أبو عايدة راحل، باق شهم- بقلم : نمر نمر- حرفيش (عن لجنة المبادرة العربية الدرزية)

مراسل حيفا نت | 29/03/2009

 

األاخوة، ألاخوات، أسرة الراحل الباقي الشهم، ابا عايدة، داود تركي طيب الله ثراه.

يعز علي ان اقف هنا، امام نعش المناضل العربي الاصيل وباسم لجنة المبادرة العربية الدرزية في هذه الديار، المخضبة بدماء الشهداء الابرار الاخيار، لتأبين هذه الشخصية الوطنية الفذة النادرة، التي دفعت الثمن الغالي من جراء احتلال هذا الوطن واغتصابه من اهله الشرعيين، الذين باتوا في ليلة وضحاها لاجئين مشردين ورازحين تحت وطأة الحكم العسكري الغادر الغاشم الذي جثا على صدورنا طيلة عقدين من الزمن، ونحن في وطننا الغالي ناهيك عن المصادرة والمطاردة، وتحولنا من اصحاب القرار لنرزح تحت حكم "الاغيار" في هذه الديار.

الاهل، الاسرة الكريمة، الضيقة والموسعة في الوطن والشتات: الناطقون بالضاد من مسقط الرأس المغار، المهجر، حيفا، ومن المطلة الى ايلة بغض النظر عن انتماءاتنا المذهبية والطائفية، كلنا على درب الكاتب الناقد الشاعر اللبناني مارون عبود طيب الذكر، حين رزق بابنه البكر فأسماه "محمد" معللا ذلك ببيتي شعر، اصبحا مثلا ومثالا للتعايش والتسامح بيننا:

عشتَ يا ابني ويا خير صبي

 ولدته امه في رجيبي

لم تلده مسلما او مسيحيا

 ولكن ولدته عربي

ابو عايدة (داود)، علم اعجمي، عربي ممنوع من الصرف، عجزت كافة القوانين القراقوشية والوضيعة عن جره بالكسرة، لأنه ابى الجر والكسر، وظل شامخا، رابضا، صامدا، رغم كافة وسائل القمع والبطش والنهش.

اجريت لي عملية جراحية قبل بضع سنوات، في المستشفى الطلياني في حيفا، فما كان من الطبيب الانسان خالد، ابن شقيق الراحل الباقي، الا ان زارني ليطمئن على صحتي، دون سابق معرفة شخصية، وقال لي: اتابع اخبارك من مقالاتك في جريدة شعبنا "الاتحاد" سنديانة هذه الديار وزيتونتها الصورية، وفي اليوم التالي قدم لزيارتي كذلك المناضل العنيد "ابو عايدة"، حيث اخبره ابن شقيقه عن مكوثي في المستشفى، ودون سابق معرفة كذلك!! هكذا هم الابرار الاخيار في هذه الديار!!

الراحل الباقي كان شاعرا مُقلا، الا انه كان شاعرا مجيدا، نظم الشعر العربي الاصيل المقفى على نهج المعلقات والمهذبات، واقتداء بفحول الشعر العربي قديمه وحديثه، وليس المهم الكم، بل الكيف!

في قصيدة لراحلنا بعنوان: "يا رافض التجنيد" نشرت في الاتحاد يوم 5-4-2004 ونشرناها في مجلة "وثائق" لسان حال لجنة المبادرة العربية الدرزية كانون الثاني 2007، قال فيها بصدق ومشاعر جياشة:

عار التجند محوه الاحرار

يا رافض التجنيد في جيش العدى

حياك شعب ثائر شد العلا

يتساءلون من الدروز؟ اجيبهم

جبل وسلطان كبير جباله

وجنبلاط في العروبة موقع

يا رافض التجنيد رفضك راية

ونضالهم لزواله كرار

حيّاك في قيد العدى ثوار

 ابناؤه وكفاحه الجبار

 بعروبتي: الاقحاح والاخيار

والثورة الكبرى له الإكبار

سطعت به لتحرر انوار

ليصُن رفيف بهائها استمرار

 

تحدثنا وجاهيا، وتحدثنا هاتفيا، فكان حديثه ينم عن احساس عربي عريق وانتماء لأرومة عزيزة، صامدة، متصدية، قابضة على الجمر، ظل شامخا ولسان حاله يقول مع شاعر فلسطين الشهيد عبد الرحيم محمود:

سأحمل روحي على راحتي

 فإما حياة تسر الصديق

وامضي بها في مهاوي الردى

وإما ممات يغيظ العدى

 واذا كان طيب الذكر اميل حبيبي "باق" في حيفا وتلميذه رفيقه محمود درويش باق في البروة رغم التشريد، فها هو "ابو عائدة" ليس عائدا الى حيفا، بل باق، باق، باق في حيفا. طيب الله ثراك، ايها الشاعر الثائر، الكاتب الراغب، الانسان الطيب، ولأسرتك ولذويك حسن العزاء، ومعا على درب رسول المحبة والسلام الناصري المصلوب القائل: ليس منا من لم يولد مرتين، ومضى قائلا: من آمن بي ولو مات فسوف يحيا!!  اسكنك الله فسيح جنانه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *