عيدنا زاريتسكي تطرح موضوع تشغيل عاملات النظافة كعمال مقاول في البلدية

مراسل حيفا نت | 09/06/2013

أول مرة كتبت عن قضية تشغيل عاملات النظافة في البلدية عن طريق مقاولين وليس بشكل مباشر، كانت عندما طرحت عضو البلدية عيدنا زاريتسكي طوليدانو (الجبهة) الموضوع في لقاء المجلس البلدي الشهري قبل أزيد من عامين.

هذان العامان مرّا دون جديد على الموضوع، ولكن بحث جديد حصلت عليه عضو البلدية زاريتسكي يؤكد أن تشغيل عاملات النظافة في البلدية بشكل مباشر لا يزيد التكلفة على خزنة البلدية بشكل كبير، بل أنه مفضّل ومحبب على النساء اللاتي يعملن بهذه الوظيفة ولو بدوام جزئي، ويضمن حقوقهن بشكل كامل ومستقبلهن وعائلاتهن، خصوصا وأن الكثير من النساء اللاتي يعملن بهذه المهنة يأتين من مستوى اجتماعي – اقتصادي منخفض، ويحتجن كل شاقل ليضمنّ لقمة العيش.

بالنسبة لزاريتسكي التعامل مع عاملات النظافة كعمال مقاول لهو تشييء لهن!

بالنسبة لزاريتسكي إن عاملات النظافة بشر قبل كل شيء، ومنذ ذلك الحين تطالب بتشغيلهن بشكل مباشر، لضمان حقوقهن بشكل صحيح وقانوني. فتقول: "أرى هؤلاء السيدات هنا يعملن بكد وجد دوما، وأرى كيف يتم استبدالهن طوال الوقت، لا يمكنني فهم هذا الانغلاق من قبل البعض، كيف تنظر باستعلاء للآخرين؟ كيف يمكنك ذلك؟ يدعي المسؤولون بلدية حيفا أن البلدية لا تشغل موظفين عن طريق مقاولين، بل أن الجميع يعمل بتشغيل مباشر. وعندما تضغط عليهم بهذا الشأن يدّعون "نحن نشتري خدمات"!!!

وتضيف زاريتسكي: "إن النظر ومعاملة البشر كأنهم خدمات أو كأغراض ومنع الانسانية عنهن لهو أمر محزن ومؤسف ومؤلم، لذلك لم أكف يوما عن طرح هذا الموضوع مرارا وتكرارا".

نحو 350 ألف إمرأة عربية معطلة عن العمل

في العام 2006، أظهر من بحث أجرته الباحثون د. يهوديت كنيج، دنيز نيؤون، وأفراهام فولدا تسيديك، والذي يعتمد بالأساس على معطيات عديدة من عدة استطلاعات ومسوح قامت بها اللجنة المركزية للإحصاء في إسرائيل، أنه في إسرائيل عامة أكثر من 13200 شابة وامرأة عربية تبحث عن عمل. ورغم أن نسبتهن قليلة، قياسا مع تعداد النساء بسن 18 حتى 64 في إسرائيل (حوالي 350 ألف امرأة عربية)، إلا أنهن يشكّلن حوالي 20% من نسبة النساء القادرات واللاتي ترغبن بالعمل.

استجواب لرئيس البلدية بشأن عاملات النظافة قبل سنتين

وكانت زاريتسكي قد قدمت في شهر تموز 2011 استجوابا لرئيس البلدية يونا ياهف بخصوص استغلال عاملات التنظيف اللاتي يعملن في البلدية عبر شركات قوى عاملة ومقاولين، علما أن غالبيّتهن من العرب!

حيث كتبت زاريتسكي في استجوابها: “في الماضي تم تشغيل عمّال وعاملات تنظيف في بلدية حيفا بتوظيف مباشر. اليوم فقط جزء من أعمال التنظيف التي تقوم بها نساء في مؤسسات البلدية تتم بتوظيف مباشر. البقية تتم من قبل نساء يعملن لدى مقاولين (عمّال تنظيف رجال كانوا وما يزالون عمّال بلدية)!

وأضافت: موديل التوظيف من قبل مقاولين والذي تفشّى في سوق العمل في البلاد خلال السنوات الأخيرة، هو موديل توظيف استغلالي، والذي في أحسن الأحوال يدفع به المقاول الأجر الأدنى للعاملات ويمنحهن القليل من الحقوق.

وقالت أيضًا: هذا الموديل يرهق النساء في عمل صعب، يحكّم عليهن الفقر، حياة مليئة بالقلق والتخوّف من الغد، دون أي ضمان اقتصادي للمستقبل، حتى بما يخص القليل الذي يتلقونه في هذه اللحظة، ويرميهن كغرض ما متى أراد! المؤسسات التي ينظفها هؤلاء النساء، ومنها المؤسسات الأكاديمية، مؤسسات حكومية ومؤسسات جماهيرية تتعامل معهن وكأنهن شفافات"!

وطالبت زاريتسكي بمعرفة المبلغ الذي تدفعه البلدية اليوم مقابل خدمات التنظيف من قبل مقاولين، وما كانت ستكون تكلفة توظيف هؤلاء النساء العاملات في التنظيف بشكل مباشر في السنة الأولى بدل أن يبقين يعملن لدى مقاول؟ وما هو الفرق؟ وما هي نسبته من ميزانية البلدية؟
كما تسائلت زاريتسكي: أليس بحسب تقدير رئيس البلدية والمجلس البلدي من المناسب أن ندفع هذا المبلغ وايقاف معاملة منظفات مكاتبنا ومراحيضنا وكأنهن ليسوا بشرا، عاملات، وإنما كـ"خدمات تشتريها البلدية" كما يتم التعامل معهن اليوم؟

رد البلدية

وجاء رد البلدية على النحو التالي: التكلفة السنوية لخدمات التنظيف في مؤسسات البلدية بواسطة مقاولين يصل الى 2865376 شاقلا (يشمل الضريبة). بسبب هيئة المناقصة لتقديم خدمات تنظيف في مؤسسات بلدية حيفا لا يمكن تحديد تكلفة توظيف هؤلاء العاملات بشكل مباشر، أو الفرق في تكاليف البلدية أو نسبة الفرق من ميزانية البلدية.

ويؤكدون في الرد أنه بسبب كون المناقصة لعمل غير محدد، أي أنه لم يحدد فيها أساس لعدد العمال أو ساعات العمل، لا يمكن حساب الفرق. ولكن يؤكدون أن البلدية عملت وبهدف ضمان التشغيل السليم للنساء على تحديد متطلبات وشروط توجب على كل متقدم للمناقصة أن يستوفيها، منها أنه عليه أن يحضر وثيقة موقعة من محاسب تؤكد أنه يدفع لموظفيه بحسب القانون على الأقل حد الأجر الأدنى، وأنه يضمن كل الحقوق الاجتماعية لهم بحسب القانون.
 

إلزام البلدية بإجراء بحث حول تشغيل عاملات النظافة في البلدية

إلا أن ذلك لم يكن كافيا لزاريتسكي التي طالبت بإجراء بحث موسع عن الموضوع ومدقق بخصوص تشغيل عاملات النظافة في بلدية حيفا. وفعلا فقد تمت الموافقة على ذلك، فتؤكد زاريتسكي: "إنها أول مرة يقررون فيها فحص تكلفة نقل عاملات النظافة من تشغيل عن طريق مقاول الى تشغيل مباشر (كموظفات بلدية)، فانا أطرح هذا الموضوع لأنه موضوع قريب من قلبي وذو أهمية قصوى بالنسبة لي".

وتضيف: "ترغب وزارة المالية رفع سن التقاعد للنساء الى 67 بدلا من 62، لن تجد نساء خرجن من سوق العمل مبكرا أي طريقة لحصد لقمة العيش ولن يقدرن على العودة الى سوق العمل بهذا السن المتأخر. لا يمكن أن نكون شركاء في هذه السرقة وأن نعتقد أنفسنا بشرًا، لأننا نقوم بذلك بتشييء البشر، وهذا يمنعنا من أن نكون بشر".

وتتابع: "في حينه قال يونا ياهف – أنني شعبوية، ولكنه وافق على فحص الموضوع. ها نحن سنة بعد اليوم، وقد ساعدتني د. روت ألون (عضو المجلس البلدي) على الحصول على البحث المطلوب، والقيام بالفحص، وهذه نتائجه. الفرق بين التشغيل المباشر بحسب البحث لا يتعدى 25%، وليس 62% كما ادعى المسؤولون في البلدية سابقًا".

البحث يشير الى أهمية التشغيل المباشر

ويظهر من البحث الذي أجراه د. مئير أمير وبروفيسور أفيا سبيباك حول تشغيل عاملات النظافة في الحُرم الجامعية والكليات في البلاد، والذي يشمل اقتراح لسياسة جديدة بهذا الشأن، أن "تشغيل عاملات النظافة بشكل مباشر من شأنه أن يؤدي الى ارتفاع ببند المصروفات بنسبة 25% بالمعدل على مدار 20 عامًا. في السنوات الأولى سيكون الارتفاع بنسبة 10% فقط، وفيما بعد سيزيد الارتفاع بحسب الخبرة والسنين بشكل نسبي.

عن التشغيل المباشر يتطلب استثمار وقت إداري والتعامل مع تحدي تشغيل موظفات مستضعفات، والذي يبدو أنه لم يتم النظر في احتياجاتهن في السابق أبدا. وكذلك الأمر بالنسبة لضائقتهن ولرفاهيتهن من قبل المقاول أو الحاصل على الخدمات من المقاول الذي يشغّلهن. بالتالي فإن القرار حول الانتقال لتشغيل مباشر هو قرار قيميّ واذا كانت الإدارة مستعدة لذلك، أو تعتقد أنها تتحمل هذه المسؤولية أم لا"!

واشار البحث الى أن "التشغيل عن طريق مقاول لهو تشغيل قصير المدى، إذ يحوم خطر الإقالة في حال لم يفز المقاول بالمناقصة القادمة لعاملات النظافة، حينها يصبح مأزق وأزمة تشغيلية معروف مصيرها مسبقا".

كما يؤكد البحث على أهمية دفع مخصصات الرفاهية والتقاعد للنساء اللاتي يعملن بهذه المهنة، والتي يمنع عنهن المقاول هذه الحقوق!

هذه هي الرأسمالية الخنزيرية المستفحشة بكامل وقاحتها

أما زاريتسكي فترى أنه "يجب القضاء على ظاهرة التشغيل عن طريق مقاول الآخذة بالتفشي في كل أوساط المجتمع الاسرائيلي عامة، هذا عار يجب محوه. بالنسبة لي أرى بهذه الطريقة من التوظيف والتشغيل كعبودية واستعباد للبشر. لأنها لا تمنح الموظفات والعاملات إمكانية تحسين ظروف تشغيلهن ولا رواتبهن، وعندما يتم الاستغناء عنهن وطردهن من العمل عمليا لا يمكنهم العودة الى العمل. 

هذه هي الرأسمالية الخنزيرية المستفحشة بكامل وقاحتها، ويجب محاربتها. كل شخص رزين ومتزن يرى أنه يجب محاربة هذه الظاهرة وممنوع على مؤسسات عامة وجمهورية أن تتصرف بهذه الطريقة مع موظفيها وعامليها ومواطنيها، فهي من المفروض ان تخدمهم"!

ومن المتوقع أن تدرس بلدية حيفا في الفترة القريبة نتائج البحث وتقييم الأوضاع والرد على الاستجواب الذي تم تقديمه قبل نحو سنتين، بشكل موّسع يستوفي كل المعايير والاحتسابات المطلوبة. آملين أن يتم تشغيل عاملات النظافة بشكل مباشر في بلدية حيفا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *