لحيفا قصة أخرى ومعالم وحياة تحفظها الذاكرة

مراسل حيفا نت | 07/05/2013

 

كان لسقوط مدينة حيفا في نيسان 1948 بأيدي المنظمات العسكرية اليهودية أكبر الأثر على المواجهة بين اليهود والفلسطينيين حينذاك. فقد كان في  حيفا يومها حوالي 70 ألف عربي فلسطيني تم ترحيلهم. أو رحلوا بسبب اشتداد المعارك على أطراف المدينة واعتماد المنظمات اليهودية العسكرية على ترهيب الأهالي عبر القنص وتفجير البيوت وطرد الناس من أحيائهم.

وفي الذكرى ألـ 61 لهذا الحدث المصمم في الذاكرة الحيفاوية والفلسطينية نورد فيما يلي شهادات مقتضبة مأخوذة من كتاب"حيفا ـ الرواية الشفوية" الذي تعمل جمعية "التطوير الاجتماعي" في حيفا على إصداره. وسيكون كتاب تاريخ شفوياً يستند إلى شهادات أناس عاشوا أحداث تلك المرحلة ولا يزالون يذكرون تفاصيلها عن ظهر قلب ويروونها في سباق مع الزمن وتحديا لرواية الآخر. 
نشير إلى إن ما نورده هنا هو مقتطفات موجزة من شهادات مطوّلة ستصدر في الكتاب المشار إليه. نستثمرها هنا إشارة منّا إلى ذكرى سقوط حيفا وإخلائها من أهلها العرب التي صادفت يوم أمس الأوّل (22/4). كما أننا أبقينا النص بلغة المتحدثين كما أتت في المقابلات.

 
السيدة ماجي كركبي ـ طوبي
"بيت خالتي كانوا مِش بعاد عنا وبيت خالي مِش بعيد عنا. اشتدت الحوادث وصار مهدد بيت اميل توما الى أن صار البيت مهدد انو ينطخ عليه. وفعلا انطخ عليه وكسروا مراي في غُرفة خالتي. قبل ما نترك بيتنا بيومين دار خالتي اضطروا يتركوا بيتهم لأنه ما عدوش يقدروا يتحملوا لأنه كان كتير ضرب عليهم. نزلوا من وراء البيت بالسلالم ما أخدوا إشي. يمكن كم سجادة رموها من فوق لتحت وراحوا على شارع الألمانية كان هناك أوتيل "هبنجر" الآن هو بيت للمسنين، بقيوا هناك يومين واضطروا إنهم يتركوا ويسافروا بالبحر لبيروت. وإحنا بقينا لكن الطخ كان علينا من الجهتين من اليهود ومن العرب اللي كانوا مفكرين إنوا هذا بيت يهود.

" الوضع كان مُخيف والطخ كان مُرعب حتى قررنا إنوا نروح على بيت عمتي بشارع السلط. تاني يوم بعد ما تركنا البيت أجت قنابل حد البيت اللي طيرت زجاج الشبابيك كُلها وارتشم البيت بالزجاج يعني إحنا نفدنا بروحنا.

" قنابل ضربها اليهود، قنابل إشي مُخيف. يومين واحنا ببيت عمتي ليلة احتلال حيفا انحرق بيت سليم خوري من القنابل اللي انضربت عليه. تسمعي القرميد يطقطق لكن البيت ما انهدم، البيت ظلوا واقف، بيت فظيع حواليه ما بعرف كم دونم أرض.

إحنا لما كُنا ساكنين في بيتنا ما كُنا نعرف إيش في وراء السور ولا بداخل القصر. السور كان عالي ومحوّط كُل البيت. ليلتها سقطت حيفا واحنا بقينا محصورين بالبيت إحنا وبيت عمتي مش قادرين نطلع وأخوي توفيق بيهدّي فينا وبقُلنا انوا الوضع مش راح يظل هيك. 

" أنا كنت واعية بنت 16 سنة كُنت. أمرُق أشوف هَدول البيوت هون إمي كانت تزور بيت البنا، هون إمي كانت تيجي، هون دار الخال، هون دار ال… قلبي يحزن عن جد. قلبي يُوجعني ولحد إسا موجودين بالبيت اللي كانت أمي تزورهن وتتزاور معهن ويوم استقبالات. الخميس هو أول خميس وتاني خميس الصالون يبقى عامر بالنسوان بالأرجيلة… حياة حلوة كانت. بس ما لحقنا نتهنا فيها. حرام خسارة. عن جد يُمنى أنا بوجعني قلبي بس أمرُق البلد اللي كانت قديمة تحت أسواق سوق الشام القناطر هاي اللي مثل عكا القديمة على أكبر، أكبر كانت البلد القديمة اللي تحت… معلوم.

اللي بدها كانت تتجهز، هناك سوق الشوام لأنو كانوا فعلا شوام سوريين اللي فاتحين دكاكين القُماش الأواعي… إشي بِبهر كان. يا ..عليهن كيف هدموهن! بن غوريون هدم كُل البلد التحتا، يعني وين المدرسة راحت؟ وين الأُنطُش تبع المُطرانية كان، يعني كان حوالي الكنيسة في مدرسة مُخيفة للروم، وكانوا يدرسوا فيها من كُل الطوائف المدرسة كانت.." 


السيد جورج خوري
" أنا وأهلي كنا ساكنين بعمارة تابعة لدار توما. شُفتي البيت الأسود، هذا القزاز الأسود. هذا بنزلة شارع الأنبياء، درج الأنبياء، في درج هو شارع الأنبياء اللي بيجي من جنب "آرمون" يكمل من فوق لتحت السوق هذا درج الأنبياء، ينزل لتحت شارع ستانتون. براس الدرج احنا كنا ساكنين هون، 5 دور جنب بعض. قبالنا، عيلة ألخوري، عيلة دار سليم الخوري قباله كانت سكة الحديد بوقتها انتقلت من تحت لفوق. بعدين اجوا اليهود تمَرْجلوا على العمارة وحرقوها. هناك بوجه الساحة إسا هي الساحة ماخذينها جماعة روس وعاملينها موقف.

" ببيت التوما بليلة من الليالي إجو قالوا بدهن يضربوا مدفعية. ضربوا بيتنا إحنا، وغرفة النوم تبعتنا راح منها حجر، إجت الدبابة وضربتنا. الدبابة الانجليزية…اليهود ماكانش عندهن دبابات. بهذاك الوقت نمنا ليلة برة، في وادي النسناس. كان في بيت مسكّر فُتنا عليه ونمنا هناك. وثاني يوم رُحنا لقينا البيت مَخزوق وعفشنا مسروق. الجيران اليهود اللي تحتنا واللي فوقنا اللي كنا نجيبلهن سكر وهذا… سرقونا. أخذنا كل محتويات البيت ورحنا على وادي النسناس فتحنا بيت أصله للعرب وقعدنا في شارع المخلص.

" آه عربي انا كنت اشتغل يومتها بالـ IPC . IPC المكتب هون دار المكتب اللي اسا ملجأ عُجَز وملجأ ختيارية هاي "يفيه نوف" . هذا كان مكتب أل IPC. هناك أنا كنت اشتغل تحت بقسم الراديو. أفوت من الواد والا انا في بيتنا. كنت بالأول اطلع لجنب العمارة ألـ "سوليل بونيه" اسا العمارة اللي عليها القُبة جنب الـ"سوليل بونيه" هاي دار المجدلاني، وانزل لتحت وافوت بالساحة واطلع على بيتنا. بس بعدين صارت خطرة هاي لانو في قناصة من الكرمل كانوا يصوبوا علينا احنا. وأكثر اشي كانوا يصيبوا وادي النسناس. الشارع هذه شارع المخلص لأ… فوق الوادي قيسارية هذا ضربوا فيه 6 نسوان وراء بعض قتلوهن وحده فوق الثانية. أول وحدة ختيارة، إجت كنتها بدها تساعدها، طخوا الكنة بعدين وحدة ثانية وهيك… آه بعدين وحدة اسمها سلوى كانت تشتغل في المستشفى الطلياني. هون إجت بدها تقدم انا بنفسي مسكتها، قلتلها تقدميش إسا بطوخوكي تقدميش خليكي جنب الحيط ولحد اسا عايشه..
" قناصة يهود من فوق وهني يتمرنوا كانوا كل 10 يتمرنوا على باروده لانو ما كانوش بدهن يستعملوا رصاص كثير بدهن بس للتمرين وين إيش يقدروا يشوفوا بالناظور من وادي النسناس وصيب اذا بتقدر تصيب. وصابوا الستة.

بهذه الطريقة كانوا يقطعوا الشوارع يعني الواحد بقدرش يمشي ليش لإنو بعرفش الواحد وين القناص قاعد… اليهود كانوا لما انبنت حيفا كانوا يجربوا يوخذوا سفح جبل الكرمل لانو عالي لانو كانوا مخططين انو يوم ما بدهن يوخذوا الانجليز وتعطيهن وهذا … أهالي حيفا ما كنوش داريين بالقصة اللي يشوفوا جماعة جايين من برة يبنوا لأنو الأراضي رخيصة فوق بالجبل لكن هذه كانت خطة إستراتيجية عشان يوخذوا المراكز العالية.

مثلا لما تهجروا أهالي حيفا هون صار في مؤامرة على مستوى الشركات الكبيرة، أول أشي الـ IPC نقلت مركزها من حيفا لطرابلس كل المواطنين اللي كانوا هون نقلوهن بس الخبراء المناح نقلوهن إلى طرابلس والباقي سرّحوهن وأعطوهن تعويضاتهن من هون من حيفا. أما في المكاتب كلها البنات اللي كانوا يشتغلوا كاتبات وغيروا والكُتاب نقلوهن كلهن لطرابلس وفي إشي ببيروت كان مكتب أساسي رئيس للإدارة.

بعدين الباقي كله كان بطرابلس .بطرابلس هناك كان للاختصاصيين مثلا انا اختصاصي راديو ونادوني لهناك أبنيلهن راديو. وبنيت 7 محطات عشان يتواصلوا بين طرابلس وكركوك…. وباقي ما باقي ما اخذوهوش كله طلعوه، كانت شركة ال IPC عندها موظفين حوالي 3000 او 3500 هدولي كلهن روحوهن بخمس دقائق الاشي الكبير منهن الأساتذة نقلوه لطرابلس والباقي رَوَحوه عالبيت .اشي أعطوه تعويضاتو وإشي إجا على طرابلس يوخذ تعويضاتو فهاي تخريب شغله كبيرة كانت من اكبر مؤسسات حيفا".


زهرة قاسم عابدي ـ خمرة 
" يوم يا حبيبتي بهالليل صحينا الصُبح ولا بقولوا إنُ اليهود صارت هون بوادي الصليب. وهالعالم عم تُهرُب وإحنا وين بدنا نروح! رُحنا على بيت دار خال إمي بعقودة كبيرة. قعدنا فيها هناك للظهر وبعدها سمعنا أنُّو اليهود صاروا بالواد. إحنا كُنا بنتين أنا وأختي، أنا كان عُمري 12 وأختي كان عُمرها 10 وعبد كان عمره 5 سنين صغير. و شو بدي أساوي… إمي لما أجت على البيت قالتلنا يللا تعالوا، والانجليز بقولوا يلا يلا…

" الحاصل قالوا يللا يللا… رُحنا مع إمي على البيت ضبضبنا شو أخدنا هيك شوي وكان معنا مُفتاح خالتي اللي بعكا، خالتي دائمًا كانت ساكنة في عكا طول عمرها. وخالتي جوزها لبناني من صيدا، قُلنا ما دام مفتاح خالتي معنا حملنا ومشينا عالميناء. إسا إجينا عالميناء. بتذكّر زحافة طلعنا وقفنا عند الزحافة وإلا مرأة يا حرام هيك جاي وحاملة مخدة كانت عابطيتها مفكرتها إبنها. ولما عرفت إنُ هذا مش إبنها هاي مخدّة ودبَت الأصاويت وهاي المرأة من وادي الصليب ووين بدها ترجع!

والولد بقولوا حكوا عنوا إنو بعدو، صار يهودي الولد. الولد صار يهودي ولا بدن يتعرفوا عليه أهله ولا بدو يعرفهن… الحاصلو هاي المرأة زتت المخدة وصارت تندب وتصرخ، وإحنا مشينا بالزحافة الثانية ومعرِفناش شو صار فيها… قدامي كانت.. حاملي بقولك المخدة، المخدة حاملتها وعابطتها هيك… من وادي الصليب. بس بقولوا إبنها ناس قالوا إنُ بعده عايش وربَتُه وحدة يهودية وصار يهودي وتعرفوا عليه أهله هيك سمعت… حتى أهله من الطيرة. 

" وفي بنت هون من الطيرة كمان ربوها ناس بعكا وزوجوها من الكبابير. وصلنا على المينا في عكا وصلونا على بيت خالتي وصلنا وقعدنا هناك وكَيفنا عند دار خالتي بيتها كثير حلو وعلى البحر، وسيدي ختيار 75 سنة وستي ختيارة، وخالتي حبلى جوزها تركها مع الأولاد ولدين وحبلى وهرب على لبنان. راح على صيدا كنوا طلع… الحاصلو، إسا شو عملنا إحنا قعدنا 4 أيام، وقالت إمي بدي أروح أجيب أواعي من حيفا، أنا خفت أروح قلت بديش أروح، راحت أختي هاي اللي من إم الفحم وخالتي وإمي، وأنا ضليتني مع سيدي وستي .

إمي بتوصل الميناء وخالتي بصيبها طلق بقوموا وبخدوها على مُستشفى حُكومي. بتقولك بالمُستشفى فش ولا حدا إلا هي. قاموا حملوها الولد وأجت ماشي من رامبام لتحت شارع البور. كان ناشف دمها والولد لافينو بشراطيط وإجت هناك وسقعة برد كان شهر 4. لفّته بشراطيط للولد. وقعدت كنوا يومين بحيفا وعاودت إجت على عكا مع الولد. وقعدنا… أبوي قال لأمي: "إصحك تروحي فرية… (إمي أسمها فرية) خليكي بس تروق باجي بخودكوا على حيفا".. إمي ما ردتش على أبوي، سمعت إنو الهجناة بدهن ييجوا على عكا… وأنا قلتلها نبقى…وما قبلتش تضلها. إجا البابور قامت إمي حملنا جبنا عتالة وحملنا هالفراش فراش صوف تقال مش زي اليوم فراش رقيق، إمي تحط هالحبال وتحزم، وسيدي حزين ختيار…"

السيد خليل صالح جمال
"… بالنهاية تطورت القضية أكثر وصار في طخّ في الحارة الشرقية ومقاومة مع اليهود. وطوقوا يعني بطلوا يبعثوا مواد تجارية لليهود لأنه وقتها كان العرب مسيطرين أكثر ومنعوا المواد الغذائية عن اليهود. مثلاً ممنوع بيض لليهود وممنوع خضرة كانت مثل مقاطعة لليهود ولكن هذه استمرت وقت ولم تكون ناجحة لكنها ضايقت اليهود نوعاً ما، ما نجحت لأنه اليهود كانوا جيش مسلح حديث وقوي ومتعلم ومتدرب، جماعتنا لم تكن منظمة. ومع الوقت صار في أكثر مقاومة من الطرفين بذكر أنه كان في عمارة لدار سليم الخوري بشارع الخوري وكانوا أغنى أغنياء حيفا.

يملكون عمارة حجر مع الأرض حتى باصات إيجد كانت لهم، ولما أتو المناضلين احتاجوا لمحل استراتيجي فاحتلوا هذه العمارة وشعر اليهود باحتلال العمارة وصارت مقاومة بين العرب واليهود لأنه موقعها (بناية الشيكيم حالياً) كانت حدود بين العرب واليهود. واستمرت المقاومة شهر. ومن ناحية ثانية بمحطة الكرمل عملوا من بيت جليم اليوم. بالقرب من باصات رقم 5 التي كانت بين البلد والكرمل. واليهود كان عندهم محطات لبات جليم رقم 7 وللعرب كان 5.

كان اليهود يعرفوا أين كراج الباصات فتسللوا بالليل وقتلوا كل من جاء أمامهم وقتلوا 3، وحرقوا باصات العرب كإرهاب لتخويف الناس. وفعلاً بعد مقتل الثلاثة اشخاص صار في جنازات وضجة كبيرة، وصار في خوف وبدأت الناس تهرب وتفرقت على لبنان ومناطق مختلفة لأنهم شافوا قوة منظمة وأسلحة كثير ساعدت اليهود للتغلب على العرب على عكس العرب اللي كانوا غير مدربين ودخلوا الحرب بدون استعداد. ولما صارت الناس تهرب على لبنان خوفا على أولادها واشتدت الحركة أكثر خصوصا بمنطقة المركز لأنهم كانوا يطخوا من المركز على الواد. على العرب يعني من مسافة قريبة المركز كان من شارع هبنكيم ولفوق والبلد تحت. العرب قاوموا لكن ما كانت المقاومة فعالة بسبب السلاح الضعيف.

"النتيجة، قويت الحركة أكثر ولكن اليهود بسبب نظامهم وسلاحهم القوي تغلبوا على العرب،مثلا، دار الخوري كان عندهم قصر احتله العرب لأنه على الحدود بين اليهود والعرب كان شارع من هناك ينزل إلى السوق. وكان فيه حركة تجارة كبيرة سوق شوام، لما اشتدت المقاومة يظهر أنه قل السلاح مع العرب وصار بدهن اكثر عشان يقاوموا احد المقاومين نزل إلى السوق لطلب المساعدة لأنه بدهن سلاح حتى تستمر المقاومة. فقالوا نحن لا نستطيع المساعدة لا يوجد لدينا سلاح اخبرهم كيف تريدوننا أن نقاوم بدون سلاح كيف يحدث هذا إذاً نحن لا نريد أن نقاوم ويظهر أنه لم يتفق معهم وانسحبوا من فوق، شعر اليهود بذلك وعندها هجموا على السوق والبلد وقامت الضجة وهربوا الناس عن طريق الميناء.

وخربت التجارة ومات السوق. وهذا شي محزن أنا لما بتذكر يعني بتأثر كثير وبتذكر كيف كانت الحركة والشغل والناس وكيف صارت بالآخر، وكيف الانجليز فتحوا باب الميناء أمام الناس ليهاجروا مع أنه قبل بيوم من الهروب كان العرب في المدينة وكان ممنوع نفوت على الميناء إلا بتصريح وبأذن، ولما صارت هذه المسألة فتحوا باب الميناء وقالوا للناس خذوا معكم شو ما بدكم من طحين وأكل وروحوا على لبنان.

وصار الوضع صعب كثير كمان بالمحطة صارت العالم تهرب على الشط كان في شط جنب المستشفى الحكومي كان في أبو نصور كان شط للسباحة نزلوا الناس الساكنين بالمحطة عليه وكانت المواعين (مراكب) تأخذ الناس شي على لبنان وشي على بلد ثانية وهكذا تفرقت العالم، ولما صارت العالم تروح نحن بقينا للآخر.. بالليل لما كنا ننام كان في ضجة كثير من الكلاب والقطط. لأنها كانت جائعة وما في أكل وما ضل ناس كثير بالمحطة".

السيدة جميلة عبيد
"عدنا الى حيفا بالسير، الى بيتنا الذي هو بحي ستانتون، وهنا المفاجأة اليهود كانوا بداخل بيتنا أراد ابي اخراجهم فلم يقبلوا وبدأوا بضرب ابي وامي واخوتي حتى نخرج من البيت فحاول ابي ان يقاومهم فقالوا له :" ان لم تذهبوا في الحال انت وعائلتك اجلسوا بالمرحاض" ، حتى انهم لم يقبلوا ان ناخذ اغراضنا امي اخذت لنا بعض الاغطية وذهبت امي وابي يبحثون عن مكان ننام فيه.

"استطاع أبي أن يؤمن لنا مكان للنوم المكان هذا هو شارع اللنبي تحت مبنى الانطش التابع للروم الاورثوذوكس قنطرّة تحت قوسة الدرج وضع ابي باب من خشب " كان ابي نجارا" واقمنا هناك مدّة طويلة ، وضعت لنا امي الاغطية التي تبقت لنا من البيت ، بالرغم من ان البيت قد استحله اليهود بما فيه من نقود، والملابس، وكل تاريخنا وحاجياتنا بقيت بالبيت ، لم نستطع إرجاع البيت لا حكومه ترجع بيتنا ولا هناك من يسترجع لنا حقنا .

"واذكر أيضا ان شقيقتي الاكبر مني سنا كانت مخطوبة. فأبي لم يرض بان تطول الخطوبة فأراد أن يزوجها. ولكن بيت خطيبها قد احتل على يد اليهود ، فوضع أبي الحجارة والتراب ، وبنى لها خشّة من التراب الأحمر وأحجار وسقفها بتنك بجوار قوسة الدرج. وهكذا زوّج أبي شقيقتي بداخل هذا البيت المصنوع من التراب والحجارة . 

"لم أعد أذهب إلى مدرستي "راهبات المحبة " وأخي الصغير لم يعد يذهب الى مدرسته التي كانت تدعى " الفرير". الوضع الاقتصادي كان صعبا جدا. مُنعنا من أحلامنا أخذوا بيوتنا. بدأ ابي يعمل بساعات الصباح والمساء والليالي ليؤمن لنا بعض المأكل والمشرب، امي كانت تعمل بساعات الصباح لحد ما استطاعت هي وابي جمع مبلغ لا بأس به من النقود وابتاعوا منزل بحي وادي النسناس. البيت كان مؤلفاً من غرفة واحدة اقمنا بها انا وعائلتي المؤلفة من 6 اشخاص . 

لم يبق لي شيئا من البيت القديم او حتى لم يتركوا لي تذكارا. وايضا منعونا من دخول البيت ومن دخول الحي، أيضا، الذي كنا نقيم فيه. 


فلسطين والنكبة ...سقوط حيفا وحكايات

فلسطين والنكبة ...سقوط حيفا وحكايات

فلسطين والنكبة ...سقوط حيفا وحكايات

فلسطين والنكبة ...سقوط حيفا وحكايات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *