قضية اعتداء جنسيّ على سيّدة من قبل خالها تنتهي بفرض عقوبة 13 عام سجن على المعتدي

مراسل حيفا نت | 18/01/2018

“أنا صوت عايش، نابض بالحياة، بنطق وبحكي رغم الألم”
قضية اعتداء جنسيّ على سيّدة من قبل خالها تنتهي بفرض عقوبة 13 عام سجن على المعتدي

كشفت جمعية السوار – الحركة النسوية العربية، عن تفاصيل قضية هامّة جدًّا كانت قد تابعتها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وذلك خلال الندوة التي نظّمتها الجمعية في مقرّها في حيفا، يوم الخميس الموافق الحادي عشر من الشهر الجاري. أُقيمت الندوة تحت عُنوان “مسار المرافقة القانوني للنساء الناجيات من العنف الجنسي”، وقد تمّ خلالها عرض لقضايا هامّة تواجهها هؤلاء النساء خلال المسار القانوني، منذ تقديم الشكوى حتّى إصدار قرار الحكم.
وقد تحدّثت في الندوة كلّ من السيّدة لمياء نعامنة، المركّزة العامّة في جمعية السوار؛ والمحامية عبير بكر، المستشارة القضائية في السوار؛ والسيّدة س. (لن يُذكر اسمها الكامل بطلب منها)، صاحبة القضية والتي شاركتنا قصّتها.

اِستهلّت الندوة السيّدة لمياء نعامنة بالترحيب بجميع الحاضرات، ثمّ رصدت مسار المرافقة القانونية في جمعية السوار، أهمّيتها والتحدّيات التي تواجهها النساء خلال هذا المسار. وقد ذكرت: “جدير بالذكر أنّ هناك تزايدًا في عدد النساء اللّاتي يتوجّهن للجمعية بطلب استشارة قانونية، جزء منهنّ يتقدّمن بعدها فعليًّا لتقديم شكوى لدى الشرطة. هناك جرأة أكبر ووعي أكثر لدى النساء، كما أنّ السوار رصدت موارد جمّة وبذلت مجهودًا كبيرًا لتوفير خدمة مهْنية عالية للنساء في هذا المجال، خصوصًا أنّنا نتحدّث عن قضايا صعبة ومركّبة؛ فالتحقيق بحدّ ذاته صعب، وعندما يكون الأمر حول اعتداء جنسي فهو أصعب بكثير. هنا يكون لتشابك الخدمات التي توفّرها السوار أهمّية عالية، حيث الدعم النفسي والاستشارة القانونية.”
ثمّ أضافت: “لدينا، اليوم، صوت قوي وجريء لامرأة ناجية من الاعتداء الجنسي، بتصميمها وإرادتها القوية صممّت ألّا تكون ضحية أخرى صامتة.”
٢٠١٨٠١١١_١٨٤٠١٧

IMG-20180112-WA0001

IMG-20180112-WA0002

IMG-20180112-WA0004

IMG-20180112-WA0017

IMG-20180112-WA0020

IMG-20180112-WA0021

IMG-20180112-WA0022

IMG-20180112-WA0023

IMG-20180112-WA0025
وكانت المداخلة الثانية للمحامية عبير بكر، المستشارة القانونية في السوار، والتي تابعت القضية المذكورة، وممّا جاء فيها: “في هذه القضايا صعب أن نقول إنّ الحديث عن زبائن ومرافقة عادية، لا بل العلاقة أبعد من ذلك بكثير. تجربتي مع س. كانت تجربة غنيّة جدًّا على الصعيد المهْني والشخصي.” ثمّ تابعت حول معنى ومضمون المرافقة القانونية للنساء المتعرّضات للعنف الجنسي، متناولة التغيير الذي حدث في مكانة وحقوق المشتكية بعد سنّ قانون متضرّري الاعتداء في 2001، قائلة: “في السابق كانت المشتكية شاهدة في قضيّتها فقط، وكأنّها ليست صاحبة الشأن، وأحيانًا كانت تسمع في وسائل الإعلام حول ما إذا بُرّئت ساحة المعتدي أو لا، حيث مثّلت النيابة هنا الحقّ العامّ وحقّ المرأة المعتدى عليها التي تدلي بشهادتها، فقط.”
ثمّ تابعت: “في 2001 تغيّر هذا الوضع، وأصبح للمشتكية بعض الحقوق بعد سنّ القانون المذكور، الذي حوّل ضحية الاعتداء من مكانة شاهدة إلى متضرّرة من جرّاء ارتكاب جريمة بحقّها. وقد فتح ذلك أمامها باب أن يكون لها تأثير خلال المسار. في قضية س. مثلًا، كان لدينا مشتكية تابعت القضية بشكل يومي وكان لها تأثير كبير في نجاح القضية. هدف الاستشارة أو المرافقة القانونية هو ترجمة الواقع القانوني للمشتكية، لأنّ هناك أمورًا كثيرة صعب على المرأة نفسها تقبّلها أو اجتيازها، وفي غالب الأحيان العالم القانوني بالنسبة إليها عالم غريب ومنفّر، أحيانًا.”
أمّا المداخلة الثالثة فكانت للسيّدة س. التي استهلّت حديثها بصوت واضح وقوي، رغم التعب المتراكم على خلفية المواجهة اليومية لامرأة ناجية من اعتداء أقلّ ما يقال عنه إنّه دنيء وحقير.
قالت س.: “لحدّ جيل 26 سنة كنت عايشة حياة كأنها طبيعية. اعتدى عليّ خالي أخو إمّي من جيل 5 سنين لجيل 17 سنة، مرّات بشكل يومي، بكلّ الحالات والإمكانيات، هو كان ساكن بالعمارة اللي حدنا، فهو كان المسؤول عنّا بغياب أهلنا.”
وتستطرد س.، مُستبقةً أن تسأل هذا السؤال الذي وُجّه إليها مئات المرّات منذ أن كشفت عن الاعتداء الذي تعرّضت له:
“ليش بَسّ إسّه حكيتي؟ ليش بَسّ بجيل 26 سنة؟” لتجيب: “أنا بعرفش، صعب الوحدة تعترف بهذا الموضوع. اِنسو المحكمة، اِنسو كلّ شي، بالأوّل بيني وبين حالي، صعب إنّي أقبل، أنا بعرف إنّه صار لي، بَسّ حاولت أتغلّب على الإشي لحالي لحدّ ما وصلت لوضع إنّه بطّلت أقدر أكمّل تعليمي وبطّلت أقدر أشتغل، وصلت لحالة كنت أنام فيها 18 ساعة في اليوم، اِكتئاب كامل، ولا حدا فاهم شو مالني لدرجة إنّه كانو ينادوني “الأميرة النائمة”، كنت أوصل لحالات نوبات غضب لأنّه ما حدا فاهم عليّ وكأنّي أنا الغريبة.”

شو اللي خلّاني أحكي
“لحدّ جيل 29 سنة كنت بحالة نفسية سيّئة جدًّا بالرغم من كلّ العلاجات اللي كنت أروح عليها، لحدّ ما طبيب نفسي قال لي إنّه الحلّ الوحيد هو إنّه أسكّر الدائرة معه، والدواء ما ناسبني لأنّه بنيّم المشاعر وبقتل بشكل أو بآخر، ومش هذا اللي أنا كنت بدّي ايّاه، أنا بدّي أقوم، بدّي أعيش بالإضافة طبعًا لعدّة عوامل على الطريق اللي وصّلتني بالآخر إنّي أطلِع الموضوع وأحكي.”

وتواصل: “كنت على حافة الانهيار، بدون مخرج، مش قادرة أشتغل، مش قادرة أربّي اولادي، مش عارفة أتعامل مع جوزي، 18 ساعة نايمة بأوضة مسكّرة.”
لمّا حكيت صار الإشي أهوَن
“أوّل مرّة حكيت لحماتي وبعدين لجوزي. بجيل 29 سنة حسّيت إنّه مش عدل إنّه مكمّل حياته عادي، وأنا عم بخسر حياتي مع كلّ الأوجاع النفسية اللي سبّب لي ايّاها، حسّيت حالي معاقة. قرّرت أروح عالشرطة وأقدّم شكوى وهناك كمان بعثوني على المركز لعلاج ضحايا الاعتداءات الجنسية.”
“مسار المحكمة كان كثير صعب، مع إنّي كنت محضرة حالي. قبل ما أفوت على هذا المسار فحصت كلّ اشي، العيلة وردود فعل العيلة، إمّي وأبوي وجوزي وعيلة جوزي وصحابي كلهن كانو معي.”

“مع الشرطة كنت أنا ألحّ وأتابع لدرجة إنّي أنا كنت أذكّر الشرطة شو لازم تعمل. الانتظار خلال المسار القانوني كان صعب كثير، بعد سنة تقدّمت لائحة اتهام. بَسّ اللي ساعدني كثير بهذا المسار هو المحامية عبير بكر، اللي رافقتني بكلّ كبيرة وصغيرة وجهّزتني لتقديم الشهادة بالمحكمة. لو تشكّيت وروّحت عالبيت كان الملفّ سقط، بَسّ أنا كنت أتابع كلّ إشي.”

تطفّل وحِشريّة
“الناس بتصير تستنّا بدها تعرف، مرّات في أسئلة صعبة من الناس، قليلة الناس اللي كان هامها الوجع تاعي، أغلبهن تطفّل وحِشريّة، السؤال الأوّل والأخير: ليش بَسّ إسّه حَكيتي؟ وليش ما حكيتيش قبل؟”
“وبعدين أجت فترة النيابة، لمّا تعرّفو عليّ بطّلت ملفّ، صارو يعرفوني وصارو يتعاملو معي بشكل إنساني، وأنا بحاجة لهذا المحلّ.”
13 سنة سجن للمعتدي بالإضافة إلى غرامة مالية عالية
“بالنهاية كلّ المسار اللي مرقته، بالرغم من صعوبته، كان نوع من العلاج بالنسبة إلي. 13 سنة ما بتعوّض الوجع اللي أنا في، بَسّ بالرغم من هيك لمّا سمعت النطق بالحكم بطّلت أسمع إشي ثاني، ومن بعدها حسّيت إنّي بلّشت أقطّب الجرح.”
“قبلت بعدها أتسامح مع الأزمة تبعتي، لأنّي ما بدّي أضلّ أعيش هذا الوجع وآكله وأشربه وأنامه.”
“اليوم بشوف دوري إنّي أوّعي وأحكي، والمحلّ الوحيد اللي أنا بداوم فيه من جيل 26 لليوم هو دورة المتطوّعات في السوار، نساء رائعات في السوار اللي قدرو يدمجوني معهن.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *