“حين يصبح التكريم حصريًا.. هل تنحرف الفعاليات الثقافية نحو الإقصاء؟”
يبدو أن هذه الأمسيات الأدبية والتكريمات تحيد عن جوهرها الحقيقي عندما تتحول إلى منصات مغلقة تحتفي بفئة واحدة من المجتمع على حساب التنوع الذي يفترض أن يكون جوهر الفعل الثقافي. لا يمكن إنكار أهمية تسليط الضوء على إنجازات النساء في مختلف المجالات، ولكن حين يصبح التكريم مقتصرًا على مجموعة واحدة، فإنه يفقد معناه العادل والشامل، بل ويؤسس لسابقة خطيرة تعكس نوعًا من الانحياز غير المبرر وربما التطرف الفكري المقنّع بثوب الثقافة.
إن تكريم المرأة يجب أن يكون انطلاقًا من كفاءتها وإسهاماتها في المشهد الثقافي والعلمي، وليس بناءً على انتماءاتها الدينية أو الاجتماعية. وإلا، فما الفرق بين هذه الفعاليات وبين السياسات الإقصائية التي ندّعي رفضها؟ تجاهل نساء أخريات يحملن شهادات جامعية مماثلة أو حتى أعلى، لمجرد أنهن من طائفة أخرى، يعكس ضيق أفق يهدد القيم الحقيقية للثقافة والمجتمع المدني.
إذا كانت هذه الفعاليات تعكس توجهًا متعمدًا، فإنها تنذر بانحدار خطير نحو خطاب نخبوي إقصائي، حيث يتم استبدال معايير الجدارة بمعايير الانتماء. وهذا، في جوهره، لا يختلف كثيرًا عن أي شكل آخر من أشكال التمييز، سواء كان دينيًا، اجتماعيًا، أو حتى ثقافيًا. التعددية والتنوع هما ما يصنع قوة أي مجتمع، وأي محاولة لطمس هذا التنوع تحت أي ذريعة ستؤدي في النهاية إلى عزلة ثقافية وتراجع حضاري.