في مثل هذا اليوم، العاشر من نيسان، وفي الجمعة بالذات قبل 78 عاما أي في عام 1931 رحل عن عالمنا الأديب والفيلسوف والفنان العربي جبران خليل جبران، وهو يرقد في مستشفى القديس "فنسنت" في نيويورك، عن 48 ربيعا، أصدر خلالها 16 عشر مؤلفا، تركت أثرا كبيرا بل أحدثت ثورة في الأدب العربي الحديث، وفي تجديد اللغة العربية، حيث وقف جبران على رأس حركة تجديدية في الأدب واللغة في بلاد المهجرـ وأسس "الرابطة القلمية" مع زملائه ميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي وآخرين.
وعرف جبران في الغرب كفنان تشكيلي أكثر مما عرف كأديب، كما عرف لديهم كفيلسوف، ووقف كتابه الشهير "النبي"، على رأس قائمة الكتب المنتشرة طباعة وبيعا في أمريكا، وكانت تقرأ مقطوعات منه في كنائسها. انتشر اسم جبران في الغرب والشرق، اخترق العالم بفكره وأدبه، ولم ينس بلده لبنان. كان جبران دائم القلق على هذا الوطن الصغير الجميل، وكان دائم التحذير من الأمراض التي تنخر فيه، ومن يقرأ جبران اليوم يظن أنه يعيش بيننا رغم سنوات الفراق، فأمراض لبنان لم تتغير بل تفاقمت وتوسعت، ولو سمع اللبنانيون نداءات جبران لما اصابهم ما هم فيه.
وعرف جبران عندنا بفضل روايته "الأجنحة المتكسرة" التي طالما قرأها طلابنا، وكذلك "مواكبه"، تلك القصيدة المطولة الرائعة التي يبرز فيها أسرار الحياة في الطبيعة، وعرف بكونه صاحب "المحبة" تلك المغناة التي نقلتها لنا فيروز بصوتها الملائكي والرحابنة بألحانهم السماوية.
جبران خليل جبران
شهداء في البرتغال وعملية "فردان"
في العاشر من نيسان عام 1973، قامت مجموعة كوماندوز اسرائيلية بدخول بيروت (يقال أن قائدها كان ايهود براك، وزير الحربية الحالي)، ووصلت إلى شقق ثلاثة قادة فلسطينيين وهم :كمال عدوان، يوسف النجار وكمال ناصر والأخير كان شاعرا معروفا أيضا وناطقا باسم منظمة التحرير الفلسطينية، سقطوا شهداء بعملية اغتيال محكمة عرفت باسم "عملية فردان".
وفي العاشر من نيسان 1983 سقط الدكتور عصام السرطاوي شهيدا برصاصتين من مسيدس كاتم للصوت في فندق في البرتغال، بينما كان يشارك في اجتماع دولي للأممية الاشتراكية ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية. وعرف السرطاوي قائدا فلسطينيا بارزا رأى فيه الغرب رمزا للاعتدال، والأكثر اثارة للجدل والنقاش في صفوف القيادات الفلسطينية. ومهما كانت وجهات النظر فيه فلا يمكن وصمه بالخيانة، لأنه كان انسانا وطنيا خدم قضية شعبه، وكان في الاجتماع الأخير يعمل على اقناع ممثلي الأحزاب الاشتراكية بعدالة القضية الفلسطينية، حيث كان له أسلوبه الخاص في خدمة القضية، وهو ما لم يعجب الكثيرين من القادة الفلسطينيين، وهكذا خسر الشعب الفلسطيني مثقفا آخر من صفوفه بدم بارد.
جبران خليل جبران
أولئك القادة انضموا كما انضم إليهم فيما بعد العشرات من القادة الذين طالتهم اسرائيل وأطراف أخرى، ومن أشهرهم خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس وصلاح خلف (أبو إياد) في تونس أيضا وسعد صايل وأبو علي مصطفى في رام الله وغيرهم، من الذين قدموا دماءهم في سبيل قضية عادلة، يأتي اليوم من يتاجر بها ويقبض الدولارات مقابل تجارته الرخيصة، ولا تجد من يحاسبهم.
مهما صار تبقى ربيع الإنسان
رغم سوداوية العاشر من نيسان، إلا أنه يبقى من أقرب الأيام إلى قلبي، فهو يوم ليس للموت فقط بل للحياة ويبقى هو وأيام نيسان رمزا للربيع المتجدد.. رمزا للإنسان.