الارشمندريت أغابيوس أبو سعدة: المسيحيون أول الوطنيين والقوميين والتجنيد للجيش سيفشل

مراسل حيفا نت | 31/10/2012

إنّ الواقع الّذي يعيشه العرب المسيحيّون في دولة إسرائيل هو كواقع المسلمين أيضًا من ناحية القوميّة العربيّة والوطنيّة، إذ إنّ النّسيج المسيحيّ يدخل في إطار النّسيج العربيّ وهو غير منفصلٍ عن هذه النّظرة. لذلك نرى صعوبةً قُصوى وبالغة الخطورة في فرض التّجنيد العسكريّ الإجباريّ على المسيحيّين، إذ يُعرِّضهم للانفصال عن مجتمعهم العربيّ الأصيل، وأعتقد أنّ هذا موقف الغالبيّة المسيحيّة من قيادةٍ روحيّة وسياسيّة. إلاّ أنّ البعض من شبابنا وشاباتنا يجدون في الخدمة العسكريّة تأمينًا لمستقبلٍ قد ينعمون فيه بالمواطنة الحقيقيّة في الدّولة أو نيل بعض الحقوق الّتي لا ينعم بها أيّ مواطنٍ عربيٍّ لم يخدم الجيش.


لذا، هناك نظرتان للموضوع: النّظرة الأولى، وهي تُشكِّل الغالبيّة، ترى أنّ الخدمة العسكريّة تضرّ بمصالح المسيحيّين القوميّة والوطنيّة؛ بينما يُشكّل أصحاب النّظرة الثّانية قلّةً عدديّة، ترى أنّ على الشّباب المسيحيّ الانخراط في صفوف الخدمة العسكريّة، من أجل الحقوق، من جهة، ومن أجل ما زرعوه في عقول شبابنا أنّ حامل السّلاح يستطيع أن يُدافع به عن طائفته المهدَّدة من طوائف أخرى…


ونظرًا لحساسيّة هذا الموضوع وخطورته، أهيم بالجميع ضبط النّفس والتّفكير عميقًا في مصالح شعبنا العربيّ المسيحيّ بعيدًا عن السّياسات الضّيّقة (من خلال المتاجرة بهذا الموقف أو ذاك) الّتي تجرّنا إلى تغيير اتّجاهنا ورؤيتنا وتُشوِّه تاريخنا الوطنيّ والقوميّ، إذ إنّ المسيحيّين هم مَن أسّسوا القوميّة العربيّة ودافعوا عنها في أحلك الظّروف وأشدّها بطشًا وظُلمًا.


وإنّي، انطلاقًا من مسؤوليّتي الكنسيّة والرّعويّة والاجتماعيّة والقوميّة أقول للجميع إنّ هذا الموضوع لن يتحقّق بتاتًا، إذ ليس هناك من اتّفاقٍ أو قرارٍ عامّ من قبل القيادة الرّوحيّة أو السّياسيّة يتعلّق بهذا الشّأن، لأنّنا نؤلّف جزءًا أساسيًّا ومؤثِّرًا من النّسيج العربيّ لا يُمكننا التّخلّي عنه أو إضاعته في غرفٍ مظلمة، لأنّنا نُشكّل شعبًا واحدًا ومصيرًا واحدًا وخندقًا واحدًا؛ ولكنّنا، في الوقت عينه، لا نستطيع أن نتدخّل في شؤون بعض الأفراد الخاصّة وحريّتهم الشّخصيّة في الانخراط في الخدمة العسكريّة، ذلك أنّنا نحترم رغبة كلّ فردٍ بعمل ما يراه مناسبًا لحياته الشّخصيّة (كما هي الحال عند إخوتنا المسلمين أيضًا).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *