“بكفي دلع”! بقلم: مطانس فرح

مراسل حيفا نت | 14/07/2012

رحلات استجمام في الخارج؛ مخيّمات صيفيّة حافلة بالبرامج؛ ولائم فاخرة وموائد ملأى بكلّ ما لذّ وطاب؛ حفلات وسهرات ليليّة/فجريّة؛ عروض ومسارح ودور سينما؛ "تدليك" واسترخاء ونوم حتّى ساعات ما بعد الظّهر؛ خدمات تُضاهي تلك المقدّمة في فنادق النجمات الخمس..

هذه ليست قائمة بطلبات أحد رجال الأعمال مثلًا، أو جدول أعمال يوميّ لثريّ أو ثريّة، إنّها جزء من قائمة "طويلة عريضة" لطلبات يقوم ذوو الطّلّاب بتلبيتها، وتحقيق رغبات أبنائهم وبناتهم "الحبّوبين" و"الحبّوبات"، "الدّلّوعين" و"الدّلّوعات"، خلال العطلة الصيفيّة الطويلة، رغم أنّهم بالكاد يجدون – أحيانًا – ثمن تسديد الأقساط المدرسيّة الطائلة خلال سنة دراسيّة بأكملها(!)..

نعم، لا تستغربوا ذلك (!)؛ فلم تعد عُطل المدارس الصيفيّة كما كانت عليه سابقًا، تبدّلت وتحوّلت و"تطوّرت" مع تطوّر الزمن، فهي لا تقتصر على رحلات وفعّاليّات وجلسات عائليّة حميميّة، أو مخيّم صيفيّ، أو دورة تعليميّة تثقيفيّة، أو وظيفة مكتبيّة أو عمل ما.. فقد تخطّت هذه العُطل لدى الكثيرين الحدود، لتتحوّل إلى عُطل حدودها السّماء وأبعد.

إنّ المخيّمات الصيفيّة – بنعمتها ونقمتها – لم تعد تُرضي أو تلبّي "متطلّبات" الأولاد في العطل الصيفيّة – وأنا أوافق غالبيّتهم الرأي – لأنّ معظم مخيّماتنا الصيفيّة لا تحمل أجندة "حديثة"، فهي تعرض برامج متآكلة مُستنسَخة، يقضي الأولاد خلالها أوقاتهم في برك السّباحة أو على الشّواطئ أو في المتنزّهات أو في الجبال أو في أماكن الألعاب (الـ"سوپّر لاند")، تحت أشعّة الشمس الحارقة، من دون هدف أو غاية سوى "حرق" الأولاد والأوقات، وكلّ ذلك مقابل مبالغ طائلة؛ إلّا أنّه في حالات كثيرة لا يجد الوالدان المشغولان ليل نهار حلًّا أمامهما سوى تسجيل أبنائهما في مخيّم "عاديّ"، لأنّ المخيّمات الهادفة والخاصّة والمميّزة، غالبيّتها لدى المجتمع اليهوديّ، وإن وُجدت في مجتمعنا فتكلفتها تكون باهظة جدًّا.

إنّ الفتيان والفتيات الّذين لا يعملون في العطلة الصّيفيّة – وهم كُثر – لا يجدون ما يفعلونه، فالمخيّمات الصيفيّة لا تناسبهم؛ لذا يخترعون لأنفسهم برامج مميّزة وخاصّة، يجبرون الأهل، من خلالها، على السّمع والطّاعة والتنفيذ (!).. ومن أحدث تقليعات العطل الصيفيّة: الاستيقاظ في ساعات الظّهيرة وما بعد بعد الظّهيرة، بعد سهر "مضنٍ" حتّى ساعات الليل المتأخرة الّتي تعانق، أحيانًا، ساعات الفجر؛ دعوات ولائميّة فاخرة للصّديقات والأصدقاء؛ رحلات مشتركة إلى خارج البلاد؛ استرخاء و"تدليكات" و"تدليعات"؛ ثمّ الجلوس ساعاتٍ أمام شاشات الحاسوب (الـ"كمپيوتر") و/أو التلفاز و/أو الـ"أيفون" و/أو الـ"آيپاد"، بعد يوم طويل "مُنهك"(!).. فللعطل الصيفيّة لدى الأولاد أصبح طعم آخر!

العرض والطلب آخذان بالازدياد، والأهل عاملون على تلبية طلبات ورغبات أولادهم وبناتهم، فلذات أكبادهم.. وعلى أولئك أصبّ جام غضبي ولومي، فمن واجبهم أن يدركوا "خطورة" ما يفعلون وتأثيره على أولادهم، ومن حقّهم، بل من واجبهم التربويّ – في حالات كثيرة – أن يقولوا: "لا". من الضّروري العمل على ذلك، وتلقين الأولاد درسًا في الحياة، فـ"دلّوع" الـ"ماما" أو "دلّوعة" الـ"بابا" قد يقع أو تقع في مطبّ بعد أوّل درس تافه يواجهه/تواجهه في الحياة.

من المؤكّد أنّ مصاريف العطل الصيفيّة الطائلة جدًا تُثقل على كاهل الأهل الّذين يلبّون طلبات أولادهم اللّا-منتهية، الّذين يبكون ويتباكون عندما يُطالَبون بدفع الأقساط المدرسيّة الشهريّة، أو اقتناء الكتب المدرسيّة والقِرطاسيّة.. رجاءً! لا تبكوا أو تتباكوا، ولوموا أنفسكم فقط؛ لأنّكم لم تستطيعوا أن تقولوا لأولادكم: "خلص.. بكفي دلع"!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *