تصوير: gettyimages
عقد البابا فرنسيس لقاء مع سلفه بنديكتوس السادس عشر السبت في اجتماع غير مسبوق في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية لبابوين، أحدهما مستقيل، منذ 600 عام على الأقل، وذلك في المقر الصيفي للبابوات بقلعة غاندولفو جنوب روما.
وكتبت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية "سيحصل اليوم نوع من انتقال السلطات الذي لم يحصل أبدا حتى الآن خلال الألفي سنة من تاريخ المسيحية".
وأوضح الفاتيكان أن بنديكتوس السادس عشر استقبل شخصيا البابا الأرجنتيني لدى نزوله من المروحية صباح السبت.
واجتمع الحبران الأعظمان اللذان كان كل منهما يرتدي جبة بيضاء في المكتبة الحبرية بالمقر الذي يستخدمه البابا المستقيل منذ 28 فبراير/ شباط، ثم تناولا طعام الغداء سويا.
وعلى رغم الفضول الكبير الذي يثيره هذا اللقاء التاريخي، صدر عن الفاتيكان بيان مقتضب. ولحظة اللقاء، لم يكن تلفزيون الفاتيكان الذي عادة ما ينقل أدق تحركات البابا، قادرا على التأكيد أنه سيبث صورا للبابوين. وما قاله البابا المستقيل الذي يبلغ الـ85 من عمره والبابا الذي يصغره بتسع سنوات، خلال الغداء، سيبقى طي الكتمان.
والمواضيع المطروحة كثيرة في كنيسة يبلغ عدد أتباعها 1.2 مليار نسمة مثل: "التبشير الجديد"، وكيفية وقف نزف الكاثوليك وابتعادهم عن الكنيسة، والاضطهادات التي يتعرض لها المسيحيون، والإصلاح وحركات الاحتجاج، وفضائح المال والجنس وخصوصا فضائح التعديات الجنسية ضد الأطفال، وعلاقة الفاتيكان مع العالم الإسلامي.
من جهته، اعتبر فيتوريو ميسوري المتخصص في تاريخ الكنيسة، في صحيفة كورييرا ديلا سيرا "حرصا منه على آداب اللياقة، نعتقد أن راتسينغر (اسم البابا بنديكتوس قبل رسامته) سيحجم عن إسداء نصائح وسيكتفي بلفت الانتباه إلى المسائل التي يتعين إيجاد حلول لها".
مذكرة من 300 صفحة للبابا الجديد
وتقول الصحافة الايطالية إن بنديكتوس السادس عشر كتب مذكرة من 300 صفحة ليسلمها إلى خلفه.
وسيتحدث الحبران الأعظمان عن "فاتيليكس"، قضية تسريب الوثائق السرية التي أجرى في شأنها كرادلة متقاعدون تحقيقا موازيا وكتبوا تقريرا لم يسلم إلا إلى البابا الجديد.
وكان البابا بنديكتوس السادس عشر أكد قبل أن يستقيل "خضوعه غير المشروط" للبابا الجديد وقال إنه سيعتزل العالم ولن يشارك في أي نشاط عام.
اتصالات سابقة بين البابوين
ومنذ انتخابه، اتصل البابا فرنسيس مرتين بسلفه، وكانت الأخيرة الثلاثاء. وأعلن الفاتيكان أن البابا المستقيل الذي يعيش في قلعة غاندولفو مع أربعة علمانيين مكرسين لخدمته، شاهد على شاشة التلفزيون انتخاب خلفه وقداس تنصيبه.
ويعرف كل من البابوين الآخر منذ فترة طويلة. ففي المجمع الانتخابي 2005، كان خورخي برغوليو أبرز منافسي جوزف راتسينغر، وكان الأول يمثل اتجاها اجتماعيا أكثر انفتاحا بين الكرادلة.
اختلافات في الطباع
وتختلف شخصية كل منهما اختلافا عميقا عن الآخر. ففيما يبدو راتسينغر متحفظا أمام الجموع، يبدو برغوليو (اسم البابا فرنسيس قبل رسامته) عفويا ويذهب إلى الناس ويسعى قدر الإمكان إلى الحد من البروتوكول الذي يحيط بالبابا.
وحرصا منه على احترام التقليد، ولانعدام العفوية لديه ولأنه لا يحب التجديد وينفر من البهرجة والمظاهر، نادرا ما عمد راتسينغر إلى الارتجال.
إلا أن برغوليو تبنى إرث سلفه عندما أدان "دكتاتورية النسبية" الجمعة أمام الدبلوماسيين.
وفي كل خطاباته تقريبا، تطرق بطريقة أو بأخرى إلى بنديكتوس السادس عشر، ليعلن للملأ أنه إذا كان قد اختار تغييرا جذريا في الأسلوب، فثمة استمرارية في العقيدة.
وحول المسائل الاجتماعية على سبيل المثال، يتبنى راتسينغر وبرغوليو مواقفا متحفظة، سواء من زواج المثليين أو الإجهاض أو الموت الرحيم.
وينظر البعض في الفاتيكان بمرارة إلى الشعبية الكبيرة التي حصدها البابا فرنسيس، ويعتبر أن النسيان الذي بدأ يطوي البابا الألماني غير مستحب.
وعندما سيستقر في مايو/ أيار في دير قديم على تل الفاتيكان، سيكون البابا المستقيل على بعد خطوات من مكاتب البابا فرنسيس. وستبدأ مرحلة غير مسبوقة وحساسة مع تجاور إقامة الحبرين حيث يمكن أن يلتقيا في حدائق الدولة الصغيرة.
وقّبل بنديكتوس السادس عشر، كان غريغوري الثاني عشر هو آخر من أقبل على قرار الاستقالة عام 1415 تحت ضغط، ولكن سلستين الخامس هو آخر بابا يستقيل بملء إرادته في 1294، لكن لا تتوافر أي معلومات عن غداء مع خلفه بونيفاس الثامن الذي وضعه تحت المراقبة ثم سجنه.