حكاية العدد عن الحبِّ والاحتلال!

مراسل حيفا نت | 16/07/2017

حكاية العدد
عن الحبِّ والاحتلال!
طارق عسراوي

على تلك الرّبوة حيثُ مقاعد الغروب الخالية، هناكَ/ هنا أفئدةٌ تخفق بالحبّ والحياة تحت وطأة احتلال كريه يقتاتُ على جيفة الموت، في تلك/ هذي البلاد تتأجّج الحياةُ مثل قرنفلةٍ ولو بتروا ساقها.
وقفًا في حضرة الصّنوبر يتأملان ساعة الشّمس الأخيرة، بينما ظلّت المقاعد المنتشرة فارغة، وفِي المدى ساحلٌ تورّد من خجل الغروب. هناك، راح صوتُ الذّاكرة يتصادى ويرتدُّ من جذعٍ إلى آخر حتى أنبت غابةً من الذّكريات، ذاكرة ملأتها صيحاتُ الجنود الذين ربطوا أقدامهم بالأرض حتى حلّقت أرواحهم، لكلٍ منهم حكاية عشقٍ ومعشوقةٍ. هناك/ هنا حدّثها عن المعركة، الانتصار، الهزيمة، والاحتلال. هناك/ هنا حدّثته عن الحياة، الجمال، غروب البحر، والحب.
كان يردّد، يهمسُ أحيانًا، ويصرخُ. ما الاحتلالُ سوى حادثِ مركبتينِ على طريق مستوطنةٍ يؤخّرُ موعدًا، مرّةً وإلى الأبد!
ما الاحتلالُ سوى دوريّة تفتّشُ قبلة عاشقين، وتأخذها إلى احتمالات القلق!
ربما هُوَ محكمة، أو تلفيق منصّة للاحتفال بيوم الإستقلال، فهو ارتداء الوهم معطفًا في ليل البلاد الباردة!
وربما هو سفرُ صديقتين من طريقين مختلفتين إلى المكان ذاته، جوًّا وبرًّا، فتسألُ إحداهما؛ كيفَ هو المطارُ؟
وتسألُ الأخرى؛ كيفَ كان الجسر؟
وهو منطادٌ، أبيض اللّونُ، يضحك له الأطفالُ محلّقًا في سمائهم، يظنّونه قادمًا من رسومهم المتحرّكة، يبحثونَ عن ملّاحهِ، بينما في غرفة مراقبة الكاميراتِ يدوّن مجنّدٌ تفاصيل ضحكتهم ليجهضها غدًا، فالاحتلالُ منطادُ مراقبةٍ في محيط المستوطنة.
ما الاحتلالُ سوى رفض منح تأشيرة تنقّل لزوجة من غزّة من أجل الوصول إلى زوجها في رام الله، ذلك أنّ لا أسباب إنسانيّة توجب لقاء الزوجين على مائدة العشاء !
كانت تتبسّمُ، ترسل عينيها في المدى، وتنبضُ.
أمّا الحبّ فهو أن تسلكَ الطّريقَ ذاته مرّتين دون أن تخشى المستوطنة؟
ما الحبّ إلّا مقاومة احتمالات القلق في قبلة أخرى؟
وربّما هو سفر صديقتين من طريقين مختلفتينِ إلى المكانِ ذاته، وأن تصلا معًا!
الحبّ أيضًا، أن لا يذوب الشّمع على مائدة العشاء، ولو غاب الزّوجان.. أن يضحك الأطفال غدًا لطائرة شراعيّة تفتح الذّاكرة على مصراعيها..
هو خاتمٌ يزيّن العالم في إصبع عاشقةٍ، ولا ينتبه العالم لفرحتها، ربّما هو سرّها العلني!
والحبُّ أن يخرج عاملٌ فجرًا، ليعبر الجدار قبل انتباه الجنود، فتلقاه الشّمس صباحًا مغسولة بالبحر، ويلقاها غارقةً مساءً في عينَيْ طفلتِه التي سمّاها يافا.
الحبُّ أن تعبُرَ الشّوكَةُ جِلدَ الترابِ وينهمرُ من جبينُ الحرّاثِ مطرُ الضُّحى، لتتفرّع من زيتونة روميّة طِلْقاً نديًّا.
13226662_10153985548380081_4999705674791132695_n

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *