المستشارة التربويّة هيام طنّوس: نساء يصنعن السّلام – حركة فوق حزبيّة تدعو إلى السّلام

مراسل حيفا نت | 27/05/2018

المستشارة التربويّة هيام طنّوس:
نساء يصنعن السّلام – حركة فوق حزبيّة تدعو إلى السّلام
حوار أجراه: نايف خوري
1

2

3

4
تأسّست حركة نساء يصنعن السلام عام 2014 بعد الحرب الأخيرة على غزّة. وهي تتألّف من مجموعة أمّهات طالبن بوقف الحرب، وعدم إرسال أبنائهنّ للقتال والموت. وكان الاجتماع الأوّل في ميدان إسحق رابين في تل أبيب، وشاركت فيه 50 امرأة في المرحلة الأولى، ومنه انطلقت هذه الحركة لتضمّ، اليوم، أكثر من 40 ألف امرأة من اليهود والعرب، وأقامت السيّدات خيمة اعتصام أمام الكنيست، ورفعن شعارات تطالب باستغلال كلّ الظروف والإمكانيّات من أجل صنع السلام بين إسرائيل وفِلَسطين.
تحادثنا مع المستشارة التربوية السيّدة هيام طنّوس، وهي من قيادة هذه الحركة.
– هل هذه الحركة نسائية، فقط؟
– نعم، هذه الحركة كلّها من النساء، وتلقى التأييد والتشجيع من عدد من القادة وأعضاء الكنيست. وهذه حركة أفقيّة، تبنّت فكرة السلام في ليبريا، حيث نشبت في تلك البلاد حرب أهلية راح ضحيّتها الآلاف، حتّى قامت سيّدتان، مسيحية ومسلمة، بحركة تدعو إلى وقف القتال وعدم إرسال الأبناء إلى المعارك. واجتمعت حولهما أكثر من 300 ألف امرأة وأطلقن صرخة السلام والنداء للقادة الأعداء بضرورة التفاهم والتوصّل إلى سلام. وفعلًا، تجاوب الحكّام مع مطالب النساء، وعقدوا معاهدة سلام، لا تزال سارية المفعول حتّى اليوم.
– وحركة نساء يصنعن السلام، تضمّ النساء من الشعبين؟
– نعم، وتمّ اختياري ضمن قيادة الحركة، المؤلّفة من ثلاث سيّدات، أنا ويهوديّتين.
– هل المجموعة من مكان واحد من البلاد؟
– لا، بل هي مجموعة قُطريّة، تضمّ النساء العربيّات واليهوديّات، وبالنسبة إلى النساء العربيّات فهنّ من حيفا والجليل ومن أواسط البلاد والمثلّث والنقب.
– هل تقوم الحركة بفعّاليّات معيّنة؟ ونشاطات معتمدة على أهدافها؟
– نعم، قمنا بمسيرات، ووقفات احتجاجية في مِنطقة البحر الميّت، بمشاركة مائة ألف امرأة، وشاركت فيها أكثر من ثلاثة آلاف امرأة فِلَسطينية، وقد كان هذا في العام الماضي. أمّا هذا العام فأقمنا خيمة الأمّهات مقابل الكنيست، ولمدّة سبعين يومًا، ويفد إلى الخيمة، يوميًّا، عشرات النساء والرجال المؤيّدين للسلام، وبضمنهم أعضاء كنيست. وترتدي النساء هناك الملابس البيضاء، ونقيم الحوارات والندوات حول مواضيع السلام والتعايش بين الشعبين. ومن المقرّر أن تقدّم سيّدة من أعضاء الكنيست مشروع قانون، يلزم المجلس الوزاريّ المصغّر بإيجاد طرق بديلة قبل التوجّه إلى الحرب. وأمّا المشروع الآخر فهو إقامة خمس خيم في أنحاء البلاد، وسيتمّ فيها جمع التواقيع التي نقدّر عددها بحوالي 300 ألف توقيع، وهذا من شأنه أن يؤثّر على الكنيست.
– إذا نظرنا إلى الماضي نجد كثيرًا من الحركات التي قامت مناهضة للحرب وداعية للسلام. فما هو الطرح الجديد عندكم؟
– فعلًا، قامت حركات يسارية على مدى سنوات، ولكنّها لم تكن ذات مفعول، ولم تؤثّر على الصعيد الرسميّ والشعبيّ. ولكن نحن نريد أن نجعل القيادتين، الفِلَسطينية والإسرائيلية تجتمعان معًا، بصورة مكثّفة، حتّى يتوصّل هؤلاء المسؤولون إلى اتّفاق يكون مقبولًا على الطرفين. نحن لا نتّبع سياسة ضدّ الحكومة، ولغتنا بالمخاطبة لا تنطوي على انتقاد وسلبيّات وعنصرية، بل نتعامل بلغة موضوعية قادرة على الإقناع. كما نبرز دور المرأة التي تخاطب المجتمع من القلب إلى القلب، وهذا ما تستطيع النساء، فقط، القيام به.
5

6

7

8

9
– هل الخيمة منصوبة على الدوام أمام الكنيست؟
– نعم، وهي مفتوحة من الأحد إلى الخميس من الساعة التاسعة صباحًا حتّى الحادية عشرة ليلًا، ونستقبل كثيرًا من المؤيّدين والمشجّعين، وتأتينا وفود من مختلف أنحاء البلاد. وقد تركت النساء المعتصمات فيها أولادهنّ وأزواجهنّ وبيوتهنّ، وأتين من أجل هذا الهدف السامي، ألا وهو السلام.
– هل لاحظتنّ أيّ تأثير للمجموعة على المستوى السياسيّ؟
– يبدو التأثير على أعضاء الكنيست الذين يزورون الخيمة، فقد زارها عضوا الكنيست نحمان شاي وبوجي هرتسوغ وغيرهما، وقالوا إنّنا نحن الأمل الوحيد الذي بقي وينادي للسلام. ونحن نرى الأجواء المشحونة بتهديدات الحرب، وبالاعتداءات العنصرية، والميول التطرّفية؛ وقد استطاعت النساء أن يقلن جَهارًا لا للحرب، ونحن نريد السلام. وتقوم حوالي مائة امرأة يرتدين الأبيض بزيارة إلى الكنيست كلّ أسبوع ويجلسن في مِنصّة الضيوف، أو يدخلن إلى اللّجان، ولهنّ حضور قويّ في الكنيست. وهذا الوجود يبعث الأمل في النفوس، فنحن بحاجة إلى هذا النفس الطويل.
– هل أنتنّ على اتّصال مع جهات أو حركات تدعو للسلام، على الصعيد العالميّ؟
– نعم، أقيمت خيمة مماثلة لنا في برشلونة، المدينة الإسبانية الشهيرة. ونشارك في مؤتمرات عالمية تبحث في شؤون السلام والتعايش بين الشعوب. كما نتواصل مع هيئات تقدّم المعونات والمساعدات لحركات السلام، مثلما نفعل نحن. وكثيرًا ما ظهرت مقالات في الصِّحافة العالمية عن نشاطنا.
– إذا كانت الحكومات والدول تتحادث مع بعضها ولا تأتي بنتيجة، فكيف يمكن لهذه الحركة أن تؤثّر على مستوى الحكومات؟
– عام 2002، وفي الأمم المتّحدة، اتّخذوا القرار الشهير 1325، وبموجبه يجب أن يكون للمرأة دور في اتّخاذ أيّ قرار حكوميّ، سياسيّ أو أمنيّ. فنحن اليوم نؤمن بقوّتنا، وبقدراتنا. نحن نحاول المستحيل، وقد نرغم الحكومة على تلبية مطالبنا، والاتّجاه نحو السلام. وإذا كان اليسار في البلاد قد فشل في قيادة الدولة فإنّ حركتنا شاملة لجميع التيّارات من اليمين والوسط واليسار. ولربّما لاحظت أنّ اليمين هو الذي أتى بالسلام في بلادنا. نحن ندرك مدى صعوبة الوضع، ولكنّنا نؤمن بأنّ هذه هي الطريق، وبأنّ القوّة النسائية تستطيع.
– هل هناك نوعيّة معيّنة من النساء اللّواتي يشتركن في هذه الحركة؟
– الحركة متنوّعة الكيان، ففيها سيّدات عاملات، ربّات بيوت، قاضيات ومحاميات، طبيبات وممرّضات، شاعرات ومحاضرات جامعيّات، سيّدات مجتمع ومن مختلف مرافق الحياة. وأعضاء الحركة جمعن التبرّعات والمساعدات بنحو مليون شاقل وأكثر. وتأتينا المساعدات من أمريكا وأوروبا.
– هل اهتمام الحركة ينصبّ في المجال السياسيّ أم هناك مجالات أخرى؟
– نحن نصبو للتوصّل إلى السلام. وهذا اهتمام سياسيّ، رغم أنّ النواحي الأخرى في المجتمع لا تقلّ أهمّيّة. ونحاول تذليل جميع العقبات والصعوبات التي تلهينا عن هدفنا الأساسيّ، ألا وهو السلام، وصنع السلام. أمّا سائر الأمور الأخرى فندعها جانبًا، في الوقت الراهن.
– هذا يذكّرني بمسرحيّة يونانيّة لأريستوفانس بعُنوان ليسستراتا، وفيها تقوم النساء ضدّ الحرب بين إسبارطة وأثينا، وبالتالي يخضع الضبّاط وقادة الجيوش لنسائهم ويوقفون الحرب.
– إذًا، فالمرأة قادرة وتستطيع منذ الزمن القديم وحتّى اليوم، فلماذا لا تستطيع، الآن؟ إنّها تستطيع فعلًا، وقادرة على تغيير المجتمعات والدول، وقلب حالات الحروب إلى سلام.
10

11

12

13
– ما مدى مشاركة النساء العربيّات في هذه الحركة؟
– معنا السيّدة هدى العرقوب، الناشطة الفِلَسطينية المعروفة، وهي حلقة الوصل بيننا وبين السلطة الفِلَسطينية والمرأة الفِلَسطينية. وكنت أودّ حضور ومشاركة فعّالة من عدد أكبر ممّا معنا اليوم من النساء العربيّات. وذلك رغم ما تجتازه المرأة من حالات الإحباط والقمع واليأس. ومع ذلك فقد نظّمنا اجتماعًا في مِنطقة وادي عارة بمشاركة 500 امرأة عربية، وبتشجيع من لجنة رؤساء السلطات المحلّية العربية، حيث إنّ دورنا يجب أن يركَّز في إيقاد الشمعة بدلًا من أن نلعن الظلام. وقد قال السيّد المسيح: “طوبى لصانعي السلام فإنّهم أبناء الله يُدعَون”.
– هل لا تزال الحركة تستقبل المؤيّدات والمشجّعات؟
– نعم، ونتوخّى بلوغ 400 – 500 ألف امرأة، وسنقف أمام الكنيست والحكومة فيعلو صوتنا المطالب بالسلام، ولا بدّ أن تستمع الحكومة وتتّجه نحو السلام. لم نعد نحتمل حالة الحرب التي تتكرّر كلّ بضع سنوات، كفى!
– هل لديكم نشاطات مستقبليّة؟
– بدأنا التحضيرات لعقد مؤتمر دوليّ في تشرين الثاني\نوﭬـمبر القادم، ودُعي عدد من النساء القياديّات في العالم لحضور المؤتمر والمشاركة فيه. وسنتحدّث عنه في حينه.
– نتمنّى لكنّ التوفيق والنجاح وتحقيق الأهداف.
– شكرًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *