رزق ساحوري
موضوع كشّافة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة والمجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني في حيفا قد أثير منذ تأسيس الكشافة قبل 11 عامًا؛ وكانت هذه العلاقات بين مدّ وجَزِر، والبحث عن حلول لتوطيد العلاقة بين الطّرفين، ثمّ تعود لتتوتّر حتّى المثول أمام القضاء.
وكان آخرها إخلاء دار المجلس القديم وبيت الكاهن في شارع أللنبي 45 حيث أمضت سريّة الكشّافة الأرثوذكسيّة فيه عدّة سنوات. ولكن قاضية محكمة الصلح في حيفا أصدرت قرارًا في 2011/4/11 بأن تخلي سريّة كشّافة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة المبنى كمقرّ الكشاف حتّى 2011/10/31، وإعادة المبنى إلى المجلس الملّي الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا.
وجاء في القرار: «وفي حال لم ينفّذ قرار المحكمة سوف تتّخذ إجراءات التنفيذ القانونيّة منذ 2011/11/1، إلّا أنّ المجلس الملّي منح الكشّافة مهلة إضافيّة للبحث عن مقرٍّ بديل.
وقبل نحو شهرين انتقلت سريّة الكشّافة الأرثوذكسيّة إلى مدرسة «حوار الرسميّة» في شارع الراهبات باتّفاق مع بلديّة حيفا ومديرة المدرسة أميرة ناصر، وتمّ إخلاء مبنى المجلس القديم.
ولكن السؤال المطروح ماذا بعد الإخلاء؟ وما هي العلاقة بين المجلس والكشّافة الأرثوذكسيّة؟ هل ستشارك الكشّافة في الاحتفالات؟ وأجرينا الحوار التّالي مع رئيس المجلس الملّي الأرثوذكسيّ في حيفا يوسف خوري، ومع معلم سريّة كشّافة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة ومؤسّسها سهيل منصور.
– كيف كانت علاقة المجلس المليّ مع كشّافة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة؟
يوسف خوري (رئيس المجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني في حيفا): منذ تأسيس سريّة الكشّافة الأرثوذكسيّة قبل 11 عامًا وقعت مشاكل عديدة ومشاحنات، لأنّ المجلس الملّي السابق حاول ترتيب وتنظيم العلاقة مع الكشّاف. وقد دار النّقاش حول اعتبار الكشّافة جزءًا من مؤسّسات الطائفة. ولذا يجب أن يكون التّعاون بنّاءً ومنظّمًا، فاتّفقنا على ذلك. حتّى إنّ المجلس السّابق طلب أن تصبح إدارة الكشّافة شعبيّة مشتركة لأبناء الطائفة وتسليم الإدارة لرعاية المجلس، بشفافيّة تامّة في المصاريف والدخل».
وأضاف: «أمّا بالنسبة لمبنى السّريّة الذي تمّ إخلاؤه فهو دار المجلس القديم وبيت الكاهن، وتعتبره بلديّة حيفا ضمن المباني الّتي يجب المحافظة عليها وصيانتها، ولكنّه يشكّل خطرًا في حالته الرّاهنة. فكانت اتّفاقيّة أحاديّة الجانب لم يوقّع المجلس المليّ عليها. ولكن تبيّن أنّ الكشّافة دخلت من غرفة إلى غرفة، وأخذنا نطالب سهيل منصور، وبإلحاح، أن يبحث عن مقر آخر للسريّة. فكيف يُعقل أن يقوم بهذه الخطوة دون إذن صاحب العقار، وبدون قرار من المجلس، صاحب المُلكيّة والمسؤوليّة على المقر. وبعد فترة لاحظنا أن الكشّافة أخذت تزيل القصارة عن الجدران الداخليّة، وتسلّمنا إنذارًا من البلديّة بوجوب إخلاء المبنى بأسرع وقت، لأنّه يشكّل خطرًا».
يوسف خوري
واستطرد قائلًا: «مثلنا أمام المحكمة لأنّها توجّهت إلينا كأصحاب المبنى وأنّ هناك اتّفاقيّة غير موقّعة بين صاحب المبنى وبين المستأجر. وأوّل شرط من شروط الإيجار عدم إحداث أيّ تغييرات أو ترميمات بدون موافقة المؤجِّر، صاحب المبنى. نحن لم نطالب بإخلاء الكشّافة بل بتوقيفهم عن العمل. ولكن المحكمة، ونتيجة إجراء تصليحات بدون إذن المجلس قرّرت إخلاء الكشّافة من المقر.
وهنا تعاملنا بكلّ التساهل والتّفاهم مع سريّة الكشّافة رغم قرار المحكمة بإخلاء المبنى، لأنّ الكشافة طالبوا البقاء حتّى بعد عيد الفصح من العام الحالي. وهكذا أُخلي المبنى واشترينا حاوية من الحديد، لكي تكون مخزنًا للكشّافة. فنحن لم نحاول تأسيس كشّافة بديلة، بل أبدينا كلّ الاستعداد للتّعاون والاتّفاق على أساس أن تكون الكشّافة تحت إدارة شعبيّة».
واختتم خوري قائلًا: «لقد تسلّمت أمرًا من محكمة الشّؤون الإداريّة، باعتباري رئيس المجلس الملّي بالمثول أمام المحكمة بتاريخ 2012/11/26 بسبب عدم تصليح وترميم المبنى إزاء قرار مهندس البلديّة، باعتبار المبنى يشكّل خطرًا. ونحن نعلم أنّه يتوجّب تصليح الشرفات، الجدران، التشقّقات، سقف المبنى، وغيرها. فمبنى دار المجلس القديم بحاجة إلى ترميم يبلغ نحو مليون شيكل».
– حدّثنا عن تأسيس الكشّافة؟
سهيل منصور (رئيس سريّة كشّافة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا): «قدّم المجلس الملّي الأرثوذكسيّ عام 2000 طلبًا رسميًا إلى منظّمة الكشّافة الأرثوذكسيّة لتأسيس سريّة كشّافة أرثوذكسيّة في حيفا. واجتمع أعضاء من المنظّمة برئيس المجلس الملّي السابق فؤاد معلّم، وأصدر المجلس في إثره بيانًا لأبناء الطّائفة يدعوهم للانتساب إلى الكشّافة الأرثوذكسيّة المُزمع إقامتها.
وجاء قرار المجلس الملّي بتأسيس الكشّافة ووجّه دعوات التدشين باسم المجلس ومنظّمة الكشّافة الأرثوذكسيّة. وشرحت المنظّمة للمجلس الملّي التزاماته قبل التأسيس وهي: إيجاد مقرّ مناسب للكشّاف. وتقرّر في حينه أن يكون في الكليّة حتّى يتوفّر مكان ملائم. وأصبحت مؤسّس السريّة ومعلّمها بناءً على طلب المجلس، وبالاتّفاق مع منظّمة الكشّافة الأرثوذكسيّة لأنّني صاحب خبرة وشهادات لهذا العمل. حيث كان عدد الأعضاء 60 عضوًا حين تأسّست السّريّة، أمّا اليوم فيبلغ عددهم 120 من الشّباب والأشبال».
– ولكن لماذا ترفضون رعاية المجلس الملي؟
سهيل منصور: «إنّ قانون الكشّافة الأرثوذكسيّة في البلاد يقضي بأن تتألّف إدارة مستقلّة للكشّافة تحت رعاية المجلس الملّي. وبما أنّه يخدم الطائفة والكنيسة والمجتمع فيجب على المجلس دعمه. ولكنّنا إدارة مستقلّة منفصلة عن المجلس وبرعايته، فالمجلس قدّم الدّعم الماديّ منذ تأسيس الكشّافة ماديًا ومعنويًا. ومنذ عدّة سنوات يدعم المجلس بتسديد فواتير الكهرباء والمياه، أمّا بالنّسبة للضرائب البلديّة الأخرى فنحن معفيّون منها بحسب القانون، ولا فضل للمجلس في ذلك».
– ماذا بالنسبة لموضوع المحكمة وقرار إخلاء مقر الكشّافة؟
سهيل منصور: «دخلنا مقر المجلس القديم بعد أن كان مقرّنا في الكليّة الأرثوذكسيّة، ولكن وضع المبنى الداخليّ بحاجة إلى ترميم، فضغط علينا المجلس بتوقيع اتّفاقيّة إيجار واستئجار، فوافقنا واتّفقنا على أن يكون الإيجار لمدّة 5 سنوات، وتتجدّد المدّة أوتوماتيكيًا، كما اتّفقنا على تصليح المقرّ وترميمه بسبب خطورته، رغم فتح ملف جنائيّ بحقيّ كمعلم ورئيس للكشافة، ويجب عليّ القيام بتصليح المبنى.
وهكذا بدأت بالترميم الداخليّ بعد توجّهي إلى لجنة الأملاك، فأزلنا القِصارة الداخليّة وأحضرنا موادّ البناء. ولكنّني فوجئت من توجّه المجلس إلى المحكمة بحجّة أنّني أريد ترميم المقرّ بدون موافقة المجلس! المجلس المليّ يريد المبنى لأنّه دار المجلس القديم، ويرغب بالترميم لأنّ البلديّة ضغطت وأصرّت على قيام المجلس بهذه الأعمال، وهو يشكّل خطرًا على ساكنيه.
وأخذنا نبحث عن أماكن أخرى كمقر للكشّافة، ورأينا مدرسة «حوار» الرسميّة بأنّها مناسبة. فقد اقترحت مديرة المدرسة، أميرة ناصر، احتضاننا بعد دوام المدرسة. وهنا لا بدّ من توجيه الشكر لها وسنعمل على الحفاظ على المبنى، من حسث النظافة والصيانة. وقد حصلت المديرة على موافقة البلديّة بهذا الشأن. إنّ المدرسة مكان ملائم للكشّافة بوجود ساحات، ملاعب، غرف يمكن أن يستفيد الأولاد منها – صيفًا وشتاءً – ويمارسوا الفعاليّات الّتي تطلبها الكشّافة منهم. كما يمكن استيعاب أعضاء أكثر، لأنّ عدد الأعضاء الجدد تزايد بشكل ملحوظ. وتلقّينا ردود فعل إيجابيّة من السّكّان الّذين رحّبوا بنا».
سهيل منصور
ما هي علاقة الكشّافة مع المجلس الملّي اليوم، بعد خروجكم من المقرّ بأمر من المحكمة؟
سهيل منصور: «إنّ واجبات الكشّافة والتزاماته لأعضائه للأولاد والأهالي على حدّ سواء لا تتجاوز الالتزامات والواجبات تجاه الطّائفة الأرثوذكسيّة ومجلسها الملّي. فواجباتنا حيال الطائفة تصبّ في مصلحة الكنيسة، لأنّ اسمنا هو كشّافة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة. أمّا بالنسبة للمجلس الملّي فهو الّذي يمكنه تحديد العلاقة معنا، ونحن نتمنّى أن نبقى برعاية المجلس، ولكن لدينا إدارة مستقلة منذ إنشاء الكشّافة قبل 11 عامًا».
وأضاف: «إنّ الخلاف مع المجلس هو في تفسير معنى الرّعاية، وحتّى الآن لم نتمكّن من التوصّل إلى تسوية المفاهيم المشتركة لهذه الرعاية.وإنّنا نتطلّع نحو المستقبل لأنّ الماضي أصبح عبرة. فنحن أبناء الطائفة مهما حصل، ونحن في خدمة الطائفة والكنيسة، فالمجالس تتغيّر ومعلّمو الكشّافة يتغيّرون، ولكن الكنيسة والطائفة باقيتان».
– هل وقّعتم على عقد إيجار مع المجلس حول المبنى الّذي تمّ إخلاؤه؟
سهيل منصور: «وقّعنا عام 2006 على اتّفاقيّة لدى المحامي جبران جبران تتجدّد لخمس سنوات أخرى، وكان التوقيع الوحيد لإدارة الكشّافة ورفض المجلس التوقيع، وبقينا في المبنى حتّى صدور قرار المحكمة مع أنّنا لا ننكر أنّ المجلس كان يدفع فواتير الكهرباء والمياه، حتّى خروجنا من المقر».
وأضاف: «نحن خرجنا من تحت جناح المجلس الملّي لأنّ هذا الجناح لم يكن مناسبًا لمصلحة الطرفين. نحن لا نعارض أن نكون برعاية المجلس ولكن بعلاقة متّفق عليها. فالمجال غير مغلق، وإذا توجّه المجلس إلينا فنحن لا نعارض مناقشة أيّ مبادرة».