لا تيأسوا من رحمة الله
بقلم الشيخ رشاد أبو الهيجاء**
لا تيأسوا من رحمة الله… نقولها لكل مبتلى في هذه الحياة الدنيا، فأنواع الابتلاءات متعددة ويتعرض لها الكبير والصغير، الرجل والمرأة، لأن رحمة الله أوسع من ضيق الدنيا وحسراتها وويلاتها. ويجب على المرء اليقين بأن الله ناظر إليه أينما حلّ.
“ربي معي فمن الذي أخشى إذا ما دام ربي يحسن التدبيرا
وهو الذي قد قال في قرآنه وكفى بربك هادياً ونصيراً”
فمن الناس من يفقد ولده، ومنهم من يفقد ماله، ومنهم من يُبتلى بمرض عضال، وآخرون يُبتلون بسوء خلق أهلهم أو جيرانهم، حتى إن بعضهم من شدة المحنة يرى الدنيا سوداء لا خير فيها. ولهؤلاء نقول: انظروا إلى حال الأنبياء، فنحن لسنا بأفضل منهم، وقد امتحنوا وابتلوا فصبروا على ما أصابهم، ففرّج الله حالهم.
نبي الله يونس ابتلعه الحوت، وهناك في الظلمات توجّه إلى الله كما قال تعالى:
(وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
فجاء الفرج لأن يونس لم ييأس من روح الله.
ونبي الله يعقوب، الذي غاب عنه يوسف وقيل له إن الذئب أكله، لم ييأس ولم يقنط، فقال لأبنائه:
(يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).
أما نبي الله زكريا، فمع كبر سنه وعقم زوجته، لم ييأس من رحمة الله، فقال:
(رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً…)
فجاءته البشرى:
(يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى).
ولكل مريض يائس، تذكّروا نبي الله أيوب الذي ابتُلي بماله وصحته وأهله، وبقي ثماني عشرة سنة في محنته، ومع ذلك قال:
(وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)
فاستجاب الله له.
ويروى أن إبراهيم بن أدهم مرّ برجل مهموم فقال له:
“هل يجري في الكون شيء لا يريده الله؟”
قال الرجل: لا.
قال: “أفينقص من رزقك شيء قدّره الله لك؟”
قال: لا.
قال: “أفيتقدم أجلك لحظة أو يتأخر؟”
قال: لا.
فقال إبراهيم: “فعلام الهم إذن؟”
ما دام لنا رب كريم… فلا قنوط ولا يأس.
قال عبد الله بن مسعود: “الهلاك في اثنتين: القنوط والعجب”.
فالقنوط يؤدي إلى اليأس والاكتئاب وتعطيل العمل، أما المؤمن فهو من يأخذ بالأسباب ويحسن التوكل على الله ويفتح باباً للأمل.
وفي الحديث الشريف:
(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف… احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
نحن في دار ابتلاء، والكيّس من يمضي نحو آخرته ثابت الخطى رغم التحديات. قال تعالى:
(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).





