.jpg)
واجهة كنيسة مار بطرس
استمرت الجولة التعليمية ضمن دورة الصيانة للتراث في إيطاليا بزيارة لمنطقة الفاتيكان، الذي يعتبر دولة مستقلة، وهي عمليا أصغر دولة في العالم (مساحتها 44 كم).
وقد شملت زيارتنا التعرف على المزارات بشكل عام، ومشاهدة أعمال الصيانة والترميم الجارية حاليا في أقسام من الكتدرائية بشكل خاص.
لمحة عامة
كانت بداية بناء الموقع في القرن الرابع ميلادي بعد بناء الكنيسة بيد القيصر قسطنطين. ويقوم كل بابا جديد ببناء قسم أو جناح جديد متاخم للكنيسة حتى تطور المكان على شكله الحالي. في بعض الفترات التاريخية كان البابا حاكما لمدينة روما كلها.
نالت دولة الفاتيكان استقلالها عام 1929 في عهد "موسوليني"، وتقرر بالاتفاق، أن الأراضي الواقعة اليوم داخل الأسوار هي دولة الفاتيكان. إضافة إلى الأملاك التابعة للكنيسة خارج حدود الدولة في باقي أنحاء إيطاليا.
لم تكن الفاتيكان مستقلة وهادئة دائما بل كان تاريخها حافلا بالأحداث حتى نالت استقلالها عام 1929. وبين الأعوام 1305-1378 كان مقر البابوات في مدينة أفنيون الفرنسية (منطقة بروفانس).
وحاول نابليون عام 1791 انتزاع صلاحيات البابا إلا أنه لم يستطع. وفي عام 1871 ألحقت الفاتيكان بمدينة روما. حينها أعلن البابا أنه أسير داخل الأسوار وبقى على هذا الحال حتى عام 1929 حين نالت استقلالها على يد موسوليني.
.jpg)
سقف الكنيسة – "Baldacchino" في نهايته القبة الخشبية المبنية من على قبر القديس بطرس
أقيم مجمع المباني في دولة الفاتيكان على مراحل عديدة، وكانت البداية بناء كنيسة مار بطرس على يد القيصر "قسطنطين" عام 324م. وأضاف إليه البابا "سيماخوس" عام 398م مبنى آخر. ثم استمر إلى بناء الأسوار عام 846م وغيرها.
مما لا شك فيه أن أبرز المواقع التي بنيت في السنوات التالية في الفاتيكان كانت "الكابيلا السيستينية" التي بناها البابا سيكستوس الرابع بين الأعوام 1471-1484 لكي تصبح مصلى خاصا به. أما حرس البابا والمعروف بالاسم "الحرس السويسري" فقد أسسه البابا يوليوس الثاني عام 1502.
من أهم المواقع والمزارات في الفاتيكان.
الساحة والأسور
بني السور عام 847 ليحيط بالفاتيكان من جهاته الثلاث وبقيت الواجهة الأمامية التي تشمل المدخل الرئيسي من دون سور. أما الساحة فقد صممها الفنان والمهندس المعماري الشهير "برنيني" في القرن السابع عشر على شكلها الحالي: نصف دائرة فيها صفان من الأعمدة.
أما النصب التذكاري الذي يتوسط الساحة فقد وضع فيها عام 1586، وهو نصب أحضره القيصر الروماني "كاليجولا" من مصر القديمة.
ولا يحمل هذا النصب أي علامات جوهرية أو دينية للفاتيكان، بل كان خلال الفترة الرومانية يتوسط ألعاب "السيرك" الذي كان في الموقع قبل بناء مجمع المباني. وتم وضع النصب حيث كان فيه قديما بعد إجراء الحفريات الأثرية في الموقع.
في نهاية الساحة ترتفع ثلاث منصات ذات أدراج تؤدي إلى الكنيسة. واجهة الكنيسة مزخرفه بأعمدة تتخللها خمسة مداخل للكنيسة، وفوقها 9 نوافذ للجناح الخاص بالبابا ويطل منها على الساحة خلال الطقوس الدينية.
.jpg)
تمثال "الحزن" ( Piet) كما هو اليوم خلف واجهة الزجاج
كنيسة مار بطرس
بنى القيصر قسطنطين هذه الكنيسة لأول مرة عام 324 م على أنقاض الملعب الرياضي من الفترة الرومانية والمجاور لقبر القديس بطرس.
أما الكنيسة الحالية، فقد بنيت عام 1614 وتم افتتاحها الرسمي عام 1626 بعد إنجاز الواجهة الأمامية والساحة. جدير بالذكر أنه شاركت في تصميم مشروع البناء هذا في القرن الخامس عشر، مجموعة كبيرة من الفنانين والمهندسن مثل:
"برامنته" (Bramente)، رفائيل، بروتسي، سانجالو، ميخائيل-أنجلو وغيرهم.
واستغرق بناء الكنيسة 120 سنة، تم خلالها تغيير المخطط الأصلي مرتين: فقد خطط "برامنته" الكنيسة أولاً على شكل صليب يوناني (أي أن جميع الأطراف الأربعة متساوية الحجم)، غير أن "مدرانو" خططها من جديد على شكل صليب روماني.
بدأت الحفريات الأثريه في المنطقة عام 1940 وعام 1976 تقرر بأن العظام التي عثر عليها خلال الحفريات هي رفات القديس بطرس. وعثر خلال الحفريات على آثار الكنيسة الأولى التي بنيت في الموقع، واليوم يسمح بزيارتها فقط بتنسيق مسبق.
يبلغ طول الكنيسة الحالية 200 م وتتسع ل- 6000 شخص. وارتفاعها 150 م حتى أعلى القبة. تضم كابيلا وما بين 40- 50 مصلى.
تزخرفها من الداخل تحف فنيه من فترة "الرنسانس" (عصر النهضه). أشهر تلك التحف تمثال الفنان "ميخائيل أنجلو" والمعروف بأسم "الحزن" (باللاتينية Pietà) وهو يقع على الجهة اليمنى مباشرة بعد الباب الرئيسي لدى دخولنا الكنيسة.
.jpg)
قبة الكنيسة من الداخل
يصف ميخائيل أنجلو في هذا التمثال حزن مريم العذراء التي تحمل بين ذراعيها جثمان السيد المسيح الذي أنزل عن الصليب.
ونال التمثال أهمية وشهرة لتأثر العديد من روائع الفن به، كما يمتاز بأنه التحفة الوحيدة التي نقش عليها الفنان ميخائيل أنجلو اسمه. منذ عام 1972 وضع التمثال خلف زجاج غير قابل للكسر لأن شخصا حاول الاعتداء عليه وكسره داخل الكنيسة.
صنع باب الكنيسة من البرونز عام 1445. كان يحمل صورة عذاب القديسين بطرس وبولس. وفوق المدخل يمكننا مشاهدة فسيفساء تظهر صورة تلاميذ المسيح معه في القارب. وإلى اليمين نرى تمثالا برونزيا لقسطنطين على الحصان.
إلى الجهة اليمنى من المدخل نشاهد بلاطة حمراء من الرخام، هنالك كان البابا يتوج القياصرة.
أما القاعة المركزية فمسقوفة بالبرونز بسقف يسمى باللاتينية "Baldacchino" شكله نصف دائري وارتفاعه عن الأرض 30 م. وقد أحضرت مادة البرونز لصناعة السقف من المعبد الروماني "البانثيون" (كما أشرنا في تقرير سابق).
عند اقترابنا من مركز الكنيسة نجد تمثال القديس بطرس من القرن الثالث عشر والمصنوع من البرونز، ويتوسطها قبر القديس بطرس. وفوق القبر الهيكل الرئيسي للكنيسة وعليه يحتفل البابا بالقداديس الدينية. وترتفع قبته 76م وبناه الفنان "برنيني" عام 1622.
قبة الكنيسة
شرع الفنان ميخائيل أنجلو ببنائها عام 1547 على ارتفاع 132 م. يمكن الصعود إليها من اليمين في مدخل الكنيسة بواسطة 330 درجه. وهي مزخرفه بالعديد من الرسومات الفنية الجميلة التي تصف حياة المسيح وصلبه. منها: وجه المسيح على منديل "فيرونيكا"، الجندي الذي طعن المسيح بالحربة وغيرها.
من المزارات الأخرى والمهمة في الكنيسة: كابيلا القديس بطرس، قبور لبعض الباباوات التي يمكن النزول إليها من يمين أحد الأعمدة التي تحمل القبة المركزية، الكابيلا سان سيباستيان، كابيلا باولينة وفيها لوحة القديس بولس على الصليب المعكوس للفنان ميخائيل أنجلو، وكرسي مار بطرس مصنوع من الخشب للفنان "برنيني".
وسنوافي تقريرنا عن متحف الفاتيكان والكابيلا سيستينا (La Cappella Sistina) في تقرير لاحق.
.jpg)
أعمال الصيانة في الجزأ الخلفي من الكنيسة




