة بير زيت بإيقاف النشر. لكنّه وجه كلمة لليهود أنه عليهم استخلاص العبر من التاريخ وأن كل احتلال وإن طال بقاؤه فمصيره إلى زوال.
ثم تطرق إلى محطات هامّة في حياته: مرض زوجته وانتقاله للعيش في القدس. مراحل إعداد كتابه الذي سجن، انضمامه للثورة الفلسطينية وسجنه المتكرر وتتلمذه على يد الشّيوعيين وانضمامه إليهم، عن أخيه الثائر الشّهيد عيد وأخيه نعيم.
وقد ترك أبو عدنان أطيب الأثر لدى جمهور الحضور الذي استمتع بالمحاضرة وبما تضمنته من وقائع وأحداث تاريخية كان شاهدًا عليها وساهم في صنعها. كما استمتع الجمهور بالأسلوب الشّائق الّذي قدم فيه المحاضر محاضرته الحافلة بالتفاصيل والأحداث الهامة.