المفكّر الملتزم كلمة ورسالة! بقلم: رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 28/11/2012

لا نجافي أو نبتعد عن الحقيقة حين نعود ونعترف، حتّى دون أن يجلس الواحد منّا على ذيّاك «الكرسي» المبارك، نعم! نُقِرُّ أنّ واقعنا في هكذا زمن «سَفيه» أصبح «مغارة» هجينة، و كهف فضاءٍ، كلّ يوم فيه معتم، ساعاته تنداح وجودًا مُنهكًا، كأنّها تسافر في قطار باتّجاه العاصفة!!
لكن، لأنّني من الّذين يقومون دائمًا بتغيير مواقع أحرف «الألم» ليصبح بالنّتيجة «أملًا»، وهذا ليس في قائمة «المستحيلات»، إن وُجدت أصلاً!!

أقوم، يوميًا، إن أقتضى الأمر ذلك، بعمليّة «التّطهير» (كاتارزيس) الذّاتي، البّرّانيّة والجّوّانيّة، كي أبقى في حالة من التَّوازن النَّفسي الّتي تجعل «نور الحياة الحقيقيّ لي سيّدًا»!!
كما تجعل هذا «النّور»، لك قارئتي ولك قارئي «خشبة الخلاص» لغيوم أيّامك، حتّى تدخل راضيةً، «سجن بئرك» مطرًا تأيّدًا!!

لا يساورني، عزيزاتي أعزائي، أدنى شكّ، أنّنا بهذا الموقف نفوز بسِمَة المواقف الخالدة، الّتي تستنهضنا طاقةً تُمكّننا من «الانتصار» حتّى على «الآلهة» الّتي فشل من قبل «سيزيف» في مقاومتها!! وبهذا نتمكّن من جعل زماننا وزمن أولادنا ونسيلتنا، زمنًا أقلَّ غَدرًا وأقلَّ لؤمًا!!

ولكي لا يصمّ أذنيّ سؤالكم وتساؤلكم ولا معهما صدى إلحاحكم، اُسارع إلى رفع أجابتي يافِطةً تقول: سلاح هذا «الانتصار» البائن بينونة كُبرى كامِن في الكلمة؛ نعم الكلمة الّتي كان لها منذ البدء أهميّة كبرى في تطوير الشّعوب وتقدّمها، فكلّ عارف بالحقيقة يؤكّد «باصمًا بالعشر» أنّه لم تتمكّن ثورة اجتماعيّة أيًّا كان هدفها من النّجاح، إذا لم ترافقها عمليّة توعية جادّة تضمن لها  الحياة والاستمرار.

وحيث إنّنا لسنا في مجال تعداد الأمثلة – عبر التاريخ – على صحّة ما ذهبنا إليه، لا بُدّ، توضيحًا، أن نضيف ونقول: إنّ الثّورة العسكريّة الصَّرفةِ والاستيلاء على الحكم مصيره الإخفاق، أيضًا، إذا لم تدعمه الأفكار الواعية الّتي يثبتها المفكّرون ويستوعبها الجمهور، حتّى يرتفع بمستواه الثقافيّ عن مستوى جمهور أنتوني في مسرحيّة شكسپير المشهورة، حيث استطاع أنتوني بخطابه، أن يحوِّل رأي الجمهور من متعاطف مع قتلة يوليوس قيصر إلى ناقم عليهم…

هذا الجمهور وكلّ جمهور بمستواه، خاضع لتأثير أيّ متكلّم متوسّط البلاغة، ليتلاعب بآرائهِ. أمّا الجمهور الواعي المثقّف «بالكلمات» ثقافةً صحيحة ثابتة فلا يمكن أن يتحوّل أو يتغيّر رأيه إلّا بحُجَّة مُقنِعة وقويّة.
وهنا أجدني مُلزمًا أن اتحوّل من العموميّات إلى قضيّة شعبنا الفِلَسطينيّ، «لأتوسّل» الجميع، بادئ ذي بدء، أنَّه حان الوقت كي نتوقّف عن اتّهام «الآخر» وإلقاء مسؤوليّة نكبتنا بكاملها عليه، خاصّةً أنظمتنا العربيّة المهترئه!!

لماذا؟! كي نعيد، زميلاتي زملائي إلى المفكّر الفِلسطينيّ الدَّور الأكبر الذي يجب أن يأخذه لبناء القاعدة الفكريّة والثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، بناءً مثبتًا راسخًا، يؤدّي بالتّالي إلى تغيير الأوضاع، والوصول إلى برّ الأمان..
فالمفكّر الفلسطينيّ هو الّذي يرى الدّاء ويرسم الخطّة لتلافيه والتّوعية لاتقائه. هذا ناهيك عن كونه الصّوت الفاعل المنتج الّذي يؤدّي دوره بهدوء، وأن كان بطيئًا.

أي أنَّ نتائجه تظهر بعد فترة طويلة، ربّما تتجاوز عمر المفكّر نفسه، الّذي أوصل إلى هذه النتائج. نتائج صاغها بوضوح ورمزيّة وأسلوب جذّاب، ليبلور ويرسم فكر وعقل الإنسان الفلسطينيّ خاصةً، وحتّى العربي عامةً، يرسمه خططًا سليمة تؤدّي بهما، معًا، إلى التّلاحم والسّير نحو المعالي.
 

صباح الخير لك يا صديقي ولك يا صديقتي، الّتي هي «أنا» والّذي هو «أنا» صباحًا تبَنّينا فيه التَّوجّه الثَّوري الأصيل، توجّهًا يُؤمن: أنّ المجتمع لا يتطوّر ألاّ بتحطيم الأصنام وذبح البقرات المقدَّسة!!

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *