أوراقٌ خاصة مسروقةٌ من حقيبةِ مسافرة
تنغرزُ في لحمي وشراييني
وتكْبُرُ على بيادرِ طفولتي
أمنحُكَ النعاسَ حتى شقائقَ الوردِ
واصنعُ لكَ من جسدي دنيا عشقٍ
أرتديكَ قميصاً على شفافية لحمي
وأتلاشى .. حتى ذواب السكر فيكَ
ومن يدي أطعمُكَ اللوزَ ..
أجمعُكَ مع أوراق الشعرِ
وأطويكَ في حقيبة السفرِ
مع فساتيني ..
وكُلُّ عناوينِ رحلتي أنْ ألقاكَ ..
وأنتَ في يدي .. وأطيرُ إليكَ .
-2-
طفلانِ عيناكَ تَسْرُقاني .. من المحطاتِ ..
ومنْ صناديقِ القطاراتِ
تسرقان مني حقائبي وأمتعتي
وتزرعُني جرح وترٍ ..
وأغنيةُ عاشقةٍ مسافرةٍ .. إليكَ
تزرعني في كفِ يدِكَ .. وتحبسُني ..
تكادُ تخنقُني قبضتُكَ القويةُ الناعمةُ
وتعصرُني واختلطُ في دمكَ
أني إليكَ .. ساعدْني ..
ارْمني في علبةِ قطارٍ .. ودعْني أسافر ..
يا طفلي الشقي
لا تدغدغْ جسدي .. أني أذوبُ في راحتيكَ
دعني أسافرْ ..
أتركْ لي حقائبي .. وتذاكر السفر ..
-3-
عاماً وأنا أحملُكَ معي
في طياتِ قميصي .. في حقيبتي
عاماً وأنتَ تدخلُ بيني وبين مخيلتي
عاماً وأنتَ تدخلُ بيني وبين صمتي ..
وبين محاضراتي ..
ألف مرةٍ فتشوا .. حقيبَتي ..
عند دخولي .. وخروجي .. ووجدوكَ معي
ألف مرةٍ ابتسم لي البوابُ تلك الشيطانة لا تنساهُ أبداً ..
-4-
أسكنكَ الليلةَ ..
لا تتحركْ كثيراً فوق أوراقي
سأرسمُ وجهكَ الطفلَ الرائِع ..
لا تغضبْ .. أرسمُ لكَ الأصابعَ
كم أنتَ مجنونٌ بالأصابع ..
بالأصابع نكتُبُ
بالأصابع تحضنُ وجهي
بالأصابع تغني راقصةٌ أسبانيةٌ ..
بالأصابع يحكي المحرومُ من الصوتِ
بالأصابع أنتَ تعشقُ ..
وأنا أحبكَ حتى الأصابع .
***************
القصيدة الثانية:
عشر دقائق أخرى
-1-
تَنْدّسُ يدِي ..
في طفولةِ غابةٍ كأغنياتٍ بيضاءَ
يصيرُ صَدرُكِ .. حقلَ عصافيرَ بريةٍ
ويصيرُ للشوقِ جناحانِ ..
الحلمُ يجمَعُ بينَ العشْقِ والمسَافةِ
والنهدُ يَجْمعُ بين الشعرِ والغرابةِ
وأنتِ دفلى وددْتُ لو يقولُ الحبُ مرةً
كيفَ تكُونُ .. الحكاية
–2-
تَنْدّسُ يدي ..
في طفولةِ غابةٍ ناعمةٍ بشفافيةٍ حالمةٍ
تسقطُ في يدي كلُّ غاباتِ العالمِ
كلُّ حقولِ القُطنِ الأبيضِ
جسَدُكِ دفترُ شعرٍ
وأنا أحبُ الكتابةَ ..
وأنتِ دفلى ..
وددْتُ لو يقولُ الحبُ مرةً
كيفَ تكونُ الحكاية
-3-
ما أحلى وجهكِ تحتَ المطرِ ومعطفك الخمري
كالعصْفُور يبحثُ عنْ جسدي
لماذا تسْقُطُ الليلة .. كلّ الأمسيات معاً
لماذا العرقُ الممزوجُ بالماءِ
أني لا أجمعُ بينَ الوهمِ .. والحقيقةِ ..
لا أحبُ إضافة الماءِ أو السُكّر في الأشياء
أنّي لا أخْلطُ شيئاً حين أشربُ
أحبُ وجهكِ تماماً بلا أصباغٍ
بعيداً عنْ حفلاتِ الجاز والكوكتيل والنفاق
أحب وجهكِ بريئاً خائفاً حتى من العشْقِ الصافي
وددْتُ لو يقولُ الحبُ مرةً
كيف تكونُ الحكاية
ويدي تضيعُ بين حقولِ العصافير والقصيدةِ
**************************
القصيدة الثالثة :
مطر على بيادر العشق
– يدٌ ..
– يدان
– وَعْدٌ
– وَعْدٌ
– دمعة
– دمعتان
– اتفقْنا
– اتفقْنا ..
نشيدٌ ناعمُ الإيقاعِ وحادُّ النزيفِ
يعصْرُ حقولَ الاشتياقِ في صَدري
تعلمْتَ يا صدْرُ حمل الجرْحِ على العناء
وذات مساءٍ طيبِ القسماتِ هادٍ
تركْتُ وجهي وجرحي في يديكِ
– وعدٌ .. يرجعُ قلبي كعصفورٍ يحْملُ المواسِم
حملتُ وجهكِ .. وأقسمْتُ بالسماء
– وعدٌ .. غريب على أسواركِ الليلةِ
– أدقُّ الزُجاج بيدي
لو تجرحَتْ أصابعي ستنزفُ عشْقاً
غريب لملمْتُ سكوني الحاد
يا مسكونة القلبِ خوفاً عليْكِ.
ليل بلا شَمع .. بلا قنْديل مضاءُ ..
وجهُكِ وحدُكِ السراجُ والضوء
سأرْسمُ فوق وشاحِ الليلِ
لا القَلْب عينيكِ .. صوتُكِ يعزُّ علي
أرسمُ الأصابع وخاتم الذهبِ
– وعدٌ .. أنْ أحمل وجهكِ معي
– وعدٌ ..أن لا يسقطُ مطري إلا فوقَ حقولكِ
غداً تسافرُ خمسُ أصابعٍ ويبقى وجهُكِ معي ..
غداً تحملينَ وجهي في الحقائبِ
الكلُّ مثْلي ومثلِك في انتظارٍ
لكنَّنا نسور أمامَ مآسي الآخرينَ
أيُّ قطارٍ سيعودُ بنا ..
أيةُ صدفةٍ تلمُّ نصفَي قلبٍ
ويرجعُ الرسمُ .. طفلةً بعمرِ الوردِ
وطفلاً بعمرِ اللوزِ والقطار العائدَ شمالاً ليلاً .
–وعدٌ .. أنْ نلتقي حتى لو غابتْ الدروبُ
وغابتْ المفارقُ والساحاتُ
حتى لو كانَتْ جميعُ الأصابع تشيرُ بالاتهامِ ..
الكلُّ مثلي ومثلكِ في انتظارٍ ..
لكنّنا نسورٌ أمام مآسي الآخرينَ
مرَّتْ الريحُ والليلُ حادُّ النزيفِ بصدري ..
وجهُكِ وأصابعُ الاتهامِ .. يَهواها
يَهواها تقولُ الريحُ والأشجارُ تنعفُ الأوراقَ ..
يهوَاها .. يهوَاها تقولُ الأوراقُ
يعودُ الغريبُ يدقُّ على الزجاجِ
لو تجرَّحتْ يدي
لن تنزفَ دماً
ستنْزفُ عشْقاً
كانَ العشبُ يحاوِلَ كتابةَ الشعرِ
والأرضُ ورقةٌ بيضاءُ والليلُ موسيقي ناعمُ الحركةِ
خلي اللؤلؤَ في العينينِ لا تسكِبي دمْعاً ..
غريبٌ .. حينَ تغرقُ الأصابعُ بالعشق تمطرُ العيونُ ..
وجهُكِ أجمْلُ تحْتَ المطرِ
لكن لا ..
أخافُ عليْكِ وعلى غُربتي أن تَنْكسر في عينيكِ ..
تحدي أصابعي تمردي .. لكن لا .. لا ..
أحببتُكِ أنا الغريبُ .. أحببتكِ بعمقٍ ..
كانَ الغريبُ يدقُ على الزجاجِ
لو تجرحتْ يدي
لن تنزفَ دماً
ستمطرُ عشقاً .
كانَ الليلُ في يدي قصيدةً
جئْتُ قبل أنْ تسافري
وعدٌ .. أن تحملي وجهي في الحقائبِ
وعدٌ .. أنْ احملَ وجهَكِ في الأصابع – يدٌ .. – يدان .. ..
اتفقْنا ..
يعودُ الصوتُ الكناري الممزوجِ بالدمْعِ والفرح
أسمعُكِ الليلةَ هُنا ..
تنسكبين حتى الارتواء بالعطشِ
لا يوجدُ عندي كوبُ ماءٍ ونتقاسمُ العطشَ
– وعدٌ .. أنْ عطشَ وجهي إلى وجهكِ نتقاسمُ الحبَ
أنْ جاعتْ أصابعي .. أصابعُكِ .. نتقاسمُ الجوعَ
ما اتعسَ وجهي وأصابعي بلا جوع إليكِ
أنْ جاعَ كلُّ شيءٍ ..
وما جعْنَا .. نطعمُ .. نطعمُ الآخرينَ ..
الكلُّ مثلي ومثلكِ في انْتِظارٍ .. انْتِظارٍ