تخليد ذكرى القائد الشيوعي توفيق طوبي على شارع في حي وادي النسناس

مراسل حيفا نت | 04/06/2013

خلّدت بلدية حيفا ذكرى القائد الشيوعي الراحل توفيق طوبي، والذي توفي قبل نحو عام ونيف، بإطلاق إسمه على الشارع الذي سكن فيه طوال عمره، القسم الجنوبي من شارع قيساريا في حي وادي النسناس في حيفا.

وقد شارك في حفل إزاحة الستار عن اللافتة التي تحمل اسم توفيق طوبي لفيف من أعضاء الحزب الشيوعي في حيفا وأعضاء المجلس البلدي الحيفي، وأقارب وأفراد عائلة طوبي، بالاضافة الى لجان الأحياء العربية في المدينة وأبناء وبنات الحي. في الوقت الذي وقفت زوجة توفيق طوبي – أولجا، تتفرج من على شرفة منزلها المطلة على الباحة التي عقد فيها حفل التدشين، بسبب وضعها الصحي.

الكلمة الأولى كانت للأديب وزميل طوبي سامي ميخائيل الذي تحدث عن مناقب طوبي، وقال انه "يا ريت لو كان الرفاق في اليسار اليهودي في تلك الأيام – بعد قيام دولة اسرائيل الأولى – يتعلمون من الرفاق العرب كيف كانوا يكسرون الحواجز الوصول لجماهيرهم، المجتمع العربي المقسّم والمغلق بإحكام تحت الحكم العسكري، لو كان اليسار اليهودي يشابه اليسار العربي كان شكل المجتمع الاسرائيلي اليوم مختلفا".

وأكد أن "أولئك الأبطال الذين سار معهم توفيق طوبي لم يتركوا قرية، استخدموا صلاحيتهم وحصانتهم البرلمانية كأعضاء كنيست لكسر الحصار، وصلوا لكل مكان وأحضروا لهم البشرى، البشرى أنهم لا زالوا بشرا، أنهم ورغم الخسارة لا زال هناك الأمل. لو كان اليسار اليهودي يصل أيضا لضاحية هتكفا، ولقرى التطوير كما توفيق طوبي وأصدقاءه فعلوا، لكنا اليوم نعيش واقعا مغايرا. هذا الانشقاق الاجتماعي القائم في اسرائيل ما كان وصل لما هو عليه اليوم".

كما اشار الى أن الرفاق أعضاء الكنيست عن الحزب في ذلك الوقت كانوا يتبرعون بكامل راتبهم الكبير من الكنيست لأجل الحزب ويكتفون براتب محترف مثلهم مثل أي رفيق آخر.

وأكد أنه عندما يستذكر توفيق طوبي، يتذكر كيف كانوا يجلسون في هيئة تحرير الجديد والاتحاد كل يوم جمعة ويحضرون محاضرة، مشيرا الى أنه لو كان المجتمع ككل يتعمق في الشؤون كما هم كانوا يفعلون، كان الوضع مغايرا، وكانت اللغة اليوم أعلى. وقال انه لكان يدعو مثقفين وأدباء يهود يكتبون بلغة بسيطة الى تلك الجلسات ليعرف بأي لغة رفيعة المستوى تحدث ويتحدث ويكتب المثقفون العرب. وأكد أن توفيق طوبي تحدث بلباقة وبسلاسة مطلقة العربية والعبرية لدرجة أن بن غوريون قال له ذات مرة "انا أعارض كل ما تقوله، ولكن يا ريت لو ان أعضاء الكنيست اليهود تحدثوا بمستوى اللغة العبرية الذي تتحدث به أنت".

فقال ميخائيل: "من هذه المنصة، في المكان الذي عمل منه توفيق طوبي واصدقاءه، انه رغم كل شيء الطريق لا زال مفتوحا، وأنه طالما نحن نؤمن بأنفسنا وبجمهورنا، طالما لا يوجد فرق بيننا وبين الشعب الذي نمثله ولا نتعالى عليه، أشكركم على السنين الجميلة التي حظيت بها بمعرفة توفيق طوبي ورفاقه وسكنت بينكم في وادي النسناس والتي تذكرني ببغداد".

بينما قال عضو البلدية الأسبق الدكتور عيسى نقولا: "لقد عاش في زمن رديء، كل سنينه عجاف، نضبت فيه ينابيع الخير وانتهكت الأعراف حتى التبس الامر على الناس وصار الأخو يقول لأخيه، اجا سعد، فقد هلك سعيد. نظرت نفسك مع رفاقك لدرئ الغبن عن شعبي هذه البلاد، أنكركم ذوو القربى حين قلتم ما هكذا يا قوم تؤكل الكتف، وما هكذا يا سعد تورث الابل، أما الغاشم فكان أعتى عندما قلتم له من على كل المنابر، كف يدًا وامتثل للحق، والحق اكبر منك مهما كبرت والصدق أقوى منك مهما عظمت، فاعتبر قبل أن يفوت الاوان ويقرعك الندم حيث لا تسعك من دمه.

حلمتم بمجتمع يطيب فيه العيش للجميع، حملتم معاولكم وأظافرك للنحت في الصخر بلا توان وبلا كلل، حتى ظن البعض أنكم تغرفون من بحر. رضيتم بالقليل، وربما بتم على الطوى وأنتم النخبة بينما نعم التافهون بالجاه وبخبز السلطان. رسختم مضامين أربكت المتطاولين وقطعت أقوال كل خطيب من طامعين وانتهازيين ومزايدين ومستسلمين، أعوام مثقلة بأحداث مصيرية عصفت بشرقنا مذ ان توفيق طوبي غض العود، لا يملك من مدى الدنيا الا عقلا نيرا وعزيمة تكل الحديد، فانبرى لها محاطا برفاق طبعوا على نكران الذات فصدقوا وما نكفوا وما قرطوا وما بدلوا تبديلا".

وأضاف: "إنه حجر الزاوية والوصفة الأمثل التي تكفكف الدموع وتضمد الجراح وتضمن عيشا كريما لشعبي هذه البلاد. من دواعي فخرنا واعتزازنا اننا أدركنا توفيق طوبي، عرفناه عن قرب. تتلمذنا على يديه، وأخذنا عنه ما تيسر لنا أن نأخذ. أنا شخصيا قد غنمت غنما عظيما مما قدمه الرفيق أبو الياس، فهو الذي بادر الى فتح ابواب الدراسة أمامي وأمام مئات الطلاب الذين درسوا في الأقطاب الاشتراكية وعادوا بشهادات أكاديمية تدر نفعا عليهم وعلى بلدهم".

وتحدث الرفيق محمد نفاع – الأمين العام للحزب الشيوعي فقال: "نعم توفيق طوبي يستحق التقدير والاحترام والاجلال هذا. توفيق طوبي أهل بهذا التكريم ولهذا التقدير، عاش في بيت متواضع بعيدا عن أي تعصب، ولعل الميزة الأولى لتوفيق طوبي كانت أمميته وشيوعيته وكان الصوت الذي رفعه وجلجل به في الكنيست وفي الاجتماعات من أجل السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط. هذا لا يمكن أن يقوم الا على أساس حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق اللاجئين العرب الفلسطينيين بالعودة الى قراهم".

واضاف: "أنا متأكد أن توفيق طوبي لو كان موجودا اليوم معنا كان يشير بإصبع الانذار الى محاولة القوى الثلاث التي خلقت النكبة، هي القوى الثلاث التي تتعاون اليوم لخلق نكبة أوسع في كل الشرق الأوسط، من لبنان الى ليبيا، الى سوريا، الى العراق، الى السودان".

واردف قائلا: "م كان هذا الانسان أمينا لمبادئه بعيد الرؤية، بعيد عن كل المزايدات والمنافسات، اختار طريقا أمميا انسانيا، لمصلحة الشعبين اليهود والعرب، وكم نفتخر بالشعار الذي رفع ويرفع بتل أبيب اليهود والعرب يرفضون أن يكونوا أعداء، يريدون أن يكونوا أخوة شركاء بالنضال لأجل السلام والمساواة والديمقراطية. هذا هو توفيق طوبي، هذه دربه، وعليها يسير الحزب الشيوعي العربي اليهودي في اسرائيل".

نجل المرحوم توفيق طوبي، البروفيسور الياس طوبي شكر رئيس البلدية يونا ياهف وسكرتير البلدية براخا سيلع على تخليد ذكرى والده، وشكر بروفيسور يوسي بن أرتسي – رئيس لجنة التسميات في بلدية حيفا، وعضو الكنيست الأسبق تمار جوجانسكي التي تعذر حضورها، وغيرهم.

وقال طوبي: "اجتمعنا في باحة المنزل الذي كبرت فيه ونجلس تحت الشرفة التي تقف عليها والدتي، تحت هذه الشرفة التي كطفل وقفت فيها الى جانب جدتي أليس والدة أبي، وكانت ترمي الأرز على المتظاهرين الذين ساروا في هذا الشارع خلال مسيرات الأول من أيار، تهنأهم بهذه العادة. كنت متأثرا جدا لرؤية والدي يسير في قيادة المظاهرة ويرسل التهاني لأمه التي تقف على الشرفة. مع مرور الزمن سرت أنا أيضا في هذه المسيرات وفي هذا الشارع مع رفاقي في حركة الشبيبة الشيوعية وكنت أتأثر من جديد بالأرز الذي ترميه علينا جدتي مهنأة ايانا بهذا العيد. هذه الصور ترافقني كل يوم عند زيارتي لأمي هنا، شاكرا اياها على مرافقة والدي طوال كل هذه السنين". كما شكر العاملات التي ساعدن والده في سنينه الأخيرة وترافق والدته الآن.

وأردف: "بعد استقالة والدي من الكنيست بعد خدمة 41 سنة، قال "عندما تم انتخابي للكنيست الأولى وضعت هدفا لنفسي، وأهمها أن يحل السلام بين شعبي هذه البلاد، اليهودي والعربي، لو كان أحدهم يقول لي في حينه أنه حتى بعد 41 عاما لن يحل السلام كنت أقول عنه أنه ضعيف الايمان، ولكن الواقع فاز ضعفاء الايمان وبقي السلام أمنية". ولكن عندما أرى اليوم حيفا، التي تقف برئاسة بلديتها وتحافظ على قيم التعايش أصبح قوي الايمان، وأطلب منك أن تبقى هذه القيم نورا لعينيك".

أما يونا ياهف – رئيس بلدية حيفا فقال في كلمته: "نحن نخلد كبار المجتمع الفلسطيني الحيفاوي ونقوم بذلك بقلب رحب، وبرغبة شديدة ولأجل الاجيال القادمة. فكما سمعتم هنا من أصدقاء توفيق طوبي رحمه الله، لو كانوا ردوا على أقوالهم في حينه، كنا اليوم نعيش في جنة دعن، لأن هذا النسيج من اليهود والفلسطينيين قد يؤدي فقط الى الحسن والنجاح والتميز، أنا واثق بذلك، ويكفي النظر الى المستشفيات في حيفا لنرى كيف يتم ذلك".

وتابع ياهف: "في مدينة حيفا التي منذ نحو مئة سنة تسير على خطى حسن شكري الذي وضع الأسس للحياة المشتركة في المدينة، لهذه الشراكة ولن يجرأ أي رئيسة بلدية بالتراجع عنها. ولن نقوم بذلك. قلتها في السابق لالياس أن المدينة ستقوم بتخليد ذكراه، وحينها اقترحت العائلة أن يتم ذلك هنا بالقرب من بيت توفيق وأولجا، وأنا بالطبع سعدت بالقيام بذلك".

وأكد أنه خلال الشهر الماضي قامت المدينة بتخليد ذكرى الاديب اميل حبيب والذي عمل الى جانب طوبي في هيئة تحرير الاتحاد، فقال: "أفكر بهيئة التحرير في ذلك الوقت، ثلاثة عمالقة يجلسون كل مساء ويتناقشون فيما بينهم، وليطول عمر سامي ميخائيل، وتوفيق واميل رحمهما الله، إنها لنتاج فكري رائع وقدرات ثقافية رهيبة. هكذا بدأت. لذلك بفخر شديد قرر المجلس البلدي ما قرره، وستبقى ذكراه مخلدة الى الأبد في هذا الشارع".

بعدها قدّم رئيس البلدية يونا ياهف درعا تقديرية لالياس طوبي، نجل المرحوم توفيق طوبي، يؤكد قرار المجلس البلدي بتخليد ذكرى والده في القسم الجنوبي من شارع قيساريا، والذي بات اسمه شارع توفيق طوبي.

 

 

[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/193372696820130406024948"]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *