استضافت جمعية الشباب العرب "بلدنا" محاضرة مميزة عن موضوع العنف، قدمها الدكتور خالد أبو عصبة – مدير مركز مسار للدراسات الاجتماعية، تناولت موضوع العنف، مسبباته، تحليلاته، وطرق علاجه، شارك فيها العشرات من الشبان والشابات الحيفيين وبرز منهم حركة شباب حيفا التي انطلقت مؤخرا.
فتحدث د. خالد أبو عصبة عن اختلاف التصرف بحسب المكان، متخذا مثالا بأنه في ألمانيا لا يرمي السيجارة في الشارع وإنما في الحاوية المعدة لذلك، بينما يرميها في الشارع في بلده الأم، وذلك بسبب اختلاف السلوك المتبع في المكان. فيقول: "أنا اسلك نفس السلوك في المكان الموجود فيه ، مع أنني نفس الانسان. أحضر هذا الموضوع لأنه ممكن أن نخلق جزر معينة في داخل مجتمعنا نسلك فيها سلوك مغاير عن السلوك الاجتماعي المتبع. ففي التلفزيون هنكا عنف، وفي البيوت، وفي الشوارع، وفي الأعراس يرمون الرصاص، يعني يكبر الطفل بهذه البيئة فكيف لا يسلك سلوكا عنيفا في المدرسة؟ الأمر ممكن عندما تستطيع المدرسة أن تخلق جو وبيئة ونظام وضبط ودستور وقوانين وتعليمات لسلوك الفرد في نطاق المدرسة يمكنها حينها التحكم بالطالب ومنعه من السلوك بحسب مجتمعه، وبالتالي نصدّر العنف من المدرسة ونمنعه من المدرسة".
وأضاف: "نحن اقلية داخل دولة تعرف نفسها دولة يهودية، نحن لسنا شركاء ف توزيع الكعكة القومية، ولسنا شركاء باتخاذ قرارات سياسية مصيرية تتعلق بالمواطنين العرب داخل اسرائيل. حتى ممثلينا – أعضاء الكنيست العرب – لا يلعبون اللعبة السياسية حتى النهاية. فهم ليسوا مقربين من الصحن لصنع القرار. وتُمارس بحقنا سياسة معينة، فعدم ممارسة السياسية التي تصب في مصلحة الأقلية هي سياسية بحد ذاتها". مشيرا الى أنه في حالات معينة قُتل عشرات الأشخاص في بلدات عربية ولم يتم الكشف عن الجاني، بينما عندما قُتل يهودي واحد في تلك البلدة بعد ساعتين كانت الشرطة قد اعتقلت الجاني. مؤكدا أن هناك سياسة معينة متبعة.
كما تطرق في حديثه عن الأسباب للعنف للواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه بلداتنا العربية مؤكدا أن البلدات العربية أجمع موجودة في عناقيد المكانة الاجتماعية الاقتصادية – الثلاث الأدنى (من بين10). كما تحدث عن البطالة في المجتمع العربي ونسبها المرفوعة، وتحوّل البلدات العربية لبلدات مستهلكة وغير منتجة وعدم تطوير البلدات العربية، مما يؤدي الى وجود موارد محدودة يتقاتل ويتنافس عليها المواطنون.
كما أكد أبو عصبة أنه "لا يمكن تطوير تفكيرك الا اذا كنت متمكنا من لغة الام (الفصحى)". كما أن اللغة هي إحدى السمات الأساسية الثقافية، لهي تشكل أحد الأسس للانتماء المجتمعي والوطني والقومي. مؤكدا أنه عدم معرفة اللغة العربية الفصحى هو مأساة لمجتمعنا العربي.
ومن مؤشرات العنف قال أبو عصبة: "تكرارية أحداث العنف المنتشرة، وهناك تكرارية اليوم، فبات من العادي للأسف أن ترى العنف في صحفنا وجرائدنا، نقلب الصفحة ونمشي. ارتفاع في استهلاك أبناء الشبيبة للمخدرات والكحول – 11% من الشباب العرب يتعاطون المخدرات يوميا. وكذلك بالنسبة للكحول وليس الحديث عن كأس واحد. الشعور بالاغتراب المجتمعي… وعدم اكتراث الناس نسبيا مما يحدث".
اما حول توصياته للمدى القصير قال أبو عصبة أن العنف لن يتوقف الا من خلال الردع، وأضاف: "ما دمنا لا نتوجه للشرطة لن تجمع الشرطة السلاح، لن يتغير الوضع. فيجب أن تأخذ سلطاتنا المحلية دورها بالضغط على الشرطة، حتى لو تطلب الأمر أن نضرب قبالة مركز الشرطة والقيام بهبة جماهيرية كبرى وليس مجرد مظاهرة صغيرة".
وتابع: "يجب إقامة دوريات لأمن المواطنين، دوريات محلية من الناس لنحمي أنفسنا وليس أن نلجأ لعصابات تحمينا وندفع لها بروتكشن.. فهكذا يدخل الاجرام الى بلداتنا وقرانا… يجب أن يكون قوانين صارمة وتعليمات صارمة للردع".
أما للمدى البعيد فقال أبو عصبه أنه يجب وضع خطة عمل للتنمية الاقتصادية والمجتمعية قابلة للتنفيذ على مستوى المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع المحلي بشكل خاص، ولدينا اليوم قدرات من المختصين القادرين على وضع خطط كهذه، لكننا بحاجة لقرار سياسي لنبدأ بالتخطيط والتنفيذ، فليس من وظيفة رئيس المجلس تصليح الشوارع وحسب". كما أكد أنه على المؤسسات التربوية أن تأخذ دورها في المضامين وأساليب عملها، أن تبدأ بالعمل بالتربية وليس فقط في التعليم، ومشاركة المجتمع المدني في عملية التوعية المجتمعية، مشيرا الى انه هناك حاجة لأن يأخذ المجتمع المدني دورا أكبر في الموضوع.
[foldergallery folder="wp-content/uploads/articles/84854779620133105101153"]