رأي تربويّ بقلم: حسين اغبارية

مراسل حيفا نت | 25/05/2013

 

تجتاح أوساط التّربية والتّعليم في البلاد وغيرها، نقاشات متجدّدة حول مناهج التّقييم المتّبعة في المؤسّسات التّعليميّة، من خلال الاختبارات المرحليّة والسّنويّة، وذلك في ضوء النّجاحات الّتي حقّقتها المؤسّسات التّعليميّة الّتي تخلّت عن هذه المناهج، أو استبدلتها بما هو مُغاير.

وقد عاد هذا النّقاش إلى السّاحة التّعليميّة التّربويّة، بعد نجاح ما أُسمي «النّموذج الفنّلنديّ» في التّربيّة والتّعليم، الّذي يعدم كليّـًا الاختبارات من أيّ نوع كان ووظيفة التّفتيش، ويعتمد أساسًا على التّعلّم في ورش، من خلال إلقاء مهمّات عَمل في ساعات الدّوام بحضور المدرّسين والموجّهين. أمّا التّقييم فهو ممتدّ على مراقبة المدرّسين للأداء والسّلوكيّات والمشاركات والفعل التّعلّمي والتّطبيقات، الّتي يقوم بها طلّابهم على مدار العمليّة التّربويّة، وليس في نقطة محدّدة من الزّمن نسميها في العادة اختبارًا.

أمّا مستوى التّعليم والتّحصيل في فنلندا فهو من الأعلى في العالم قياسًا بالدّول المتطوّرة أو غير المتطوّرة، ووفق كلّ المعايير. صحيح أنّ هناك عوامل أخرى تساعد على تحقيق هذا الإنجاز إلّا أنّ علماء التّربية، والفنّلنديّون أنفسهم، يعزون ذلك إلى العمليّة التّعليميّة المنُسابة المحرّرة من كوابح للطّالب والمعلّم، تتمثّل في اختبارات وعمليّة تقييم، تحوّل الطّلبة في أعين بعضهم وفي عيون أنفسهم ومعلّميهم إلى مجرّد أرقام أعلى أو أدنى! 

وكانت أبحاث كثيرة في التّربية أشارت إلى عمليّة الصدّ والكبح الّتي تقوم بها الاختبارات في عمليّة التّقييم القائمة على اختبارات وعلامات وتصنيفات بين جيّد وجيّد جدًا وممتاز ومتفوّق. فهي مُعيقة جدًا على الطّالب قبل الاختبار وقد تكون مدمّرة تمامًا في حال الإخفاق. وليس هذا فحسب، بل أنّ التّعامل الّذي يلقاه الطالب من المعلّم يصير انعكاسًا مُباشرًا للعلامة الّتي سجّلها وليس لأيّ شيء آخر. بمعنى أنّ التّقييم بالاختبار والعلامة قد يتحوّل إلى فخ يوقع الطالب والمعلّم أيضًا.

من هنا اتّسعت المطالبات بالتّخلي كليّـًا عن الاختبارات كوسيلة تقييم وبتطوير سُبل بديلة للتّقييم، تقوم على متابعة أداء الطّالب في كلّ المستويات، وإقامة علاقة حواريّة معه، تعزّز لديه القدرة والمهارة والرغبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *