مشروبات “الطاقة”… بوابة الأمراض للشباب

مراسل حيفا نت | 18/10/2012

انتشرت في السنوات الأخيرة مشروبات "الطاقة" بكل أسواق العالم ومن بينها أسواق البلاد. ومن المُلاحظ أن أكثر شريحة أو فئة عمرية مستهلكة لهذه المشروبات هي شريحة المراهقين والشباب. ويتم ترويجها عادة كمصدر للنشاط والحيوية والطاقة. في هذا المقال سنبحث في مكونات هذه المشروبات وآثارها على الصحة.

• ماذا نشرب عند تناولنا لمشروبات "الطاقة"؟

تحتوي مشروبات الطاقة على الماء وكميات عالية جداً من السُكّر وجرعات مضاعفة من الكفائين. هذه هي المكوّنات الأساسيّة لكلّ مشروبات "الطاقة" المنتشرة. بالإضافة لعدّة مواد ثانويّة أُخرى كالتاورين والجورانا والكريئاتين وبعض مستخلصات الأعشاب والڤيتامينات.
 

• هل تُزودنا مشروبات "الطاقة" بالحيويّة والطّاقة؟

تُروّج الشركات المُنتجة لهذه المشروبات بكلمات جميلة وبرّاقة، وتُمنّي الشّباب والمراهقين بالطّاقة والحيويّة وزيادة التركيز. ولكن الأبحاث العلمية تُثبت خلاف ذٰلك، فقد يؤدي تناول هذه المشروبات في البداية لبعض النشاط الزائد وإحساس ببعض الطاقة ولكنها ما تلبث أن تتلاشى وتختفي مُخلفة وراءها حالةً من الخمول والشعور بالإرهاق وأحياناً تؤدي لأعراض مؤذية كالصّداع.

• ما مصدر الطاقة المؤقتة؟

الشّعور بالطّاقة لفترة وجيزة يأتينا من كميّات السُّكر العالية جداً، وكذٰلك من الكميات المُضاعفة من الكفائين في هذه المشروبات. هاتان المادتان لهما تأثيرات مُضرّة على الصّحة، خصوصاً في هذه الكميّات المرتفعة. أما مُستخلصات الأعشاب والڤيتامينات فهي بكميات ضئيلة جداً ووجودها يخدم الدعاية ليس أكثر.

• ما هي أضرار مشروبات "الطاقة"؟

هناك عدة أضرار ومخاطر يتعرض لها مستهلك هذه المشروبات، وهي نتيجة لمركبين رئيسيين وهما:

السُكر: من المعلوم بأن استهلاك السكر الأُحادي بكميات عالية جداً، كما هو في هذه المشروبات،  يؤدي مع مرور الزمن لما يُسمى بحالة "مقاومة الإنسولين"، وهذا بدوره يؤدي لأمراض عدة منها : السُكري وضغط الدم المُرتفع وزيادة في نسبة الدهنيات الضارة، ولا ننسى السُمنة وزيادة الوزن.

الكفائين: وهو يُصنّف كمادة منبّهة، وتتواجد مادة الكفائين طبيعياً في بعض النباتات كالشاي والقهوة والكاكاو. هناك العديد من الأبحاث التي أُجريت على هذه المادة وتأثيراتها على الجسم البشري والصحة عموماً، وهي مادة ضارة إذا ما تم تناولها بجرعات عالية. من هذه الآثار الضارة: تسارع في دقات القلب، نوبات توتر وقلق، نوبات عصبية، ارتعاش في اليدين، ارتفاع ضغط الدم، وفي حالات نادرة يمكن أن تؤدي للموت.
 

 ما هي كميّة السكر والكفائين الموجودة في مشروبات "الطاقة"؟

كما ذكرنا فإن كميات السكر والكفائين في هذه المشروبات عالية جداً. وفي المتوسط فإن كمية السُكر الأُحادي في العُبوّة الواحدة يتراوح بين العشرين والثلاثين غراماً، وهو ما يعادل ستة معالق من السكر الأبيض. ولتقريب الصورة، فإن استهلاك عبوّة واحدة فقط في اليوم سيؤدي لزيادة أربعة كيلوغرامات في السنّة. وكي تحرق هذه الكمية فإنك بحاجة لأن تهرول مدة نصف ساعة يومياً.
أما كمية الكفائين فإنها في حدود المئة ملغم للعبوة الواحدة في أكثر الأنواع المنتشرة في البلاد.

ولتقريب الصورة فإن هذه الكمية تساوي قيمة الكفائين في ثلاثة أكواب شاي، أو فنجان اسبرسو كبير.

• هل يُنصح بها قبل الرياضة لتنشيط الجسم؟

إن كمية السكريات الأحادية العالية المتواجدة في هذه المشروبات يتم امتصاصها بسرعة من الأمعاء عن طريق الأوعية الدموية، وهذا الارتفاع المُفاجئ في مستوى السكر يؤدي إلى ازدياد مستوى الإنسولين في الجسم بحدة كردة فعل، كي يتسنّى للجسم استغلال هذه السكريات وإدخالها لخلاياه.

وهذا سيؤدي بدوره إلى هبوط حاد في مستوى السكر إلى ما دون المستوى الطبيعي، مخلفاً بذٰلك حالة هبوط وكسل ورغبة في النوم. أي أن هذه المشروبات تعطي شاربها حالة من الهيجان والنشاط لمدة قصيرة ثم تخلُفُها فترة كسل وفتور، تماماً كما هو الحال بعد تناول وجبة غذاء دسمة.

ولا بد من الإشارة إلى أن تناول هذه المشروبات يؤدي لحالة من الجفاف لوجود الكفائين فيه، وهي مادة مدرة للبول. فلا بد من شرب كميات كبيرة من المياه لمن يشرب هذه المشروبات في حال ممارسته الرياضة لتجنب حالات الجفاف.

• هل تسبب هذه المشروبات حالة من الإدمان؟

في كثير من الحالات تُلاحظ حالة من الإدمان لدى مستهلكي هذه المشروبات وخصوصاً بين الشباب، ويظهر ذٰلك جلياً لدى من يستهلكون كميات كبيرة من هذه المشروبات يومياً. والسبب في ذٰلك يعود لحالة الكسل التي تعقب تدني مستوي السكر الأحادي والكفائين، فيلجأ الشخص لشرب عبوات إضافية على فترات متقاربة ليُبقي حالة النشاط.

• هل هنالك عواقب أُخرى وتأثيرات خاصة على المراهقين؟

تبيّن بعض الأبحاث والنظريات الطبية أن لهذه المشروبات دور هام في فتح باب الإدمان. فقد أظهرت الدراسات وجود صلة بين المدخنين ومدمني المشروبات الكحولية. فنسبة كبيرة من مدمني المشروبات الكحولية والمدخنين كانوا مدمنين وما زالوا على شرب مشروبات الطاقة.
لذٰا يحذر الباحثون من هذه المشروبات وخاصة عند صغار السن والمراهقين.

• هل كوكتيل الكحول ومشروبات الطاقة له أضرار إضافية؟

من المعلوم أن المشروبات الكحولية ضارة جداً للجسم، وتؤدي لإبطاء ردة الفعل ولخبطة في التنسيق العضلي والعصبي. وقد أشارت بعض الأبحاث العلمية إلى أن إدراك هذه الآثار الخطيرة، يقل عندما يتم خلط المشروبات الكحولية مع مشروبات "الطاقة"، ما يؤدي بشاربي هذه الكوكتيلات إلى عدم الشعور وإدراك هذه الأعراض. وعليه فإن مكمن الخطر هنا في ناحيتين:

الأولى: قلة الشعور بهذه الأعراض يؤدي لزيادة في شرب كميات إضافية من الكحول، وقد تصل مستويات الكحول في الدم لدرجة السميّة، قبل أن يشعر المرء بذٰلك.

الثانية: قلة الشعور بهذه الأعراض، تُعطي الإنسان انطباعاً خاطئاً عن مدى قصوره في الاستجابة لمحيطه وتباطؤ ردة الفعل لديه، مما قد يؤدي به لقيادة المركبة أو مزاولة العمل وهو في حالة لا تسمح له بذٰلك.

لذٰا لا ننصح بشرب المشروبات الكحولية بشكل عام لكثرة أضرارها الآنية والمستقبلية، ولكننا نحذر أكثر من خلطها بمشروبات "الطاقة" بسبب مضاعفة هذه المخاطر.

د. رامي شيبي، أخصائي في طب العائلة والطب الوقائي – موقع كلاليت

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *