إيمان محاميد
عرفه الجميع في أفراحهم وسهراتهم، وعرفه جمهوره في إطلالته المحبّبة وغنائه الدافئ. إنّه يرسم البسمة على شفاه الناس، ويغمرهم بأمواج الفرح والسّعادة، خفيف الظلّ والروح، طيّب المعشر. إن حدّث أمتَع وإن غنّى أطرب، فمن وسط هذا الرّكام الصّوتي الّذي تتعرّض له مسامعنا، استطاع أن يفرض نفسه على السّاحة الغنائيّة وأن يكون واحدًا من نجوم الصّف الأوّل في الغناء، من خلال أدائه المميّز. إنّه الفنّان المتألّق والمتميّز إلياس جوليانوس..
صحيفة «حيفا» انفردت في لقاء مع الفنان إلياس جوليانوس. وفي هذا اللّقاء يكشف الفنان إلياس جوليانوس عن مجموعة من الأعمال الجديدة..
ترعرعت في أجواء فنيّة
لم يكن قراري احتراف الغناء مُفاجئًا، فقد كنت أغنّي منذ أيّام الطفولة. ترعرعت في أجواء فنيّة وتأثّرت بمحيطي كثيرًا.. لذلك بدأت مشواري مع الفن مبكّرًا في الخامسة من عمري، وابتدأت الغناء متأثّرًا بوالدي، والّذي كان صاحب صوت جميل. وكان اهتمام والدي بالأغاني، وخاصّةً أغاني عمالقة الفنّ والطرب الأصيل، له التأثير الّذي جعلني أسلك عالم الفن.
طبعًا مع موهبة الغناء الّتي أتمتّع بها، كنت أشارك منذ صغري في النشاطات المدرسيّة بالغناء، وفي المناسبات العائليّة والحفلات المختلفة. درست المحاماة، وأنا أحمل لقبًا جامعيًا في المحاماة، ولكن لم أمارس هذه المهنة، وقرّرت متابعة تحقيق حلمي بالإنطلاق في مسيرة فنّ الغناء على المسارح، لأنّ الغناء يمنحني الاكتفاء الذاتيّ.
أغنيّة رومانسيّة جديدة بعنوان «اشتقتلك»
خلال مسيرتي الفنيّة أنجزت وقدّمت العديد من المشاريع والأعمال الفنيّة الخاصّة، ومنها الأغاني الخاصّة بي. وقبل شهرين أصدرت أغنيّة جديدة، أغنيّة رومانسيّة جديدة بعنوان "اشتقتلك"من كلمات الشاعر الغنائيّ فادي عبّود، وتوزيع الفنان كارم مطر. وأنا حريص دائمًا على تقديم الأغاني الخاصّة والناجحة.
أتعامل مع العديد من الشّعراء
ويقول جوليانوس: أتعامل مع العديد من الشّعراء في البلاد، فعند ظهور أيّ فكرة أو موضوع أطرحه على الشاعر لبناء أغنيّة، وأطرح الاتجاه والموضوع للشاعر، وهكذا أساهم ببناء الأغنيّة الخاصّة (الـ«سنچل»). أتعاون مع الشّاعر الغنائي فراس دوخي من الرامة، والشّاعر والملّحن فادي عبّود، كارم مطر ويعقوب الأطرش، وغيرهم. لا توجد لديّ أيّ مشكلة في التّعامل مع أيّ شاعر طالما اتّفقنا على نفس الاتّجاه.
تحقيق النجوميّة على مستوى العالم العربي ما زال حسّاسًا
إنّ الفضائيّات، مواقع الـ«يوتيوپ»، الـ«فيسبوك»، والـ«إنترنت» فسحت المجال للفنّان أن ينكشف عالميًا. فمن خلال هذه الوسائل الإلكترونيّة يمكن أن تصل الأغنيّة، وقد وصلت، فعلًا، إلى كلّ أرجاء الكون. ولكن تبقى القصّة الحسّاسة للفنّان المحليّ هنا انفتاحه على العالم العربيّ.
طبعًا من أحلامي أن أثبت حضوري وتحقيق النجوميّة الواسعة على مستوى العالم العربيّ، ولكن ما زال الموضوع حسّاسًا. صحيح أنّني أثبت نفسي بالتواجد في الساحة الفنيّة عبر ما أقدّمه من أعمال في الحفلات والأعراس والألبومات والأغاني الخاصّة، فهذا هو مصدر رزقي؛ ولكنّ الفن الحقيقيّ لا يتوقّف عند هذا الحد بالنسبة لي، لذلك على الفنّان أن يبذل المجهود في المجال الفنيّ لكي يخرج من إطار الأعراس والحفلات، وعليه أن يفكّر في إبداعات معيّنة خاصّة تميّزه.
لدينا فنّانون يضاهون المستوى في العالم العربي.. ولكن!!
وفي ردّ على سؤالنا، أجاب جوليانوس: نعم، لدينا أصوات وفنّانون يضاهون المستوى في العالم العربي، ولكنّنا لم نحصل على حقّنا بالانتشار في العالم العربيّ. العوائق الّتي تقف أمامنا معروفة للجميع، وهي عواقب سياسيّة، وأنا سأكون سعيدًا إذا سمعت عن فنّان محليّ من البلاد يصل إلى العالم العربيّ ليقدّم فنه؛ ولكنّ هذا المجال محدود، فليس كلّ مَن قام بأداء أغنيّة في الخارج أو في العالم العربيّ، أو قدّم حفلة معيّنة أو اشترك في مهرجان في إحدى الدول العربيّة وصل العالم العربي!!
يجب أن نكون واقعيّين، فالأمور الأمنيّة والسياسيّة تمنعني – كما تمنع العديد من الفنّانين – من الانطلاق، رغم المستوى الرّاقي الّذي يميّز بعض الفنّانين. وفي كلّ سنة، وبعد الانتهاء من موسم الحفلات والأعراس أقوم بجولة في الخارج، وأحيي الحفلات. وأنا حريص جدًا على الغناء في الخارج، ولي جمهور كبير من الجاليات العربيّة في أمريكا وكندا.. وأقوم في هذه الجولة منذ سنوات طويلة.
أمزج بين تقديم الأصالة في الطرب، والأغاني الحديثة والخاصّة
إنّ الجمهور في أيّ حفلة – وخاصّةً الأعراس – يضمّ جميع الشرائح والأذواق؛ لذا أغنّي جميع الألوان، وأمزج بين تقديم الأصالة في الطرب والأغاني الشبابيّة، وطبعًا الأغاني الخاصّة. يجب التنوّع في جميع الألوان الموسيقيّة.
أحيانًا تُطلب في الأعراس الألوان الموسيقيّة بحسب ما يحبّ المحتفلون، فمنهم مَن يحبّ الأغاني القديمة أو الجديدة، الطربيّة، الجبلي، ودائمًا أجد في الحفلة المجال لتقديم أغنيّة أو أغنيّتين خاصّتين.
لم أقلّد زهير فرنسيس.. وإن أردت التقليد سأقلّد الفنّان العملاق وديع الصّافي
وفي ردّ على الاتّهامات بأنّه مقلّد للفنّان زهير فرنسيس، أجاب جوليانوس: أحترم الفنّان زهير فرنسيس وأقدّر ما وصل إليه، فهو ذو شعبيّة وحضور متميّزين، وأنا شخصيًا لم أقلّده في أيّ شكلٍ من الأشكال أو ظرف من الظروف. فله شخصيّته ومكانته وتقديره، وأنا لي شخصيّتي وطريقتي في الغناء. إذا فكّرت يومًا بالتّقليد – مع أنّني لا أحبّ التقليد – فسأقلّد مطربًا عملاقًا مثل وديع الصّافي.
جوليانوس يغنّي عمالقة الطرب
ويقول جوليانوس: لأوّل مرّة أكشف عن تفاصيل الألبوم في وسائل الإعلام، فقد انتهيت حاليًا من تسجيل ألبومي الغنائيّ الجديد بعنوان «جوليانوس يغنّي عمالقة الطرب»، والّذي يتضمّن 9 أغاني طربيّة قديمة. وهذا الألبوم سينزل قريبًا على السوق، وله طابع خاصّ، بحيث أقدّم من خلاله، ولأوّل مرّة، هذا النّوع من الأغاني الطربيّة القديمة، والّتي لا يستمع إليها الجمهور كثيرًا.
وقد تمّ مشاركة الفنّان جوليانوس في ألبومه الأخير، الملحّن حسام حايك وفرقته الموسيقيّة.أغنيات هذا الألبوم هي: مقطع من أغنيّة لأم كلثوم «عوّدت عيني»، أغنيّة فيروز «يا رايح عَ كفار حالا»، كارم محمود «على شطّ بحر الهوى»، موّال لوديع الصّافي مع أغنيّة «طاير طاير»، عبد الحليم «زيّ الهوى»، ملحم بركات «إنت ومارق»، ألحان الأغنيّة من الأخوين رحباني، أغنيّة لجورج وسّوف «لو يواعدني الهوى»، أغنيتان لوردة «ليل يا ليالي» و«شعوري ناحيتاك».
يحمل هذا الألبوم طابعًا خاصًا نابعًا من عدّة أسباب، وأهمّها أنّ النّاس لا يعرفون إلياس في هذا اللّون ولم يسمعوني به من قبل. قمت بتسليم الألبوم إلى شركة «نيو ساوند»، وأتوقّع أن يحقّق النجاح وأن ينال إعجاب الجمهور.. خاصّةً وأنّ إصدار ألبوم هنا في البلاد لا يحقّق المردود المادّي للفنّان، بل يهدف إلى التسويق. وسأعمل مستقبلًا على إصدار ألبوم يحتوي فقط على الأغاني الخاصّة.
«في إطار الاستعداد لعرض كبير, في الفترة القريبة»
أحضّر لإصدار مشروع كبير في الفترة القريبة، وعرض كبير خاصّ بي سأقدّمه مع مجموعة كبيرة من العازفين لمختلف الآلات الموسيقيّة، حوالي 25 عازفًا وأكثر على المسرح. وذلك ليتناسب مع المستوى الرّاقي من الأغاني الّتي ستقدّم في هذا العرض. وتمّ تعيين مدير فنّي لهذا المشروع الّذي سينفّذ في الخريف القادم، أي بعد انتهاء موسم الأعراس.
أختار ما يلائم شخصيّتي
يقول جوليانوس: هنالك أهميّة كبيرة للـ«ڤيديو كليپ» في انتشار الأغنيّة ونجاحها، فإذا تمّ إنجازه بالطريقة الصحيحة والإيجابيّة، وأُعدّ تصويره بجودة عالية، فإنّه يساعد على تسويق ناجح للأغنيّة ويدعمها.
خلال السنوات الأخيرة أنجزت وقدّمت للجمهور العديد من المشاريع الفنيّة والأغاني الخاصة، وقمت بتصوير أغنيّتين بالـ«ڤيديو كليپ»: الأولي لأغنيّة تراثيّة من خلال مشروع أحياء التّراث الفلسطينيّ، عن طريق وزارة الثقافة الفلسطينيّة. وأنجزت، أيضًا، أغنيّة على شكل «ڤيديو كليپ» وهي «حوّل يا غنّام» في الأردن، والّذي عُرض على الشّاشات الفضائيّة ولاقى استحسان وإعجاب الجمهور.
على الفنّان الحقيقيّ أن يملك ثقافة فنيّة
التحقت بالتّعليم الأكاديميّ في جامعة حيفا في موضوع الموسيقى. فلكي يكتمل الفنّان الحقيقيّ يجب أن يملك ثقافة فنيّة. قلائل هم الفنّانون ذوو ثقافة فنيّة، بل يعتمدون على الموهبة، وإنّ اختياري للتّعليم نابع من دوافع عديدة، لأنّه ثقافة وغذاء لروحي في التّطوير وتوسيع الآفاق الفنيّة.
أتعرّف على مجالات جديدة في الموسيقى ودراسة أمور، مثل تطوير وتهذيب الصّوت، فمنذ خمس سنوات وأنا أدرس الموضوع، والتحقت بالتّعليم الجامعيّ، لأنّني أحبّ التميّز والتطوّر والتجديد.
غياب شركات الانتاج
من العراقيل الّتي تواجه الفنّان المحلّي هي غياب شركات الانتاج. فمشكلة الفنّان هنا في البلاد أنّه لا تعتني به شركات إنتاج ولا ترعاه فنيًا واقتصاديًا وغيرها، كما يحدث في العالم العربي؛ كما هو الحال مع شركة «روتانا».
مررت بفترات صعبة
خضتُ العديد من المصاعب والمشقّات في حياتي، وكلّ شخص يمرّ بفترات إيجابيّة وفترات عصيبة. ولكن أصعب فترة كانت بغيابي لفترة عن السّاحة الفنيّة، وانشغالي في أمور أخرى.
هذا عدا عن الشّائعات الّتي أُطلقت عنّي، وهذا أصبح مصدر قوّتي وصمودي واستمراري في الطّريق الفنّي بنجاح وتميّز. ومن ناحية ثانية أنا إنسان أقدّر وأحبّ عائلتي كثيرًا، زوجتي وأولادي الثّلاثة: جوزيف، جوي وجنى. وآمل كلّ ما بوسعي لإيجاد الوقت وتخصيصه من أجل عائلتي.
حنجرتي هي كنزي..
ليس سهلًا على المطرب أن يحافظ على الحنجرة لأنّها بحاجة إلى راحة واهتمام وعناية، فحنجرتي هي كنزي. وللمحافظة على هذا الكنز ينبغي اتّباع أمور عديدة، كالابتعاد عن بعض المأكولات، المياه الباردة، المشروبات الكحوليّة.
أخضع كلّ نصف سنة لفحص طبّي للأوتار الصوتيّة. وبالرغم من الحفلات والأمسيّات الكثيرة الّتي أغنّي فيها، إلّا أنّي أدرس تطوير وتهذيب الصّوت منذ خمس سنوات، للتعلّم كيفيّة التعامل مع صوتي، لكي يصبح متميّزًا أكثر.