في موضوع وظيفة الرّواية بقلم رشدي الماضي

مراسل حيفا نت | 03/03/2025

في موضوع وظيفة

الرّواية

رشدي الماضي

 

نظر عدد من النُّقّاد العرب في مطلع القرن العشرين، نظروا إلى الرّواية باعتبارها أَنسب الأنواع الأَدبيّة لغرس القيم الأَخلاقية وترقية العادات والسُّلوك.

وتحويل رجال الفكر إلى “نوع من المربين” للعوام بين الجماهير عن طريق التَّسلية والفكاهة، كما أكّد ذلك النّاقد أحمد ابراهيم الهوّاري في كتابه

“نقد الرّواية العربية في مصر” 1978…وكما تلاهُ الكاتب محسن طه بدر، حين أشار إلى رفاعة رافع الطهطاوي باعتباره مُؤَسّس هذا الاتّجاه في الكتابات السَّاخرة لمحمد المويلحي.

طبعا، لا بُدَّ أَنْ نُضيف، ونحن بصدد الحديث عن الرّواية، القصص الفلسفيّة لفرح أنطون والروايات التّاريخيّة لجرجي زيدان، وكلّها أدّت إلى ظهور جانر الرّواية العربيّة الأَصيلة، جنباً إلى جنب مع العدد الكبير من التّرجمات المعاصرة لروايات رومانسيّة اوروبيّة…

وحتى لا يقع خطأ في موضوع وظيفة الرّواية، نعود ونؤكّد، أَنَّ الأدب ليس كما يتصوّر المفكّرون السَّطحيّون، وسيلة لتسلية المتأدبين، ولا حكايات مجرّد طريفة لقتلِ وقتٍ ثمين، لأَنَّ الحقيقة، أَنّ الأدب والتّاريخ الأدبي من أهم  العلامات المميّزة لكلِّ أُمَّة من الأُمم… وهنا، يوضح مفكّرنا أحمد لطفي السّيّد السَّبب، حين يكتب في مُنْجَزِهِ “المنتخبات” 1945; أَنَّ الأدب والتّاريخ الأدبيّ يعملان على ربط أجيال الماضي بجيل الحاضر، ويحدّدان شخصيّتَهُ الخاصّة، ويميّزانِهِ عن الآخرين. مِمّا يؤدّي بالتّالي دوام شخصيّتهِ عَبْر الزّمن، واتساع مجال التّشَابه بين أفراد المجتمع، ومِن ثَمَّ تقوى وشائج التَّاضمن بينهم…

وهكذا، ساهم وأسْهم الخطاب النَّقدي في أواخر القرن التَّاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أسهم في تطوّر الرّواية باعتبارها جنساً أدبيّاً جديداً، وحديثاً من حيث الأصل، كما وطبع التَّاريخ الأدبي بطابعهِ حتى وقتِ قريب…

ولكون الواقع، الذي تُعْتبر الرّواية مِرآة لَهُ، لكونِهِ انطوى آنذاك على اغترابٍ عميق، فأدّى أن تجيءَ البُنْيةَ السَّرديّة للرواية الجديدة، خاصةً التي ظهرت في العقود الأولى من القرن العشرين، أَنْ تجيءَ وقد انقطعت راديكاليّاً مع الأَنماط القديمة في النّتاج الأدبي العربي، من حيث فَهْم المجتمع كحقل مُميّز ومجرّد للمعرفة الإنسانيّة القائمة على علاقة فاعل وموضوع للفِعْل، فأخذ السَّرد الروائي على عاتِقِهِ إعادة انتاج الواقع برؤية ونظرة جديدة…      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *