ألا يكفينا ويزيد ما "يزيّن" شوارعنا وأسواقنا وبساتيننا، من قذارات وأوساخ ونفايات وقشور حمضيّات وخضرة – قد تؤدّي إلى الانزلاق – ومياه عادمة أو مياه شطف – تبعث بروائح نتنة – وغيرها من الأمور؛ إضافةً إلى عدد من المفاسد والأضرار والحفر وتشقّقات عدّة في أسْفلت الشّوارع والأرصفة، وأعطاب عديدة، ليأتينا غائط (فضلات) الكلاب كالـ"كرزة" الّتي "تجمّل" شوارعنا وأحياءَنا وتزيدها نتانةً؟!!
صادفت – قبل فترة ليست ببعيدة – إحدى الفتيات الرّشيقات الجميلات، تجلس في إحدى محطّات الحافلات، بكلّ خجل وألم، محاولةً إزالة غائط كلب علِق والتصق في نعل حذائها، بوساطة مناديل ورقيّة جافّة وأخرى رطبة، غاضبةً ساخطةً، لاعنةً صاحب الكلب المُستَهتر المُهمِل، ذلك الشّخص غير المؤدّب والّذي لا يحسن التّصرّف، ذلك الّذي أراد لكلبه وسمح له بتفريغ فضلاته و"توزيع" غائطه في الشّارع، على مقربة من محطّة للحافلات، بعيدًا عن بيته، قريبًا من كلّ مارّ /ة، مسافر/ة.. مُعتبرًا الشّارع العامّ مُلكًا خاصّـًا له أو "لأبوه" مثلًا، تاركًا لكلبه، أو لكلابه، أحيانًا، تفريغ الفضلات في الشّوارع بدون الاكتراث بالآخرين، مُخالفًا بذلك القانون.
ينتابني شعور بالاشمئزاز والقرَف من تصرّف هؤلاء.. فمن واجب كلّ مَن يملك كلبًا أن يعي أهمّيّة الحفاظ على ما تبقّى من نظافة الشّوارع، وأن يدرك جيّدًا أنّه في كلّ مرّة يسمح لكلبه بتفريغ فضلاته في الشّارع أو الحديقة أو أيّ مكان عامّ، من دون أن يحرص على التقاط الغائط وتنظيف المكان، فهو بذلك يخالف القانون، عدا المخالفات الأخرى..
فحسَب القانون، أيضًا، على أصحاب الكلاب عندما يُخرجون كلابهم للتّجوال أو تفريغ الفضلات أو التّبوّل، ربط الكلاب بسلاسل ووضع كمّامات آمنة على أفواهها، لا أن يدعوها «تسرح وتمرح» كما يحلو لها – وخصوصًا الشّرسة منها – بين الصّغير والكبير، مثيرةً الهلع والفزع غالبًا.. وكأنّهم بذلك يحاولون "فرض عضلاتهم".. "شوفوني يا ناس واحذروا، عندي كلب متوحّش شرس".
فهل يعلم كلّ مَن يسمح لكلبه بتفريغ فضلاته في الأماكن العامّة، أنّ المواطن اليابانيّ الّذي يملك كلبًا، مثلًا، كلّما يخرج مَع كلبه يحمل حقيبة خاصّة وأكياسًا ومناديل ورقيّة؛ لالتقاط غائط الكلب، وتنظيف المكان؛ لأنّ حرص اليابانيّين على النّظافة هو عُنوان الأخلاق لديهم.. ألا يجب أن نتمثّل بأخلاق هؤلاء؟!.. لكنّنا للأسف – على ما يبدو – بعيدون "سنوات ضوئيّة" عن ذلك!
على البلديّة بكلّ أقسامها، والّتي تحاول جاهدةً وتسعى، دائمًا، لجعل مدينة حيفا مدينة خضراء، أن تتعامل بيد من حديد مع أصحاب الكلاب المُستهترين؛ وأن يخالف ويغرّم مراقب البلديّة أو المفتّش أو حتّى شرطيّ الدّوريّة الأمنيّة – كما يغرّمون، صباح مساء، كلّ سائق يركن مركبته في أماكن محظورة لسبب شحّ المواقف لركن المركبات! – كلّ مَن يترك كلبه يفرغ فضلاته في الشّوارع والأماكن العامّة، تاركًا المكان نتنًا، مُقرفًا، مُلطّخًا بالغائط..
إنّ الشّوارع والأحياء والحارات والأماكن العامّة ليست ملكًا خاصّـًا لأحد أو حكرًا على أحد؛ لذا فللشّارع آداب تصرّف، أيضًا. ونحن كسكّان نسعى لتحسين شوارعنا وأحيائنا والبيئة الّتي نعيش فيها، علينا أن نلفت انتباه أصحاب الكلاب، وإن لم تُجدِ التّحذيرات نفعًا، فلربّما تحرير المخالفات والغرامات يغيّر الحال.
يجب ألّا نعاني مفاسد وروائح غوائط كلابكم، بعيدًا عن بيوتكم، قريبًا من محالّنا ومكاتبنا وبيوتنا.. فهذا تصرّف مرفوض وغير لائق، ينمّ عن إهمال، واستهتار بالقانون، واستحقار للنّاس.. فكما أنّكم تهتمّون برَفاهِيَة كلابكم، أقلّها أن تحافظوا على رَفاهِيَة جيرانكم وسكّان أحيائكم.
لِمَ علينا أن نمشي – بعد اليوم – مطأطِئي الرّؤوس؛ من أجل الانتباه والحذر من غوائط الكلاب الّتي تفترش شوارعنا، حان الوقت لتنتبهوا أنتم لتصرّفاتكم، فتلتقطوا غوائط كلابكم وتنظّفوا شوارعنا وشوارعكم منها!
"وبالعربي المشبرح: لِمّوا قَرَفْ كْلابْكُو".