تقرير: نايف خوري
شاركت كريستين خازن ضمن وفد عربيّ – يهوديّ لنساء قياديّات، أمضى ثلاثة أسابيع في الولايات المتّحدة.. تتبوّأ كريستين خازن منصبًا حسّاسًا في بلديّة حيفا، فهي مديرة مكتب تنفيذ الميزانيّة، وتعمل مديرة قسم الموازنة مقابل البنوك في بلديّة حيفا، فهي تشرف على توزيع المدخولات والمصروفات عن طريق البنوك بموجب ما تتطلّبه الميزانيّة. وقد اختارتها وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، عن طريق سفارتها في تل أبيب، لتكون واحدة من وفد لنساء قياديّات في المجتمع الإسرائيليّ.
التقينا بكريستين، في هذا الحوار حول الوفد إلى أمريكا وحول طبيعة عملها في البلديّة.
– كيف تمّ اختيارك ضمن هذا الوفد؟
خازن: تألّف هذا الوفد من 5 نساء قياديّات في المجتمع الإسرائيليّ، من عربيّتين وثلاث يهوديّات. ويأتي تنظيم الوفد بعد زيارة الرئيس أوباما إلى البلاد، حيث جرى اتّصال من وزارة الخارجيّة الأمريكيّة عن طريق سفارتها في تل أبيب، ودُعي الوفد للقاء نساء وهيئات نسويّة قياديّة في الولايات المتّحدة. فكنت أنا العربيّة مع زميلة لي من باقة الغربيّة.
– ماذا كان برنامَج الوفد في الولايات المتّحدة؟
خازن: بدأنا زيارتنا إلى واشنطن ثمّ ولاية نيڤادا وبعدها نيويورك، حيث زرنا في واشنطن مؤسّسات نسائيّة واجتماعيّة أمريكيّة في الكونغرس، من الحزبين: الجمهوريّ والديمقراطيّ. كما التقينا بالسّفيرات الأمريكيّات في أماكن عديدة من العالم، وكان لنا لقاء خاصّ ومميّز مع السّفيرة الأمريكيّة في أفغانستان. وكان الهدف من ذلك الاطّلاع على مكانة المرأة ودورها في المجتمع الأمريكي؛ ونحن نرى المؤسّسات الأمريكيّة الّتي تدعم المرأة وترشّحها للتقدّم في المؤسّسات المختلفة، وتداوَلنا حول النّظام الفديرالي الأمريكيّ ونظام الحكم.
– هل أجريت مقارنةً بين وضع المرأة في أمريكا ووضعها في بلادنا؟
خازن: طبعًا، لاحظت من خلال مناقشاتنا مع الطّلّاب الجامعيّين عن دور المرأة وتقدّمها في المجتمع، أنّ المرأة العربيّة خاصّةً، والإسرائيليّة عامّةً، بحال أفضل مما هي عليه المرأة الأمريكيّة(!)، وأقول ذلك استنادًا إلى المعطيات الرقميّة الّتي نعرفها؛ حيث إنّ عدد النّساء الأعضاء في الكونغرس يبلغ 6% من عدد الأعضاء فقط، بينما في إسرائيل 28 سيّدة عضوًا في الكنيست من أصل 120 عضوًا. ولكن المؤسّسات الأمريكيّة تدعم المرأة هناك أكثر ممّا تلاقيه المرأة في المجتمع اليهوديّ وطبعًا العربيّ.
– وكيف كانت زيارتكنّ إلى الأمم المتّحدة؟
خازن: كانت الزيّارة رائعة وناجحة، فقد اطّلعنا على نشاط الهيئات والمؤسّسات الدوليّة الّتي تعنى بشؤون المرأة، وخاصّةً في مجال حماية حقوقها وإنهاء التّمييز الحاصل ضدّها لدى العديد من الشّعوب، وتعزيز المساواة على صعيد العمل وإدارة شؤون العائلة، والعمل من أجل
إحلال السّلام.
– أنت تحدّثت عن دور المرأة العربيّة في عمليّة السّلام؛ فما هو الدّور الذّي ترين المرأة فعّالة فيه في مجال السّلام؟
خازن: ما من شكّ بأنّ المرأة الإسرائيليّة عامّةً، والعربيّة خاصّةً، تحتاج إلى دعم الرّجل، فنحن مجتمع ذكوريّ بالتّأكيد، ونلاحظ هذا في المدن والقرى العربيّة. ولذا فإنّ انخراط المرأة العربيّة في الحياة السياسيّة هو العنصر الأوّل، وعلى المجتمع تشجيع المرأة ودعمها لكي تخوض معترك السياسة من ناحية، والاقتصاد من ناحية أخرى. فلماذا لا تأخذ المرأة دورها الرياديّ الصّحيح، وتنطلق في المجالات الّتي ترغبها؟ لماذا يجب أن تُقمع وتتقوقَع في منزلها فقط؛ إنّ المرأة لا تتنكّر لدورها في البيت، ولا تحيد عن دور الأمومة الّذي تقوم به خير قيام. فهذه المرأة الّتي نثق بها في البيت والتّربية، لماذا لا نثق بها في مجالات الحياة الأخرى؟ لاحظت أنّ المجتمع الأمريكيّ يمنح المرأة هذه الثّقة، ونرى كثيرًا من النّساء في مراكز ومناصب هامّة، حتّى أنّ المرأة ترشّحت للرئاسة الأمريكيّة، عدا عن دورها كوزيرة خارجيّة أو مندوبة عن بلادها في الأمم المتّحدة أو سفيرة لوطنها في دول العالم.
– قد يصعب عليك الاعتماد على هذه الأفكار والمبادئ، في حين تشغلين منصبًا حسّاسًا في البلديّة..
خازن: لماذا يصعب عليّ، فأنا أقوم بدوري كأم، وكعضو في مركَز «حزب العمل»، ومديرة قسم الموازنة مقابل البنوك في بلديّة حيفا؛ وأحمد اللّه فإنّي أقوم بواجبي خير قيام، حيث يعمل في مكتبي 16 موظّفًا يدأبون على تنفيذ ما أبرمجه لهم وأخطّطه من تصرّف في الميزانيّة؛ فنحن الّذين نراقب أوضاع الأموال البلديّة في البنوك من جهة، ومن جهة أخرى نصرف من الميزانيّة ما يُطلب منّا؛ كما تتجمّع لدينا كلّ الأموال الدّاخلة إلى البلديّة من ضرائب السّكن (الأرنونا)، أو جباية الغرامات أو المخالفات، وغيرها من مصادر دخل البلديّة، فنقوم بتوزيع هذه الأموال على البنوك، ونرصد منها ما يجب في برامج التّوفير. كما نقوم بتحرير الأموال لدفع المعاشات للموظّفين وسائر المصاريف. وإذا كان هناك أيّ فائض في الميزانيّة فإنّنا نتصرّف بالأموال بما نراه مناسبًا أمام البنوك.
– لديّ سؤال حول نشاطك السياسيّ، أو الحزبيّ، فهل تفكرين بترشيح نفسك لعضويّة الكنيست؟
خازن: هذا غير وارد في تفكيري الآن، وقد يأتي يوم في المستقبل أرى نفسي فيه قادرة – وبصورة فعليّة – على خدمة المجتمع من خلال الكنيست، فإنّ قضايا المجتمع العربيّ مُلحّة للغاية، خاصّةً أنّنا نتعرّض لتحدّيات من كافّة الجهات.
– ولكنّنا نرى عضو الكنيست حنين زعبي، فهي امرأة اتّخذت مكانتها في الكنيست، وهي تخدم شعبها.. فما رأيك بالمرأة الّتي يجب أن تتفرّغ للعمل السياسيّ؟
خازن: أوّلًا أنا أحترم وأجلّ عضو الكنيست حنين زعبي، وحبّذا لو ازداد عدد النّساء العربيّات أمثالها.. وكادت في «الجبهة» أن تدخل امرأة أخرى إلى الكنيست، وهذا ما يشرّف المجتمع كله؛ فصديقتي ناديا حلو تخدم المجتمع جدًا، في كلّ أعمالها الجماهيرية، إن كانت داخل الكنيست أو خارجها. لقد استطاعت المرأة العربيّة، على ضوء ذلك، أن تغيّر من طبيعة عملها ونظرة الجمهور إليها، بعد أن كانت وظيفة المعلّمة أو الممرّضة هي المفتوحة فقط أمام المرأة العربيّة، بل أخذت تتحوّل إلى وظائف كانت حكرًا على الذّكور وحدهم. ولذا أحيّي وأشجّع جميع النّساء العربيّات العاملات في الحقول السياسيّة، والاقتصاديّة، والقضائيّة، والطبيّة، وغيرها من مرافق الحياة الهامّة.
– كلمة أخيرة..
خازن: أشكر لكم اهتمامكم.. حان الوقت لتكون المرأة العربيّة قياديّة.