عن أيِّ دمقراطية تتحدثون؟!

مراسل حيفا نت | 03/04/2009

بقلم: مطانس فرح- من سكان حي وادي النسناس- حيفا

 

قد يهاجمني البعض لعدم اكتراثي – لا من قريب ولا من بعيد – بالترشّح أو بالتصويت للجنة حي وادي النسناس، فأنا أومن بأني إذا كنت لا أستطيع التأثير، والتغيير بما يعود بالفائدة على أهل الحي كخدمة تليق بأهله مثلاً، فلا جدوى إذًا من ترشّحي!

فلأسباب عديدة، منها ضيق الوقت الذي أشكو منه، والذي لا يسمح لي بحضور كافة الاجتماعات، والتفرّغ لمتابعة شؤون أهل الحي – وهي كثيرة – قررت عدم الترشّح؛ حيث تقع على عاتق كل مرشح تمّ انتخابه عضوًا في اللجنة، مسؤولية كبيرة بمتابعة مشاكل وطلبات الأهل، وإمكانية إيجاد، ولو بعض الحلول، للمشاكل الكثيرة العالقة والنقوصات الجمّة التي يعانيها هذا الحي العربي العريق.

كنت على وشك التصويت للجنة الجديدة-القديمة، بهدف مشاركة أهل حيي وبلدي النهج الدمقراطي باختيار مرشحيهم، للجنة تمثّلهم أفضل تمثيل – قدر المستطاع – إلاّ أنّي فوجئت، وثُرت حين وجدت بأن هنالك قوائم جاهزة، وتحت الطلب، بأسماء 21 مرشحًا يشكّلون كتلة واحدة وموحّدة إختارهم أشخاص معيّنون لأسباب عديدة ومتعددة – أعلم أقلّها وأجهل أكثرها. وكانت هذه القوائم الجاهزة توزّع يمنةً ويسرةً على الناخبين قبيل دخولهم للإدلاء بأصواتهم، وقد وصلتني، أنا شخصيًا، قائمة كهذه!

أستغرب هذا التصرف غير الدمقراطي؛ فالانتخابات حق شرعي ودمقراطي كما تعلمون. فكيف تدعون أهل الحي، الداني منهم والقاصي، إلى المشاركة في عملية التصويت، والانتخاب للجنة حي، قرر البعض منكم اختيارها مسبّقًا، بإدراج أسماء 21 مرشّحًا من ضمن الـ 28، وشطب الأسماء السبعة الباقية، وكأنها لم تكن؟! فلربما كان هؤلاء الأشخاص المشطوبة أسماؤهم، بنظر العديد، أكثر جدوى وفعاليّة من أي عضو آخر أُدرج في القائمة؟ فبأي حق تقررون، وقبل التصويت، إنشاء كتلة مكوّنة من 21 شخصًا جاهزة للتتويج والاحتفال فقط؟

بكل أسف أستغرب مجددًا هذا التصرّف، لأنه استخفاف بالناخب وذكائه، وبقدرته على التأثير، حيث تدعونه للمشاركة "الفعّالة" في عملية تصويت نتائجها معروفة لغالبيتكم. إن هذا التصرف استفزّني، ودفعني إلى عدم المشاركة بالتصويت – حيث أرفض مبدئيًا المشاركة في "لعبة" التصويت، ودفعني أيضًا إلى كتابة هذه السطور.

هنالك أسئلة عديدة يجب أن تُطرح.. من اختار هؤلاء الأعضاء وضمّهم معًا في قائمة واحدة؟ ما الهدف من وراء تفضيل أشخاص معينين وضمان دخولهم عضوية اللجنة؟ هل هنالك أسباب سياسية أو شخصيّة منعت دخول باقي المرشحين ضمن القائمة؟ هل تخدم هذه القائمة فئة معيّنة؟ وكيف يرضى أي عضو يدعو إلى التصويت الدمقراطي الفعلي بإدراج اسمه ضمن قائمة؟

يجب أن يبقى حي وادي النسناس العربي العريق رمزًا من رموز حيفا، وعلمًا من أعلام المدينة، يرفرف عاليًا مبشّرًا بوجود شعب عربي ما زال ينبض حيويّةً. إلاّ أنه ينقص هذا الحي العديد من النوادي الشبابية، والأطر الاجتماعيّة والثقافيّة، والمشاريع التربوية، والقاعات، والمكتبات، والبنى التحتيّة، والحدائق العامّة، والإنارة، والترميم لبيوت وشرفات عديدة آيلة للسقوط؛ إضافة إلى عبء الأرنونا، وغيرها الكثير.

فعلى بلدية حيفا أن تقوم بأداء واجبها تجاه حي وادي النسناس: بتطويره، وترميمه، مع الحفاظ على طابعه العربي الأصيل. فهنا يكمن التعايش الحقيقي وتكمن المساواة التامة، بحصولنا، نحن سكان الحي، على كافة الحقوق والخدمات التي تقدمها البلدية، أسوةً بباقي الأحياء اليهودية في "مدينة التعايش"!

فالتعايش والمساواة لا يأتيان من خلال التهليل، والتبجيل، والتحضير، لاستقبال احتفالات "عيد الأعياد" التي فُرضت علينا كرمز وهمي للتعايش في هذه المدينة، والتي لا تعود بالفائدة والمنفعة على سكان أهل الحي الذين يعانون الأمرّين، سنويًّا، من جرّاء هذه "الاحتفالات" والإزعاجات والتضييقات.

آمل من لجنة الحي أن لا يكون شغلها الشاغل التحضير والعمل والترويج لمهرجان "عيد الأعياد" وأن لا يكون مقرّها مكتبًا إداريًّا للمهرجان، بهدف تجميل صورة "التعايش"، بل مقرًّا مفتوحًا لاستقبال أهالي الحي والعمل الدؤوب على حل المشاكل العينيّة الكثيرة والطلبات الملحّة.

لا شك بأني أحترم وأقدّر كل عضو وعضو نشيط وفعّال في اللجنة، يعمل من أجل المصلحة العامة، والنهوض بالحي نحو الأفضل، إلاّ أنّي ضد فكرة تأمين وضمان المقاعد، مسبّقًا.

ولا يسعني هنا، في الختام، إلاّ أن أتمنى على الأعضاء الـ 21 "المنتخبين"  – وعلى رأسهم رئيس اللجنة، فكتور حجّار – أن يكونوا 21 طلقة مدفعيّة تبشّر خيرًا، يعملون بكل صدق وإخلاص لصالح أهل الحي، ضاربين عرض الحائط، جميع المصالح الشخصية والفردية، عاملين معًا من أجل مصلحة الجميع، وتمثيلنا أفضل تمثيل في المؤسسات البلدية وغيرها، بشكل راقٍ ولائق – تمثيل فعلي لا شكلي – تمثيل يليق بنا، وبثقافتنا وحضارتنا، ويعود بالفائدة أولاً وأخيرًا على الحي وسكانه. بالتوفيق!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *